وزير خارجية النظام السوري (على يسار الصورة) يزور الجزائر
وزير خارجية النظام السوري (على يسار الصورة) يزور الجزائر | Source: MFA - Algeria

بدأ كبير الدبلوماسيين السوريين زيارة إلى الجزائر وتونس في إطار جهود إحياء العلاقات الدبلوماسية في العالم العربي، بعد أكثر من عقد من العزلة العالمية لبلاده على خلفية حملة القمع التي أشرف عليها رئيس النظام، بشار الأسد، للاحتجاجات الجماهيرية المناهضة لحكمه. 

وكان في استقبال وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، السبت، في صالة مطار الجزائر نظيره الجزائري أحمد عطاف. 

وفي تصريحات نقلها التلفزيون الجزائري الحكومي، أصر المقداد على أن العلاقات بين البلدين موجودة وستظل قائمة. 

وأضاف أن زيارته بمثابة فرصة لإجراء مباحثات بين البلدين بشأن آخر التطورات في المنطقة. كما أوضح أن الجانبين بحاجة إلى تعزيز العلاقات الثنائية. 

يشار إلى أن الجزائر واحدة من الدول العربية القليلة التي لم تقطع العلاقات مع سوريا خلال الحرب الأهلية التي أعقبت انتفاضة عام 2011. 

وأشاد المقداد بشكل خاص بمساعدة الجزائر لبلاده بعد زلزال 6 فبراير المدمر الذي أودى بحياة عشرات الآلاف في سوريا وتركيا المجاورة.

وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أنه كان يحمل أيضا رسالة من الأسد إلى الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون. 

تأتي الجولة بعد زيارة المقداد إلى السعودية، الأربعاء، التي أدت إلى إعلان البلدين عن تحركهما نحو إعادة فتح السفارتين واستئناف الرحلات الجوية للمرة الأولى منذ أكثر من عقد. 

وكانت الحكومات العربية نبذت سوريا على نطاق واسع بسبب القمع للمتظاهرين المناهضين لحكم الأسد عام 2011. وبلغ الانهيار في العلاقات ذروته خلال تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية. 

ومع ذلك، وخلال السنوات الأخيرة، مع تعزيز الأسد للسيطرة على معظم مناطق البلاد، بدأ جيران سوريا في اتخاذ خطوات نحو التقارب. 

وتعهدت مجموعة من قادة المنطقة خلال اجتماع في السعودية، السبت، بمواصلة المحادثات للتوصل إلى حل سياسي للصراع السوري، لكنها لم تصل إلى حد تأييد عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية. 

ضم الاجتماع كبار الدبلوماسيين من دول الخليج العربي ومصر والأردن والعراق. وقام المقداد أيضا بزيارة إلى مصر مؤخرا، في خطوة نحو تطبيع العلاقات. ومن المقرر أن يتوجه إلى تونس يوم الاثنين، حيث سيعيد فتح السفارة السورية. 

وأعلن الرئيس التونسي قيس سعيد في وقت سابق من هذا الشهر أنه أصدر تعليماته لوزارة خارجية البلاد بتعيين سفير جديد في سوريا.

وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن خطوته قوبلت بالمثل من قبل الحكومة السورية.

سوريا

"قتل وخطف واعتقالات".. حالات فردية أم بوادر انفلات أمني بسوريا؟

معاذ فريحات - واشنطن
26 يناير 2025

عادت "الفوضى الأمنية" إلى بعض المدن السورية، حيث تنتشر العديد من المقاطع المصورة لحالات اعتقال وخطف وحتى قتل، على ما يؤكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن.

وقال عبد الرحمن لموقع "الحرة" إن السوريين يعيشون في ظروف تشبه تلك الأيام في عهد بشار الأسد، إذ تتكرر الجرائم بصورة أخرى، تحت ذريعة "تصرفات وأخطاء فردية" كما تصفها الإدارة السورية الجديدة.

وزاد أن فصائل مسلحة في عدة مدن، تقوم بعمليات تصفية، لعشرات الأشخاص لاعتبارات عديدة، أبرزها استهداف العسكريين السابقين، أو من يتهمونه بدعم النظام السابق، أو حتى لانتمائهم لطائفة معينة.

وفي حصيلة غير نهائية، وثق المرصد مقتل 189 شخصا على الأقل منذ بداية العام في عدد من المدن، بينهم خمس نساء.

ولفت عبدالرحمن إلى أن غالبية "هذه الجرائم الانتقامية، جرت بأسلوب التصفية، بحيث يقتحم مسلحون يرتدون الزي العسكري المنازل، ويلقون القبض على مواطنين، وبعد عدة أيام يتم العثور على جثثهم".

والجمعة، اقتحم مسلحون قرية في ريف حمص الغربي و"أعدموا 15 شخصا ميدانيا"، فيما جرى اعتقال أكثر من 50 شخصا آخرين، وسط مخاوف من إعدامهم.

وأرسل عبدالرحمن بعض صور القتلى لموقع "الحرة" عبر تطبيق واتساب والتي يتعذر نشرها لحساسيتها.

وكانت لجنة الأمم المتحدة المعنية بسوريا قد طالبت الإدارة الجديدة منتصف يناير حماية المدنيين ومعاملة الذين ألقوا أسلحتهم معاملة إنسانية وحماية الأدلة على الجرائم للمساعدة في ضمان المساءلة في المستقبل.

انتشار الخطف

عناصر يتبعون للإدارة الجديدة التي تولت الحكم المؤقت بسوريا خلال عمليات ملاحقة "فلول نظام الأسد" (رويترز)

وإلى جانب القتل، تم تسجيل العديد من حالات الخطف لشخصيات من أساتذة جامعيين أو أطباء في عدة مدن، والتي غالبا ما يتم العثور عليهم جثة هامدة بعد عدة أيام.

وشبه عبدالرحمن ما يحصل من اختطاف بـ "العدوى"، مشيرا إلى وجود حالة من الفلتان الأمني، وقال إن "الإدارة الجديدة في دمشق تصف ما يحصل بحالات فردية"، ولكن هذا لا ينفي وجود اعتقالات تعسفية تشرف عليها الإدارة ذاتها.

الشرع لم يلتق بعائلات المعتقلين في سوريا حتى الآن . أرشيفية
عددهم ربما يفوق 100 ألف.. اتهامات للشرع بإهمال ملف المعتقلين
تكريس لحالة "الفوقية البيضاء" حيث قيمة حياة الرجل "الأبيض أعلى بكثير من حياة المواطن" السوري، بهذه الكلمات عبرت الناشطة السورية وفاء مصطفى عن "غضبها وحزنها" من واقع تعامل الإدارة السورية الجديدة مع ملف المعتقلين السوريين.

وقبل أيام، تم اختطاف الأستاذة الجامعية، رشا ناصر العلي، في مدينة حمص، وانتشرت أنباء تم نفيها بالعثور على جثتها مقطعة الأصابع.

وأكدت إدارة الامن العام في حمص، أن البحث عن رشا لا يزال مستمرا، واصفة المزاعم بالعثور عليها مقتولة بـ "الإشاعات".

اتحاد الكتاب العرب، نشر بيانا ناشد فيه الأجهزة الأمنية والعسكرية في حمص للمساعدة في العثور على أستاذة اللغة العربية في جامعة حمص، رشا، وطالبوا بإفراج المختطفين عنها.
 

رشا ليست الوحيدة التي تم اختطافها، إذا تم اختطاف طبيب من عيادته في دمشق، من قبل مسلحين قالوا إنهم من "هيئة تحرير الشام" وهي التنظيم الذي قاد العملية العسكرية الواسعة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسد في 8 ديسمبر الماضي.

وقبل أيام تم اعتقال نائب عميد كلية الصيدلة في جامعة الشام الخاصة، سلطان الصلخدي، من قبل مسلحين، وأفرج عنه بعد ساعات، ليتبين أن شكوى كيدية كانت السبب.

وأسفرت الحرب في سوريا التي اندلعت في مارس 2011 إثر قمع دام لتظاهرات سلمية مناهضة للاسد، عن أكثر من نصف مليون قتيل، وأجبرت الملايين على اللجوء أو النزوح ودمرت البنى التحتية للبلاد.

وتقول مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة إن أكثر من مئتي الف لاجىء عادوا الى سوريا منذ سقوط الأسد.

من المسؤول؟

قوات تابعة لهيئة تحرير الشام في دمشق - رويترز

وبشأن الفصائل التي تقوم بهذه الجرائم، يشرح مدير المرصد "أن بعضها من فصائل مسلحة لم يتبين أنها منضوية تحت هيئة تحرير الشام، وأنها ظهرت مؤخرا في العديد من المدن".

ويعتقد أن العديد من هذه الفصائل تشكلت من مجموعات مسلحة فرعية، وأصبحت تقوم "بعمليات انتقامية، مستهدفة العسكريين السابقين، أو أي من أبناء الطائفة العلوية أو الشيعية، وحتى اعتقال وتصفية أي شخص يعتقدون أنه كان داعما لنظام بشار الأسد، حتى وإن لم تتوفر لديهم أي أدلة على ذلك".

ويتخوف عبدالرحمن من أن "يصبح الانتقام، والتصفية سمة المرحلة الحالية" بحيث ينتشر في بعض المدن ما يطلق عليه "أخذ الحق باليد".

وقال المتحدث إن بعض الأشخاص يقومون بتنظيم فصائل مسلحة، ويرهبون الآخرين، فيما يستمر الانفلات الأمني، والفصائل التابعة للهيئة مشغولة في تنفيذ الاعتقالات، حيث تم اعتقال الآلاف في المدن السورية.

بعد ما يقرب من 14 عاما من الحرب الوحشية في سوريا، حيث تم ارتكاب كل الجرائم والفظائع، يدعو الجميع إلى تقديم الجناة إلى العدالة، أكان بشار الأسد نفسه أو المسؤولين عن ارتكاب الانتهاكات.

الفنان السوري، مازن الناطور، انتقد في مقابلة سابقة مع "الحرة" ممارسات وثقتها مقاطع فيديو لعمليات القبض على عناصر من النظام المخلوع من المتهمين بارتكاب انتهاكات بحق السوريين، داعيا إلى محاكمتهم وفق الأصول.

وقال: "رفقا بالمجرمين، لن نكون كالمجرم الأسبق"، في إشارة إلى الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، الذي اشتهر نظامه بممارسة صنوف التعذيب القاسية في السجون.

معاذ فريحات