الفيديو أثار غضبا على وسائل التواصل الاجتماعي
الفيديو أثار غضبا على وسائل التواصل الاجتماعي | Source: Social Media

أثار تسجيل مصور انتشر خلال الساعات الماضية موجة غضب في شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة، بعدما وثّق واقعة تحرش لفظي نفذها شاب وانضم إليه رجل مسن بحق امرأة منقبة استقلت السيارة الخاصة بهما بينما كانت تبحث عن وسيلة لنقلها من المخيم الذي تقيم فيه إلى مدينة الدانا بريف إدلب.

ويعود تاريخ حدوث الواقعة إلى سبعة أشهر مضت، بحسب ما قال نشطاء إعلاميون ومطلعون على الواقعة لموقع "الحرة"، لكنه انتشر بكثرة عبر مجموعات "الواتساب" ووسائل التواصل الاجتماعي، بعد تسريبه من أحد أصدقاء الشاب، والذي تم الكشف عن اسمه ومكانه، في وقت تحاول الأجهزة الأمنية هناك إلقاء القبض عليه.

ويظهر التسجيل الذي صوّره منفذ واقعة التحرش بنفسه بينما يقود السيارة وبجانبه الرجل المسن والامرأة تعرض "عابرة السبيل" لعبارات استفزازية و"خادشة للحياء"، مع أنها كانت تطلب من السائق عدم التصوير، وتؤكد بالقول: "الله يوفقك لا تصور".

وفي حين لم يلق مطلبها بعدم التصوير أي استجابة، طلب الشاب منها البحث عن زوجة للرجل المسن، بقوله: "ظبطيلنا الحجي بهالبرد"، ليرد الأخير بالقول: "والله تلحقين أجر (تكسبين الأجر)".

وبعد ذلك عرضا عليها بينما كانا ينظران إليها وسط الابتسامات خيارا بأن تترك زوجها وتتزوج الرجل المُسن، ليسكنها في عمارة بعيدا عن ظروف المخيم.

وتعيش الكثير من النساء السوريات في مخيمات الشمال السوري، وسط ظروف مأساوية للغاية، سواء من ناحية المعيشة اليومية أو من خلال عملهن لكي يعلن أطفالهن، بعدما فقدت الكثير منهن أزواجهن بسبب الحرب. 

وبينما تتسلط الأضواء على نحو أكبر، ومنذ سنوات على الظروف الإنسانية بشكل عام والعسكرية والسياسية الخاصة بمناطق الشمال السوري نادرا ما تلقى "حوادث التحرش" حيزا كبيرا.

في حين تشير ناشطات سوريات في حقوق المرأة إلى أن "العمل النسوي والتوعوي محارب في تلك المناطق من قبل قوى الأمر الواقع"، وكذلك الأمر بالنسبة لباقي مناطق النفوذ في سوريا.

ما تفاصيل الواقعة؟

وتتناقل تقارير إعلامية بين الفترة والأخرى معلومات تتعلق بمحاولات التحرش والابتزاز الجنسي، وتقول إن الحالة العامة الخاصة بالنازحين تغذيها بشكل أكبر، ولاسيما أن العيش ينحصر ضمن خيمة ضيقة ومكشوفة الأطراف، مع انعدام الخصوصية وفي ظل أوضاع مأساوية ونقص كبير في الاحتياجات الإنسانية. 

علاوة على ذلك، تسفر الظروف التي تعيشها النساء في الشمال السوري، من حيث العمل وتقطع السبل للانتقال إلى مناطق أخرى انطلاقا من المخيمات عن تعرض الكثير منهن لهكذا نوع من الحوادث، فيما تبقى "خارج دائرة الضوء"، مع انتشار تفاصيل قلة منها كمحض صدفة.

فيما يتعلق بحادثة التحرش اللفظي الجديدة يقول الناشط الإعلامي المقيم في شمال سوريا، عدنان الإمام إن الشاب المنفذ لها والذي ظهر في التسجيل ينحدر من ريف حلب الجنوبي، ويقيم في الوقت الحالي في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي.

ويشرح الإمام لموقع "الحرة" أنه "معروف في المنطقة بسمعته السيئة وسجله السابق في هكذا نوع من الحوادث، ما أسفر مؤخرا عن اعتقاله من قبل الشرطة العسكرية، ويطلق سراحه بعد فترة".

وبينما أسفر التسجيل عن موجة غضب عارمة بين النشطاء السوريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي كشف بعضهم عن اسم المتحرش، وهو "أ.ر.م"، وكذلك الأمر بالنسبة للرجل المسن الذي شاركه في الحادثة، بينما ألقى الجهاز الأمني التابع لـ"هيئة تحرير الشام" في إدلب القبض عليه، مساء يوم الأربعاء.

ويوضح الناشط الإعلامي الإمام أن "قوات الأمن العام اعتقلت الرجل المسن من المخيم المقيم فيه في منطقة الدانا، بينما لم يعلن عن اعتقال الشاب المقيم في إحدى المخيمات بمنطقة عفرين".

"سبب التحرش ليس اللباس"

وفي وقت يحتاج ملايين الأشخاص إلى مساعدات إنسانية كالغذاء والدواء والملبس في ظل عدم وجود مأوى لكثير من الناجين في الشتاء القارس، تدفع النساء دائما أثمانا مضاعفة في وقت الأزمات.

ويرتبط ماسبق بضعف وصول الخدمات الصحية المراعية لأوضاعهن، بحسب ما ذكرت منظمة "فيوليت"، المعنية بحقوق الإنسان ومقرها تركيا، على صفحتها على موقع "فيسبوك"، في شهر فبراير الماضي.

وقدرت الأمم المتحدة عام 2020 أن خمس الأسر السورية تعولها نساء، وذلك بارتفاع نسبته 80 بالمئة عن عام 2011.

ويعيش في شمال غرب سوريا 4.2 مليون شخص في ملاجئ مؤقتة بما في ذلك الخيام والمنازل الهشة، وفقا للأمم المتحدة.  

واللافت في التسجيل المصور الذي أثار موجة الغضب في شمال سوريا أن الشاب والرجل المسن تحرشا بالامرأة، رغم أنها "منقبة"، وهو ما تطرق إليه معلقون عبر موقع التواصل "تويتر"، إذ قالت عبير شبارو الخبيرة اللبنانية في النوع الاجتماعي: "سبب التحرش مش أكيد لباس المرأة وهيدا أحد الأمثلة".

وأضافت أن "سبب التحرش قلة أخلاق المتحرش".

وكتب الناشط عمر في "تويتر" معلقا على التسجيل: "استغلال حاجة الناس. فقط لأنك طلعتها معك بالسيارة بدك تذلها؟! أم تفكر بأن قاطني الخيام لقمة سائغة يا وحوش!".

وتوضح المديرة التنفيذية لـ"اللوبي النسوي السوري"، ريما فليحان أن "ظاهرة التحرش هي عنف جنسي يمارس على النساء دون حساب".

كما أن "التصوير دون إذن صاحبة العلاقة انتهاك للخصوصية، وفعل عنفي يأتي في نفس السياق. هذه أفعال مدانة ويجب محاسبة الفاعلين بالقانون".

وتقول فليحان لموقع "الحرة" إن "هذه الأفعال هي جزء من منظومة متكاملة قائمة على العنف القائم على النوع الاجتماعي، بسبب غياب القانون والاستهانة بحقوق النساء".

وتضيف: "الأفعال يجب مواجهتها قانونيا واجتماعيا وإعلاميا من أجل خلق بيئة امنة للنساء، كونهن يواجهن كل أنواع العنف بالمجتمع وداخل المنزل وبالعمل وبالحياة العامة، بسبب الاستهانة بحقوقهن، وبسبب قيم ذكورية سائدة اجتماعيا لا تساوي بين الرجل والمرأة"، حسب تعبيره.

وتشير الواقعة الجديدة إلى أن "الظاهرة المرتبطة بها موجودة في كل سوريا، وتزداد في الأماكن، التي تسودها الفوضى وانعدام القانون وانتهاكات قوى الأمر الواقع ذاتها بحق النساء".

بالاضافة إلى "المنظومة الذكورية التي تنظر للنساء بدونية، وتسيء لهن، ولا تراهم كمواطنات كاملات لديهن نفس الحقوق، بل تربطهن فقط بالجنس وبالأدوار النمطية المرسومة لهن في عقول مريضة نتيجة لإرث اجتماعي معتل".

ووفق الناشطة النسوية فليحان "تزداد ظاهرة العنف والمشكلات الاجتماعية برمتها في ظل الفوضى والدمار والنكسات الاجتماعية والاقتصادية".

وتكون آثار هذه الظاهرة "طويلة الأمد، وتتأثر بها النساء بشكل أكبر، بسبب عدم وجود حماية وبيئة آمنة، وبسبب تفاقم المشكلات النفسية، والعوامل الاجتماعية الموجودة أساسا، والتي تزداد بتأثير الانتكاسات الأممية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية".

ومع أن "أهمية العمل النسوي والتوعوي تكمن فيما سبق، إلا أنه محارب في تلك المناطق من قبل قوى الأمر الواقع وغالبية رجال الدين، كما هي محاربة في مناطق النظام السوري من قبل أجهزة الأمن"، حسب ما تقول فليحان.

الفصائل المسلحة في سوريا سيطرت على حلب وحماة وتسعى للتقدم نحو حمص (رويترز)
الفصائل المسلحة في سوريا سيطرت على حلب وحماة وتسعى للتقدم نحو حمص (رويترز)

تتسارع الإجراءات العسكرية التي يقوم بها جيش النظام السوري، في محاولة لوقف تقدم الفصائل المسلحة وعرقلة وصولها إلى مدينة حمص الاستراتيجية وسط البلاد، وذلك بعد الهزائم المتتالية التي منيت بها قواته، وآخرها انسحابها من حماة، الخميس، ودخول المسلحين إليها.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجمعة، أن "طائرات حربية استهدفت بغارات جوية، جسر الرستن الذي يربط مدينة حمص بحماة، كما شن الطيران الحربي غارات في محيط الجسر لقطع الطريق بين حماة وحمص وتأمين مدينة حمص".

وأضاف أن قوات النظام "رفعت سواتر ترابية على أوتوستراد حمص-حماة المؤدي إلى مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي، وعزلت مدينتي الرستن وتلبيسة عن المدينة".

ولفت المرصد إلى أن قوات النظام "كانت قد انسحبت من تلبيسة شمال مدينة حمص، على أوتستراد حمص-حماة، وأخلت مقراتها".

وشنت طائرات حربية غارات استهدفت أطراف مدينة الرستن الشمالية في ريف حمص، بعد دخول مجموعات من المسلحين المحليين من أبناء الرستن وتلبيسة إلى "كتيبة الهندسة" الواقعة عند أطراف الرستن، وحصلوا على آليات عسكرية وذخائر.

وانسحبت قوات النظام من "كتيبة الهندسة" ومقارها في مستشفى الرستن على الأوتوستراد حمص -حماة، بالإضافة إلى النقاط في مدينة تلبيسة.

كما قصفت بعد الانسحاب مباشرة، أحياء مدينة تلبيسة بالمدفعية والصواريخ للمرة الأولى منذ سنوات، وفق المرصد.

ونقلت قوات النظام أكثر من 200 آلية عسكرية محملة بأسلحة وعتاد إلى مدينة حمص، لتعزيز مواقعها في منطقة الوعر، وقرب الكليات العسكرية.

نزوح من حمص

نزح عشرات الآلاف من سكان الأحياء العلوية في مدينة حمص في وسط سوريا، وفق ما ذكر المرصد، الخميس، بعيد إعلان الجيش السوري انسحابه من مدينة حماة مع سيطرة الفصائل المعارضة عليها.

وأفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس عن "نزوح جماعي لأبناء الطائفة العلوية من أحياء مدينة حمص، مع توجه عشرات الآلاف منهم الى مناطق الساحل السوري، خشية تقدم الفصائل إليها".

ترقب وتحركات مكثفة.. دول الجوار تتفاعل مع تقدم المعارضة بسوريا
تسود حالة من الترقب الحذر في دول الجوار السوري فيما تجري تحركات المكثفة في ظل تصاعد حدة النزاع في سوريا مع سيطرة فصائل المعارضة بشكل مباغت على مدينتي حلب وحماة، ما يمثل ضربة جديدة لرئيس النظام السوري بشار الأسد وحليفتيه روسيا وإيران.

وفي ظل الهزائم المتتالية لقوات النظام السوري، تشهد العاصمة العراقية بغداد، الجمعة، اجتماعا بين وزير خارجية البلاد فؤاد حسين، ونظيريه السوري والإيراني، لمناقشة الوضع في سوريا.

وقالت وكالة الأنباء العراقية، إن وزير الخارجية السوري بسام صباغ وصل إلى بغداد في وقت متأخر الخميس، وإن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يصل الجمعة.

وفي العراق أيضا، دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الحكومة والفصائل العراقية المسلّحة إلى "عدم التدخل" في ما يحصل بسوريا.

وشدّد الصدر في منشور على منصة "إكس" على "ضرورة عدم تدخل العراق حكومة وشعبا وكل الجهات والميليشيات والقوات الأمنية في الشأن السوري كما كان ديدن بعضهم في ما سبق".

ودعا "الحكومة إلى منعهم من ذلك ومعاقبة كل من يخرق الأمن السلمي والعقائدي".

حماة خارج سيطرة الأسد

كان جيش النظام السوري قد أعلن، الخميس، الانسحاب من مدينة حماة وسط البلاد، بعد ساعات من إعلان الفصائل المسلحة دخولها، وهي أول مرة تخرج فيها حماة عن سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد.

وقالت وزارة دفاعه في بيان رسمي، الخميس، إن وحداتها العسكرية "قامت بإعادة الانتشار والتموضع خارج المدينة"، مضيفة أنها "ستواصل القيام بواجبها الوطني في استعادة المناطق التي دخلتها التنظيمات الإرهابية".

وكانت الفصائل المسلحة، ومن بينها "هيئة تحرير الشام" (المصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية) قد دخلت المدينة، ظهر الخميس، انطلاقا من الأحياء الشرقية.

وجاءت سيطرة الفصائل على حماة، رابع كبرى المدن السورية والواقعة في وسط البلاد، بعد أيام على سيطرتها على حلب في إطار هجوم مباغت.

واقتحمت الفصائل بقيادة هيئة تحرير الشام (المصنفة إرهابية) المدينة بعد معارك ضارية مع قوات النظام لتعلن إخراج مئات السجناء من سجن حماة المركزي الذي دخلته أيضا.

لماذا تعد حماة مدينة استراتيجية؟

حماة تعد مدينة استراتيجية في عمق سوريا، تربط حلب بدمشق. وتقع على بعد 213 كم شمال دمشق و46 كم شمال حمص وتبعد عن مدينة حلب بحوالي 135 كم.

تعتبر المدينة مهمة لجيش النظام السوري، لأن حمايتها ضرورية لتأمين العاصمة دمشق، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ظلت حماة خاضعة لسيطرة الحكومة خلال الحرب الأهلية التي اندلعت منذ 2011 بعد انتفاضة ضد الأسد.

تقع المدينة على بعد أكثر من ثلث الطريق من حلب إلى دمشق وستفتح السيطرة عليها الطريق أمام تقدم المعارضة المسلحة صوب حمص، وهي مدينة رئيسية في وسط البلاد تعد تقاطع طرق يربط أغلب المناطق المكتظة بالسكان في سوريا.

وحماة مهمة أيضا لبسط السيطرة على مدينتين قريبتين تضمان أقليات دينية، هما محردة التي يقطنها الكثير من المسيحيين، والسلمية التي يقطنها العديد من أبناء الطائفة الإسماعيلية وهي إحدى فرق الشيعة.

تقطن حماة أغلبية سنية قوامها 700 ألف في تقديرات سبقت الحرب الأهلية، وتعد واحدة من أقدم المدن السورية، حيث عمّرها البشر منذ العصر البرونزي والعصر الحديدي وتشتهر بالحصون والنواعير الاثرية.

تقع حماة على ضفاف نهر العاصي، وهو أحد الأنهار الرئيسية في سوريا ومن أبرز معالمها النواعير، التي يعود تاريخ بعضها إلى العصور الوسطى وقلعة حماة التاريخية وجامع النوري الكبير أقدم وأهم مساجد المدينة، ويتميز بتصميمه المعماري الفريد.

موقعها الجغرافي المهم يجعلها نقطة وصل بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، حيث تربط الطرق السريعة الرئيسية فيها مدنا مهمة، مثل دمشق وحلب وحمص واللاذقية.