القوانين موجهة بشكل أساسي ضد ثلاث فئات، هم النازحون والقتلى غير المسجلين في السجل المدني والمختفون قسريا
القوانين موجهة بشكل أساسي ضد ثلاث فئات، هم النازحون والقتلى غير المسجلين في السجل المدني والمختفون قسريا

يواجه ما يصل لـ 14 مليون سوري خطر استحالة العودة لمنازلهم بعد أن أصدر النظام قوانين تمنح الدولة سلطة الاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم، وفقا لتقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

ويسلط التقرير، وهو نتاج دراسة استغرقت عاما كاملا لقوانين الملكية التي أقرها النظام السوري خلال الأعوام الماضية، الضوء على مجموعة من العقبات القانونية التي سيواجهها النازحون السوريون في حال أرادوا استعادة أراضيهم وممتلكاتهم السابقة.

يقول التقرير إن القوانين التمييزية التي أقرتها السلطات بدأت بالمرسوم رقم 66 الصادر عام 2012 والذي كان يهدف إلى إعادة تطوير العشوائيات في جميع أنحاء دمشق، لكنه في الواقع استهدف معاقل المعارضة.

ويضيف التقرير أن قانونا آخر صدر في عام 2015، والذي سمي رسميا قانون التخطيط والتنمية العمرانية، أعطى صلاحيات للوحدات الإدارية، كالبلديات والمحافظات، بمصادرة الممتلكات الخاصة الواقعة خارج مناطق التقسيم العمراني.

وصدر قانون آخر في أبريل 2018 وتم تعديله لاحقا في نفس العام بعد احتجاج، سمح للحكومة بتوسيع مخطط منطقة التطوير الذي تم إنشاؤه لأول مرة في دمشق ليشمل جميع أنحاء البلاد.

يشير التقرير إلى أن هذا القانون منح أصحاب العقارات 30 يوما فقط لتقديم استئناف لإثبات ملكية الأرض أو العقار.

ويبين تقرير الشبكة السورية أن نافذة الـ 30 يوما الأولية، والتي تم تمديدها لاحقا إلى عام "لا تكفي لأي شخص نازح سواء كان لاجئا أو نازحا لتحديد مكان المستندات اللازمة وتهيئتها".

التقرير تحدث كذلك عن القانون رقم 10، حيث بين أن الهدف المعلن منه هو تمكين إعادة بناء الممتلكات التي دمرها الصراع العسكري، لكنت نتيجته كانت تجريد المعارضين من ممتلكاتهم وإعادة توزيعها على النخبة الموالية للنظام بالقوة.

وتشمل قوانين الملكية الأخرى المترابطة التي تم تحديدها في التقرير القانون رقم 19 الصادر في عام 2012، والذي أجاز مصادرة الممتلكات العائدة لمن يعتبرون إرهابيين أو يهددون أمن الدولة.

يقول التقرير كذلك إن معظم القوانين التي صدرت بخصوص الملكيات العقارية سواء خلال مرحلة ما قبـل الانتفاضة السورية أو ما بعدها تهدف لخدمة رؤية النظام ومشاريعه الرامية للاستيلاء على أملاك السوريين.

ويؤكد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني إن "القوانين ممكن أن تستهدف جميع المواطنين، لكنها موجهة بشكل أساسي ضد ثلاث فئات، هم النازحون والقتلى غير المسجلين في السجل المدني والمختفون قسريا".

ويضيف عبد الغني في حديث لموقع "الحرة" أن "قسما كبيرا من هذه القوانين تتطلب وجود الأشخاص بشكل فعلي من أجل متابعة أملاكهم، وهذا غير ممكن بالنسبة للفئات الثلاث المذكورة أعلاه".

ويشير عبد الغني إلى أن عدد المتأثرين بهذه القوانين يبلغ 14 مليون بين نازح ولاجئ و115 ألف مختف لدى النظام و500 ألف قتلوا على يد النظام أو نتيجة أعمال العنف التي حصلت في البلاد منذ الثورة".

ويبين عبد الغني أن النظام السوري يهدف من خلال هذه القوانين إلى إعادة بناء المناطق التي دمرت في الحرب وتم تشريد سكانها، من خلال منح الممتلكات المصادرة للموالين له".

"بسهولة يمكن وصم أي من الفئات الثلاث المستهدفة، بالإرهاب من أجل مصادرة أملاكهم" يقول عبد الغني.

ويشير إلى أن "من الصعوبة جدا في الوقت الحالي معرفة العدد الحقيقي الذي طبقت عليه القوانين، لكننا نعمل على الموضوع مستقبلا".

تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان دعا كذلك المجتمع الدولي والأمم المتحدة لإدانة هيمنة النظام السوري على السلطات الثلاث وفضح ممارساته في وضع قوانين ينهـب مـن خلالها ممتلكات المواطنين.

كما طالب التقرير المجتمع الدولي بالتنسيق مع المنظمات الحقوقية "لدعم عملية توثيق ما وضعه النظام من مراسيم وقوانين وفضح مدى انتهاكها للقانون الدولي لحقوق الإنسان".

ودعا أيضا الدول المانحة والمستثمرين والوكالات الإنسانية العاملة في سوريا إلى إيقاف تقديم أموال للنظام السوري من برامج إعادة بناء وتأهيل الأبنية، واستحداث آلية جديدة لذلك حتى لا توظف هذه الأموال في عملية انتهاك حقوق الملكية للقاطنين أو النازحين أو تدعم الكيانات التي تنتهكُ حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

ندى فضل خلال أحد نشاطات مركزها "مبادرة روح"، موقع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة
ندى فضل خلال أحد نشاطات مركزها "مبادرة روح"، موقع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة

فازت خمس نساء بجوائز "نانسن للاجئ" لعام 2024، التي تقدمها سنوياً المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

والفائزات الـ5 راهبة، وناشطة، ورائدة أعمال اجتماعية، وعاملة إغاثة متطوعة، ومناصرة في مجال القضاء على انعدام الجنسية.

وحظيت بالجائزة العالمية لهذا العام الراهبة روزيتا ميليزي (79 عاماً)، وهي محامية برازيلية، ناشطة اجتماعية دافعت عن حقوق وكرامة الأشخاص المهجرين منذ قرابة 40 عاماً.

وعلى المستوى الإقليمي، مُنحت 4 نساء أخريات جوائز إقليمية بحسب مناطق عملهن، هنّ ميمونة با من بوركينا فاسو، وجين داوود اللاجئة السورية في تركيا، وندى فضل اللاجئة السودانية في مصر، بالإضافة للناشطة النيبالية ديبتي غورونغ.

كما سيحصل شعب مولدوفا على تكريم فخري لعمله كـ"منارة إنسانية"، نتيجة لدوره في "وضع الصعوبات الاقتصادية التي يمر بها جانباً، لتحوّل البلاد بسرعة مدارسها ومساحاتها المجتمعية ومنازلها إلى ملاذ آمن لأكثر من مليون شخص اضطروا للفرار من الحرب في أوكرانيا"، وفق بيان لمفوضية الأمم المتحدة، نُشر على موقعها الإلكتروني.

وسيتم توزيع الجوائز غداً الاثنين خلال حفل سيُقام في مدينة جنيف السويسرية.

 

ما هي جائزة نانسن؟

وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تأسست الجائزة عام 1954"إحياءً لإرث فريدجوف نانسن، العالم النرويجي، المستكشف القطبي والدبلوماسي والمفوض السامي الأول في حقبة عصبة الأمم، الحاصل كذلك على جائزة نوبل للسلام 1922".

ويحصل الفائز على مبلغ 150 ألف دولار أميركي تتبرع به حكومتا سويسرا والنرويج، بهدف متابعة مشروع موجه لمساعدة النازحين قسراً، يتم تطويره بالتشاور الوثيق مع مفوضية اللاجئين.

وخلال وجوده في المنصب لعشر سنوات بين 1920 و1930، ساعد نانسن مئات آلاف اللاجئين على العودة إلى وطنهم، وأسهمت جهوده في تمكين عدد كبير من الأشخاص من الحصول على إقامة قانونية وإيجاد عمل في البلدان، التي وجدوا فيها الملجأً.

وتقول المفوضية "أدرك نانسن أن إحدى المشكلات الرئيسية التي كان يواجهها اللاجئون هي افتقارهم لوثائق هوية معترف بها دولياً، فعمل على إيجاد حل عرف بجواز سفر نانسن، كان أول صك قانوني يُستخدم لتوفير الحماية الدولية للاجئين". 

يُشار إلى أن أول من فاز بجائزة "نانسن للاجئ" كانت إليانور روزفلت، وهي أول رئيسة للجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وهي قرينة الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، وعُرفت بدورها في صياغة الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان.

"مبادرة روح"

من بين النساء الخمس، فازت السودانية ندى فضل، عن فئة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهي تُدير مركز "مبادرة روح" الواقع في مدينة الإسكندرية بمصر، حيث يتلقى فيه اللاجئون خدمات الرعاية الصحية المجانية والتدريب على المهارات.

بحسب تقرير للمفوضية عن رحلة فضل (31 عاماً) التي أوصلتها لنيل جائزة "نانسن للاجئ"، فقد وصلت إلى الإسكندرية عام 2015 بمفردها، وليس لديها سوى التصميم على إعادة بناء حياتها.

لكن التكيّف مع الحياة في بلد جديد كان "أمراً صعباً" بالنسبة لفضل، خصوصاً أنها لم تكن تعمل أو تواصل دراستها، لذلك قررت أن تعلم الأطفال اللاجئين في الحيّ الذي عاشت فيه، وكان معظمهم من السوريين.

تقول: "كانوا يسألونني: كيف أحل هذه المسألة؟ وكيف أقرأ هذا؟ وكيف أفعل ذلك؟ لذا، قررت جمعهم معاً وإعطاءهم دروساً في المنزل".

وسرعان ما أسست لنفسها سمعة جيدة داخل المجتمع، مما أدى إلى حصولها على طلبات إضافية للمساعدة، لتتعاون على أثر ذلك مع مجموعة لاجئين آخرين، أطلقوا معاً "مبادرة روح" من أجل حشد المزيد من الدعم للاجئين.

وعندما بدأ مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب الأهلية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الوصول إلى مصر، قامت فضل في البداية بإشراك شباب آخرين من مجتمعات اللاجئين والمضيفين في الإسكندرية للعمل معها بهدف مساعدة الأسر التي تقطعت بها السبل في مدينة أسوان الجنوبية.

وسافرت اثنتان من صديقاتها إلى أسوان لتقييم الوضع وبناء جسر من التواصل مع السكان المحليين في المدينة، وعند العودة إلى الإسكندرية، بدأت المجموعة على الفور في عملية جمع التبرعات.

تقول فضل "جمعنا التبرعات من السكان هنا ثم أرسلناها إلى أصدقائنا في أسوان لشراء العصير والماء والوجبات وتسليمها للأشخاص الذين يصلون الحدود".

وباعتبارها في صفوف الاستجابة الأولى على الأرض، تمكنت "مبادرة روح" من مساعدة مئات الوافدين الجدد. وبالإضافة إلى تزويدهم بالوجبات الساخنة والمساعدات النقدية، حرصوا على ربط الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والمرضى وكبار السن، بالسكان المحليين الذين قدموا لهم مساكن مؤقتة.

ندى، المتطوعة المثابرة ، الشخصية الفعمة بالقوة التي استطاعت بجهودها أن تساعد مجتمعات اللاجئين، بمختلف جنسياتهم حيث قدمت...

Posted by Caritas Egypt - Alex Refugees' Office on Wednesday, October 9, 2024

معالج السلام

"ولدت منصة معالج السلام جراء الحرب، لذا فإن مهمتنا دائماً هي بناء السلام - السلام الداخلي والسلام في العالم. كل شيء يبدأ من داخلنا"، تقول اللاجئة السورية من مدينة الرقة، المقيمة في تركيا، جين داود.

وبسبب عمل هذه المنصّة التي أنشئت على أثر زلزال كهرمان مرعش في 6 فبراير 2023، الذي ضرب مناطق واسعة في جنوب شرق تركيا والشمال السوري بالإضافة لمدن عدة واقعة تحت سيطرة النظام السوري، نالت مؤسستها داود جائزة "نانسن للاجئ".

وجاء في تقرير نشرته مفوضية اللاجئين الأممية أن فكرة منصّة "معالج السلام" خطرت لداود (26 عاماً) أثناء حضورها دورتين تدريبيتين خلال دراستها الجامعية، إحداهما عن تطوير تطبيقات أندرويد والأخرى عن ريادة الأعمال

تبيّن داود "في تلك اللحظة، بدأت العمل على الموضوع، وكان بمثابة الأمل بالنسبة لي. وعلى الرغم من كل الصعوبات والتجارب التي مررت بها، كنت واثقة من أن شخصاً آخر في مكان آخر يعاني منها".

أعدّت خطة عمل مفصلة وبدأت العمل مع مطوري البرمجيات وعلماء النفس لبناء المنصة. وتم إطلاق الشركة بعد عامين، ولديها الآن قائمة من 100 أخصائي/ة نفسي/ة يقدمون جلسات علاجية عبر الإنترنت باللغات التركية والعربية والكردية والإنكليزية.

وفي حين أن هناك من يستطيع تحمل تكاليف الجلسات الفردية أو الجماعية، يمكن للفئات الضعيفة مثل اللاجئين الوصول إليها مجاناً.  

ونظراً لتفانيها في تقديم الدعم الصحي النفسي للاجئين وغيرهم من الناجين من الصدمات، تم اختيار  داوود كفائزة إقليمية بالجائزة فئة أوروبا.

تعلّق داود على فوزها "ردود الفعل من المستفيدين من خدماتنا هي أكبر مكافأة بالنسبة لي، ولكن الفوز بهذه الجائزة له معنى كبير، فهو يمنحني الدافع والشجاعة لمواصلة هذا العمل".