صورة أرشيفية للمحادثات الخاصة بمسار "أستانة السوري"
صورة أرشيفية للمحادثات الخاصة بمسار "أستانة السوري"

شهدت كازاخستان على مدى يومين جولة من المحادثات الخاصة بمسار "أستانة السوري"، ورغم أن هذه الخطوة العشرين سبقتها 19 جولة منذ عام 2017، إلا أنها تميزت من جهة بظلال "الاجتماعات الرباعية" الهادفة إلى تقريب العلاقة بين أنقرة ودمشق، ومن جهة أخرى بـ"المفاجأة والساحة الجديدة" التي تكشف الحديث عنها بعد نشر البيان الختامي.

ويعتبر "أستانة السوري" الأطول قياسا بباقي المسارات، ومنذ انطلاقته قبل 6 سنوات تميز بآليته الممزوجة بين "السياسة والتطبيق على الميدان".

وبينما كانت نتائجه متفاوتة وانعكست بداية على تقسيم الأراضي السورية إلى "مناطق خفض تصعيد" تشي جملة من التصريحات والمواقف في الوقت الحالي إلى "تغيّر طرأ في الجولة العشرين منه".

وكان لافتا منذ الثلاثاء استحواذ "اجتماعات بناء الحوار بين أنقرة ودمشق" على اليوم الأول من "أستانة 20"، فيما أثار موقف كازاخستان في ختام المحادثات وما تبعها من تصريحات لمسؤولين روس تكهنات وأطلق تساؤلات عن الشكل الذي سيكون عليه المسار بين "الضامنين" (تركيا، روسيا، إيران) في المرحلة المقبلة.

ودعا نائب وزير الخارجية الكازاخستاني كانات توميش، الأربعاء بشكل غير متوقع إلى اختتام المحادثات الثلاثية، بقوله إن "هدفها قد تحقق".

وأضاف للصحفيين: "خروج سوريا التدريجي من العزلة في المنطقة يمكن اعتباره علامة على أن عملية أستانة قد تكون أكملت مهمتها". وتابع: "مع الأخذ في الاعتبار عودة سوريا إلى الجامعة العربية نقترح الإعلان رسميا عن الاجتماع العشرين في إطار أستانة باعتباره الاجتماع الأخير".

ومن الواضح أن الموقف المذكور لم يكن ضمن خطة الأطراف الثلاثة المفاوضة، التي قالت في بيان مشترك بعد المحادثات إن الاجتماع المقبل سيعقد في وقت لاحق من هذا العام، وفق وكالة "رويترز".

بدوره أشار مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف إلى أن "قرار كازاخستان بتأجيل الاجتماعات بشأن سوريا من أستانا جاء كمفاجأة لروسيا وإيران وتركيا".

لكنه قال إن "صيغة أستانة ليست مرتبطة بمكان معين"، وإنه "سيتم تحديد ساحة جديدة لمواصلة الاجتماعات حول سوريا"، مضيفا: "المسار أكدت فاعليته ونشكر كازاخستان على استضافتها لأكثر من 6 سنوات".

"مفاجأة في التوقيت"

ومن غير الواضح حتى الآن الأسباب التي دفعت كازاخستان إلى "الإعلان عن ضرورة إنهاء مسار المحادثات في أستانة"، وكذلك الأمر بالنسبة للموقف الروسي الذي اختصره لافرنتيف بعبارة "المفاجأة".

في غضون ذلك لم يصدر أي تعليق من الجانب التركي والإيراني ومن جانب النظام السوري بشأن تغيير مكان انعقاد الاجتماع. وإن تم سيكون تغيرا جذريا لم يسبق وأن تم التطرق له خلال السنوات الست الماضية.

وأكد رئيس وفد المعارضة في محادثات "أستانة"، أحمد طعمة لموقع "الحرة" أن جدول المسار وآليته لم يطرأ عليها أي تغيير في الجولة العشرين، وأن "التغيير فقط يكمن في المكان" الذي دعت إليه كازاخستان".

ولا تعرف الأسباب التي دفعت الدولة المضيفة للمحادثات إلى هذه الخطوة، ويضيف طعمة: "يبدو لي أنهم غير مرتاحين ويريدون التخلص من هذا الأمر، فيما بدا الانزعاج على الجانب الروسي".

"المفاجأة كانت في التوقيت أيضا"، واعتبر رئيس وفد المعارضة أن الدول الضامنة للمسار أكدوا أنهم سيعقدون اجتماعا قريبا في النصف الثاني من العام الحالي، على أن يتم تحديد المكان لاحقا.

وجاء في البيان الختامي لـ "أستانة 20"، التأكيد على مواصلة المباحثات المتعلقة بتطبيع العلاقات بين تركيا ونظام الأسد، كما أكد "على أهمية دفع هذه العملية على أساس حسن النية وحسن الجوار من أجل مكافحة الإرهاب".

وهاتان العبارتان لم تكونا حاضرتين في البيانات الختامية للجولات الـ19 السابقة، كون مسار الحوار بين أنقرة والنظام السوري بدأ في أواخر العام الماضي.

وبحسب بيان "أستانة 20" كانت المشاورات الرباعية بنّاءة و"تمت مناقشة التقدم المحرز في إعداد خارطة الطريق لاستعادة العلاقات بين تركيا وسوريا".

كما تحدث عن "أهمية التنسيق مع عمل وزارات الدفاع والخدمات الخاصة في سوريا وروسيا وإيران وتركيا ومواصلة الجهود بهذا الاتجاه".

لكن وفي أعقاب الانتهاء من المحادثات التي استمرت ليومين صرّح نائب وزير خارجية النظام السوري، أيمن سوسان أن "الانسحاب التركي الكامل غير المشروط من سوريا هو المدخل الأساس لأي علاقات عادية مع تركيا، وغير ذلك فهو أوهام".

وأضاف أن "خارطة الطريق قابلة للتحقيق، لكن لها متطلبات في مقدمتها إقرار واضح بالانسحاب"، مشيرا إلى أن "اجتماعات أستانة حققت إنجازات مهمة على صعيد تقليص مساحة الإرهاب في سوريا وبشكل أساسي في مناطق خفض التصعيد الثلاث (ريف دمشق، درعا، حمص)".

لكن "في المنطقة الرابعة (إدلب) كان من الممكن أن يكون هناك نصيب من النجاح لولا مواقف تركيا"، حسب تعبير المسؤول السوري.

ماذا وراء "الساحة الجديدة"؟

وجاء انعقاد "أستانة 20" بعدما خرجت تركيا من انتخاباتها التاريخية، وما تبع ذلك من التعيينات الجديدة التي أعلنها الرئيس رجب طيب إردوغان على مستوى الاستخبارات والدفاع والخارجية.

وتركيا هي أحد الدول الضامنة والفاعلة في المسار منذ 2017، وجاءت الجولة أيضا في وقت تواصل أنقرة عملية بناء الحوار مع النظام السوري، والتي بدأت أولى محطاتها برعاية روسية أواخر العام الماضي.

وفي غضون ذلك وما بين الجولة 19 و20 من "أستانة" كان الملف السوري قد شهد سلسلة من التطورات المتعلقة بعلاقة الأسد بالإقليم والمحيط العربي، بعدما فتحت عواصم عربية أبوابها أمام العلاقة المستجدة مع دمشق.

ويوضح الباحث والكاتب السوري، عمر كوش أن "توسعة مسار أستانة من ثلاثي إلى رباعي بإشراك النظام السوري يعني أن هناك تغيرات طرأت على طبيعة المناقشات".

و"يستدعي ذلك تغيير المكان، أي إيجاد ساحة جديدة تتسع للمشاورات القادمة بين أنقرة ونظام الأسد"، ولاسيما في ظل الإصرار الروسي على مواصلة المفاوضات حول "خارطة الطريق".

ويعتقد كوش في حديثه لموقع "الحرة" أن تصريحات لافرنتيف بأن "موقف كازاخستان مفاجئا" لا يعكس الواقع، وأن "تغيير المكان متوقع ومتفق عليه لأن تكون الجولة 20 الأخيرة في مدينة أستانة".

"بالتأكيد سينتقل المسار لساحة جديدة إما في انقرة أو دمشق أو بالتناوب، وموسكو بلاشك ستكون وحاضرة وطهران أيضا".

ويتابع الباحث السوري أن "المبادرة ليست من جانب كازاخستان كما هو معلن، بل تمت باتفاق رباعي بين الأطراف الأربعة الجديدة للمسار السوري".

"انتهى دور الوساطة"

من جانبه يرى المحلل السياسي المقيم في موسكو، رامي الشاعر أن "كازاخستان لعبت دور الوسيط في الملف السوري والأزمة السورية عندما كانت الأوضاع والظروف المحيطة بسوريا جدا معقدة".

لكن وبعد أن توصلت دول مجموعة مسار "أستانة" - أي تركيا وإيران وروسيا بالإضافة إلى ممثلي الحكومة في دمشق وممثلي المعارضة المسلحة - إلى اتفاق "نظام التهدئة في كافة الأراضي السورية ووقف إطلاق النار" انعكست جملة من التطورات "الهامة".

وتمثلت هذه التطورات باللقاءات الرباعية على مستوى نواب الخارجية والأجهزة الأمنية ومن ثم على مستوى وزراء الخارجية، بين أنقرة ودمشق.

ويقول الشاعر لموقع "الحرة": "بعد وضع خارطة الطريق لعملية الحوار بين أنقرة ودمشق سيتم اللقاء على مستوى القادة لاعتمادها"، و"لذلك لم يعد هناك أي لزوم لإجراء لقاءات في أستانة".

"اللقاءات ستنتقل تلقائيا إلى دمشق أو أنقرة لمعالجة كل القضايا التي تخص الملف السوري والعلاقات السورية التركية، وخاصة قضية اللاجئين ووضع المعارضة بما في ذلك المسلحة".

ومن خلالها أيضا "سيتم مناقشة الاتفاق على جدول زمني لمغادرة الجيش التركي من سوريا والقضايا الأمنية الأخرى"، وفق ذات المتحدث.

"هندسة التسوية"

ومنذ سنوات لا توجد أي بوادر على صعيد الحل السياسي في سوريا، خاصة بعد فشل الجولات التسع لمسار اللجنة الدستورية السورية، على خلفية العراقيل التي وضعها نظام الأسد، وفق اتهامات وجهتها المعارضة السورية في وقت سابق.

وكذلك العراقيل التي وضعتها موسكو مؤخرا، مصرّة على تعديل مكان عقد اجتماعات "اللجنة الدستورية" من جنيف إلى دولة "محايدة" أخرى، وفق تعبير مسؤوليها.

وكان مسار "أستانة" الذي اقترحه الروس قد بدأ على شكل مسار عسكري، وحقق نتائج على الأرض، أتاحت للنظام السوري "قضم معظم المناطق السورية تقريبا"، والتي كانت خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة.

بعد ذلك انتقل إلى المفاوضات السياسية على مدى 19 اجتماعا، والآن تكلل باللقاءات الرباعية لتقريب العلاقة بين أنقرة ودمشق.

ويقول الكاتب كوش: "مسار أستانة سياسي بين روسيا وتركيا وإيران من أجل سحب كل الذرائع أمام المجتمع الدولي".

ويضيف أنه "أنهى جنيف تماما، بموافقة أو بغض نظر الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، بينما اضطرت الأمم المتحدة للاعتراف به وأن تكون شاهد زور لا أكثر ولا أقل".

ويشير كوش إلى أن "الحديث الروسي عن عملية التسوية السورية بعيد كل البعد عن الاكتمال"، وأن "روسيا تريد الآن هندسة التسوية بين النظام السوري وتركيا، وفيما بعد إلى ساحة أخرى إن جاز التعبير".

ويعتقد المحلل السياسي الشاعر أن "اللجنة الدستورية سيكون اجتماعها الأخير خارج الأراضي السورية في سلطنة عمان".

ويعتبر الشاعر أن "الأوضاع في سوريا بدأت في التعافي فعليا، وبالشكل الذي يضمن حقوق جميع السوريين، وعودة السيادة السورية على جميع الأراضي ووحدتها".

وما تزال سوريا مقسمة بين 3 أطراف نفوذ، الأول تحت سيطرة النظام السوري والثانية خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة إلى جانب منطقة ثالثة في شمال شرق البلاد تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

ولا يقتصر الانقسام على قوى محلية، بل تجوب على معظم الأراضي السورية قوات ودوريات لقوى عالمية، من روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة الأميركية.

ولا يعرف بالتحديد كيف ستسير العلاقة بين أنقرة والنظام السوري في المرحلة المقبلة، ولاسيما أن الأخير يصر على شرط "الانسحاب"، بينما ترهن الأولى ذلك بالقضاء على كامل التهديدات الإرهابية التي تتعرض لها على طول حدودها الجنوبية.

علامات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية داخل منزل متضرر بدمشق في 23 أبريل 2018
علامات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية داخل منزل متضرر بدمشق في 23 أبريل 2018

أدت الهجمات غير المشروعة بالأسلحة الكيميائية إلى مقتل وإصابة الآلاف خلال الحرب الأهلية في سوريا، كثير منهم من الأطفال، ولكن بعد مرور أكثر من عقد من الزمن لا يزال الجناة بمنأى عن العقاب.

وقد يتغير ذلك في إطار مبادرة أُطلقت، الخميس، في لاهاي لإنشاء محكمة جديدة لمثل هذه الفظائع.

وعملت حوالي عشر مجموعات حقوقية سورية وخبراء قانونيون دوليون وآخرون في هدوء على مدى عامين على وضع الأساس لمحكمة جديدة قائمة على المعاهدات يمكنها محاكمة من يتهمون باستخدام المواد السامة المحظورة بجميع أنحاء العالم.

وقالت صفاء كامل، 35 عاما، وهي معلمة من حي جوبر بالعاصمة السورية دمشق "المحكمة بالنسبة للسوريين هي أمل"، متذكرة الهجوم بغاز السارين الذي وقع في 21 أغسطس عام 2013 بمنطقة الغوطة والذي أدى لمقتل أكثر من 1000 شخص كثير منهم كانوا نائمين.

وأضافت "الأعراض التي تعرضنا لها الغثيان وإعياء واصفرار الوجه، وحالات إغماء.. حتى من الصغار... كان خوف كتير كبير".

وتابعت قائلة "عندما فتشنا عن الشهداء الذين فقدناهم أثناء هذا القصف الكيماوي كان عدد الضحايا كتير كبير.. لا تمحى من ذاكرتنا كيف كانت مصفوفة".

وأظهرت وثائق اطلعت عليها "رويترز" أنه تم عقد العديد من الاجتماعات الدبلوماسية واجتماعات الخبراء بين الدول لمناقشة الاقتراح، بما في ذلك الجدوى السياسية والقانونية والتمويلية.

وقال المحامي البريطاني السوري إبراهيم العلبي، وهو أحد الشخصيات الرئيسية وراء هذه المبادرة، إن دبلوماسيين من 44 دولة على الأقل من مختلف القارات شاركوا في المناقشات، بعضهم على المستوى الوزاري.

وقال العلبي لرويترز "بينما يطالب بها السوريون بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، إذا رغبت الدول في ذلك فإن الأمر قد يتجاوز ما هو أبعد من سوريا بكثير".

ودُشن مقترح إنشاء المحكمة الاستثنائية للأسلحة الكيماوية في 30 نوفمبر وهو اليوم الذي يتم فيه إحياء ذكرى ضحايا الهجمات الكيماوية بجميع أنحاء العالم. 

وستكون الخطوة التالية هي أن تتفق الدول على صياغة المعاهدة.

وقال ثلاثة دبلوماسيين من دول في شمال وجنوب العالم لـ"رويترز" إن حكوماتهم تناقش إنشاء المحكمة، ورفضوا الكشف عن أسمائهم لأنهم غير مخولين بالتحدث في هذا الشأن.

وقال أحد المصادر "هناك اهتمام جدي، واهتمام بالغ، واعتراف بالحاجة إلى شيء كهذا، إلى الحاجة لمعالجة فجوة الحصانة بالأساس".

"شيء من العدالة"

تحظر اتفاقيات جنيف، التي قننت قوانين الحرب، استخدام الأسلحة الكيماوية. 

وشددت من ذلك اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية لعام 1997، وهي معاهدة لمنع انتشار هذه الأسلحة انضمت إليها 193 دولة وتشرف عليها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

لكن الانقسام السياسي بشأن الحرب السورية في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفي الأمم المتحدة عرقل الجهود الرامية إلى المحاسبة عن انتهاكات القانون الدولي واسعة النطاق في مئات مما يشتبه بأنها هجمات كيماوية.

ونفت حكومة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، استخدام الأسلحة الكيماوية ضد معارضيها في الحرب الأهلية التي اندلعت في مارس 2011 والتي وصلت الآن إلى طريق مسدود إلى حد كبير. 

ولم ترد وزارة الإعلام على طلب من "رويترز" للتعليق.

وأقامت دول، من بينها فرنسا، محاكمات بموجب ما يسمى بالاختصاص القضائي العالمي للنظر في جرائم الحرب، لكن في الحالات التي لا تستطيع فيها المحكمة الجنائية الدولية فعل شيء.

ولا يوجد كيان قانوني يستطيع محاكمة الأفراد المشتبه بهم في استخدام الأسلحة الكيماوية على مستوى العالم.

وقال دابو أكاندي، المحامي البريطاني وعضو لجنة القانون الدولي بالأمم المتحدة لرويترز "عندما توجد أصوات تقول ‘نحن بحاجة إلى شيء من العدالة... أعتقد أن ذلك سيكون قويا".

وذكر أكاندي أن هناك محاكم دولية لجرائم الحرب، من البلقان إلى رواندا ولبنان، لكن لم يركز أي منها على جريمة نشر الأسلحة الكيماوية على وجه التحديد.

وأضاف "ستكون محاولة لسد فجوة بمعنى أنها ستكون مخصصة في الأساس للقضايا التي لا تستطيع فيها المحكمة الجنائية الدولية ممارسة اختصاصها القضائي.. وأعتقد أن هذا سيكون الشيء المبتكر في هذا الشأن".

وليس للمحكمة الجنائية الدولية المختصة بجرائم الحرب في العالم، ومقرها لاهاي، اختصاص قضائي في سوريا.

وتتمتع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بسلطة التحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية وتحديد الجناة المزعومين في بعض الحالات، لكنها لا تتمتع بسلطة الملاحقة القضائية. 

وقالت في يناير إن سوريا مسؤولة عن هجوم وقع في مدينة دوما عام 2018 وأسفر عن مقتل 43 شخصا.

ووجدت آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن الحكومة السورية استخدمت غاز الأعصاب السارين في هجوم وقع في أبريل 2017، واستخدمت الكلور مرارا كسلاح واتهمت مسلحي تنظيم "داعش" باستخدام غاز الخردل.

واستخدمت روسيا، حليفة سوريا، حق النقض (الفيتو) مرارا ضد محاولات تمديد آلية التحقيق المشتركة التي انتهت في نوفمبر 2017.

بعد عشر سنوات

بالنسبة للدكتور محمد سليم، الذي ساعد في علاج مئات المرضى بعد هجوم الغوطة عام 2013، لا تزال صور الاختناق والموت تبكيه. 

ويتذكر أحد الأطفال الناجين وهو ملقى بين الجثث ويسأله: "عمو أنا عايش؟".

وقال لـ"رويترز" في لاهاي "الحقيقة عندنا شعور بالمرارة إن المحاسبة تأخرت عشر سنوات.. إذا قيد هلق مشروع انطلاق محاسبة فبيكون بعد عشر سنوات بدأ هذا المشروع.. نتمنى ألا ننتظر عشر سنوات إضافية".

وأضاف "أنا يللي بدي قوله إنه خللي القانون الدولي والعدالة ياخد مجراها".

وقالت الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الأشد خطورة المرتكبة في سوريا، التابعة للأمم المتحدة، لـ"رويترز" إن جزءا صغيرا فقط من حوالي 200 تحقيق في جرائم الحرب السورية أجرته دول معظمها أوروبية يتعلق بالهجمات الكيماوية.

وقالت رئيسة هذه الآلية، كاثرين مارشي-أويل، إنه لا توجد فرص كافية لتحقيق العدالة فيما يتعلق بهجمات الأسلحة الكيماوية في سوريا، وإن الآلية الدولية المحايدة والمستقلة مستعدة للعمل مع محكمة جديدة.

وأضافت "هيئة دولية لديها موارد مخصصة وفريق اكتسب خبرة في إقامة دعاوى بشأن حوادث الأسلحة الكيماوية قد تكون في وضع جيد يسمح بالتعامل مع هذا النوع من القضايا".