الهجري
الهجري أطلق خطابا شديد اللهجة ضد الميليشيات الإيرانية | Source: Social Media

تدخل انتفاضة السويداء السورية "محطة جديدة"، بعدما أطلق عناصر من قوات النظام السوري الرصاص لتفريق محتجين حاولوا إغلاق مقر "حزب البعث" وتحطيم تمثال حافظ الأسد الموجود في الساحة الواقعة أمامه، ظهر يوم الأربعاء.

وأسفر إطلاق الرصاص عن إصابات بين المدنيين نقلوا إلى مشافي المحافظة، بينما دفعت الحادثة الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري لشن هجومٍ غير مسبوق، شمل إيران وميليشياتها، و"الحزبيّين الساقطين"، وفق تعبيره.

وهذه هي المرة الأولى التي يوجه فيها الشيخ الهجري مثل هذا الهجوم، وكذلك الأمر بالنسبة لحادثة إطلاق الرصاص، التي تعتبر الأولى وجاءت مع دخول الاحتجاجات الشعبية في المحافظة يومها الـ26، في وقت يلتزم النظام السوري بسياسية عدم التعليق.

ويطالب المحتجون منذ 3 أسابيع بإسقاط النظام السوري ورحيل رئيسه بشار الأسد، بالإضافة إلى تطبيق القرارات الأممية الخاصة بالحل في سوريا. وبالتوازي مع ذلك كانوا قد اتجهوا خلال الأيام الماضية إلى تمزيق "رموز الأسد"، من بينها صوره وأعلام "حزب البعث"، وإغلاق الشعب والدوائر التابعة له.

وشملت عمليات الإغلاق مبنى "حزب البعث" الرئيسي وسط المدينة، إذ أظهرت تسجيلات مصورة قبل أسبوع كيف أقدم محتجون على إغلاق أبوابه الرئيسية بالحديد، ما اضطر الموظفين فيه للدخول إليه من النوافذ.

لكن وبعدما لاحظ محتجون يوم الأربعاء أن أبواب المبنى الحزبي أعيد فتحها من جديد، اتجهوا إلى هناك لإعادة الإغلاق، ليتفاجأوا بإطلاق الرصاص من قبل عناصر كانوا متمركزين على السطح، حسب ما تقول الناشطة، لبنى الباسط لموقع "الحرة".

وتضيف الباسط أن "المحتجين كانوا عزلا ولا يحملون أي سلاح، وأصيب ثلاثة منهم نقلوا إلى مشافي المدينة".

وأوضح الناشط السياسي، مروان حمزة الذي كان في محيط مبنى "حزب البعث" أن المحتجين وقبل إطلاق الرصاص عليهم من قبل عناصر النظام السوري حاولوا تحطيم تمثال حافظ الأسد، الواقع في الساحة هناك.

وتابع في حديثه لموقع "الحرة": "حادثة إطلاق الرصاص لم تكن عرضية. الله ستر.. كان هناك جموع كبيرة، وحماس الشبان هو من دفع حماة الفرع الحزبي لإطلاق النار".

"مؤامرة"

وفي أعقاب إطلاق الرصاص ونقل المصابين إلى المشافي توجه عدد من المحتجين إلى مضافة الشيخ الهجري، لكي "يعرفوا إلى أين سيسير الشارع بعد الحادثة"، وفق ما تقول الناشطة لبنى الباسط.

وأظهر تسجيل مصور نشرته شبكات إخبارية الشيخ الهجري وهو يلقي كلمة بين جموع من المحتجين، وقال إنه "لم يستغرب مما حصل"، في إشارة إلى إطلاق الرصاص،

مضيفا: "منذ بداية المحنة بسوريا قلت: (إذا بدو يجينا شيء سيأتي من هؤلاء الحزبيين الساقطين)".

ودعا الشيخ الهجري، وهو أحد المشايخ الثلاث البارزين في السويداء، إلى "ضبط النفس"، وإلى البقاء في الشارع وعدم التنازل عن المطالب، مضيفا: "نحن على حق ومطالبنا لا نتنازل عنها والشارع إلنا ليوم ويومين وشهر وشهرين وسنوات. شعارنا السلمي للبلد والسلطة ولكل العالم والأمم المتحدة".

"يريدون وضع شبابنا قبالة بعضهم البعض. لم نتفاجأ وكننا ننتظر ما حصل. الحمد لله على اللطف"، وأكد الهجري على "استمرارية الاعتصام حتى يطمئن كل فرد بأن حقوقه مصانة في بلده".

لكن ما كان لافتا في حديثه الهجوم الذي وجهه لإيران و"حزب الله" وميليشياتها، معتبرا أن " إيران ومنذ دخولها للبلد محتلة ويجب الجهاد ضد ميليشياتها التي نعتبرها احتلالا".

وقال الهجري إن "الميليشيات الإيرانية دخلت بفكر تخريبي.. ولأول مرة نعلنها على الملأ، مع العلم أن كل الشخصيات والجهات التي نلتقي فيها تعرف وجهة نظرنا".

ورغم أن الهجري كان قد أيد الحراك الشعبي في الشارع وأكد على مطالب المتظاهرين، منذ اليوم الأول للانتفاضة، تعكس كلماته التي أطلقها عقب حادثة إطلاق الرصاص "تصعيدا في الموقف" من جانب مشيخة العقل.

وختم كلمته بالقول إن ما حصل "عبارة عن مؤامرة". وفي حين أكد على الالتزام بضبط النفس والهدوء، وأن "الدم السوري على السوري حرام"، هدد بالقول: "سلاحنا مثل العروس سيظل على جانبنا نظيف ومجهز والطلقة ببيت النار". لكنه استدرك قائلا: "الطلقة الأولى لن تكون من جانبنا".

"استفزاز مقصود"

ولم يعلّق النظام السوري، خلال الأيام الماضية، على ما تشهده السويداء، وفي حين أرسل شخصيات إلى المحافظة من أجل "التواصل والتهدئة" بقيت الأصوات المطالبة بالحل السياسي ورحيل رئيسه بشار الأسد قائمة.

وفي المقابل لم يقدم أي بادرة إيجابية بشأن "المطالب" التي وردت في بيان لـ"دار طائفة الموحدين الدروز"، في الرابع والعشرين من أغسطس الماضي، وعلى رأسها التراجع عن القرارات الاقتصادية الأخيرة برفع الدعم عن المحروقات، و"إجراء تغيير حكومي"، و"دراسة تشغيل معبر حدودي لإنعاش السويداء اقتصاديا".

ومع تأكيد المتظاهرين على البقاء في الشارع يرى مراقبون من أبناء السويداء أن حادثة إطلاق الرصاص "لم تكن عرضية"، بل كانت "استفزازا مقصودا".

ويقول الصحفي السوري، نورس عزيز: "النظام السوري استنزف كل الوسائل السلمية، ويبدو أنه يلجأ لأسلوب جديد".

وعلى ما يبدو "هناك عناصر إيرانية هي من أطلقت النار على المتظاهرين من أجل تخويفهم وجرّهم إلى العنف"، حسب عزيز، مضيفا أن "خطاب الشيخ الهجري مهم، من زاوية التأكيد على البقاء في الساحات وعدم الانجرار للعنف".

"النظام سيستفز الشارع في المرحلة المقبلة، وسيحاول حرف الحراك عن مساره".

واعتبر عزيز في حديث لموقع "الحرة: أن "أي صوت واعي وعاقل يمكن أن ينوّر الناس ويهديهم سيكون هدفا للنظام"، في إشارة منه لـ"الخطاب العقلاني للشيخ الهجري".

ويؤكد على ما سبق الناشط السياسي مهند شهاب الدين، إذ يقول إن "النظام السوري يحاول جر السويداء إلى المواجهة المسلحة وعمل العصابات".

ويرى أن "تحقيق ذلك لن يكون بقوّة نظامية، بل من خلال عصابات مثل كتائب البعث والدفاع الوطني".

ويوضح شهاب الدين أن "كلام الشيخ الهجري أرسل رسائل دقيقة، إذ اعتبر أن الغرباء مثل إيران وحزب الله هم محتلون وأفتى بضرورة الجهاد ضدهم".

لكن في المقابل "دعا إلى التريث كي لا يقع المجتمع المدني بفتنة داخلية، مع سعي النظام لخلق بلبلة واستخدام السلاح في السويداء"، وفق ما يضيف الناشط السياسي، معتبرا أن "سلمية المظاهرات باتت تثير حفيظة النظام".

"3 شيوخ في الواجهة"

و"مشيخة العقل" في السويداء هي عبارة عن هيئة روحية وزعامة دنية متوارثة، ومنذ العهد العثماني كان هناك 3 شيوخ عقل يتصدرون رأس الهرم في الطائفة الدرزية، حسب ما يوضح الصحفي السوري ومدير شبكة "السويداء 24"، ريان معروف لموقع "الحرة".

وتعتبر مكانة المشايخ متوارثة ولا يمكن أن تخرج المشيخة عن أسماء ثلاث عوائل (الهجري، الجربوع، الحناوي).

وتنحصر مكانة الشيخ الهجري الدينية في الريف الشمالي والشمالي الشرقي والريف الغربي للسويداء (دار قنوات)، فيما يبرز اسم الشيخ حمود الحناوي في منطقة سهوة البلاطة في الريف الجنوبي للمحافظة.

ويعد الشيخ يوسف الجربوع المسؤول عن دار الطائفة في "مقام عين الزمان"، ويتركز نفوذه الديني في مدينة السويداء والقرى الصغيرة المجاورة لها.

وكان الشيخ الهجري أول من أيد مطالب المحتجين الذين يتحركون بشكل أساسي في "ساحة السير" وسط المدينة. ولرجل الدين هذا قصة سابقة مع رئيس شعبة الأمن العسكري السابق، العميد وفيق ناصر، بعدما وجه الأخير له "شتيمة" في يناير 2021، ما أشعل حالة غضب واسعة، واستدعى "تقديم اعتذار رسمي من دمشق"، آنذاك.

أحمد الشرع الملقب بأبو محمد الجولاني عندما كان زعيما لهيئة تحرير الشام في صورة له وهو يتفقد اضرار الزلزال في إدلب  في 7 فبراير 2023
أحمد الشرع الملقب بأبو محمد الجولاني عندما كان زعيما لهيئة تحرير الشام في صورة له وهو يتفقد اضرار الزلزال في إدلب في 7 فبراير 2023

كشف رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، تفاصيل رحلة انضمامه إلى تنظيم القاعدة في العراق، وصولا إلى قيادته هيئة تحرير الشام في سوريا.

وفي مقابلة مع بودكاست "ذا ريست أوف بوليتكس"، أجراها معه أليستر كامبل، المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وروري ستيورات، الوزير البريطاني المحافظ السابق، تحدث الشرع بأنه بدأ التفكير في تغيير الوضع السياسي في سوريا منذ أن كان في التاسعة عشرة من عمره.

وقال: "في ذلك الوقت، بدأت أشعر بحجم الاضطهاد في المنطقة، سواء في سوريا أو في الإقليم بأكمله"، مشيرا إلى أن "الانتفاضة الفلسطينية كان لها تأثير كبير عليه".

وأضاف: "كنت أسير في أزقة دمشق القديمة وأرى التاريخ يتحدث في كل زاوية، لكن في الوقت نفسه، كنت أرى حال البلد وكيف يحكمه النظام. كنت مقتنعا بأن هذا النظام يجب أن يزول".

وعن قراره بالذهاب إلى العراق، أوضح الشرع: "لم تكن لدينا الإمكانيات أو الخبرة الكافية، فقررت الذهاب إلى أي مكان يمكنني اكتساب الخبرة فيه".

وقال إن "التوقيت تزامن مع مقدمات دخول القوات الأميركية إلى العراق، وكان هناك تفاعل عربي وإسلامي كبير ضد هذا التدخل".

وأشار إلى أنه كان لديه هدفين من الذهاب إلى العراق، الأول: هو اكتساب خبرة من خلال مشاهدتي لحرب كاملة، والثاني هو الدفاع عن أهل العراق.

وتابع: "عملت مع فصائل متعددة، لكنها بدأت تتقلص حتى وجدت نفسي ضمن القاعدة في العراق".

وعن فترة سجنه، قال الجولاني: "دخلت السجن مبكرا، ومررت بسجون أبو غريب، ثم بوكا، ثم كروبر ثم التاجي. خلال هذه الفترة، بدأ الوعي يزداد لدي، وكنت ألاحظ اختلافا كبيرا في تكوين شخصيتي".

وأضاف: "كنت أسمع أفكارا غريبة داخل السجن، وكنت أرفض الحرب الطائفية التي نشأت في العراق آنذاك".

قال أيضا: "بعض الأطراف داخل السجن كانت لديها ملاحظات علي لأنني لم أتبن أفكار داعش لاحقا".

أما عن عودته إلى سوريا، فقال: "قبل يومين من بدء الثورة السورية، خرجت من السجن ورتبت أموري بسرعة للعودة".

وأضاف أنه وضع شروطا واضحة لعمله في سوريا: "أولا: عدم تكرار تجربة العراق، وثانيا: عدم الانزلاق إلى أي حرب طائفية، والتركيز على إسقاط النظام".

وتابع: "بدأنا بستة أشخاص فقط، لكن خلال عام واحد، أصبحنا خمسة آلاف، وانتشرنا في مختلف المحافظات السورية".

وأشار الشرع إلى أن "تنظيم القاعدة في العراق، تفاجأ من هذا النمو وحاول فرض تجربته، لكنني رفضت ذلك. رفضت تطبيق تجربة العراق في سوريا، فحصل الافتراق بيننا، واندلعت حرب كبيرة بيننا".

وتابع: "خسرنا أكثر من 1200 مقاتل، وفقدنا 70% من قوتنا، لكننا أعدنا بناء أنفسنا من جديد مع التركيز على قتال النظام، ومعالجة المخاطر الأخرى مثل داعش".