رايدر أعلن نشر بطارية ثاد قريبا في منطقة الشرق الأوسط - أرشيفية
رايدر أعلن نشر بطارية ثاد قريبا في منطقة الشرق الأوسط - أرشيفية

أكد متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، الاثنين، تعرض قوات أميركية لهجومين في قاعدة التنف جنوب شرق سوريا بالقرب من الحدود مع العراق والأردن دون وقوع إصابات، وذلك في أحدث هجوم يستهدف قوات أميركية منذ التصعيد في إسرائيل وغزة.

وقال المتحدث باسم للبنتاغون، البريغادير جنرال باتريك رايدر، للصحفيين، إن القوات الأميركية في قاعدة التنف "تعرضت لمحاولة هجوم بالمسيرات"، قبل أن يضيف أنه "تم إسقاط المسيرات ولم تقع إصابات من جراء الهجوم". 

وتصاعدت حدة الهجمات على القوات الأميركية منذ التصعيد الأحدث للنزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل في 7 أكتوبر الجاري، حين شنت حركة حماس هجوما مباغتا على جنوب إسرائيل التي ردت بقصف مستمر للقطاع.

وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم البنتاغون: "ليس هناك تهديد محدد ضد القوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، ولكنا نلاحظ تصاعد عدد الهجمات ضد قواعدنا في سوريا و العراق". 

وأضاف رايدر قائلا إن المجموعات التي تستهدف القوات الأميركية "في العراق وسوريا مدعومة من إيران.. ولكن لم نر بالضرورة أوامر صريحة من إيران لتنفيذ هذه الهجمات". 

وأردف أن لدى القوات الأميركية "ما يكفي من القدرات في الشرق الأوسط للتعامل مع أي طوارئ"، مشير إلى أن الخطوات التي اتخذها البنتاغون "تعزز هذه القدرات".

وذكر أن "بطارية ثاد واحدة سيتم نشرها في منطقة الشرق الأوسط بالإضافة إلى وجود عدة بطاريات باتريوت بالفعل مع القوات العسكرية الخاصة لتشغيلها". 

كما أحبطت القوات الأميركية هجوما قبالة سواحل اليمن الأسبوع الماضي، وعن ذلك قال رايدر اليوم: "عدد الصواريخ التي أطلقها الحوثيون الأسبوع الماضي و اعترضتها يو.أس.أس.كارني هو أربعة صواريخ"، مضيفا "لازلنا لا نعلم وجهة الصواريخ ولكن نعتقد أنها كانت موجهة ضد إسرائيل".

يشار إلى أن 2500 عسكري موجودين في العراق و900 في سوريا في مهمة لتقديم المشورة والمساعدة للقوات المحلية في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، الذي تمكن في 2014 من السيطرة على مساحات شاسعة من البلدين.

علامات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية داخل منزل متضرر بدمشق في 23 أبريل 2018
علامات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية داخل منزل متضرر بدمشق في 23 أبريل 2018

أدت الهجمات غير المشروعة بالأسلحة الكيميائية إلى مقتل وإصابة الآلاف خلال الحرب الأهلية في سوريا، كثير منهم من الأطفال، ولكن بعد مرور أكثر من عقد من الزمن لا يزال الجناة بمنأى عن العقاب.

وقد يتغير ذلك في إطار مبادرة أُطلقت، الخميس، في لاهاي لإنشاء محكمة جديدة لمثل هذه الفظائع.

وعملت حوالي عشر مجموعات حقوقية سورية وخبراء قانونيون دوليون وآخرون في هدوء على مدى عامين على وضع الأساس لمحكمة جديدة قائمة على المعاهدات يمكنها محاكمة من يتهمون باستخدام المواد السامة المحظورة بجميع أنحاء العالم.

وقالت صفاء كامل، 35 عاما، وهي معلمة من حي جوبر بالعاصمة السورية دمشق "المحكمة بالنسبة للسوريين هي أمل"، متذكرة الهجوم بغاز السارين الذي وقع في 21 أغسطس عام 2013 بمنطقة الغوطة والذي أدى لمقتل أكثر من 1000 شخص كثير منهم كانوا نائمين.

وأضافت "الأعراض التي تعرضنا لها الغثيان وإعياء واصفرار الوجه، وحالات إغماء.. حتى من الصغار... كان خوف كتير كبير".

وتابعت قائلة "عندما فتشنا عن الشهداء الذين فقدناهم أثناء هذا القصف الكيماوي كان عدد الضحايا كتير كبير.. لا تمحى من ذاكرتنا كيف كانت مصفوفة".

وأظهرت وثائق اطلعت عليها "رويترز" أنه تم عقد العديد من الاجتماعات الدبلوماسية واجتماعات الخبراء بين الدول لمناقشة الاقتراح، بما في ذلك الجدوى السياسية والقانونية والتمويلية.

وقال المحامي البريطاني السوري إبراهيم العلبي، وهو أحد الشخصيات الرئيسية وراء هذه المبادرة، إن دبلوماسيين من 44 دولة على الأقل من مختلف القارات شاركوا في المناقشات، بعضهم على المستوى الوزاري.

وقال العلبي لرويترز "بينما يطالب بها السوريون بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، إذا رغبت الدول في ذلك فإن الأمر قد يتجاوز ما هو أبعد من سوريا بكثير".

ودُشن مقترح إنشاء المحكمة الاستثنائية للأسلحة الكيماوية في 30 نوفمبر وهو اليوم الذي يتم فيه إحياء ذكرى ضحايا الهجمات الكيماوية بجميع أنحاء العالم. 

وستكون الخطوة التالية هي أن تتفق الدول على صياغة المعاهدة.

وقال ثلاثة دبلوماسيين من دول في شمال وجنوب العالم لـ"رويترز" إن حكوماتهم تناقش إنشاء المحكمة، ورفضوا الكشف عن أسمائهم لأنهم غير مخولين بالتحدث في هذا الشأن.

وقال أحد المصادر "هناك اهتمام جدي، واهتمام بالغ، واعتراف بالحاجة إلى شيء كهذا، إلى الحاجة لمعالجة فجوة الحصانة بالأساس".

"شيء من العدالة"

تحظر اتفاقيات جنيف، التي قننت قوانين الحرب، استخدام الأسلحة الكيماوية. 

وشددت من ذلك اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية لعام 1997، وهي معاهدة لمنع انتشار هذه الأسلحة انضمت إليها 193 دولة وتشرف عليها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

لكن الانقسام السياسي بشأن الحرب السورية في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفي الأمم المتحدة عرقل الجهود الرامية إلى المحاسبة عن انتهاكات القانون الدولي واسعة النطاق في مئات مما يشتبه بأنها هجمات كيماوية.

ونفت حكومة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، استخدام الأسلحة الكيماوية ضد معارضيها في الحرب الأهلية التي اندلعت في مارس 2011 والتي وصلت الآن إلى طريق مسدود إلى حد كبير. 

ولم ترد وزارة الإعلام على طلب من "رويترز" للتعليق.

وأقامت دول، من بينها فرنسا، محاكمات بموجب ما يسمى بالاختصاص القضائي العالمي للنظر في جرائم الحرب، لكن في الحالات التي لا تستطيع فيها المحكمة الجنائية الدولية فعل شيء.

ولا يوجد كيان قانوني يستطيع محاكمة الأفراد المشتبه بهم في استخدام الأسلحة الكيماوية على مستوى العالم.

وقال دابو أكاندي، المحامي البريطاني وعضو لجنة القانون الدولي بالأمم المتحدة لرويترز "عندما توجد أصوات تقول ‘نحن بحاجة إلى شيء من العدالة... أعتقد أن ذلك سيكون قويا".

وذكر أكاندي أن هناك محاكم دولية لجرائم الحرب، من البلقان إلى رواندا ولبنان، لكن لم يركز أي منها على جريمة نشر الأسلحة الكيماوية على وجه التحديد.

وأضاف "ستكون محاولة لسد فجوة بمعنى أنها ستكون مخصصة في الأساس للقضايا التي لا تستطيع فيها المحكمة الجنائية الدولية ممارسة اختصاصها القضائي.. وأعتقد أن هذا سيكون الشيء المبتكر في هذا الشأن".

وليس للمحكمة الجنائية الدولية المختصة بجرائم الحرب في العالم، ومقرها لاهاي، اختصاص قضائي في سوريا.

وتتمتع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بسلطة التحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية وتحديد الجناة المزعومين في بعض الحالات، لكنها لا تتمتع بسلطة الملاحقة القضائية. 

وقالت في يناير إن سوريا مسؤولة عن هجوم وقع في مدينة دوما عام 2018 وأسفر عن مقتل 43 شخصا.

ووجدت آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن الحكومة السورية استخدمت غاز الأعصاب السارين في هجوم وقع في أبريل 2017، واستخدمت الكلور مرارا كسلاح واتهمت مسلحي تنظيم "داعش" باستخدام غاز الخردل.

واستخدمت روسيا، حليفة سوريا، حق النقض (الفيتو) مرارا ضد محاولات تمديد آلية التحقيق المشتركة التي انتهت في نوفمبر 2017.

بعد عشر سنوات

بالنسبة للدكتور محمد سليم، الذي ساعد في علاج مئات المرضى بعد هجوم الغوطة عام 2013، لا تزال صور الاختناق والموت تبكيه. 

ويتذكر أحد الأطفال الناجين وهو ملقى بين الجثث ويسأله: "عمو أنا عايش؟".

وقال لـ"رويترز" في لاهاي "الحقيقة عندنا شعور بالمرارة إن المحاسبة تأخرت عشر سنوات.. إذا قيد هلق مشروع انطلاق محاسبة فبيكون بعد عشر سنوات بدأ هذا المشروع.. نتمنى ألا ننتظر عشر سنوات إضافية".

وأضاف "أنا يللي بدي قوله إنه خللي القانون الدولي والعدالة ياخد مجراها".

وقالت الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الأشد خطورة المرتكبة في سوريا، التابعة للأمم المتحدة، لـ"رويترز" إن جزءا صغيرا فقط من حوالي 200 تحقيق في جرائم الحرب السورية أجرته دول معظمها أوروبية يتعلق بالهجمات الكيماوية.

وقالت رئيسة هذه الآلية، كاثرين مارشي-أويل، إنه لا توجد فرص كافية لتحقيق العدالة فيما يتعلق بهجمات الأسلحة الكيماوية في سوريا، وإن الآلية الدولية المحايدة والمستقلة مستعدة للعمل مع محكمة جديدة.

وأضافت "هيئة دولية لديها موارد مخصصة وفريق اكتسب خبرة في إقامة دعاوى بشأن حوادث الأسلحة الكيماوية قد تكون في وضع جيد يسمح بالتعامل مع هذا النوع من القضايا".