المبنى متعدد الطوابق كان يستخدمه مستشارون إيرانيون يدعمون النظام السوري
المبنى متعدد الطوابق كان يستخدمه مستشارون إيرانيون يدعمون النظام السوري | Source: twitter

أكد الحرس الثوري في بيان بثه التلفزيون الرسمي الإيراني، السبت، مقتل أربعة من مستشاريه العسكريين في غارة إسرائيلية على دمشق.

وقال إنه سيتم الإعلان عن مزيد من التفاصيل في وقت لاحق. وأفاد التلفزيون الرسمي بأن المبنى المستهدف كان مقر إقامة مستشارين إيرانيين في دمشق.

وفي وقت سابق، السبت، نقلت وكالة رويترز عن مصدر مقرب من النظام السوري قوله إن غارة إسرائيلية على دمشق قتلت  4 من الحرس الثوري الإيراني، بينهم مسؤول كبير في وحدة المعلومات التابعة له.

وأضاف المصدر أن الهجوم الذي استخدمت فيه "صواريخ محددة الهدف بدقة" أدى إلى تدمير مبنى متعدد الطوابق في حي المزة بالعاصمة السورية.

وأشار إاى أن المبنى متعدد الطوابق كان يستخدمه مستشارون إيرانيون يدعمون النظام السوري وأنه سوي بالأرض.

وكشفت نور نيوز، التي يعتقد أنها قريبة من جهاز المخابرات الإيراني، هوية اثنين من القتلى في دمشق هما الجنرال صادق أوميد زاده، نائب قائد المخابرات في فيلق القدس التابع للحرس في سوريا، ونائبه، الذي يستخدم الاسم الحركي، الحاج غلام .

وأصدر الحرس في وقت لاحق بيانا حدد فيه القتلى بأنهم أوميدفار وعلي أغازاده وحسين محمدي وسعيد كريمي، دون تحديد رتبهم، ولم تتمكن أسوشيتد برس من التحقق بشأن الاختلاف في المعلومات بين البيان ونور نيوز على الفور.

وأفادت وكالة "سانا" الرسمية بمقتل عدد من المدنيين وإصابة آخرين جراء الغارة.

وذكر مصدر عسكري في تصريح لـ "سانا" أنه حوالي الساعة العاشرة و20 دقيقة من صباح اليوم (السبت) نفذت إسرائيل ضربات جوية من اتجاه الجولان مستهدفة بناء سكنيا في حي المزة في مدينة دمشق وقد تصدت وسائط الدفاع الجوي للصواريخ  وأسقطت بعضها.

وأضاف المصدر أن القصف أسفر عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين وتدمير البناء بالكامل وتضرر الأبنية المجاورة.

وقالت وكالة مهر للأنباء "نقلا عن مصادر موثوقة" إن مستشارين عسكريين إيرانيين كبيرين قتلا في غارة إسرائيلية على دمشق.

ولم تعلق إسرائيل على هذه الأنباء.

وتواصل موقع "الحرة" مع وحدة المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، لكنها رفضت التعليق على الضربة. 

وأفادت وسائل إعلام سورية رسمية بأن هجوما استهدف مبنى سكنيا في حي المزة بدمشق ناجم عن غارة إسرائيلية على الأغلب، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وقوع 6 قتلى في غارة إسرائيلية على مبنى في دمشق، من بينهم 3 من الحرس الثوري الإيراني.

وأضاف المرصد أن المبنى "كان يضم اجتماعا لقيادات مقربة من إيران، وأن الحي يعرف  بكونه أمنيا ويضم قيادات من الحرس الثوري الإيراني، وقيادات فلسطينية مقربة من إيران".

وتضم منطقة المزة في غرب دمشق حيث وقع الانفجار، مقرات أمنية وعسكرية عدة إضافة لمقرات وأماكن سكن قيادات فلسطينية بارزة، وفيها تجمع لعدد من السفارات والمنظمات الأممية وفق مراسل فرانس برس.

ومنذ اندلاع النزاع عام 2011، شنت إسرائيل مئات الضربات الجوية في سوريا طالت بشكل رئيسي أهدافا إيرانية وأخرى لحزب الله، بينها مستودعات وشحنات أسلحة وذخائر، لكن أيضا مواقع لجيش النظام السوري.

وصعدت إسرائيل وتيرة استهدافها للأراضي السورية منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر بعد هجوم حركة حماس غير المسبوق على بلدات ومواقع إسرائيلية، ووسعت ميدان مواجهتها مع حماس وحزب الله ومن خلفهما إيران.

ونجحت إسرائيل خلال مدة زمنية قصيرة باستهداف قادة لما يعرف بـ"محور الممانعة"، عبر عمليات عسكرية وأمنية، تجاوزت حدود غزة وجنوبي لبنان إلى سوريا ومعقل الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت.

فمن دون تهديد، بدأت عمليات اغتيال مسؤولين في حزب الله وإيران، وذلك على عكس العمليات التي طالت قادة حماس، حيث سبق أن توعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ورئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، رونين بار، ووزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بتصفيتهم "في كل مكان بالعالم".

من اغتيال القيادي في الحرس الثوري الإيراني، رضي موسوي، في دمشق في 25 ديسمبر، إلى مقتل نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، صالح العاروري، في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت في 2 يناير، ومصرع "القائد" وسام طويل، الملقب بـ"الحاج جواد"، كما وصفه حزب الله في بيان نعيه، في بلدته الجنوبية خربة سلم،في 8 يناير، هزت إسرائيل بعملياتها إيران وأذرعها في المنطقة.

وتشكل حادثة مقتل القيادي الكبير، الأقدم في "الحرس الثوري" الإيراني، رضي موسوي، ضربة كبيرة بالنسبة لطهران وفق مراقبين.

ورغم تحميلها المسؤولية وبشكل رسمي، لم يصدر من جانب إسرائيل أي تعليق بالتبني أو النفي، وهي سياسة كانت قد التزمت بها كقاعدة عامة، وعندما نسبت إليها الكثير من الاستهدافات في سوريا.

وقتل موسوي في 25 ديسمبر الماضي، بمنطقة السيدة زينب بالعاصمة دمشق، وحسب ما أوضح السفير الإيراني في سوريا، حسين أكبري، فقد "استهدف منزله بثلاثة صواريخ إسرائيلية"، وبعدما دمر المبنى "تم إيجاد جثمانه في ساحة البناء".

وقتل في الشهر نفسه أكثر من 23 مقاتلا مواليا لإيران في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في سوريا، بحسب المرصد.

ولا يعلق الجيش الإسرائيلي إجمالا ولا يؤكد أو ينفي هذه الضربات.

ومنذ اندلاع الحرب في غزة، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية تبادلا يوميا للقصف. ويعلن حزب الله استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية دعما لغزة، بينما يرد الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي يقول إنه يستهدف "بنى تحتية" للحزب وتحركات مقاتلين قرب الحدود.

وفي 2 يناير قتل القيادي في حماس، صالح العاروري، مع اثنين من قادة الجناح العسكري للحركة، في ضربة "إسرائيلية" استهدفت مكتبا للحركة في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، أحد معاقل جماعة حزب الله اللبنانية، وفق ما قالت مصادر لبنانية وفلسطينية.

وفي 8 يناير، أعلن حزب الله مقتل أحد قياديه العسكريين في جنوب لبنان، فيما أكدت إسرائيل مسؤوليتها عن العملية.

ولم يوضح حزب الله دور القتيل وسام طويل المعروف بـ"الحاج جواد"، فيما أفاد مصدر أمني لوكالة "فرانس برس" أنه تم استهداف سيارته في قصف إسرائيلي على جنوب لبنان.

وبحسب المصدر، فإن المسؤول المستهدف "كان يتولى مسؤولية قيادية في إدارة عمليات حزب الله في الجنوب".

وبدأت إسرائيل هجومها على غزة ردا على هجوم شنه مقاتلو حركة حماس وتقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وخطف 253 كرهائن إلى غزة لا يزال نصفهم تقريبا في القطاع.

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، السبت، ارتفاع حصيلة القتلى في العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 24927 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال، وذلك منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر.

وبحسب حماس، فقد قتل 165 شخصا في الساعات الـ24 الأخيرة، فيما أصيب 62388 شخصا بجروح منذ بداية الحرب.

إنبوب النفط العراقي

رغم حالة الغموض التي تكتنف مسار العلاقات بين العراق وسوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، يبرز بين حين وآخر حديث عن محاولات لفتح صفحة جديدة من التعاون بين البلدين.

إحدى أهم الخطوات في هذا المجال المساعي لإحياء خط أنابيب النفط العراقي المار عبر سوريا.

وبدأت الحكومة العراقية رسميا، في أبريل الماضي، محادثات مع الجانب السوري لاستئناف تصدير النفط عبر ميناء بانياس السوري المطل على البحر المتوسط. وقد زار وفد عراقي رفيع المستوى دمشق لمناقشة خطط إعادة تأهيل الخط الذي ظل معطلا لعقود بسبب الحروب والإهمال.

وفي 25 أبريل، أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي أن وفدا حكوميا برئاسة حميد الشطري، رئيس جهاز المخابرات، وصل إلى دمشق بتوجيه من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والتقى بالرئيس السوري أحمد الشرع وعدد من المسؤولين السوريين.

وذكر البيان أن المباحثات شملت قضايا متعددة من بينها مكافحة الإرهاب، تعزيز أمن الحدود، والأهم من ذلك، بحث إمكانية إعادة تشغيل خط أنابيب النفط الواصل بين كركوك وبانياس.

مصالح استراتيجية مشتركة

يقول مظهر محمد صالح، مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية، لقناة "الحرة" إن بغداد ودمشق تتشاركان الرغبة في استئناف تشغيل الخط، الأمر الذي سيعود بالنفع على البلدين وعلى لبنان أيضا.

"المناقشات بين الحكومتين مستمرة منذ فترة، وقد شهدت مؤخرا تقدما ملموسا على مستوى اللجان الفنية".

ويضيف صالح أن التركيز الحالي منصب على الجوانب اللوجستية والفنية والقانونية، لا سيما إعادة تأهيل البنية التحتية وضمانات الأمان اللازمة لتشغيل الخط بشكل مستدام.

ويؤكد أن إعادة تشغيل الخط ستسهم في تسريع خطة العراق لتنويع مسارات تصدير النفط، خصوصا نحو الأسواق الأوروبية:

"خط كركوك–بانياس يمنح العراق مرونة استراتيجية وتكلفة أقل، خاصة في ظل التحول الإقليمي نحو الاستقرار والتنمية المستدامة".

ويشير صالح إلى أن هذا المشروع يمكن أن يعزز الاستثمار في قطاع النفط العراقي ويساعد البلاد على الوصول إلى هدف إنتاج 6 ملايين برميل يوميا، تماشيا مع الطلب العالمي المتزايد في أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية.

خلفية تاريخية

أُنشأ خط أنابيب العراق–سوريا عام 1934، بطول نحو 900 كيلومتر، ويمتد من حقول كركوك شمالي العراق مرورا بالأراضي السورية. وكان ينقسم إلى فرعين: أحدهما ينتهي في بانياس، والآخر في ميناء طرابلس في لبنان.

وقد شكل هذا الخط مسارا حيويا لتصدير النفط خلال القرن العشرين، حتى أوقفه النظام السوري عام 1982 أثناء الحرب العراقية–الإيرانية. ومنذ ذلك الحين، اعتمد العراق على مسارات أخرى مثل خط العراق–تركيا (ITP).

لكن أجزاء كبيرة من خط كركوك–بانياس تعرضت للدمار والسرقة، خاصة في المناطق السورية المتأثرة بالحرب، ولم يضخ العراق أي نفط عبر الأنبوب منذ أكثر من 40 عاما.

تحديات

يرى خبير الطاقة غوفيند شيرواني أن محاولات إحياء خط كركوك–بانياس مدفوعة حاليا باعتبارات سياسية أكثر من كونها اقتصادية أو تقنية.

وفي حديثه لـ"الحرة"، يحدد شيرواني ثلاثة عوائق رئيسية:

أولها الأمن، إذ يمر الخط عبر مناطق لا تزال خارج سيطرة الحكومة السورية، حيث تنشط خلايا داعش وجماعات مسلحة أخرى".

ويحذر شيرواني من أن ضمان الأمن الكامل على طول المسار شرط أساسي لأي تقدم.

العائق الثاني يتجسد في الحالة الفنية. ويشير خبير الطاقة إلى أن الخط الحالي "قديم، متآكل، وتعرض للتلف في عدة مناطق بشكل لا يمكن إصلاحه". هناك حاجة لإنشاء خط جديد كليا أو تعديل المسار بناء على الوضع الميداني.

وأخيرة العائق المالي، فبناء خط جديد بطول 800 كيلومتر سيستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات، وسيتطلب ميزانية تتراوح من 4 إلى 5 مليارات دولار، تشمل الأنابيب ومحطات الضخ ومراكز المراقبة والأمن.

خيارات بديلة

تزامنت عودة الاهتمام العراقي بالمسار السوري مع استمرار المفاوضات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان والشركات الدولية لاستئناف صادرات النفط عبر تركيا، والتي توقفت منذ أكثر من عامين بقرار من محكمة التحكيم الدولية في باريس لصالح العراق في نزاعه مع تركيا بشأن صادرات نفط الإقليم.

وأوضح شيرواني أن مقارنة خطي بانياس وجيهان التركي أمر طبيعي، لكنه أضاف: "خط جيهان جاهز من الناحية الفنية، والعوائق أمامه محدودة تقنيا وماليا، أما خط بانياس فهو مشروع جديد تماما ويتطلب دراسة جدوى اقتصادية كاملة".

ومع ذلك، يرى شيرواني أن كلا المسارين مهمان ويتوافقان مع سياسة العراق الرامية إلى تنويع منافذ التصدير وتقليل الاعتماد على الممرات المهددة في منطقة الخليج، خاصة مع التوترات المستمرة بين إيران والولايات المتحدة وحلفائهما الإقليميين.

وبحسب خبراء اقتصاديين تحدثوا إلى "الحرة"، فإن إعادة تشغيل خط كركوك–بانياس قد تحقق عوائد مالية كبيرة لسوريا، من خلال خلق آلاف من فرص العمل، والمساهمة في إعادة إعمار ما دمرته الحرب، إضافة إلى دعم سوق الوقود المحلي عبر تكرير النفط العراقي بأسعار مخفضة في مصفاة بانياس.

العقبة الإيرانية

يؤكد المستشار الاقتصادي السوري، أسامة القاضي، أن المشروع اقتصادي في جوهره، لكنه معقد سياسيا وأمنيا، خاصة بسبب النفوذ الإيراني في العراق.

يقو القاضي إن المشكلة لا تتعلق بالبنية التحتية فقط، بل بوجود فصائل داخل العراق تعارض الحكومة السورية الجديدة، وتعتبرها دمشق أدوات إيرانية.

"طالما بقيت هذه الأطراف نشطة، لا أعتقد أن المشروع سيمضي قدما، حتى وإن تم توقيع الاتفاق".

ويرى القاضي أن على بغداد اتخاذ موقف واضح ضد التدخلات الخارجية. ويلفت إلى أن التوترات الطائفية ما زالت تعيق التعاون الإقليمي.

تفاؤل حذر

رغم أن إعادة إحياء خط كركوك–بانياس يمثل فرصة استراتيجية واقتصادية وجيوسياسية لكلا البلدين، لا تزال العقبات أمام تحقيقه كبيرة. ويعتمد التقدم في هذا المشروع على حلول هندسية واستثمارات مالية، إلى جانب تحسين الوضع الأمني وتسوية النزاعات السياسية العالقة.

في الوقت الراهن، يُعد المشروع اختبارا لإمكانية الاندماج الاقتصادي الإقليمي، وقدرة الدول الخارجة من النزاعات على التحول نحو تعاون مستدام.