من زيارة لاعبي المنتخب السوري للأسد في 2017
من زيارة جدلية للاعبي المنتخب السوري للأسد في وقت سابق | Source: الرئاسة السورية

بينما كان الجدل يحتدم بين السوريين حول "منتخب سوريا لكرة القدم" زاد تسجيل مصور انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي من حدة الجدل يوم الأربعاء بعدما وثّق لاعبين يحتلفون بتأهلهم للدور الثاني من أمم آسيا، ومرددين شعار: "بالروح بالدم نفديك يا بشار.. الله سوريا بشار وبس".

ورغم أن الجدل في سوريا حول "المنتخب السوري" لا يعتبر جديدا على مشهد البلاد المنقسمة جغرافيا وسياسيا، وكذلك الأمر بالنسبة للموقف تجاهه، بات من المعتاد أن يتجدد بين استحقاق وآخر يخوضه الأخير.

ينحصر الجدل ضمن معادلة من شقين: هل المنتخب هو "منتخب سوريا"؟ أم "منتخب نظام الأسد" و"منتخب البراميل المتفجرة"؟ 

وبينما يرفض معارضون ربط اسمه بالبلد ككل وأنه يمثل "كل السوريين"، يعتبرون أنه جزء لا يتجزأ من منظومة الحكم التي دمّرت البلاد باستخدام البراميل المتفجرة، وجعلت الملايين من السكان مهجرين ونازحين ومنكوبين.

في المقابل يجادل آخرون بما يصر عليه المعارضون، وفي حين يرى قسم منهم أنه يمثل "سوريا ككل" وبالتالي إنجازته تعطي فرحة لكل السوريين، دائما ما يفرض آخرون مشهدا لا ينفصل عن النظام السوري وروايته الكاملة.

وحاول موقع الحرة استطلاع آراء صحفيين ومقربين من المنتخب السوري بشأن التساؤل المطروح إن كان المنتخب يمثل الشعب أم النظام، لكنهم اعتذروا عن الإجابة.

ووسط كل ذلك وفيما يتعلق باللاعبين، وقبل أن يرددو شعار "الله سوريا بشار وبس" قبل أيام كان رئيس النظام السوري بشار الأسد قد استقبلهم في قصره أكتوبر 2017، وخط على ملابسهم توقيعه.

وكان من بينهم اللاعبين فراس الخطيب وعمر السومة اللذين جرى تصويرهما في بدايات الصراع السوري مع علم المعارضة، أو كما يعرف بـ"علم الثورة السورية".

وقبل ذلك في 2015 ارتدى مدرب المنتخب فجر إبراهيم قميصا عليه صورة الأسد، خلال مؤتمر صحفي ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2018، وعند سؤاله عن سبب ذلك قال: "رئيسنا يتابع كل خطواتنا ويدعمنا، فنحن نلعب من أجل بلدنا ومن أجله أيضا".

"المشكلة بالمصدر"

ويرى صحفيون رياضون تحدثوا لموقع "الحرة" أن "فصل الرياضة عن السياسة" في سوريا "غير موجود"، لاعتبار وحيد هو أن "المصدر لا يطبقها"، قاصدين اللاعبين و المنتخب ككل والذي يتبع بالأصل لـ"الاتحاد الرياضي العام"، أبرز المنظمات الرياضية التابعة للنظام السوري.

يشير الصحفيون من بينهم رامز الحمصي وحسام خطاب ونجم منتخب سوريا سابقا، مروان منى إلى التسجيل المصور الذي انتشر بكثرة ووثق ترديد اللاعبين لشعار "الله سوريا بشار وبس".

ويقولون إن المشهد الذي أثار غضب كثير من السوريين وانعكس عبر مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد أن "المنتخب ليس لسوريا" بل يستخدمه النظام السوري ويعتبره جزء لا يتجزأ عن منظومته السياسية، وبالتالي "انتصاراته".

وكان "المنتخب السوري" قد بلغ الدور الثاني من كأس آسيا لكرة القدم، للمرة الأولى في تاريخه، بفوزه على الهند 1-صفر، الثلاثاء الماضي.

وسيواجه إيران في 31 من يناير المقبل (الأربعاء المقبل) على ستاد عبدالله بن خليفة في الدوحة، في ثمن نهائي بطولة كأس آسيا المقامة في قطر.

ويرى نجم المنتخب سابقا مروان منى أن "اللاعبين والاتحاد الرياضي السوري غير قادر على فصل السياسة عن الرياضة".

ويقول لموقع "الحرة": "الرياضة في سوريا ممنهجة منذ 50 عاما. والمشكلة ليست بالشارع والانقسام الحاصل أو بالمعارضة بل باللاعبين الحاليين والنظام السوري الذي يستخدمهم".

يعود منى بالذاكرة إلى الوراء، ويشير إلى أنه منذ عام 1994 كانت الإدارات الرياضية في سوريا تصر على "إهداء أي فوز لحافظ الأسد الأب"، واستمرت على ذات المنوال في "عهد الأسد الابن".

ويضيف: "الهتاف كان إجباريا علينا وعلى اللاعبين. الإدارات الرياضية عبارة عن أجهزة أمنية".

ولا شك أن الرياضة في معظم بلدان العالم هي القطاع الجامع بين أبناء الوطن الواحد مهما بلغت حدّة الاختلافات والآراء السياسية بينهم، حسبما يؤكد الصحفي الرياضي، حسام خطاب. 

لكنه يوضح لموقع "الحرة" أن "النظام السوري في عهد حافظ الأسد ووريثه القاتل بشار ربطوا الرياضة بمنظومة الفساد التي تقود سوريا العظيمة". 

وكانت البداية من اتباع الحركة الرياضية في سوريا لمنظمة الاتحاد الرياضي العام التي أسسها حافظ الأسد وأتبعها بالقيادة القطرية.

وثم أوكل مهمة إدارة هذه المنظمة الرياضية لضباط الأمن والجيش، أو "لأزلامه من المتنفذين والمحسوبين على سلطة البعث والمقربين من الدائرة الضيقة للنظام"، كما يقول خطاب.

ويشير إلى أن "كرة القدم في سوريا لم تكن بمعزلٍ عن هذه المنظومة الرياضية، وانتقلت لترتبط بسياسة الحزب وإدارته الأمنية ربما بطرق أكثر قوننة وبخبث أكبر".

"لم يكن استثناء"

وخلفت الحرب السورية التي بدأت بمظاهرات ضد النظام السوري ورئيسه الأسد في عام 2011 مقتل مئات الآلاف وتشريد أكثر من نصف السوريين. 

واكتسب الجيش السوري قوة دفع على مدى الأعوام الماضية بفضل دعم عسكري من روسيا وإيران، وترتبط باسمه الكثير من الانتهاكات والجرائم، وكذلك الأمر بالنسبة لبشار الأسد الذي أكدت منظمات دولية في أكثر من محفل بأنه "مجرم حرب".

ومنذ بداية الاستحقاق الرياضي القائم في قطر سلطت وسائل إعلام رياضية الضوء كثيرا على الجماهير السورية المتواجدة في الملاعب دعما للمنتخب. وكانت تحمل العلم الأحمر ذو النجمتين الذي يعتمده النظام السوري.

ورغم أن المشجعين لم يصدر عنها شعارات سياسية من قبيل التمجيد برئيس النظام أو قيادته السياسية جاءت هذه الخطوة من جانب اللاعبين لتزيد جرعة الجدل على نحو أكبر، و"تؤكد المؤكد" كما يرى معارضون.

ويقول الصحفي الرياضي السوري، رامز الحمصي إن "المنتخب السوري يتبع للاتحاد الرياضي التابع للمنظومة الحاكمة في دمشق، وبالتالي وفعليا هو يمثل هذه المنظومة، عدا أن كل اللاعبين من المناطق التي يسيطر عليها النظام".

"الاتحاد غير مستقل والمنتخب غير مستقل ومن الطبيعي أن نرى الهتافات لبشار الأسد وذكر سوريا يأتي بشكل عابر"، كما يقول الحمصي لموقع "الحرة".

ويضيف: "المنظومة الحاكمة في دمشق ثبتت فكرة أن الهتاف للأسد فقط وليس للبلد"، وهو ما انعكس داخل حافلة لاعبي المنتخب بعد عودتهم من المباراة مع الهند.

وشعار "بالروح بالدم نفديك يا بشار. الله سوريا بشار وبس" دائما ما يتردد خلال المسيرات المؤيدة لرئيس النظام السوري أو خلال العمليات العسكرية وداخل أروقة "حزب البعث".

ويوضح الحمصي أن "فصل السياسة عن الرياضة غير موجود بأقوى الديمقراطيات في العالم ومن الصعب أن يتطبق".

ويتابع: "أنت موجود في مؤسسة تابعة للنظام فأنت تدافع عنها. تتبع للحكومة المؤقتة والمعارضة وبالتالي ستدافع عنها. هذه هي المعادلة القائمة في البلاد".

ولم يكن "منتخب سوريا لكرة القدم أو كما يسميه معارضو نظام الأسد بمنتخب النظام أو منتخب البراميل استثناءً"، وفق ما يشير الصحفي حسام خطاب.

ويقول إن "ملف المنتخب تم تسييسه بشكل واضح وصريح لمن يريد أن يرى الحقيقة الرياضية في سوريا".

"الواقع السوري مختلف"

وتداول سوريون عبر مواقع التواصل بعدما أثار هتاف اللاعبين للأسد صورا وقصص لاعبين انتهى مصيرهم في معتقلات النظام السوري، بعدما شاركوا أو ثبتت معارضتهم للأخير.

ومن بينهم إياد قويدر لاعب نادي الوحدة الدمشقي، الذي اعتقل في 2013، ووصل خبر مقتله لذويه بعد ستة أشهر، وتم التأكد من جثمانه ضمن الصور التي سربت من الفرع 215 التابع للأمن العسكري.

ونشروا صورة أخرى لجهاد قصاب لاعب نادي الكرامة الحمصي والمنتخب الوطني سابقا، والذي قتل تحت التعذيب في سجن صيدنايا العسكري بعد عامين من اعتقاله في حي بابا عمرو عام 2014، من قبل فرع الأمن السياسي.

وصورة أخرى لبطلة الشطرنج السورية، رانيا العباسي، والتي اختفى أثرها مع أبنائها، بعدما اعتقلت من قبل الأفرع الأمنية التابعة لنظام الأسد، في بدايات الثورة عام 2013.

ويعتبر الصحفي الرياضي، عروة قنواتي أن "فصل السياسية عن الرياضة" يمكن أن يتم أو تتكون حالة توحد رياضية معينة حول منتخب في دول أخرى "غير سوريا".

ويقول لموقع "الحرة" إن الواقع السوري مختلف جدا ولاسيما أنه وبعد 13 عاما من الحرب "باتت هناك 4 أقاليم داخل دولة ومنطقة جغرافية اسمها سوريا".

قنواتي يضيف متسائلا: "منذ تصفيات كأس العالم 2018 إلى الآن متى كان المنتخب يتحدث باسم سوريا؟ ومتى؟ المدربون والإداريون واللاعبون دئما ما هتفوا للأسد وحملوا صوره ورددوا الشعارات التي تمجده".

"المصدر لم يفصل السياسة عن الرياضة والقصة لا تتعلق بالعلم ذو النجمتين أو النشيد الوطني"، كما يتابع الصحفي السوري.

ويشير الصحفي خطاب إلى أن "العمل على تعويم نظام الأسد عبر منتخب كرة القدم، بدأ عبر تجييش الشارع الرياضي لمتابعة المنتخب ببث الكثير من البرامج الداعمة له".

كما تم "إيصال رسائل بأن الاهتمام بمسيرة المنتخب ودعمه تأتي من رأس النظام بشار الأسد شخصيا".

ويضيف بعدما أشار إلى فيديو الهتاف أن "لقاء لاعبي المنتخب مع المجرم بشار بعد العودة من تصفيات كأس العالم 2018 ومشاهد قبلاتهم لقاتل أبناء شعبهم لا زالت ماثلة أمامنا".

وبدوره يرى الصحفي قنواتي أن "الرياضة في سوريا تتبع لحزب الشعب والقيادة القطرية ويشرف عليها رتب أمنية وعسكرية واتصالهم مع القصر الجمهوري".

"اللاعب الذي سيذهب للمنتخب يجب أن يكون مفيش أمنيا وسجله نظيف اتجاه القيادة وبشار الأسد"، ويقول قنواتي إن "بطولة المتوسط عام 1987 حصلت في سوريا لغسل جرائم حافظ الأسد في الثمانينيات".

والآن "يستثمر بشار الأسد المنتخب لفعل ذات الشيء كما استثمر كل ما هو إنساني في البلد، وقضايا أخرى من بينها قضية الدفاع عن فلسطين والمقدسات والمقاومة!"، حسب حديث الصحفي السوري.  

الشرع والجهاد الإسلامي

بالتزامن مع زيارة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى دمشق ولقائه بالرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، تحدثت تقارير عن اعتقال القوات الأمنية السورية قياديين بارزين من حركة الجهاد الإسلامي، في حدث يبدو شديد الدلالة على التحولات الكبيرة التي تشهدها سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي.

وقالت "سرايا القدس"، وهي الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، في بيان الأربعاء إن خالد خالد مسؤول الحركة في سوريا وياسر الزفري مسؤول لجنتها التنظيمية محتجزان لدى السلطات السورية منذ خمسة أيام.

وأضافت أن السلطات ألقت القبض على الرجلين "دون توضيح أسباب الاعتقال وبطريقة لم نكن نتمنى أن نراها من إخوة". ودعت إلى "الإفراج" عنهما. 

وأكد مسؤول في وزارة الداخلية السورية لوكالة رويترز نبأ إلقاء القبض على القياديين في الحركة، لكنه لم يجب عن أسئلة لاحقة حول سبب اعتقالهما.

حركة "الجهاد الإسلامي" هي إحدى أهم الفصائل الفلسطينية المسلحة، وإن كانت أكثرها غموضاً وتعقيداً، من حيث تاريخها وأيديولوجيتها. صنفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، ونمت لتصبح ثاني أكبر حركة مسلحة في قطاع غزة وثالث أكبر حركة في الضفة الغربية.

وعلى الرغم من أنها أصدرت أول بيان علني لها في 11 ديسمبر عام 1987، كان وجودها واحدا من أكثر أسرار المقاومة الفلسطينية كتمانا. تأسست الحركة في قطاع غزة عام 1981 على يد مجموعة من الطلاب الفلسطينيين الذين لم يسبق لأحدهم أن أمسك بسلاح، لكنها سريعاً تحولت إلى استخدام العنف ضد أهداف إسرائيلية في عام 1984، أي قبل خمس سنوات من ظهور حركة حماس.

واكتسبت الحركة سمعة سيئة بسبب طبيعة هجماتها المثيرة للجدل في عنفها، ومواقفها المتصلبة ضد إسرائيل. وكان الشعار الذي طرحته هو: "الإسلام، الجهاد، وفلسطين": الإسلام كنقطة انطلاق، الجهاد كوسيلة، وتحرير فلسطين كهدف.

وكانت الحركة ولا تزال ملتزمة بـ"لاءات ثلاث": لا تفاوض، ولا حل الدولتين، ولا اعتراف بإسرائيل.

في كتابه "تاريخ الجهاد الإسلامي الفلسطيني: الإيمان والوعي والثورة في الشرق الأوسط"، يروي الباحث إيريك سكير حكاية جذور تأسيس حركة الجهاد الإسلامي، التي بدأت من رسم وضعه فتحي الشقاقي (مؤسس الحركة/ اغتيل في العام ١٩٩٥) على ورقة في مارس 1979، يمثل مستطيلًا يتقاطع مع دائرة. 

كان هذا الرسم، بحسب سكير، يمثل مشروعهم السياسي الجديد، ويحتوي على ثلاث مساحات متميزة. تمثل المساحة الأولى "الإخوة الذين كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين فقط". ثم هناك "الإخوة الذين كانوا أعضاء في كل من جماعة الإخوان والمشروع الجديد الذي يشكل نوعاً ما انشقاقاً عن الإخوان. وأخيراً، هناك أولئك الذين انضموا إلى هذا المشروع دون أن يكونوا من الإخوان المسلمين. كانت هذه المنظمة تُعرف بـ "الطلائع الإسلامية"، وهي نواة حركة الجهاد الإسلامي.

والتعقيد في سيرة الجهاد الإسلامي وتموضعها، مرده إلى عوامل عديدة لعبت دوراً في رسم هوية الحركة وتشكيل أفكارها من روافد متنوعة، وقد تبدو أحياناً متناقضة. فهي كما يرى باحثون، بينهم الباحثة الإسرائيلية مائير هاتينا، نشأت من تأثير حاسم للجماعات المصرية المتطرفة في السبعينيات. 

وفي المقابل، تركز الباحثة، بفيرلي ميلتون إدواردز، على صراع الحركة مع جماعة الإخوان المسلمين في أوائل الثمانينيات، بشأن المقاومة المسلحة. وبينهما رأي، يتوقف عنده إيريك سكير في كتابه، يقول بأن "الجهاد الإسلامي" خرجت تأثراً بالثورة الإيرانية عام ١٩٧٩. 

وفي الحالات كلها، تبدو حركة "الجهاد الإسلامي" اليوم في قلب هذه التناقضات، فهي الفصيل الأقرب فلسطينياً إلى إيران تمويلاً وتسليحاً مع إشارات إلى حالات "تشيّع" داخل الحركة. ومع ذلك فإن تنسيقها مع حماس لم يتوقف، حتى مع التباين بين حماس و"الجهاد" حول قضية الثورة السورية، وبقاء الجهاد الإسلامي في "حضن" النظام السوري مستفيدة من الحماية التي وفرها لها، في وقت كانت حماس تبتعد عن النظام بسبب مزاج الثورة القريب من الإخوان المسلمين.

مع ذلك نسقت حماس مع "الجهاد" هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وتحتفظ بأسرى إسرائيليين.

ومع تولي أحمد الشرع السلطة في سوريا، تزداد الأمور تعقيداً. فالشرع يميل، بحسب معطيات عديدة، إلى الاقتراب أكثر من تسوية مع إسرائيل قد تستكمل باتفاقية سلام، والابتعاد أكثر عن حماس وما تمثله. ولقاؤه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس يصب في هذا السياق.

ولا يحيد اعتقال الأمن السوري القياديين في "الجهاد" عن هذا "النهج"، ويأتي استكمالاً للمزاج السياسي للشرع المبتعد بوضوح، إلى حد القطيعة، عن إيران. إذ قطعت القيادة السورية الجديدة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وتأمل في إعادة بناء الدعم الإقليمي والدولي لسوريا، لا سيما رفع العقوبات وتمويل إعادة الإعمار بعد حرب أهلية مدمرة استمرت 14 عاماً.

لكن قد لا يعني اعتقال القياديين في الجهاد أن الشرع سيفعل الشيء ذاته مع حركة "حماس" في سوريا، على الأقل في الفترة المقبلة، كما يوضح نائب مدير مركز كارنيغي، الباحث مهند الحاج علي، لموقع "الحرة". بل إن الشرع على الغالب سيحافظ على العلاقة التاريخية بحماس لما تمثله من امتداد يرتبط بالإخوان المسلمين. 

وإذا كان الشرع في وارد "بيع" حماس، فإنه بالتأكيد سيطلب ثمناً عالياً لقاء ذلك. ويعتقد الحاج علي أن حماس لن تُحرج الشرع وستلتزم بما يناسبه في سوريا، حتى لو عنى ذلك قطع التواصل مع إيران، وإن كان الباحث في كارنيغي يتوقع أن تلعب حماس أدواراً في المستقبل لتحسين علاقات الشرع بإيران.

وأوردت وكالة رويترز في تقرير الشهر الماضي أن الولايات المتحدة قدمت لسوريا قائمة شروط يتعين الوفاء بها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات. وذكرت مصادر لرويترز أن أحد الشروط هو إبعاد الجماعات الفلسطينية المدعومة من إيران.