لقطة من فيديو الاعتداء على فتاة في الرقة
لقطة من فيديو الاعتداء على فتاة في الرقة | Source: X/@AlasdTwny23367

وثق تسجيل مصور نشره مستخدمون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إقدام 7 شبان على ضرب فتاة بصورة وحشية أمام المارة، في إحدى الشوارع العامة ببلدة تل السمن التابعة لمحافظة الرقة، شرقي سوريا. 

وبعدما أثار نشر التسجيل حالة استياء واسعة واستنكار، تحركت السلطات الأمنية التابعة لـ"الإدارة الذاتية" الثلاثاء وألقت القبض على 3 من المتهمين بالاعتداء، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية.

"صرخات وضربات"

ويُظهر التسجيل فتاة مرمية على الأرض ومن حولها 7 شبان يتناوبون على ضربها بالعصي وطوال 55 ثانية، وهي تصرخ وتقول: "والله بنية والله بنية"، في تأكيد منها على عذريتها.

وفي حين لم تدفعهم تلك الصرخات لوقف الضرب الوحشي كان أحدهم يدعو الآخر بالقول: "اضرب حيل (بقوة) اضرب اضرب".

وأوضحت وسائل إعلام محلية بينها "نورث برس"، والوكالة المقربة من "الإدارة الذاتية" الكردية (anha)  أن الاعتداء الوحشي الذي نفذه الشبان طال فتاة أخرى. 

ونقلت الوسائل عن عدالت عمر، رئيسة هيئة المرأة في "الإدارة الذاتية" أن اللتين تعرضتا للاعتداء شقيقتان، الأولى هي لينا عكلة الأحمد، والثانية عائشة عكلة الأحمد. 

وأضافت المسؤولة أنهما "موجودتان حاليا لدى دور المرأة لحمايتهما".

ونددت منظمات نسائية بالحادثة، صباح الثلاثاء، عبر بيان ألقته عند دوار النعيم وسط مدينة الرقة.

وجاء في البيان أن "تعنيف المرأتين من قرية تل السمن في مقاطعة الرقة جريمة وحشية يندى لها جبين الإنسانية والرحمة".

وأوضح أن "المرأة تتعرض بشكلٍ شبه يومي في أنحاء العالم لجرائم العنف والقتل وكل ذلك تحت ذريعة ما يسمى الشرف والمواريث الدينية الخاطئة التي لا صلة لها بالإنسانية ولا بالأخلاق الفاضلة".

كما اعتبر أن الجرائم المرتكبة بحق النساء "أمراض مجتمعية منتشرة وما زالت مستمرة بأساليب قمعية وانتهاكات وحشية تسعى لإبعاد المرأة وإقصائها عن المشاركة في مساحة التنظيم وتطوير الذات وفي كافة مجالات الحياة". 

"في تصاعد"

والحادثة المذكورة سابقا ليست الأولى التي تشهدها مناطق شمال وشرقي سوريا والبلاد بالعموم.

وفي يوليو 2021 نشر موقع "الحرة" قصة فتاة قاصر قتلت على يد إخوتها رميا بالرصاص "تحت مبرر الشرف" في إحدى القرى بمحافظة الحسكة السورية.

ووفق بيانات منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" ومنظمتي "مساواة" و"سارا" لمناهضة العنف شمال شرقي سوريا، تم تسجيل ما لا يقلّ عن 185  جريمة قتل راح ضحيتها نساء وفتيات بذريعة "الدفاع عن الشرف"، منذ 2019 وحتى نوفمبر 2022.

كما تمّ تسجيل مقتل ما لا يقلّ عن 20 ضحية أخرى نتيجة العنف المنزلي في سوريا، فضلا عن وقوع ما لا يقلّ عن 561 حادثة عنف منزلي أخرى تضمنت الضرب والإيذاء الجسدي.

وازدادت جرائم القتل تحت ذريعة "الدفاع عن الشرف" مع تصاعد حدّة النزاع السوري.

وتشير المنظمات المذكورة إلى أن الفلتان الأمني وغياب سيادة القانون وانتشار السلاح كلّها أسباب ساهمت بشكل أو بآخر بارتفاع نسبة جرائم القتل تحت ذريعة "الدفاع عن الشرف" في مناطق مختلفة من سوريا.

وهناك أسباب أخرى ترتبط بانتشار "ثقافة العنف ضد النساء" والتطبيع معها، وفق المنظمات المعنية بمتابعة حقوقهن.

"نجت بفيديو"

وكتب الصحفي السوري، صخر إدريس أن "المقطع المتداول عن ضرب سيدة من قبل عدة أشخاص في بلدة تل السمن شمال محافظة الرقة السورية هو أكبر إهانة للرجل وليس للسيدة المستضعفة من قبل ضباع بشرية".

واعتبر في منشور عبر "إكس" أن "محاكمة هذه الوحوش قبل تكاثرها واجب".

وأضافت الناشطة النسوية سيناف حسن عبر "فيسبوك" قائلة: "في عالم كهذا ومجتمع كهذا.. وفي ظل هذه القوانين.. وبوجود عدسات كهذه. أنتِ محظوظة بالصدفة".

وتابعت: "أنتِ ناجية بالصدفة. أنتِ محفوظة الكرامة بمحض صدفة إلهية . القدر حماكِ فكوني ممتنة. كوني ممتنة لكل شيءٍ خارقٍ خفيٍّ ما عدا هؤلاء البشر وقوانينهم".

وأطلق مستخدمون وسما يطالب بأخذ حق الفتاة تحت عبارة "بنت تل السمن"، في إشارة إلى القرية التي تعرضت في شارعها العام للاعتداء.

واستنكر البعض منهم، وبينهم ناشطات نسويات، مشاركة أطفال في ضرب الفتاة، وبعدما كان الشبان ينهالون عليها بالضرب بالتناوب.

ومن جهتها كتبت الصحفية كاتيا داغستاني: "(والله بنية) عبت الصرخة شوارع تل السمن بالرقة. النساء بشوارعنا لحد اليوم تشهد السماء على أعضاء جسدهم. العار رح يبقى ملاصق فيهم طول حياتهم، وأنت ارفعي رأسك".

وفي وقت لاحق الثلاثاء، أفادت "نورث برس" باعتقال قوى الأمن الداخلي، ثلاثة متهمين بالاعتداء على الشقيقتين، بينما لا تزال الجهات الأمنية تلاحق متهماً آخر فر إلى جهة مجهولة.

بشار الأسد ونصرالله في لقاء سابق
صورة أرشيفية لبشار الأسد وحسن نصرالله

في وقت يتصاعد فيه الصراع بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية، يرى محللون أن النظام السوري "يحرص على عدم الانجرار" إلى تلك الحرب، وذلك رغم تأثيرها السلبي الكبير على أحد أكبر حلفائه في المنطقة، وفقا لتقرير نشره موقع "صوت أميركا" الإخباري.

والسبت، وصل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى العاصمة السورية دمشق، بعد زيارة إلى لبنان في خضم التصعيد بين بلاده وإسرائيل من جهة، وبين الأخيرة وحزب الله اللبناني من جهة أخرى.

وأشارت وكالة رويترز إلى أن عراقجي سيبحث "التطورات الإقليمية والعلاقات الثنائية" مع مسؤولي النظام السوري.

ورغم الضربات التي تعرضت لها بعض المواقع في دمشق ومناطق أخرى في سوريا، نُسب معظمها إلى إسرائيل، فإن نظام بشار الأسد لم يحرك ساكنا، ولم يتخذ أي "إجراءات انتقامية".

وفي هذا الصدد، أوضح الزميل المساعد في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، سيث فرانتزمان، إن تحفظ النظام السوري على الانضمام إلى تهديدات إيران ضد إسرائيل "ينبع على الأرجح من شعوره بأنه ليس لديه ما يكسبه من التصعيد، وأن هناك الكثير ليخسره".

ونبه إلى أنه مع استمرار الصراع الدموي في سوريا دون حل منذ أكثر من 13 عاما، فإن نظام دمشق "لا يزال يحاول إيجاد طريقة لإعادة قواته إلى المناطق التي تسيطر عليها تركيا في شمال البلاد، بالإضافة إلى رغبته في أن تغادر القوات الأميركية، وأن توقف واشنطن دعمها لقوات سوريا الديمقراطية".

وتابع: "لذلك، فإن النظام السوري لديه ما يكفي من المشاكل".

اعتباران و"استثمار" وراء سلوك الأسد على المعابر مع لبنان
عندما بدأت الحملة الإسرائيلية على جنوب لبنان سارع النظام السوري إلى إطلاق خطط استجابة لاستقبال اللبنانيين مع حديثه عن وجود "مراكز إيواء" تتسع للآلاف منهم. وفي حين أن طريقة التعاطي هذه قد تكون إجراء طبيعيا لدولة جارة تختلف الصورة عند النظر إلى الموقف الذي أبدته دمشق مع اللاجئين السوريين هناك، سابقا والآن.

"الأسد يعلم"

ويقول خبراء إن مرتفعات الجولان هي إحدى المناطق التي يمكن أن تكون هدفًا للجماعات المدعومة من إيران، والتي لها وجود في سوريا. 

وفي أواخر يوليو، استهدفت قرية في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من الجولان بهجوم صاروخي، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا على الأقل، معظمهم من الأطفال. وألقت إسرائيل والولايات المتحدة باللوم على حزب الله في ذلك الهجوم، فيما نفت الجماعة اللبنانية مسؤوليتها.

وقال فرانتزمان إن حزب الله والميليشيات المدعومة من إيران، قد ترغب في تهديد إسرائيل من الجزء السوري من الجولان، لكن حكومة الأسد "من المرجح أن تتظاهر بأنها تتمتع بقدرة معقولة على منع مثل هذا التصعيد".

وتابع: "يعلم الأسد أن إسرائيل ستحمله المسؤولية عن أي دعم للهجمات"، معتبرا أنه "على مدى عقود، أظهرت دمشق أنها تفضل الوضع الراهن مع إسرائيل".

وأضاف فرانتزمان: "إنها (دمشق) تخشى المخاطرة.. ورغم أنها تتظاهر بأنها جزء من (المقاومة) ضد إسرائيل، فقد قبلت بأنها لا تستطيع هزيمة إسرائيل منذ سبعينيات القرن الماضي".

من جانبه، رأى العميد أحمد رحال، وهو ضابط سوري سابق انشق عام 2012، إن سياسة "عدم التدخل" من قبل نظام الأسد، ظلت قائمة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في أكتوبر 2023.

وزاد: " الأسد يعرف أن أي تنشيط لجبهة الجولان يمكن أن يعني نهاية نظامه.. لكنه لا يملك القدرة على السيطرة على حزب الله والميليشيات الأخرى المدعومة من إيران، لذلك اختار البقاء بعيدًا".

"رسالة للأسد"

وفي سياق متصل، قال مسؤولون إسرائيليون إن إيران "تواصل استخدام سوريا لتهريب الأسلحة إلى حزب الله".

وأوضح خبراء أن هذا يمثل أيضًا "خطرًا على النظام السوري في هذه المرحلة من الصراع بين إسرائيل وحزب الله"، وفق "صوت أميركا".

وقال رحال: "نظرًا لأن حزب الله سحب معظم مقاتليه من سوريا للقتال في لبنان، فإنه لا يزال بحاجة إلى شخص لنقل الأسلحة الإيرانية، وهذا الشخص هو ماهر الأسد (شقيق رئيس النظام)، والذي يرأس الفرقة الرابعة في الجيش السوري".

وأفادت العديد من وسائل الإعلام العربية، أن من بين الضربات الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، على سوريا، كانت غارة أصابت مسكن ماهر الأسد بالقرب من دمشق.

وختم رحال بالقول: "كانت الرسالة الإسرائيلية للأسد واضحة، وهي (لا تسلموا أسلحة لحزب الله). لذا يبدو أنه في ظل مثل هذه التهديدات الإسرائيلية، اضطر نظام الأسد إلى النأي بنفسه عن إيران في سياق هذا الصراع".