إيران قدمت إلى النظام السوري خلال السنوات الماضية دعما عسكريا وسياسيا واقتصاديا
إيران قدمت إلى النظام السوري خلال السنوات الماضية دعما عسكريا وسياسيا واقتصاديا

رغم توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وما تخللها من زيارات مكوكية جرت بين دمشق وطهران خلال السنوات الماضية لم تطرأ أي بادرة إيجابية حتى الآن على خط التجارة والاقتصاد بين إيران والنظام السوري.

وتكشف إحصائيات وبيانات نشرها مسؤولون حديثا عن "أزمة عميقة" باتت تخيم بشكل واضح على مشهد العلاقة الاقتصادية بين الجانبين، في مشهدٍ يخالف تفاصيل المسار الذي يربطهما سياسيا وعسكريا منذ سنوات.

وفي تصريح حمل نبرة "أسف" قال، عبد الأمير ربيهاوي، مدير عام منظمة غرب آسيا لتنمية التجارة، حسبما نقلت وسائل إعلام إيرانية، الأحد، إنهم صدّروا في العام الماضي (الشمسي الإيراني) إلى سوريا ما قيمته 244 مليون دولار.

وأضاف أن هذا الرقم وصل في العام الحالي إلى 120 مليون دولار (...) هذه ليست إحصائية تستحق التعاون الاقتصادي بين البلدين".

وعن ذات القضية أوضح، شاه حسيني، رئيس المكتب السوري بوزارة الخارجية أن "العلاقات الإيرانية السورية استراتيجية وهي في ذروتها عسكريا وسياسيا"، لكن استطرد بالقول إن "المسؤولين الإيرانيين والسوريين يشكون من تدني مستوى العلاقات الاقتصادية".

حسيني أضاف كما نقلت وكالة "مهر" أنه وخلال 9 أشهر من العام الجاري (الشمسي) بلغ حجم العلاقات التجارية بين البلدين 100 مليون دولار، "وهو أمر مؤسف"، وفق تعبيره.

وتابع محذرا: "إذا لم نذهب إلى هذا البلد الآن حيث ليس لدينا منافسون أقوياء في سوريا فسيكون من الصعب تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين في المستقبل".

"خطوات دون جدوى"

ويأتي نشر الأرقام الحديثة عن حجم التجارة بين البلدين بعد أسابيع من الزيارة التي أجراها رئيس حكومة النظام السوري، حسين عرنوس، إلى طهران، وما تبعها من زيارة وزير خارجية إيران، حسين أمير عبد اللهيان إلى دمشق.

الزيارتان صبّتا حسب التصريحات الرسمية بذات الغرض، وهو الدفع بالتجارة والاستثمارات إلى الأمام، والتأكيد على ضرورة كل ما تم الاتفاق عليه في الزيارة التي أجراها الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى دمشق، مطلع العام الماضي.

ولا تعطي تفاصيل الواقع على الأرض أي مؤشر عن الشروع بما تم الاتفاق عليه بين رئيسي ورئيس النظام السوري، بشار الأسد، فعليا.

وعلاوة على ذلك، وقبل حديث ربيهاوي وحسيني كان العديد من المسؤولين الإيرانيين قد عبّروا عن توجسهم من ضعف حجم التبادل التجاري مع سوريا، وما زالوا يؤكدون على الفكرة حتى الآن.

ويرى الباحث في الشؤون الإيرانية، محمود البازي، أن تصريح ربيهاوي عن انخفاض حجم الصادرات الإيرانية إلى سوريا للنصف "مهم للغاية".

ويقول لموقع "الحرة" إن كلماته تشير إلى أن "حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يرقى إلى مستوى علاقتهما التي يصفانها بالاستراتيجية".

كما تعطي مؤشرا على أن "جميع الاتفاقيات التجارية والجهود التي بذلها رئيسي لم تحقق نتائجها".

ما الأسباب؟

توجد عدة أسباب تساهم مجتمعة في انخفاض حجم التجارة بين إيران وسوريا، حسبما يوضح الباحث البازي لموقع "الحرة".

ويضيف أن أهمها "يمكن اكتشافها في الاستقالة الغريبة والخارجة عن السياق لحسن شمشادي من منصبه كأمين عام لغرفة التجارة المشتركة بين إيران وسوريا".

وكان شمشادي قد قدم استقالته في ديسمبر 2023، وقالت الغرفة التي كان يتولى منصب أمينها العام في بيان حينها إن قراره "يرتبط ببعض المشكلات الإدارية".

ويشير البازي إلى أن "الوضع والثقافة الإيرانية السائدة بالنسبة للمناصب الحكومية والرسمية هو أنه من النادر جدا تقديم الاستقالة".

وعلى أساس ذلك تعطي استقالة المسؤول بحسب تصريحاته التي حدد فيها الأسباب بالمشاكل الإدارية وبذل الجهد دون جدوى مؤشرا على أن التعامل التجاري مع سوريا صعب للغاية بالنسبة للإيرانيين.

ويعود ذلك، حسب ذات الباحث إلى "المسار غير الرسمي الموازي في سوريا لأي تعاملات تجارية كبرى والضرائب غير الرسمية وغير ذلك من معضلة السوق السورية بشكل عام".

إطلاق الوثيقة جاء بالتزامن مع دخول الثورة السورية عامها الرابع عشر
"وثيقة المناطق الثلاث".. "انقلاب" على حالة السكون بالأزمة السورية
مع اقتراب "الثورة السورية" على نظام بشار الأسد من دخول عامها الرابع عشر، أعلن  أكاديميون ومثقفون وناشطون في  ثلاثة بقع بمحافظات السويداء ودرعا وحلب عن إطلاق مبادرة تحت مسمى "وثيقة المناطق الثلاثة"، تقوم على خمسة مسارات أساسية.

"رابح- خاسر"

وتعتبر طهران من أبرز حلفاء النظام السوري إلى جانب روسيا، وخلال السنوات الماضية قدمت له دعما عسكريا وسياسيا واقتصاديا.

ورغم الكم الكبير من الاتفاقيات التي أبرمتها "لقاء تدخلها" بحسب باحثين في الاقتصاد، إلا أن جزءا كبيرا منها لم ينفذ على أرض الواقع، على عكس تلك الخاصة بموسكو، التي اتخذت مسارات بعيدة كل البعد عن ذلك.

وتنشط إيران في مختلف القطاعات الاقتصادية بسوريا، وكانت ركّزت مؤخرا على ضرورة دخولها في الأسواق السورية.

وسبق أن ذكرت وسائل إعلام سورية رسمية أن وفدا من مؤسسة "إتكا" الإيرانية (تتبع للحرس الثوري) أجرى سلسلة جولات للأسواق السورية، في مسعى لتوقيع اتفاقيات وشراكات تبادل تجاري.

وفي غضون ذلك لطالما ردد مسؤولون إيرانيون نيتهم تأسيس بنك مشترك في سوريا، ووصلوا في آخر خطواته قبل أسبوعين بالإعلان عن رخصة تأسيسه.

ويعتقد الباحث السوري في "مركز عمران للدراسات الاستراتيجية"، محمد العبد الله، أن أسباب ضعف التبادل التجاري بين إيران وسوريا يرتبط بجزء أولي وأساسي بالتجار السوريين أنفسهم.

ويقول في حديثه لموقع "الحرة" إن "الكتلة الأكبر منهم داخل الغرف التجارية السورية كانوا غير راغبين في التعامل مع الجانب الإيراني، لأسباب ترتبط بأن الأخير يحاول إغراق الأسواق بمنتجات رديئة".

ويمكن القول إن العلاقة بين التجار السوريين والإيرانيين قائمة على مبدأ "رابح خاسر" وليس "رابح رابح"، وفق العبد الله.

ويضيف: "إيران تحاول الهيمنة على السوق التجاري في سوريا مقابل عدم وجود مكسب حقيقي للتجار السوريين، إذا ما تناولنا الزاوية من ناحية الكسب المتبادل".

وبعد طول تواجدها في سوريا وما دفعته من فواتير تحاول إيران الآن قدر الإمكان أن تستعيد جزءا من التكلفة، وسواء من جيب النظام وخزينته أو أي فرص استثمارية في البلاد، وفق العبد الله.

لكنها تدرك حسب الباحث الاقتصادي أن "النظام غير قادر على دفع التكلفة المرتفعة".

ولذلك تحاول "السيطرة على قطاع الإسكان وقطاعات أخرى بما يؤمن لها عائد ومردود اقتصادي ربما يسد جزءا من التكلفة التي تكبدتها"، حسب قوله.

"فجوة تكلفة وتحصيل"

ومثّل اندلاع الحرب السورية في 2011، فرصة لإيران لزيادة نفوذها في سوريا.

وكان هذا مدفوعا بأهمية البلاد الاستراتيجية وموقعها، ودورها في ضمان استمرارية الممر البري من طهران إلى بيروت، ووصولها إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط.

ونادرا ما تنشر إحصائيات توضح ما تكلفت به إيران في سوريا.

ومع ذلك قال النائب، حشمت الله فلاحت بيشه، من لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في تصريح لافت عام 2020 إن بلاده أنفقت ما بين 20 و30 مليار دولار في سوريا لدعم بشار الأسد.

ويشير موقع "iranwire" إلى أن أحد أهم نفقات إيران في سوريا هو تسليم النفط والمنتجات النفطية إلى قوات الأسد، ويتم ذلك في إطار "حد ائتماني" فتحته إيران لسوريا.

ويتراوح هذا الحد، بحسب وسائل إعلام إيرانية، بين 2-3 مليار دولار في السنة، مع منح حد ائتماني إجمالي يصل إلى 6 مليارات دولار في السنة، بما في ذلك الإمدادات الغذائية والطبية، التي حددها وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف، بنحو 2.5 مليار دولار في السنة.

وبالنظر لهذه الأرقام وما تجنيه إيران تجاريا تظهر تفاصيل الفجوة الحاصلة بين الهدف وما تحقق منه، وفق خبراء ومراقبين.

"4 أسباب"

ويستعرض الباحث البازي أسبابا إضافية تحول دون الدفع بالتجارة إلى الأمام بين إيران وسوريا.

أولا: أكبر المؤسسات التجارية الإيرانية هي تلك التي تعمل في مجال النفط والبتروكيماويات ويبدو بأنّ سوريا غير قادرة على إيفاء التزاماتها في هذه المجالات بسبب نقص القطع الأجنبي.

ولذلك تقتصر المعاملات التجارية على المواد الغذائية وغيرها.

ثانيا: صعوبة التعامل بالعملات المحلية بسبب العقوبات على البلدين وأسباب أخرى تعود إلى ترجيح التجار الإيرانيين إلى التعامل مع أسواق أخرى، بسبب سرعة تحصيل الأموال وإعادة تدويرها في الاقتصاد.

ويقول البازي: "في إيران أسعار مدعومة للدولار، ولذلك فإن بعض التجار الإيرانيين يفضلون استيراد السلع بالسعر المدعوم ومن ثم بيع الدولار بالقيمة الحرة في السوق الإيرانية وهذا ما لا تستطيع الأسواق السورية توفيره".

ثالثا: صعوبات لوجستية في نقل البضائع.

ويوضح الباحث أنه رغم الجهود الإيرانية لأكثر من 20 عاما إلا أن العراق لم يوافق حتى الآن على إحداث طريق تجاري يربط أراضيه بإيران وسوريا، وهو ما يضعف عملية النقل والتجارة.

رابعا: تقدر إيران حجم الأموال التي أنفقتها في سوريا بين 30 إلى 50 مليار دولار وهي تبحث عن طرق لإعادة هذه الأموال.

ولذلك تحدث مسؤولون عن الاستثمار في مجالات (النقل والبناء والمساكن والبنوك) وهي مجالات سيادية اقتصادية بالنسبة لسوريا.

ولأن هذه الاستثمارات قج تكون دون عوائد اقتصادية للحكومة السورية، يرجح الباحث البازي "وجود مقاومة غير رسمية للانخراط في مثل هذه المشاريع".

"بلد مستورد"

وحتى الآن لم تصدر تصريحات جدية من جانب مسؤولين في حكومة النظام السوري تشير إلى الأسباب التي تقف وراء ضعف التجارة مع إيران.

وينسحب الموقف على الإحصائيات الحديثة التي أعلنها ربيهاوي، الأحد، وعلى كلام مسؤولين إيرانيين خلال السنوات الماضية.

لكن وزير الاقتصاد السوري، سامر الخليل، كان قد أشار في وقت سابق إلى "القانون رقم 18"، ووضعه كحل من أجل الدفع بالاستثمار والتجارة إلى الأمام.

وعاد، شاه حسيني، رئيس المكتب السوري بوزارة الخارجية ليقول الآن إن "القانون حديث، ولا يمكن الاستفادة منه في دراسة وتطوير سبل الاستثمار".

ويرى الباحث الاقتصادي العبد الله أن إيران تحاول "جعل سوريا بلدا مستوردا"، ويضيف أنها حاولت خلال السنوات الماضية السيطرة على القطاع التجاري بالتحديد.

لكن ومع ذلك لم تصل حتى الآن إلى النقطة التي عملت على تثبيتها من خلال الاتفاقيات ومذكرات التفاهم.

العبد الله لا يستبعد من جانب آخر دور الجانب الروسي، ويقول إنه موسكو قد تكون تلعب دورا في تخفيف وتيرة النشاط التجاري بين إيران وسوريا، لغايات تصب في صالحها.

ويشير أيضا إلى واقع النقل المكلف بالنسبة لإيران وواقع القطع الأجنبي ومدى توافره في سوريا لاستيراد البضائع  الإيرانية، فضلا عن الجانب الأمني ومدى القدرة على تأمين القوافل حتى وصولها إلى سوريا. ويقول العبد الله: "كلها عوامل تصب في إطار الضعف الحاصل في التبادل التجاري".

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، في الرياض،  13 مايو 2025. رويترز
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، في الرياض، 13 مايو 2025. رويترز

من المتوقع أن يكون إسقاط العقوبات الأميركية عن سوريا بداية عهد جديد للاقتصاد الذي دمرته الحرب على مدى 13 عاما، وأن يفسح الطريق أمام تدفقات الاستثمارات من السوريين في الخارج ومن تركيا ودول في الخليج تدعم الحكومة الجديدة.

وقال رجال أعمال ووزير المالية السوري ومحللون لرويترز إنهم يتوقعون تدفق رؤوس الأموال إلى الاقتصاد المتعطش لها بمجرد إسقاط العقوبات وفق إعلان الرئيس دونالد ترامب المفاجئ، على الرغم من تحديات كثيرة ما زالت تواجه الدولة المنقسمة بشدة.

وقال رجل الأعمال السوري الملياردير غسان عبود لرويترز إنه يضع خططا للاستثمار، ويتوقع أن هناك سوريين آخرين لهم علاقات تجارية دولية يفكرون في ذلك أيضا.

وأضاف الرجل الذي يعيش في الإمارات "كانوا خائفين من القدوم والعمل في سوريا بسبب مخاطر العقوبات... هذا سيختفي تماما الآن".

ومضى يقول "أُخطط بالطبع لدخول السوق لسببين: (أولا) أريد مساعدة البلاد على التعافي بأي طريقة ممكنة، وثانيا، هناك أرض خصبة: فأي بذرة توضع اليوم قد تدر هامش ربح جيدا". وعرض عبود خطة بمليارات الدولارات لدعم الفن والثقافة والتعليم في سوريا.

وقد يعيد رفع العقوبات تشكيل الاقتصاد جذريا في مسار جديد لحكام سوريا الجدد الذين اتبعوا سياسات السوق الحرة وابتعدوا عن نموذج تخطيط الدولة الذي اتبعته عائلة الأسد في خمسة عقود من حكمها.

وفرضت الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى عقوبات صارمة على سوريا في أثناء الحرب التي اندلعت بسبب الاحتجاجات ضد حكم بشار الأسد في 2011.

وأبقت واشنطن على هذه العقوبات بعد الإطاحة بالرئيس السوري السابق في ديسمبر، بينما كانت تصوغ سياستها تجاه سوريا وتراقب تصرفات الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس المؤقت أحمد الشرع، وهو قيادي سابق في تنظيم القاعدة.

وحثت السعودية وتركيا اللتان تدعمان حكومة الشرع واشنطن على إسقاط العقوبات. وقال وزير الخارجية السعودي الأربعاء إن فرص الاستثمار ستكثر بمجرد حدوث ذلك.

وفي خطاب أُذيع على التلفزيون في وقت متأخر من مساء الأربعاء، قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رفع العقوبات عن سوريا قرار تاريخي شجاع، مؤكدا التزام سوريا بتعزيز المناخ الاستثماري.

وأضاف "نرحب بجميع المستثمرين من أبناء الوطن في الداخل والخارج ومن الأشقاء العرب والأتراك والأصدقاء حول العالم وندعوهم للاستفادة من الفرص المتاحة في مختلف القطاعات".

وترك الصراع مناطق حضرية كثيرة أنقاضا وقتل مئات الآلاف من الأشخاص. وتقول وكالات الأمم المتحدة إن أكثر من 90 بالمئة من السوريين البالغ عددهم 23 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر.

ويقول تيموثي آش، المحلل الاستراتيجي البارز للأصول السيادية في الأسواق الناشئة في شركة "آر.بي.سي بلوباي" لإدارة الأصول "هناك فرصة حقيقية لإحداث تغيير جذري في سوريا والمنطقة الأوسع".

وقال أونور جنش، الرئيس التنفيذي لمجموعة "بي.بي.في.إيه" المالية العالمية التي تضم مصرف غرانتي، ثاني أكبر بنك خاص في تركيا، إن الشركات والبنوك التركية من المتوقع أن تستفيد من إسقاط العقوبات.

وأضاف لرويترز "بالنسبة لتركيا، سيكون الأمر إيجابيا لأن هناك حاجة إلى عمليات إعادة إعمار كثيرة في سوريا. من يفعل هذا؟ الشركات التركية".

ومضى يقول "سيسمح إسقاط العقوبات للشركات التركية بالذهاب إلى هناك الآن بشكل أفضل بكثير، وستتمكن البنوك التركية من تمويلها، وهذا سيدعم الأمر".

ودعمت تركيا قوات المعارضة السورية في أثناء الحرب التي دمرت اقتصادا متنوعا ومنتجا.

وأظهرت بيانات سورية رسمية أوردها البنك الدولي في عام 2024 أن الاقتصاد السوري انخفض إلى أكثر من النصف بين عامي 2010 و2021. لكن البنك قال إن هذا على الأرجح أقل من الواقع.

فرص في كل المجالات

ارتفعت قيمة الليرة السورية منذ إعلان ترامب.

وقال متداولون إن العملة تراوحت بين 9000 و9500 مقابل الدولار يوم الأربعاء، مقارنة مع 12600 في وقت سابق من هذا الأسبوع. وقبل الحرب في عام 2011، كان الدولار يعادل 47 ليرة سورية.

وقال وزير المالية السوري محمد يسر برنية لرويترز إن مستثمرين من الإمارات والكويت والسعودية ودول أخرى، قدموا ستفسارات عن الاستثمار.

وأضاف برنية لرويترز "سوريا اليوم هي أرض الفرص، وهناك إمكانات كامنة هائلة في جميع القطاعات، من الزراعة إلى النفط والسياحة والبنية التحتية والنقل".

وقال "ندعو جميع المستثمرين إلى اغتنام هذه الفرصة".

ووصف كرم بشارة، المدير العام لبنك (شهبا بنك) وهو يشاهد في مكتبه بدمشق لقطات من اجتماع ترامب مع الشرع في الرياض يوم الأربعاء، الحماس الذي يسود مجتمع الأعمال قائلا "إنه رائع بشكل يفوق التصور".

وقال "نحن على المسار الصحيح الآن على الصعيد الدولي ما لم يحدث شيء في سوريا يعرقل العملية".

وما زالت الأوضاع في سوريا هشة. فبعض الجماعات المسلحة لم تسلم أسلحتها للحكومة بعد، ومطالب الحكم الذاتي من الأكراد نقطة خلاف، والعنف الطائفي جعل الأقليات تخشى من حكم الشرع رغم وعوده بتوفير الحماية والحكم بطريقة تشمل جميع الأطياف. 

وتعارض إسرائيل الشرع وتقول إنه ما زال من المتشددين. وقصفت إسرائيل سوريا مرات كثيرة.

وقال جهاد يازجي، وهو صحفي ومؤسس ورئيس تحرير "التقرير السوري" الإخباري الاقتصادي على الإنترنت، إن قرار الولايات المتحدة يمثل تحولا جذريا لأنه نقل "رسالة سياسية قوية جدا" وفتح الطريق أمام عودة التكامل مع الخليج والمنظمات المالية الدولية والعدد الكبير من السوريين في الغرب.

وقال المستثمر اللبناني عماد الخطيب إنه يعجل بخططه للاستثمار في سوريا بعد إعلان ترامب.

وتعاون الخطيب مع شركاء لبنانيين وسوريين في إجراء دراسة جدوى لإقامة مصنع لفرز النفايات في دمشق بقيمة 200 مليون دولار قبل شهرين. وأرسل في صباح الأربعاء فريقا من المتخصصين إلى سوريا لبدء التحضيرات".

وقال "هذه هي الخطوة الأولى... وستتبعها خطوات أكبر إن شاء الله. وسنعمل بالتأكيد على جذب مستثمرين جدد لأن سوريا أكبر بكثير من لبنان".