موقع الضربة التي استهدفت عناصر في الحرس الثوري الإيراني في دمشق
موقع الضربة التي استهدفت عناصر في الحرس الثوري الإيراني في دمشق

ارتفعت حصيلة ضحايا الضربة التي نُسبت إلى إسرائيل واستهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق إلى 16 قتيلً، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأربعاء.

وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لوكالة فرانس برس "ارتفعت حصيلة الخسائر البشرية إلى 16 هم ثمانية إيرانيين وخمسة سوريين ولبناني واحد ينتمي إلى حزب الله كلهم مقاتلون، بالإضافة إلى مدنيين اثنين". 

وأوضح أن المدنيين هما "سيدة وابنها كانا يقطنان في الطابق الرابع من البناء المستهدف المؤلف من أربعة طوابق، والذي تستأجر السفارة أول طابقين منه بينما الثالث يعد منزلا للسفير الإيراني" حسين أكبري الذي نجا من الضربة.

وكان المرصد قد أفاد الثلاثاء عن بلوغ عدد القتلى جراء الضربة 14 شخصًا، فيما نعى حزب الله عنصرا قتل فيها وفق مصدر مقرّب.

ودمر قصف جوي نسبه مسؤولون سوريون وإيرانيون إلى إسرائيل مقر القنصلية الإيرانية في دمشق الاثنين، ما تسبب بمقتل قياديين أحدهما أكبر مسؤول عسكري إيراني في سوريا وعناصر في الحرس الثوري الإيراني.

وأفاد الحرس الثوري الإيراني أن سبعة من عناصره بينهم العميد محمد رضا زاهدي والعميد محمد هادي حاجي رحيمي، قُتلوا في الضربة.

وكان زاهدي (63 عاما) يشغل منصب قائد فيلق القدس في سوريا ولبنان وفلسطين، وفق المرصد.

وأقامت السفارة الإيرانية في دمشق الأربعاء مراسم عزاء، حسبما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.

وشنت إسرائيل خلال الأعوام الماضية مئات الضربات الجوية في سوريا طالت بشكل رئيسي أهدافا إيرانية وأخرى لحزب الله، بينها مستودعات وشحنات أسلحة وذخائر، لكن أيضا مواقع للجيش السوري.

ونادرا ما تؤكد إسرائيل تنفيذ هذه الضربات، لكنها تكرر أنها ستتصدى لما تصفها بمحاولات طهران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.

ومنذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر، كثفت إسرائيل استهدافها لمواقع في جارتها الشمالية.

من جهتهم، عمد حلفاء إيران في المنطقة من لبنان إلى العراق وصول إلى اليمن، مهاجمة أهداف إسرائيلية أو أميركية لدعم حماس. غير أنهم امتنعوا عن القيام بأعمال واسعة النطاق، فيما أكّدت طهران أنها لا تريد حربا إقليمية.

لكن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أكد الثلاثاء أن الاستهداف "الجبان" لقنصلية بلاده في دمشق "لن يمرّ دون رد".

أحمد العودة يقود غرفة عمليات الجنوب - AFP
أحمد العودة

بعد سقوط نظام بشار الأسد، أعلنت الإدارة العسكرية الجديدة في سوريا مراراً عزمها حل جميع الفصائل ودمجها تحت مظلة وزارة الدفاع. غير أن هذه الخطوة تعترضها عقبات عدة بسبب خريطة انتشار الجماعات المسلحة وولاءاتها وأجنداتها.

ومن أبرز هذه العقبات، "غرفة عمليات الجنوب"، وهو ائتلاف يضم فصائل في محافظة درعا. كانت هذه الغرفة أول من دخل دمشق "لحماية مؤسساتها الحيوية"، ويقودها أحمد العودة.

منذ إعلان وزارة الدفاع في الإدارة السورية الجديدة دعوتها لدمج الفصائل المسلحة ضمن جيش وطني موحد، لم يُظهر أحمد العودة أي استعداد واضح لتسليم سلاحه أو حل تشكيله العسكري الذي يسيطر على مناطق واسعة من ريف درعا الشرقي.

وتعد منطقة درعا نقطة محورية في أي خطة لإعادة بناء الدولة السورية.

فيما استجابت معظم الفصائل المسلحة لدعوة وزارة الدفاع لتسليم السلاح، لا يزال "اللواء الثامن"، الذي يقوده أحمد العودة، متمسكاً بمواقفه، مطالباً بضمانات محددة قبل أي خطوة تجاه الاندماج.

وعُقدت عدة لقاءات مع أحمد العودة، أبرزها مع أحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة. إلا أن هذه اللقاءات لم تثمر حتى الآن عن اتفاق واضح، ما يثير التساؤلات حول مستقبل العلاقة بين الإدارة والفصائل المسلحة في الجنوب السوري.

وتواصل موقع "الحرة" مع الناطق باسم اللواء الثامن، نسيم أبو عرة، لكنه رفض إعطاء أي تصريح في الوقت الحالي، مبرراً ذلك بانشغاله في اجتماعات مع وزير الدفاع السوري في حكومة تسيير الأعمال.

جيش سوريا الجديد.. الجولاني يكشف خططه ويتحدث عن "كل الأسلحة"
أكد قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، الملقب بأبو أحمد الجولاني، الأحد، أن كل الأسلحة في البلاد ستخضع لسيطرة الدولة بما فيها سلاح القوات التي يقودها الأكراد، وذلك أثناء زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.

وقال أبو عرة إن هذه الاجتماعات ستصدر عنها نتائج مهمة حول موضوع دمج الفصائل بالجيش السوري الجديد.

وكان  أبو عرة، قال لفرانس برس في 7 يناير الجاري، إن قواته غير مقتنعة بـ"فكرة حل الفصائل"، فلديها "سلاح ومعدات ثقيلة وتجهيزات كاملة"، معربا عن اعتقاده بأنه من الأجدى أن "تندمج كجسم عسكري مع وزارة الدفاع".

استقلالية عسكرية وامتيازات

قضية "اللواء الثامن" تتجاوز مجرد تسليم السلاح أو الاندماج. إذ يثير غياب قائده عن الاجتماعات المركزية التي تعقدها الإدارة الجديدة مع باقي الفصائل، تكهنات بأنه يسعى للحصول على استقلالية عسكرية أو امتيازات خاصة لفصيله.

ويُعد أحمد العودة، الذي ينحدر من مدينة بصرى الشام، أحد أبرز قادة الفصائل المسلحة في الجنوب السوري، واكتسب نفوذاً واسعاً منذ قيادته كتيبة "شباب السنة" عام 2012.

وفي عام 2018، انخرط في مفاوضات مباشرة مع روسيا ونظام الأسد، ما أدى إلى تشكيل "اللواء الثامن" كجزء من "الفيلق الخامس".

ولا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد مقاتلي اللواء الثامن، إلا أنه يُعتبر، وفق التقديرات، الفصيل الأكبر في مدينة درعا، ويهيمن بشكل كبير على الريف الشرقي للمدينة.

,يتمتع أحمد العودة بعلاقة جيدة مع موسكو، وتقول مصادر قريبة منه إن علاقات جيدة تجمعه مع الأردن المجاور، والإمارات العربية المتحدة.

وكانت قواته أول من دخل دمشق في الثامن من ديسمبر بعد فرار بشار الأسد "لحماية مؤسساتها الحيوية"، وفق ما أعلنت يومها.

وانسحبت قواته بعد وصول مقاتلي إدلب في شمال البلاد بقيادة هيئة تحرير الشام ، عائدة إلى معقلها في درعا.

والتقى العودة بعد يومين من سقوط دمشق بقائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، لكنه لم يشارك بعد ذلك في الاجتماع الذي ترأسه الأخير في 25 ديسمبر الماضي وجمع فيه قادة فصائل المسلحة قبلوا بالانضواء تحت مظلة وزارة الدفاع.

ويعد العودة اليوم لاعباً رئيسياً في المشهد العسكري والسياسي في درعا، وتتوجه الأنظار إلى الخطوة التالية التي سيتخذها في المفاوضات مع الإدارة الجديدة. فهل ينخرط وفصيله في مشروع بناء الدولة الجديدة أم يبقى في موقفه المتردد الذي يعقّد مسار الدمج؟

إنهاء الحالة الفصائلية

الخبير العسكري والقيادي في قوى الثورة السورية، مصطفى سيجري، أكد في تصريح خاص لموقع "الحرة" على أهمية إنهاء "الحالة الفصائلية" بشكل كامل في المنطقة الجنوبية.

واعتبر أن انخراط الفصائل في وزارة الدفاع السورية هو الحل الأمثل، مشدداً على رفض أي وجود للسلاح خارج إطار الدولة السورية.

وأوضح سيجري أن الإدارة الجديدة لم تطالب بحل الفصائل أو تسليم السلاح، بل دعت إلى دمجها تحت مظلة وزارة الدفاع وإعادة ترتيب الهيكلية العسكرية بما يتناسب مع احتياجات المرحلة الحالية.

ونفى سيجري وجود أي معلومات دقيقة تشير إلى رفض قاطع من فصائل الجنوب لعملية الدمج، مشيراً إلى أن المحادثات جارية بين الفصائل والإدارة الجديدة، وأن إعلان الاتفاق النهائي قد يتم قريباً.

وقال سيجري: "نرجو ألا تكون هناك مشاكل أو تصعيد عسكري. بكل تأكيد، أي رفض للاندماج تحت مظلة وزارة الدفاع يُعتبر تهديداً وقد يؤدي إلى عودة الصراع المسلح. لكنني لا أعتقد أن هناك جهات خارجية تدعم رفض الاندماج، كما أن الشعب السوري لن يدعم أي محاولات لتشكيل دولة داخل الدولة".

وأضاف سيجري أن الحديث عن تمرد عسكري أو رفض للاندماج من فصائل الجنوب سابق لأوانه، داعياً الجميع، سواء كانوا عسكريين أو سياسيين أو مدنيين، إلى التكاتف والوقوف صفاً واحداً لمواجهة أي تدخل خارجي قد يعيد الصراع أو الاقتتال في سوريا.

الدمج عملية معقدة

من جهة أخرى، يرى حسن أبو هنية، الخبير في الحركات الجهادية، في حديثه لموقع "الحرة"، أن عملية دمج الفصائل في الجيش الجديد ليست قضية سهلة نظراً لغياب التجارب والتقاليد المماثلة لدى الإدارة الحالية.

وأوضح أبو هنية أن الصعوبات الحالية لا تقتصر على الأيديولوجيا فقط، بل تتعلق بحسابات التكلفة والمنفعة والمصالح، إضافة إلى مواقف الدول الداعمة لهذه الفصائل.

وأشار أبو هنية إلى أن الجبهة الجنوبية، التي كانت لسنوات مرتبطة بغرفة العمليات المشتركة "الموك"، تختلف في طبيعتها عن هيئة تحرير الشام التي تنتمي إلى السلفية الجهادية المحلية بعد فك ارتباطها بالقاعدة.

وأضاف أن العامل الجغرافي، خاصة في مناطق الجنوب مثل درعا، يلعب دوراً مهماً في تشكيل هذه الفصائل وهويتها.

وأوضح أبو هنية أن انهيار النظام السابق وتشكيل دولة جديدة تحت قيادة هيئة تحرير الشام وحلفائها، الذين يشكلون العمود الفقري للجيش الوطني، يجعل عملية الدمج معقدة.

ورغم الدعوة لانضمام الجميع، بما في ذلك قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فإن هناك تحديات تتمثل في مطالب بعض الفصائل بالاحتفاظ بهويتها ككيانات مستقلة.

كما أشار أبو هنية إلى أن التردد في الاندماج يعكس خشية الفصائل من الذوبان، وهو ما يعزز التفكير الفصائلي والمناطقي، لافتاً إلى أن هذه المخاوف لا تقتصر على الأيديولوجيا فقط، بل تتصل أيضاً بالمصالح وحسابات الكلفة والنفوذ.

صراع نفوذ ومصلحة

وأكد أبو هنية أن الإدارة الجديدة تسعى لتقديم تطمينات داخلية للفصائل والتزامات خارجية للدول الكبرى، بما فيها روسيا، باعتبار أن بناء مؤسسة عسكرية وطنية هو أساس بناء العملية السياسية وتحسين الوضع الاقتصادي لاحقاً.

وأشار إلى أن الخلافات بين الفصائل لا تعود فقط إلى الأيديولوجيا، بل تشمل أيضاً صراع النفوذ والمصلحة، مضيفاً أن الفصائل في الجنوب السوري شهدت سابقاً حالة من الشك والصراعات، وهو ما يعزز خشيتها من فقدان السيطرة.