الجولاني (يمين) أمر بحبس القحطاني (يسار) لمدة 6 أشهر قبل أن يخرج ويلقى حتفه
الجولاني (يمين) أمر بحبس القحطاني (يسار) لمدة 6 أشهر قبل أن يخرج ويلقى حتفه | Source: SM

بمقتل "أبو ماريا القحطاني" في شمال غرب سوريا تكون "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا) خسرت أحد أبرز قادتها، وشخصية لطالما دار الحديث عنها من منطلق "التوازن" الذي تفرضه ضمن البيت الداخلي للجماعة، المصنفة على قوائم الإرهاب.

اسمه ميسر بن علي الجبوري وهو عراقي الجنسية، وجاء مقتله بعد شهر واحد فقط من الإفراج عنه من سجون "تحرير الشام"، بعدما تم اعتقاله قبل 6 أشهر بتهمة "العمالة للخارج وإساءة التواصلات".

وتفيد المعلومات المتقاطعة وحديث مراقبين وخبراء تحدث إليهم موقع "الحرة" بأن القيادي قتل داخل إحدى المضافات في مدينة سرمدا بريف محافظة إدلب، وتوضح أن شخصا كان يرتدي حزاما ناسفا اقترب منه وفجّر نفسه وأرداه قتيلا.

إلى جانب القحطاني أصيب عدد من قادة وشخصيات من "هتش" أو "هيئة تحرير الشام"، التي تسيطر على عموم محافظة إدلب شمال غرب البلاد.

وبينما لم تتكشف جميع ملابسات الحادثة حتى الآن زاد التوقيت الذي حلّت فيه من التعقيدات المتعلقة بالجهة المسؤولة والمستفيدة.

"عمالة وتبرئة"

عندما اعتقل "القحطاني" حمّل أنصاره المسؤولية لقائد "الهيئة"، أبو محمد الجولاني، واعتبروا أن الأخير أقدم على الخطوة، خشية أو استباقا لانقلاب كان يجهز له القيادي العراقي.

وحتى أن كثيرا من أنصاره ذهبوا إلى حد اعتبار الاعتقال لجهة مخاوف "الجولاني" من دائرة النفوذ الذي كانت تتوسع في محيط القيادي العراقي، رغم أن الشخصين "رفاق درب منذ أن كانا في العراق".

وبعد ضغوط رضخ "الجولاني" لمطالب أنصار "القحطاني" ولأنصار قادة عسكريين وأمنيين آخرين تم إلقاء القبض عليهم بذات التهم، وأفرج عنهم بالتدريج.

خرج "القحطاني" قبل شهر بالتحديد ومن خلفه بندقية من نوع "كلاشينكوف".

وأوصلت الاحتفالات التي نظمها أنصاره في الشوارع وبالقرب من معبر "باب الهوى" صورة قوية لقيادي كبير بات ينافس "الجولاني" داخل البيت الداخلي لـ"النصرة".

لكن لم تدم هذه الصورة طويلا.

وبعد تلقي "تهاني التبرئة من العمالة" هنا وهناك كانت مضافة عشيرة "العساسنة" في سرمدا شمالي إدلب محطته الأخيرة، قبل أن يرديه حزام ناسف قتيلا.

محطة بدأت من الشرق

بعد ساعات من مقتل "القحطاني" ليلة الخميس-الجمعة سارعت وسائل الإعلام التابعة لـ"تحرير الشام" والمقربة منها لتحميل مسؤولية القتل لتنظيم داعش.

ومع ذلك بقيت الكثير من الأصابع موجه باتجاه "الجولاني"، بناء على ما أقدم عليه الأخير بحق القيادي العراقي قبل ستة أشهر.

قبل وصوله إلى شمال غرب سوريا كان "القحطاني" في محافظة درعا.

وحتى الآن ما تزال ظروف انتقاله من الجنوب إلى الشمال غامضة، كون العملية قطّعت مناطق سيطرة نظام الأسد.

في درعا قاد "القحطاني عمليات "النصرة" لعدة سنوات، وخاض عدة معارك ضد "جيش اليرموك" (فرع داعش في الجنوب السوري) لكن جميعها باءت بالفشل.

وعندما كان في المنطقة الشرقية لسوريا في بدايات الحرب كان يتولى منصب "أمير النصرة".

ونظرا لعلاقاته وطبيعة تواصلاته هناك وجذوره العشائرية أسس هناك نواة كتلة دانت بالولاء ولقبته بـ"الخال"، وتعرف محليا بـ"كتلة أبناء الشرقية".

أول من استقبل "الجولاني"

"القحطاني له نفوذ يحسب له وهو الشخصية الأقوى ضمن ما يعرف بالكتلة الشرقية داخل تحرير الشام"، كما يوضح عروة عجوب وهو باحث أول في مؤسسة "كور غلوبال" والمختص في الشأن السوري.

وكانت الكتلة المذكورة مع القيادي العراقي منذ أن كان في شرق سوريا في عام 2012، وانتقلت معه إلى درعا ومن ثم إلى إدلب.

وعلى مدى السنوات الماضية لعب القيادي العراقي دورا في تماسكها داخل "الهيئة"، وعمل على دمجها في البيت الداخلي الخاص بالأخيرة.

ويشير عجوب إلى أن "الهيئة مبنية على المناطقية بشكل أو بآخر".

ويضيف لموقع "الحرة" أنها "جماعة غير متجانسة"، ولذلك قد يشكل مقتل القحطاني وغياب دوره السابق في زعزعة البيت الداخلي للجماعة المصنفة على قوائم الإرهاب.

ويوضح الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، حسن أبو هنية أن "النصرة بالفعل غير متجانسة على الصعيد الإيديولوجي والمناطقي وحتى الشخصي".

وعلى أساس ذلك يمكن النظر إلى ما يمكن أن تشهده في المرحلة المقبلة بعد مقتل القحطاني وغيابه عن زعامه "الكتلة الشرقية" التي تتمتع بمكانة وثقل كبير داخل "تحرير الشام".

في بدايات الثورة السورية دخل "القحطاني" إلى سوريا وكون علاقات مع بعض قادة "حركة أحرار الشام" وبعض فصائل "الجيش الحر".

وبعد وصول قائد "تحرير الشام" حاليا "الجولاني" إلى سوريا مكلفا من تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" (داعش) لتشكيل تنظيم موازي في البلاد، كان القحطاني من استقبله.  عمل القحطاني شرعيا" في "النصرة"، وأميرا للمنطقة الشرقية من سوريا مع بداية العمل المسلّح عام 2012.

ولم يظهر بصورته الكاملة في ذلك الوقت، وبقيت مجهولة، إلى أن تبدد الضباب عن هويته بعدما نشر "داعش" إصدارا ظهر فيه وجهه، وفي أثناء تحدثه عن تشكيل "المجلس الثوري العسكري" عام 2014.

الثأر القديم مع "داعش"

للقيادي العراقي "القحطاني" ثأر كبير مع تنظيم داعش، وهو ما يشير إليه خبراء الجماعات الجهادية والمحطات التي سلكها بين العراق وسوريا.

ولذلك لا يستبعد الخبراء أن يكون "داعش" هو من يقف وراء عملية تصفيته بالفعل.

ويقول الباحث أبو هنية إنه يمكن "تناول مقتل القحطاني من عدة جوانب"، وأن "أسرار مقتله قد تكشف لاحقا وربما تظل حبيسة".

ويوضح أن القيادي العراقي "كان عراب الانفصال عن تنظيم داعش وصولا إلى الانفصال عن القاعدة".

كما كان "عراب عمليات قتل قادة وعناصر حراس الدين (فرع تنظيم القاعدة في سوريا)"، وفق أبو هنية.

منذ أن دخلا سوريا وقبل ذلك في العراق سار "القحطاني" و"الجولاني" سوية، وكلاهما اتضح أن لديه نزعة براغماتية.

وعلاوة على ذلك يضيف الباحث أن "القحطاني كان كاتم أسرار وصندوق أسود ويعرف تفاصيل ما حصل منذ بداية الحرب في سوريا وحتى مقتله".

ويمتلك أيضا "كل أسرار الحقبة بما فيها التواصل مع أطراف دولية وحتى دول إقليمية"، حسب حديث أبو هنية.

ويرجح الباحث في شؤون الجماعات الجهادية، عرابي عرابي أن يكون داعش هو من نفذ عملية التصفية بحق "القحطاني" في إدلب، وذلك لأنه توعده أكثر من مرة خلال السنوات الماضية.

"القحطاني كان له دور في مقتل خلفية داعش في عفرين وجمع الفصائل ضد تنظيم داعش في جنوب سوريا، والمعلومات التي كانت لديه ذهبت دون عودة وكذلك علاقات الجماعة بالمحيط"، حسب حديث عرابي.

ويرى في حديث لموقع "الحرة" أن "تحرير الشام لن تتأثر بمقتله".

ويعتقد أن الحادثة قد تكون بتسهيل من أجهزتها الأمنية (هيئة تحرير الشام) وقد تذهب الملابسات بغير ذلك، خاصة أن المضافة التي كان يتواجد فيها يرتادها الكثيرون.

"عوامل محرضة"

ينظر الباحث عجوب إلى حادثة مقتل "القحطاني" أنها جاءت في توقيت مفاجئ، وفي ظل استمرار الاحتجاجات الشعبية ضد "الجولاني" في إدلب.

وأتت بينما كانت "تحرير الشام" تشهد حالة من التخبط على قضية "العملاء" التي اعتقل "القحطاني" إثرها قبل 6 أشهر.

وما يزال السياق الحالي في شمال غرب سوريا يشير حتى الآن إلى "وجود اضطراب"، حسب عجوب.

ويربط الباحث أبو هنية ما تعيشه مناطق شمال غرب سوريا و"تحرير الشام" على الخصوص بوصول "الديناميات الخارجية" إلى أضعف حالاتها بسبب انشغال العالم بملفات أخرى غير سوريا.

وفي مقابل ذلك هناك صعود وتنام للديناميات الداخلية من فساد وضعف إدارة وحكومة.

ويشير أبو هنية إلى أن غياب الحروب الخارجية (بين الهيئة والفصائل الأخرى مع المحيط) يجعلها تتضارب فيما بينها. 

ويوضح أن الجماعة المصنفة على قوائم الإرهاب "ستسوء أمورها ليس فيما يتعلق بمقتل القحطاني فحسب بل بالخلافات التي ستبرز على أسس مناطقية وشخصية وحتى مالية".

قوات تركية بسوريا
الجيش التركي كان قد ثبت عدة قواعد في شمال سوريا

الخطوات التي اتخذتها تركيا في سوريا بعد سقوط نظام الأسد تشي بأنها تنوي وتسعى لترسيخ شيء ما وجديد على الصعيد العسكري، وكان هذا الأمر انعكس مؤخرا بسلسلة زيارات وعدة قرارات وتصريحات عبّرت من خلالها أنقرة عن استعدادها لتقديم الدعم، في وقت ألمحت إلى حقبة جديدة أبعد من شراكة وأقرب إلى تحالف تام.

تعتبر تركيا أبرز الداعمين للإدارة السورية الجديدة على عدة مستويات، وكان هذا البلد تابع عملية إسقاط نظام الأسد بـ"هدوء"، وهو ما أكدته التعليقات التي أدلى بها الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بعد سيطرة فصائل "إدارة العمليات العسكرية" على مدينة حلب.

ويقول خبراء ومراقبون الآن إنها تسعى إلى تثبيت واقع عسكري جديد يتناسب مع التغير الكبير الذي طرأ على مشهد سوريا السياسي والأمني ككل.

وقد يكون هدفها من وراء تثبيت هذا الواقع الجديد دعم إدارة أحمد الشرع من جهة، ولضمان أمنها مع جارة لطالما خيمت على الحدود الرابطة معها الكثير من الهواجس والتهديدات.

ولا يعني ما سبق أن أي خطوة عسكرية جديدة لتركيا لن تقابلها أية "مخاطر"، وهو ما يشير إليه الباحث في مؤسسة "سنتشوري إنترناشونال"، آرون لوند.

وعلى مدى الأيام الماضية لم تنقطع التقارير التي تفيد بنية تركيا إقامة قواعد عسكرية في سوريا. وجاء ذلك عبر وسائل إعلام تركية ومن خلال وكالة عالمية مثل "رويترز" التي نقلت عن مصادر قبل شهرين أن القواعد التي تنوي أنقرة تأسيسها ستكون في وسط سوريا.

وبينما ظلّت المعلومات التي نشرتها "رويترز" في إطار التحليلات صدرت عدة تصريحات تركية، خلال الأيام الماضية، وأشار عبرها المسؤولون إلى نيتهم دعم الإدارة السورية الجديدة، وتقديم كل ما يلزم لها على الصعيد العسكري "في حال طلبت ذلك".

وبدأ المسار العسكري الجديد والرابط بين تركيا وسوريا بعد ذلك يتضح شيئا فشيئا، ليصل إلى مرحلة تعيين وزارة الدفاع التركية ملحق عسكري لها في دمشق، والحديث عن نيتها تعيين ضباط أتراك لتقديم الاستشارات العسكرية، وفق وسائل إعلام.

كما ذكرت صحيفة "حرييت" المقربة من الحكومة، قبل أيام، أن أنقرة بصدد "تدريب الجيش السوري الجديد"، وأنها مستعدة لإعادة هيكليته، بناء على الواقع الجديد الذي باتت عليه البلاد.

"لتركيا فرصة"

ويعود النفوذ العسكري التركي في سوريا إلى عدة سنوات للوراء.

وكان الجيش التركي قد ثبت عدة قواعد في شمال سوريا ونشر الآلاف من قواته هناك، في خطوات نفذها بالتالي، وقال إنها تهدف لحماية أمن تركيا القومي.

ضَمن التواجد التركي في شمال سوريا لعدة سنوات عدم تقدم قوات نظام الأسد باتجاه المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة.

ولعب دورا رئيسيا أيضا في العمليات العسكرية التي كانت تشنها تركيا ضد "وحدات حماية الشعب" في شرق سوريا، بالإضافة إلى دور آخر على صعيد الدوريات وعمليات المراقبة، التي كانت تجري مع الجانب الروسي.

وبعد سقوط نظام الأسد كان لابد من تغيير شكل المهام العسكرية التركية في سوريا، وخاصة أن من كان يعارض التواصل والتنسيق في دمشق بات مخلوعا في موسكو، في إشارة من لوند إلى نظام الأسد.

والآن يقول الباحث لموقع "الحرة" إن الحكومة السورية الجديدة بحاجة ماسة إلى الدعم الخارجي لبناء قواتها المسلحة، لاكتساب القوة والتطور، ولتجاوز الوضع الراهن للفصائل والجماعات.

ويضيف أن "تركيا في وضع جيد لتقديم هذا الدعم، وقد تدعمها قطر في ذلك".

ولدى تركيا فرصة لترسيخ مكانتها كراعٍ رئيسي للحكومة السورية الجديدة، وفقا للباحث الذي يوضح أنها قد تأمل في تحويل سوريا إلى منصة لبسط نفوذها الخارجي، ولجعلها بوابة لدخول دبلوماسيتها رفيعة المستوى في الصراع العربي الإسرائيلي.

لكن الأهم من ذلك كله، هو أن تركيا سترغب في التدخل في سوريا "لحماية مصالحها القائمة وحماية حدودها"، كما يردف الباحث في "سنتشوري إنترناشونال".

ويشرح بالقول: "أنقرة تخشى الفوضى على حدودها الجنوبية، وتريد حكومة موالية وموثوقة في دمشق تساعد في مواجهة حزب العمال الكردستاني والتهديدات الأخرى".

كما تريد أنقرة، بحسب لوند أن تكون سوريا مستقرة وأن تتعافى اقتصاديا، حتى يتسنى إعادة اللاجئين.

ولتحقيق كل هذه الأمور، وللحماية من الفوضى والنمو المستقبلي المحتمل للمصالح العدائية جنوب حدودها، سيتعين على تركيا التدخل، بأي شكل من الأشكال العسكرية، وفقا للباحث.

"مزود أمني"

وتدرك تركيا أن سوريا لا تملك القدرات اللازمة لحماية سيادتها في الوقت الحالي، أو حتى الدفاع عن نفسها.

وعلى أساس ذلك يرى الباحث السياسي والأمني التركي، عمر أوزكيزيلجيك أنها تعبر عن استعدادها لسد هذه الفجوة "كمزود أمني".

لكن أوزكيزيلجيك يقول في المقابل إن تركيا لا تريد التسرع، بل تسعى إلى إنشاء قواعدها بشكل تدريجي وعلى مدى فترة من الزمن، كما أنها تفضّل انتظار الجانب السوري، حتى ينتهي من تشكيل حكومة انتقالية.

وفي هذا السياق، ترغب تركيا أيضا في دعم وتدريب "الجيش السوري الجديد"، حيث تمتلك خبرة واسعة في هذا المجال، مستندةً إلى تجاربها في كوسوفو، وليبيا، والصومال، وأفغانستان، وقطر، وغيرها، وفق الباحث الأمني.
ما المطروح على الطاولة؟

وتذهب بعض الترجيحات الآن إلى أن أنقرة قد توقع اتفاقية دفاع مشترك مع دمشق، في خطوة قد يتغير على إثرها الكثير، خاصة على صعيد بقية الدول اللاعبة على الأرض وفي الجو. كإسرائيل.

وتذهب ترجيحات أخرى باتجاه أن الجيش التركي قد ينشئ قواعد عسكرية جديدة، دون أن تعرف حدودها وما إذا كانت ستتموضع في شمال سوريا أو تصل إلى مناطق لم يكن من المتخيل أن تصل إليها تركيا.

ويوضح الباحث في العلاقات الدولية، محمود علوش أن تركيا تولي أهمية كبيرة لنجاح الدولة السورية الجديدة وإعادة بناء مؤسساتها، ولاسيما العسكرية.

ويقول لموقع "الحرة" إن تلك الأهمية ترتبط بفكرة أنه "بدون مؤسسة عسكرية قوية لا يمكن لسوريا أن تتعامل مع التحديات الكبيرة الداخلية والخارجية، خصوصا على مستوى الأمن".

"أنقرة لن تدخر أي جهد يمكن أن تقدمه في سبيل مساعدة سوريا لتحقيق هذا الهدف"، يضيف الباحث.

ويشير إلى أن تركيا يمكن أن تقدم المساعدة لسوريا على أكثر من مستوى، سواء على مستوى تقديم الاستشارات أو إعادة بناء مؤسسة عسكرية محترفة، وصولا إلى حد تسليح الجيش السوري الجديد.

ولا يستبعد توقيع اتفاقيات دفاع مشترك، قائلا إنها مطروحة على الطاولة، وإن الإعلان عنها سيكون عندما تكون الظروف مناسبة.

و"الجيش السوري الجديد" المراد تشكيله في سوريا يضم عدة فصائل عسكرية كانت مدعومة عسكريا ولوجستيا من تركيا.

ولدى الجانب التركي أيضا تواصل فعال مع "هيئة تحرير الشام" وأحمد الشرع الذي كان يقودها قبل تنصيبه رئيسا انتقاليا لسوريا.

"مخاطر"

ورغم أن أنقرة قادرة وتنوي بالفعل الشروع بعدة خطوات عسكرية على صعيد الاتفاقيات أو تقديم الدعم وإعادة هيكلة الفصائل المسلحة، إلا أن هذه الخطوات تكمن في قبالتها الكثير من "المخاطر"، بحسب الباحث آرون لوند.

فمن خلال الاستثمار العسكري في سوريا، ستُثقل تركيا كاهلها بمسؤولية أكبر تجاه حكومة لا تزال ضعيفة للغاية وقد تتطلب دعما مكلفا لتؤدي مهامها.

كما أن دورا تركيا أكبر في سوريا قد يضع القوات التركية في مواجهة مع إسرائيل، مما يرفع درجة التنافس بينهما إلى مستويات قد لا تكون أنقرة مرتاحة لها، بحسب الباحث.

ويشير أيضا إلى أن تقديم الدعم المباشر لقطاع الأمن في سوريا بقيادة أحمد الشرع قد يؤدي إلى فرض عقوبات أميركية.

وسوريا ليست فقط تحت العقوبات، بل لا تزال "هيئة تحرير الشام" جماعة مصنفة إرهابية في نظر الولايات المتحدة وأوروبا، بل والأمم المتحدة.

و"حتى لو تسامحت الإدارة الأمريكية مع مثل هذا الدعم الآن"، فلا يوجد ما يضمن أن دونالد ترامب لن يغير رأيه لاحقا، بحسب الباحث في "سنتشوري انترناشونال".

ويعتقد الباحث علوش أن أي حديث عن نية تركيا إنشاء قواعد جديدة في سوريا هو "جزء من الشراكة الاستراتيجية الجديدة بين أنقرة ودمشق".

ويقول الباحث إن "أي حضور تركي عسكري في سوريا ستحدده حاجة البلدين بطبيعة الحال لأن هذا القرار سيادي يتعلق بهما".

"أنقرة حريصة بدرجة أساسية إلى تعظيم قدرة سوريا في النهوض في هذه المرحلة ومواجهة التحديات التي تهدد استقرارها وأمنها، لأن نجاح سوريا والتجربة السورية هي حاجة أمن قومي لتركيا"، يضيف علوش.

ويؤكد أنه "لا يمكن لتركيا تحمل فشل التحول في سوريا وفشل الدولة في بناء مؤسساتها ولاسيما العسكرية. هناك حدود طويلة ولا يمكن أن تكون آمنة دون وجود مؤسسة عسكرية قادرة على ضبط الأمن".

ورغم أن تركيا هي الفاعل الأكثر نفوذا في سوريا بلا شك إلا أنها لا تريد أن تتحول البلاد إلى دولة تابعة لها، بحسب الباحث التركي أوزكيزيلجيك، موضحا أنها تسعى إلى "تبني نهج مشترك ومنسق مع الدول الإقليمية، لا سيما الدول العربية، وكذلك مع الدول الأوروبية".