أشخاص يقفون في طابور استعداد لدخول المسجد الأموي (أرشيف)
أشخاص يقفون في طابور استعداد لدخول المسجد الأموي (أرشيف)

أكد رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لموقع "الحرة"، صحة التقارير التي تحدثت عن صدور قرار أمني من النظام السوري، لجهة فرض قيود وُصفت بـ"الصارمة" على "الزوار الأجانب" إلى المسجد الأموي في العاصمة دمشق.

وكان موقع "صوت العاصمة" السوري، قد نقل عن مصادر خاصة أن مكتب "الأمن الوطني"، الذي يعتبر الجهة الأمنية الأعلى في البلاد، هو من يقف وراء صدور ذلك التعميم.

وأوضحت المصادر أن التدابير الأمنية المقررة، "تشترط على الوفود السياحية الدينية الحصول على موافقات خاصة لدخول المسجد".

وتشدد التدابير، حسب مصادر الموقع، على منع الوفود من "ممارسة الطقوس والشعائر الدينية، وإصدار الأصوات التي من شأنها أن تتعدى على حرمة المسجد".

ونبه الموقع إلى صدور تعليمات لإدارة المسجد الأموي تقضي بـ"عدم إدخال أي شخص غير سوري، حتى وإن كان بصفة شخصية سياحية، إلا بعد حصوله على موافقة أمنية".

وشمل التعميم الدبلوماسيين ورجال الدين من الطائفة الشيعية، الذين ينبغي لهم الحصول على موافقات عبر البعثات الدبلوماسية لبلدانهم، قبل زيارة المسجد.

وشمل التعميم الصحفيين غير السوريين، والمصورين والسياح الذين قد يقصدون سوريا من مختلف دول العالم.

"منع تأجيج الطائفية"

ولدى سؤاله عن مغزى هذا القرار، قال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، لموقع "الحرة"، إنه "جاء على ما يبدو لمنع تأجيج الطائفية"، وذلك في إشارة إلى ممارسات بعض الزوار والوفود في حرم المسجد، وإطلاقهم عبارات وشعارات تعتبر مسيئة بحق طوائف أخرى.

وكان المرصد قد نشر عام 2022، فيديو يظهر مسلحين قيل إنهم ينتمون لحزب الله اللبناني، وهم يطلقون شعارات طائفية قرب المسجد الأموي.

ووثق الفيديو قيام شخص بإلقاء قصائد تمجد رئيس النظام بشار الأسد، وزعيم حزب الله حسن نصر الله.

وذكر المرصد وقتها أنه حصل على نسخة عن الفيديو دون أن يعلم متى جرى تصويره، حيث "يظهر من خلاله قيادات ميدانية من حزب الله اللبناني في الجامع الأموي".

ونقل عن مصادر استنكارها لـ"وجود مسلحين من حزب الله في المنطقة، بالتزامن مع غياب دور قوات النظام في حماية قوافل الزوار الشيعة"، حيث يوجد مزار للشيعة قرب المسجد الأموي.

وعلق مصدر للمرصد السوري لحقوق الإنسان في دمشق، ساخرا من عناصر حزب الله، بالقول إن "هذا المسجد الأموي وليس (المسجد) الأقصى".

"قرار شكلي"

من جانبه، رأى مدير وحدة تحليل السياسات في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، سمير العبدالله، في حديثه إلى موقع "الحرة" أن التعميم الأمني "ما هو إلا خطوة شكلية".

وأضاف: "هو ليس منع دخول، بل اشتراط الحصول على الموافقة الأمنية، ووفقاً لتوقيتها الذي جاء قبيل انعقاد القمة العربية في البحرين، فإن النظام السوري أراد الإيحاء بأنه بدأ بتطبيق طلبات الدول العربية ولو بشكل محدود، والإيحاء للدول الغربية والعربية كذلك بأنه على خلاف مع إيران".

وتابع: "كذلك حمل القرار الشكلي رسائل على الصعيد الداخلي، إذ إن هناك انزعاجا من تلك المظاهر الغريبة عن المجتمع السوري من كل مكوناته، حتى من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، حيث ظهرت العديد من الأصوات الحانقة على مثل هذه التصرفات".

وأضاف: "الأسد بهذا القرار أراد توجيه رسائل للجميع، ومحاولة حصد أكبر قدر من النتائج، وذلك على الرغم من أنها خطوة محدودة، إذ إن النظام يجيد اللعب على هكذا أمور، خاصة مسألة إصدار قرارات وتجاهلها بعد ذلك". 

وفي سياق متصل، أوضح الأكاديمي والإعلامي والسياسي البارز، يحيى العريضي، لموقع "الحرة"، أن ذلك القرار الأمني هو "فقط لذر الرماد في عيون الناس، لكن في الحقيقة فإن النظام سيواصل - من تحت الطاولة - التنسيق مع (نظام) الملالي في طهران لمواصلة جرائمه".

وشدد العريضي على أن نظام الأسد يدرك "وطأة الوجود الإيراني على السوريين؛ لذلك يسعى إلى تفريغ بعض شحنات الغضب عبر رهط من أبواقه، ومن خلال إجراءات شكلية".

وختم المتحدث السابق باسم هيئة التفاوض السورية المعارضة، بالقول: "أنا ⁠شخصياً لا أعير مثل هذه القرارات (من النظام) أي اهتمام.. لعدم صدقيته".

"سيناريو متفق عليه"

وفيما إذا كان ذلك التعميم الأمني يكشف عن وجود خلافات بين نظام الأسد وطهران، يجيب العبدالله: " لا أعتقد بصحة الحديث عن خلافات عميقة، فالتحالف بين الطرفين أعمق من أن تؤدي هكذا خلافات على التأثير به".

ونبه إلى أن "استمرار علاقات طهران مع النظام السوري هي ضمان لاستمرار المشروع الإيراني في المنطقة، وكذلك الدعم الإيراني للأسد هو ضمان لاستمراره بالسلطة، وإن كان يتم الإيحاء أحياناً بغير ذلك.. لكن هناك جهات داخل النظام غير راضية عن النفوذ الإيراني في المؤسسات السورية ومنها الأمنية، وهم بالأغلب من يسرب مواقع القيادات الإيرانية لإسرائيل".

وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن 5 مصادر مطلعة في مطلع فبراير الماضي، أن الحرس الثوري الإيراني "قلّص نشر كبار ضباطه في سوريا، بسبب سلسلة من الضربات الإسرائيلية"، موضحة أنه "سيعتمد أكثر على فصائل شيعية متحالفة مع طهران للحفاظ على نفوذه هناك".

وعقب مقتل القيادي الكبير في الحرس الثوري، محمد رضا زاهدي، خلال استهداف القنصلية الإيرانية بدمشق، في الأول من أبريل الماضي، قال مصدر أمني إيراني لوكالة رويترز، إن طهران تحقق فيما إذا ما كانت تحركات زاهدي قد سُربت إلى إسرائيل.

وفي سياق متصل، رأى العبدالله أن "إيران عاجزة عن دعم الأسد اقتصادياً وسياسياً، لذلك تريد أن يحصل النظام على هذا الدعم من الدول العربية، وأن يخف عداء الدول الأوروبية له، وبناء عليه ستتيح له هامشا للتحرك والإيحاء بوجود خلافات بين الطرفين وفقاً لسيناريوهات متفق عليها".

وخلص الباحث الأكاديمي السوري إلى أن ذلك القرار (التعميم الأمني) "يمهد لصدور قرارات أخرى قد تحاول الإيحاء بالخلاف بين الطرفين، لكنها قرارات شكلية، ولن يكون لها تأثير كبير على النفوذ أو المصالح الإيرانية داخل سوريا".

طواقم طبية في سوريا في تدريب حول كيفية التعامل مع الهجمات الكيماوية
طواقم طبية في سوريا في تدريب حول كيفية التعامل مع الهجمات الكيماوية

تعمل الولايات المتحدة مع عدة دول في الشرق الأوسط لمنع وقوع الأسلحة الكيميائية التي كان يمتلكها نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، في أيدي جهات غير مرغوب فيها، حسبما نقله موقع "أكسيوس"، عن مسؤول بالإدارة الأميركية.

وتشعر الولايات المتحدة وحلفاؤها بالقلق من أن انهيار الجيش السوري والقوات الأمنية الأخرى والفوضى التي تعم البلاد، قد تسمح للجماعات الإرهابية بالاستيلاء على أسلحة خطيرة كان يحتفظ بها نظام الأسد.

وتعهد الرئيس الأميركي، جو بايدن، في خطاب ألقاه، الأحد، بدعم دول الجوار السوري في مواجهة أي تهديدات محتملة. فيما أكد وزير خارجيته، أنتوني بلينكن، عن دعم الجهود الدولية لمحاسبة نظام الأسد عن انتهاكاته، بما فيها استخدام الأسلحة الكيميائية.

وتزامنت هذه التصريحات مع تنفيذ سلاح الجو الإسرائيلي غارات على منشآت عسكرية سورية مرتبطة ببرامج الأسلحة الكيميائية والصواريخ الباليستية.

من جانبها، أصدرت المعارضة السورية، بيانا، أكدت فيه عدم اهتمامها بالأسلحة الكيميائية، متعهدة بالتعامل المسؤول مع المنشآت العسكرية والتنسيق مع المجتمع الدولي.

لمحة عن الأسلحة الكيميائية

وبدأت سوريا برنامجها الكيميائي منتصف السبعينيات، مدفوعة بصراعها مع إسرائيل، ورفضت لعقود الانضمام لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية بحجة التهديد الإسرائيلي، 

---

وفقا لمبادرة التهديد النووي، وهي منظمة (كيف مبادرة وكيف منظمة) (الرابط؟)

---

 أمنية عالمية غير ربحية تعمل على  الحد من التهديدات النووية والبيولوجية والتكنولوجية الناشئة.

وخلال عقود من التطوير، نجحت سوريا في الحصول على مئات الأطنان من المواد الكيميائية الأولية، وحولت مصانع زراعية إلى منشآت لإنتاج الغازات السامة.

ورغم الحظر الأميركي على بيع المواد الأولية لسوريا منذ الثمانينيات، استمر البرنامج في التطور عبر التجارة غير المشروعة، خاصة مع روسيا.

وبحلول عام 1997 امتلك النظام السوري، منشآت إنتاج في دمشق وحمص وحلب، قادرة على إنتاج السارين والخردل وغاز VX.

وأشارت تقارير استخباراتية أميركية بين عامي 2002-2010 إلى أن روسيا اعتمدت سوريا على مصادر خارجية لتطوير برنامجها الكيميائي، مع محاولات لتطوير عناصر كيميائية تستهدف الأعصاب، أكثر سمية وثباتا، وفقا لتقرير للمنظمة الدولية.

وشكل اندلاع الثورة السورية عام 2011 نقطة تحول في ملف الأسلحة الكيميائية السورية، إذ تصاعدت المخاوف الدولية من احتمال فقدان السيطرة على مواقع تخزين هذه الأسلحة أو استخدامها ضد المدنيين.

وجاء الاعتراف السوري الضمني بامتلاك ترسانة كيميائية في يوليو 2012، حين صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية حينها، جهاد مقدسي، أن دمشق لن تستخدم هذه الأسلحة إلا في حالة "العدوان الخارجي". 

لكن سرعان ما بدأت موجة هجمات كيميائية، بدءا من حادثة حمص في ديسمبر 2012، وصولاً إلى الهجوم الأكثر دموية على الغوطة في 21 أغسطس 2013، والذي أودى بحياة 1.429 شخصا.

وتحت وطأة التهديد بضربة عسكرية أميركية، وافقت سوريا في سبتمبر 2013 على الانضمام لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وتسليم ترسانتها للرقابة الدولية. 

وكشف التصريح السوري عن مخزون ضخم يشمل ألف طن من الأسلحة شديدة السمية (الفئة الأولى)، و290 طناً من المواد الكيميائية الأقل خطورة (الفئة الثانية)، إضافة إلى 1,230 نظام إطلاق غير معبأ (الفئة الثالثة). 

واستغرقت عملية التدمير، التي أشرفت عليها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أكثر من عامين، حتى أعلنت المنظمة في يناير 2016 اكتمال تدمير 1,328 طناً من المواد المصرح عنها، لكن الشكوك ظلت قائمة حول وجود مخزونات سرية.

واستمرت الهجمات الكيميائية في سوريا. وقدرت المنظمات الطبية وقوع 198 هجوماً كيميائياً منذ 2012، معظمها بعد بعثة نزع السلاح. 

ومن أبرز  الهجمات:

  • هجوم حمص (ديسمبر 2012): سجل أول استخدام موثق للأسلحة الكيميائية في النزاع السوري، حيث عانى المدنيون من أعراض التعرض الكيميائي مثل الغثيان والقيء وصعوبة التنفس وتشنجات وفقدان الوعي.
  • هجوم خان العسل (19 مارس 2013): وقع في قرية بمحافظة حلب، وأدى إلى مقتل 26 شخصاً وإصابة أكثر من 100 آخرين. دفع هذا الهجوم الأمم المتحدة لتشكيل بعثة تحقيق برئاسة، آكي سيلستروم، لكن النظام ماطل في السماح للمفتشين بالدخول لمدة أربعة أشهر.
  • مجزرة الغوطة (21 أغسطس 2013): أخطر الهجمات الكيميائية في سوريا، استهدفت مناطق واسعة في الغوطة قرب دمشق. أظهر المصابون أعراضاً تشمل التشنجات وصعوبة التنفس وتوسع حدقة العين والرغوة من الفم. 
  • هجوم خان شيخون (4 أبريل 2017): أسفر عن مقتل ما بين 80-100 شخص، معظمهم من الأطفال. أكدت تحقيقات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية استخدام غاز السارين، وأثبتت التحليلات المخبرية تطابق تركيبته الكيميائية مع عينات من هجومي الغوطة وخان العسل.
  • هجوم دوما (7 أبريل 2018): أدى إلى مقتل 43 شخصاً. أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في يناير 2024 مسؤولية النظام السوري عن الهجوم.
الهجمات الكيماوية المفترضة في سوريا

وأكدت تحقيقات دولية مسؤولية النظام السوري عن هجمات بغاز الكلور والسارين، كما كشف المفتشون عن وجود آثار لمواد كيميائية خطيرة في منشآت عسكرية غير مُصرح عنها.

وتحدثت تقارير استخباراتية عن تعاون سري بين النظام السوري وكوريا الشمالية في مجال الأسلحة الكيميائية.

وأواخر الشهر الماضي، أعربت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن "قلق بالغ" إزاء ثغرات كبيرة تشوب إعلان النظام السوري في شأن مخزونه، متخوّفةً من احتمال وجود كميات كبيرة من هذه المواد المحظورة.

وقال المدير العام للمنظمة، فرناندو أرياس، للمندوبين في الاجتماع السنوي للمنظمة إنه "على رغم العمل المكثف منذ أكثر من عقد، ما زال من غير الممكن إغلاق ملف الأسلحة الكيميائية في سوريا".

وأضاف أرياس "منذ عام 2014، أبلغت الأمانة العامة للمنظمة عما مجموعه 26 مسألة عالقة، تم استيفاء سبع منها" في ما يتعلق بمخزونات الأسلحة الكيميائية في سوريا.

قوانين دولية

وتحظر اتفاقيات جنيف، التي قننت قوانين الحرب، استخدام الأسلحة الكيميائية.

وشددت على ذلك اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية لعام 1997، وهي معاهدة لمنع انتشار هذه الأسلحة انضمت إليها 193 دولة وتشرف عليها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

لكن الانقسام السياسي بشأن الحرب السورية في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفي الأمم المتحدة عرقل الجهود الرامية إلى محاسبة النظام عن انتهاكات القانون الدولي واسعة النطاق في ما يشتبه بأنها هجمات كيميائية.

ونفى مسؤولون بالنظام السوري قبل سقوطه استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المعارضين.

وأقامت دول، من بينها فرنسا، محاكمات بموجب ما يسمى بالاختصاص القضائي العالمي للنظر في جرائم الحرب.

ولا يوجد كيان قانوني يستطيع محاكمة الأفراد المشتبه بهم في استخدام الأسلحة الكيميائية على مستوى العالم، وليس للمحكمة الجنائية الدولية المختصة بجرائم الحرب في العالم، ومقرها لاهاي، اختصاص قضائي في سوريا.

وتتمتع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بسلطة التحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية وتحديد الجناة المزعومين في بعض الحالات، لكنها لا تتمتع بسلطة الملاحقة القضائية.

وقالت في يناير إن سوريا مسؤولة عن هجوم وقع في مدينة دوما عام 2018 وأسفر عن مقتل 43 شخصا.

ووجدت آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن جيش النظام السوري استخدم غاز الأعصاب السارين في هجوم وقع في أبريل 2017، واستخدم الكلور مرارا كسلاح، واتهمت مسلحي تنظيم "داعش" باستخدام غاز الخردل.

واستخدمت روسيا، حليفة سوريا، حق النقض (الفيتو) مرارا ضد محاولات تمديد آلية التحقيق المشتركة التي انتهت في نوفمبر 2017.