خلال سنوات النزاع المستمر منذ 2011، شهدت دمشق انفجارات ضخمة تبنّت معظمها تنظيمات متشددة (أرشيفية)
خلال سنوات النزاع المستمر منذ 2011، شهدت دمشق انفجارات ضخمة تبنّت معظمها تنظيمات متشددة (أرشيفية)

قتل شخص، صباح السبت، جراء انفجار عبوة ناسفة بسيارته في دمشق، وفق ما أفادت وكالة الأنباء التابعة للنظام السوري "سانا" من دون أن تحدد هويته، فيما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان لاحقا أنه ضابط سوري على صلة بحزب الله اللبناني.

وقال مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن، لوكالة فرانس برس إن "ضابطا في الجيش السوري يعمل مع حزب الله قتل بعد انفجار عبوة ناسفة في سيارته في دمشق".

وأضاف المرصد أن "الضابط يتحدر من محافظة دير الزور في شرق سوريا، وكان مكلفا بتجنيد مقاتلين سوريين لصالح حزب الله اللبناني".

وفي وقت سابق، نقلت وكالة "سانا" عن مصدر في قيادة شرطة دمشق "استشهاد شخص جراء انفجار عبوة ناسفة بسيارته في منطقة المزة"، من دون أي تفاصيل أخرى.

ويقع حي المزة في غرب دمشق، ويضم مقار أمنية وعسكرية سورية، وأخرى لقيادات فلسطينية ومنظمات أممية، إضافة إلى سفارات أبرزها السفارة الإيرانية.

وأحدث الانفجار دويا، وفق المرصد، أثار الهلع في المنطقة التي سبق واستهدفتها ضربات صاروخية عدة منسوبة لاسرائيل، طال أبرزها مطلع أبريل مبنى وصفته إيران بأنه مبنى قنصلي إيراني وأوقع قتلى. وكان أبرزهم محمّد رضا زاهدي، أحد القادة البارزين في فيلق القدس الموكل العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني.

وفي 13 أبريل، انفجرت عبوة ناسفة بسيارة في الحي ذاته، واقتصرت الأضرار على الماديات.

وخلال سنوات النزاع المستمر منذ عام 2011، شهدت دمشق انفجارات ضخمة تبنّت معظمها تنظيمات متشددة. لكن هذا النوع من التفجيرات تراجع بشكل كبير بعدما تمكنت القوات الحكومية منذ عام 2018 من السيطرة على أحياء في العاصمة كان يسيطر عليها تنظيم "داعش"، وعلى مناطق قربها كانت تعد معقلا للفصائل المعارضة.

ورغم ذلك، تشهد دمشق في فترات متباعدة تفجيرات محدودة بعبوات ناسفة موضوعة في سيارات مدنية أو عسكرية، من دون أن تتضح الخلفية أو الأسباب أو الجهة المسؤولة عنها. وتكون أحيانا مرتبطة وفق المرصد السوري بتصفية حسابات أو خلافات شخصية.

وتشهد سوريا، منذ عام 2011، نزاعا داميا تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دمارا واسعا بالبنى التحتية واستنزف الاقتصاد. كما شرّد وهجّر أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.

"قسد" مدعومة من الولايات المتحدة وتشارك في مهام محاربة داعش
"قسد" مدعومة من الولايات المتحدة وتشارك في مهام محاربة داعش

على الرغم من إعلان فصائل عديدة في سوريا حلّ نفسها، إلا أن قوات سوريا الديمقراطية أكدت أنها غير مستعدة لإلقاء سلاحها بعد، الأمر الذي يؤكد أن التوترات بين الإدارة الانتقالية الجديدة و"قسد" لن تنتهي قريبا.

ويبدو أن هذا التوتر قد أجج المخاوف من أن يتم خلال المرحلة القادمة إقصاء قسد من العملية السياسية، سيما بعد إعلان اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني، عدم دعوتها لقسد التي قالت أنها لا تمثل جميع سكان شمال سوريا، إضافة إلى كونها قوة مسلحة.

يقول هنري إنشر، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق، في تصريح لقناة الحرة، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستواجه تحديات كبيرة في إدارة توازن العلاقات بين تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تعتبر الحليف الأساسي للولايات المتحدة في محاربة تنظيم داعش في سوريا.

في الوقت ذاته، أوضح إنشر، أن واشنطن تواجه ضغطًا من تركيا التي تصنف وحدات حماية الشعب الكردية التابعة لقسد كجناح عسكري لحزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابيًا من قبل أنقرة.

وأضاف إنشر أنه بشكل عام، بالنسبة لأي إدارة أميركية، تبقى العلاقة مع تركيا أكثر أهمية وأولوية من العلاقة مع الأكراد في شمال سوريا.

ويرى أن العلاقة مع الأكراد تقتصر في الأساس على التعاون في محاربة الإرهاب، بما في ذلك القضاء على تنظيم داعش وتأمين مراكز الاحتجاز التي تضم عناصر من التنظيم.

في المقابل، أوضح إنشر أن العلاقة مع تركيا تعد أكثر تنوعًا وأوسع نطاقًا، بالنظر إلى المصالح الاستراتيجية المشتركة بين البلدين، فضلاً عن القضايا الأمنية والقومية والاتفاقيات الدولية التي تربطهما. وهذا يجعل واشنطن ملزمة بالحفاظ على علاقة قوية مع أنقرة.

وأشار إنشر إلى أن هذا السياق قد يؤدي إلى ترك الأكراد في سوريا في مواجهة تحديات كبيرة خلال المرحلة المقبلة، حيث قد يواجهون ضغطًا كبيرًا من القوى الإقليمية الأخرى. 

ومن هنا، شدد على أن الولايات المتحدة يجب أن تحث الأكراد في سوريا على تعزيز علاقاتهم مع بقية الأطراف السورية، بما في ذلك الحكومة الانتقالية، في محاولة للحفاظ على الاستقرار وتحقيق نوع من التوازن في العلاقات مع كافة الأطراف المعنية.

وذكر إنشر أن واشنطن تفضل الحفاظ على علاقاتها الطيبة مع تركيا في إطار سياستها الشاملة في المنطقة.

فوزة يوسف، عضو الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي، قالت من جهتها إن الولايات المتحدة تحتفظ بعلاقات استراتيجية مهمة مع تركيا، ولديها القدرة على لعب دور محوري في تسوية الخلافات بين أنقرة والقوى الكردية في سوريا.

وأشارت في حديث للحرة، إلى أن واشنطن كانت قد تدخلت سابقًا في عام 2019 لمنع التصعيد العسكري بين تركيا وأكراد سوريا، حيث تم التوصل إلى اتفاق أسفر عن قرار تركي عدم مهاجمة المنطقة الكردية في شمال سوريا، وهو ما يعد سابقة في جهود الولايات المتحدة للتهدئة بين الطرفين.

وأوضحت يوسف أن الدور الأميركي يبقى بالغ الأهمية في الضغط على كل من أنقرة ودمشق، بهدف إعادة النظر في السياسات والممارسات المتبعة حاليًا، خاصة في ما يتعلق بالعلاقات بين الأكراد وبقية الأطراف السورية.

وأكدت أن الولايات المتحدة يمكنها أن تكون عاملاً رئيسيًا في إعادة رسم التوازنات السياسية في المنطقة.

أما بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فقد ذكرت يوسف أنها لا تمانع في الاندماج في الجيش السوري.

ولكنها أوضحت أن الوضع الراهن في المنطقة لا يسمح بذلك في الوقت الحالي، بسبب التعقيدات السياسية والأمنية، بالإضافة إلى التهديدات المستمرة التي يشكلها تنظيم داعش.

ولفتت إلى أن هذه القضايا الأمنية والسياسية يجب أن تؤخذ في الاعتبار قبل اتخاذ أي خطوات مستقبلية.

وعلى الرغم من هذه التحديات، أكدت يوسف أن أكراد سوريا مستعدون للحوار والنقاش مع الإدارة السورية الجديدة، بهدف إيجاد حلول مشتركة للأوضاع المعقدة في البلاد.

ومع ذلك، أشارت عضو الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي، إلى أن الطرف التركي يؤثر سلبًا على هذا الملف، حيث لا ترغب أنقرة في تعزيز العلاقات بين الأكراد وبقية الأطراف السورية، مما يزيد من تعقيد هذه المسألة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا أعلنت الإدارة السورية الجديدة عزمها بناء جيش جديد وحلت كافة الفصائل المسلحة، وضمتها تحت إمرة وزارة الدفاع.

إلا أن قوات سوريا الديمقراطية لا تزال الطرف الوحيد الذي لم يلبِ دعوة حصر السلاح، وأوضحت أنها ستبني قوات مسلحة مهمتها حماية الشعب ومصالح البلاد وأن اندماجها في الجيش سيكون بشروط.

هذا الموقف رد عليه رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع عندما قال إن قواته ستفرض سيادتها على كل أراضي سوريا تحت سلطة واحدة وانه لا يمكن القبول بوجود مجموعات مسلحة في سوريا تضم مقاتلين أجانب، ليحسم موقفه من قوات سوريا الديمقراطية واستعداده لمواجهاتها في حال تعثرت المفاوضات معها والتي قال الشرع أنها مستمرة.

اقصاء قسد من العملية السياسية دفع قيادات كردية لاتهام اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني باتخاذ قرارات لإرضاء أطراف خارجية.

 وأشارت إلى أن أي مؤتمر سوري يستبعد قسد أو الإدارة الذاتية لمناطق نفوذها لن يكون وطنياً وأنه سيكون تكرار سياسة الإقصاء للنظام السابق لسوريا، حسب تعبيرهم.

وقالت الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، السبت، في بيان، إن اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في سوريا لا تمثل كافة مكونات البلاد.

وأكدت أنه لا يمكن إجراء أي حوار وطني في ظل الإقصاء والتهميش المتَّبع من قبلها بهذا الشكل في إشارة إلى استبعاد قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا من الحوار الوطني المزمع عقده قريباً في العاصمة دمشق.

وأفادت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في سوريا أنه لن تتم دعوة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى مؤتمر الحوار الوطني كونها لا تمثل جميع سكان المنطقة الشرقية كما أن إرسال الدعوات لحضور المؤتمر لن يكون على أساس ديني أو عرقي أو لكيانات محددة.