الفقر في سوريا
متوسط الأجور الشهرية في سوريا يتراوح بين 15 و20 دولارا أميركيا حسب بعض التقديرات

أكد خبراء اقتصاديون لموقع "الحرة"، أن التقرير الذي أصدره "البنك الدولي"، مؤخرا، بشأن الأوضاع الاقتصادية في سوريا بعد مرور نحو 13 عاما على الأزمة الدامية التي تعيشها البلاد، "متحفظ للغاية، ولا يعكس مدى سوء الأوضاع التي وصل إليها الناس" في ذلك البلد العربي.

ووفقا للتقرير الدولي الذي نُشر قبل بضعة أيام، فإن "أكثر من ربع السوريين يعيشون في فقر مدقع"، مما أدى إلى أزمات اقتصادية متلاحقة، وجعل ملايين السكان عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الرئيسية.

وقال البنك الدولي، الذي نشر تقريرين عن سوريا: "أدى أكثر من عقد من النزاع إلى تدهور كبير في رفاه الأسر السورية"، مشيراً إلى أن "27 في المئة من السوريين، أي نحو 5,7 ملايين نسمة، يعيشون في فقر مدقع"، حسب وكالة فرانس برس.

وأضاف: "على الرغم من عدم وجود الفقر المدقع فعلياً قبل اندلاع الصراع، لكنه طال أكثر من واحد من كل 4 سوريين عام 2022، وربما زاد حدة وشدة بسبب الآثار المدمرة لزلزال فبراير 2023"، الذي أودى بحياة نحو 6 آلاف شخص.

وكانت تقديرات سابقة للأمم المتحدة قد ذكرت أن "مليوني سوري يعيشون في فقر مدقع" بعد عقد من الحرب، فيما يرزح "غالبية السوريين" تحت خط الفقر.

وفي هذا الصدد، أوضح المستشار الاقتصادي الدولي، أسامة قاضي، في حديث إلى موقع "الحرة"، أن السوريين "معتادون على الفقر في ظل حكم حزب البعث، الذي يمسك بمقاليد السلطة منذ أكثر من 5 عقود عجاف"، على حد قوله.

وتابع الأكاديمي الذي درّس علوم الاقتصاد في عدة جامعات: "عام 2004، وحسب الأرقام الرسمية، فإن حوالي 34 بالمئة من السوريين كانوا تحت خط الفقر، وهذا قبل اندلاع الاحتجاجات الشعبية بنحو 9 أعوام".

وزاد: "في عام 2011، أصبح أكثر من نصف السوريين تحت خط الفقر المدقع، وكان ذلك واحدا من العوامل التي أدت إلى تفجر الثورة ضد النظام الحاكم في دمشق".

ونوه قاضي بـ"الظلم الاقتصادي" الذي كان يتعرض له الشعب، موضحا: "نسبة الطبقة الوسطى في البلاد كانت تتناقص بنسبة 7 إلى 9 بالمئة سنويا منذ عام 2005، واليوم في سنة 2024 وبعد مرور 14 عاما على الثورة، بات السوريون يتوزعون في 3 مناطق نفوذ مختلفة، ومعظمهم تحت خط الفقر".

من جانبه، رأى مدير مركز "حرمون للدراسات المعاصرة"، سمير سعيفان، في تصريحات لموقع "الحرة": "رغم عدم وجود مسوح دقيقة بشأن معدلات الفقر في سوريا، فإن البنك الدولي يقدر أن 25 في المئة من الشعب السوري تحت خط الفقر المدقع، لكن حتى هذه النسبة المرتفعة تعكس الوضع جزئيًا فقط، فمعدلات الفقر في سوريا بمناطق سيطرة النظام، تبلغ نحو 80 بالمئة، حسب تقارير وتقديرات دولية".

وأضاف الخبير الاقتصادي: "تقارب معدلات الفقر المدقع نسبة 50 بالمئة من السكان، حيث لا تزيد معدلات معظم الرواتب عن 25 إلى 50 دولار في الشهر، وبالتالي يمكن اعتبار أية أسرة تعتمد على الراتب أو الأجر اليومي أو الأسبوعي، أنها تقع تحت خط الفقر المدقع، ويشكل هؤلاء معظم قوة العمل السورية، وهذا الوضع هو نتيجة للحرب المستمرة منذ 13 عاما".

وفي نفس السياق، أوضح الإعلامي والحقوقي المختص بالقضايا السياسية والاقتصادية بسوريا، عبد الكريم الثلجي، لموقع "الحرة"، أن "الإحصائية التي أوردها البنك الدولي غير صحيحة، فنحن نأخذ بحد الفقر الأدنى الذي وضعه البنك الدولي، حيث يحصل الشخص الواحد على 1,2 دولارا يوميا، ليكون على تلك العتبة، وبالتالي فإن عائلة المكونة من 4 أشخاص، ستحتاج 210 دولارات شهريا، وهذا أجر لا يحصل عليه معظم الناس في مناطق سيطرة النظام والمعارضة على حد سواء".

وشدد الثلجي على أن "معظم الرواتب في مناطق النظام هي بحدود 30 دولارا شهريا، وترتفع لتصل إلى نحو 200 دولار في المناطق الأخرى، وبالتالي لا أحد ممن يحصل على هذه الأجور قد تجاوز عتبة الفقر".

الأوضاع المعيشية في سوريا في تدهور
"القادم أسوأ".. النظام السوري يوصّف الكارثة المعيشية "ولا يقدم حلولا"
ضمن جلسة استثنائية لـ"مجلس الشعب السوري" أقر رئيس حكومة النظام السوري، حسين عرنوس بكارثية الأوضاع المعيشية في سوريا، وبينما وصّف المشهد بكامل تفاصيله لم يتطرق إلى أي "حلول أو مخارج"، متحدثا عن "عدم امتلاكهم هوامش التحرك المناسبة".

وتابع: "مقولة ربع السكان في حالة فقر مدقع هي مقولة خاطئة.. إذا حسبنا انتشار البطالة بنسبة 80 بالمئة، فأجرة العامل اليومية في (المناطق المحررة) لا تتجاوز 200 ليرة تركية في أحسن أحوالها (6 دولارات أميركية).. وعليه فالأصح أن يقال إن ثلاثة أرباع السكان في حالة فقر مدقع".

وهو نفس الأمر الذي ذهب إليه المستشار الاقتصادي، أسامة قاضي، عندما قال: "السوريون منقسمين إلى فئتين، الأولى فقيرة والثانية تعيش تحت وطأة الفقر المدقع، مع وجود نسبة لا تتجاوز 2 أو 3 بالمئة تعيش في حالة ميسورة، وذلك إما لأن أفرادها كانوا بالأساس أغنياء لكنهم أصبحوا أقل ثراء بعد الحرب، أو لأنهم مرتبطين بشبكات الفساد والسرقة والمخدرات التابعة للنظام وأعوانه". 

"عوامل خارجية"

وأورد البنك الدولي عدة أسباب خارجية ساهمت في "تراجع رفاه الأسر السورية" مؤخراً، بينها الأزمة المالية التي تعصف منذ عام 2019 بلبنان المجاور، حيث يودع سوريون كثر أموالهم، إضافة الى تداعيات كل من جائحة كوفيد-19، والغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في أواخر فبراير 2022.

ونبّه التقرير إلى أن "استمرار النقص في التمويل ومحدودية المساعدات الإنسانية" إلى البلاد، أديا إلى "زيادة استنزاف قدرة الأسر على تأمين احتياجاتها الأساسية وسط ارتفاع الأسعار، وتراجع الخدمات الأساسية، وزيادة معدلات البطالة".

وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دماراً واسعاً بالبنى التحتية واستنزف الاقتصاد ومقدراته، كما شرّد وهجّر أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.

ولم تحصل خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في سوريا لعام 2024 إلا على 6 في المئة فقط من الاعتمادات المطلوبة، المقدرة بأكثر من 4 مليارات دولار، وفق الأمم المتحدة.

وأصبح عدد كبير من السوريين يعتمد، حسب البنك الدولي، على التحويلات المالية من الخارج، التي "تمثل شريان حياة بالغ الأهمية"، مقدراً قيمتها الإجمالية عام 2022 بنحو 1,05 مليار دولار، في وقت تُقدّر قيمة الناتج الإجمالي المحلي لسوريا لعام 2023، بـ6,2 مليارات دولار.

وتوقع البنك الدولي مع تعرض "إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لحالة غير مسبوقة من عدم اليقين"، أن "ينكمش بنسبة 1,5 في المئة عام 2024، إضافة إلى التراجع الذي بلغ 1,2 في المئة خلال السنة الماضية".

ورجح كذلك أن "يبقى التضخم مرتفعاً في عام 2024 بسبب الآثار الناجمة عن انخفاض قيمة العملة، فضلاً عن العجز المستمر في أرصدة العملات الأجنبية، واحتمال إجراء مزيد من الخفض في دعم الغذاء والوقود".

ولدى سؤاله عن تفشي ظاهرة الفقر المدقع في المناطق التي يسيطر عليها النظام، أجاب سعيفان: "هي المناطق الأشد معاناة مقارنة بمناطق شمالي سوريا الخارجة عن سيطرة (رئيس النظام بشار) الأسد، حيث تعد مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية هي الأفضل اقتصاديًا بحكم موارد النفط التي تتركز في المنطقة، إضافة إلى كونها مناطق زراعية وعدد سكانها قليل بعد هجرة ونزوح جزء كبير منهم".

وزاد: "الأوضاع في شمال غرب سوريا حيث يسيطر الجيش الوطني المعارض بدعم تركي، وحيث تسيطر هيئة تحرير الشام على محافظة إدلب، صعبة بسبب اكتظاظ السكان، حيث يعيش قرابة 5 مليون في رقعة صغيرة، كما أن 1,8 مليون نسمة يعيشون في الخيام ضمن ظروف تفتقد لأبسط مقومات الحياة".

"نحو الأسوأ"

أما بالنسبة للعوامل التي تقف وراء ذلك، فقال: "الحرب دمرت القدرات الاقتصادية لسوريا، وحوّلت الموارد المادية والبشرية نحو تمويل القتال، كما أن اتساع رقعة سيطرة النظام بعد عام 2017، وتزايد أعداد السكان بالمناطق تحت سيطرته، أدى إلى تزايد الأعباء المالية".

وشدد على أن النظام "يصر على الاحتفاظ بجيش ضخم وأجهزة أمن كبيرة تلتهم الكثير من الموارد الشحيحة، ناهيك عن احتفاظه بمؤسسات دولة متهالكة وقطاع عام كبير مترهل غير منتج، إضافة إلى تدني كفاءة جهازه الإداري والاقتصادي".

حوالات السوريين
اللاجئون في الخارج.. "حوض نقد أجنبي" يصب في خزائن الأسد
لا يرى النظام السوري مصلحة بعودة اللاجئين الموجودين في الخارج إلى سوريا، حسبما توضح لغة الحساب والأرقام الخاصة بهم والمخصصة بالدولار، وكذلك الموقف الموارب الذي يبديه مسؤولوه في دمشق، لاسيما عندما تخرج تصريحات من دول تنظر إلى وجودهم كـ"عبء".

وأشار أيضا إلى أن "هجرة الكوادر الشبابية والمهنية والعملية المستمرة استنزفت القدرات البشرية لقوة العمل السورية"، مردفا: "يضاف إلى ذلك الطبيعة المافيوية الريعية للنظام الاقتصادي والإداري والسياسي القائم، الذي يحوّل الموارد إلى جيوب مجموعة صغيرة من الفاسدين، لذلك نرى التناقض الفاضح بين الفقر المدقع وبين الثراء الفاحش والبذخ الوقح من قبل حفنة حاكمة ومن يلوذ لها".

وإضافة إلى ما تم ذكره سابقا، رأى الثلجي أن "هروب العديد من رجال الأعمال وأصحاب المنشآت الاقتصادية إلى خارج البلاد، أدى لانتشار البطالة والفقر بين الناس في مناطق النظام".

ونوه بأن مغادرة رجال المال والاقتصاد البلاد "يعود إلى قوانين منع التعامل بالدولار، والإتاوات التي تفرضها جهات عديدة، مما جعلهم يهربون بأموالهم وينقلون استثماراتهم إلى خارج سوريا".

أما بالنسبة للمناطق في شمال غرب سوريا، فأوضح الثلجي أن هناك "حرية اقتصادية أكثر وإمكانية تحسن أفضل لأوضاع السكان، حيث لا توجد قيود مفروضة كتلك في مناطق النظام، مع التنويه بأن معظم الناس يعيشون تحت خط الفقر، خاصة مع ارتفاع نسبة النازحين، حيث يوجد 2,3 مليون نازح، بينهم 1,9 مليون يعيشون في المخيمات، وفق إحصائية للأمم المتحدة".

كما نبّه إلى أن النازحين "يعيشون في فقر مدقع، إذ تم قطع المساعدات الإنسانية عن 300 ألف نسمة منذ بداية العام الحالي، وبالتالي زادت نسبة الفقر".

وفيما إذا كانت العقوبات المفروضة على النظام وأركانه تؤثر على الأوضاع الاقتصادية، أجاب سعيفان: "العقوبات الأميركية والأوروبية تسهم في الأزمة الاقتصادية، لكنها ليست السبب الرئيسي، بل إن هناك أسبابا أكثر أهمية، والعقوبات في الأساس هي جزء من الأزمة، وستبقى ما بقي النظام متمسكًا برفض أي حل سياسي". 

وخلص الاستشاري الاقتصادي أسامة قاضي، إلى أنه في حال طالت الأزمة "فإن الأمور ستزداد وبالا وقسوة بالنسبة للفقراء، وذلك مع انهيار المنظومة الصحية ودمار البنية التحتية، والفلتان الأمني في العديد من المناطق، ناهيك عن التسرب المدرسي الكبير وانتشار الجهل والأمية".

وختم بالقول: "لا يوجد لدى المجتمع الدولي استراتيجية حقيقية لإنقاذ سوريا، ومن هنا طرحنا في (التحالف العربي الديمقراطي)، بالتعاون مع منظمة (غلوبل جستس) الأميركية- السورية، وهيئة (الكتلة الوطنية السورية)، مبادرة (توحيد سوريا) كحل إبداعي للخروج من هذه الأزمة الخانقة".

 مقاتلو قوات سوريا الديموقراطية والجنود الأميركيون بشمال شرق سوريا

مفاوضات يصفها المراقبون بالصعبة تنتظر المشاركين في محادثات تحديد مستقبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في ظل حكومة سورية جديدة تسعى لتوسيع سيطرتها على كامل الأراضي السورية وحصر السلاح بيد وزارة الدفاع الجديدة.

هذه المهمة التي ترعاها الولايات المتحدة تتمثل في السعي إلى ضمان استمرار قوات سوريا الديمقراطية في قتال تنظيم داعش الإرهابي، بينما ترى تركيا في هذه القوات امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المحظور.

وفي ظل تباين المواقف الأميركية والتركية، تبرز أيضًا قضية دمج "قسد" في المؤسسة الأمنية السورية الرسمية، إلى جانب إدارة المناطق التي تسيطر عليها هذه القوات في حلب والحسكة ودير الزور والرقة، والتي تضم أبرز مصادر الثروات السورية من حقول النفط والقمح.

دعم أميركي لتأسيس جيش سوري موحد

في مقابلة مع الحرة، يقول جيمس جيفري، المبعوث الأميركي الخاص السابق إلى سوريا، إن المهمة الرسمية للقوات الأميركية في شمال سوريا هي التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية لمكافحة تنظيم "داعش".

وأضاف جيفري أن السبب الثاني لوجود القوات الأميركية كان لمنع توسع النفوذ الروسي وكذلك منع انتصار نظام بشار الأسد، و"هي أهداف تحققت بعد سقوط نظام الأسد على يد هيئة تحرير الشام"، حسب تعبيره.

وأوضح جيفري أن الوضع على الأرض قد تغير، وأن الولايات المتحدة لم تعد تقدم وعودًا جديدة للأكراد في سوريا بعد هذه التطورات، كما أنها لم تدعم فكرة إنشاء جيش منفصل داخل الدولة السورية.

وأشار إلى أن الإدارة الأميركية تشجع قوات "قسد" على التفاوض مع "هيئة تحرير الشام" لإيجاد سبل لتعزيز وحدة السوريين، وهو الهدف المشترك للجميع.

وأضاف جيفري أن الوضع تغير في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، وأن المهمة الأميركية السابقة كانت دعم المعارضة السورية وحماية إسرائيل من التهديدات الإيرانية وميليشياتها، بينما الآن هناك مصلحة أميركية في وجود سوريا موحدة وعلاقات جيدة مع دمشق.

توازن أميركي بين تركيا وقوات "قسد"

يقول المبعوث الأميركي الخاص السابق إلى سوريا، إن الولايات المتحدة تتبع سياسة واضحة تجاه الملف السوري، تتمثل في إبعاد حزب العمال الكردستاني، المصنف على لائحة الإرهاب، عن المشهد السوري، ودمج القوات العسكرية المختلفة، والاستفادة من ثروات سوريا الطبيعية، وخاصة حقول النفط، بما يعود بالفائدة على جميع الأطراف.

أما بالنسبة للعلاقات الإقليمية، فقد أكد جيفري أن تركيا وقوات "قسد" هما من حلفاء واشنطن، وأن الولايات المتحدة لديها علاقات جيدة مع الإدارة السورية الجديدة، كما أشار إلى أن واشنطن قادرة على الوصول إلى صيغة توازن بين تركيا وقسد.

وأشار جيفري أيضًا إلى أن هناك توازنًا مع تركيا، وأن واشنطن لن تتخلى عن دعم قوات "قسد" في حال تعرضت لضغوط عسكرية، رغم أنها ستشجع الأكراد السوريين على فهم أنه لا توجد ضمانات أبدية لدعم دولة داخل دولة في شمال شرق سوريا، وفق قوله.

وأكد جيفري أهمية التعاون مع الدول العربية الحليفة، وإسرائيل، وتركيا لمنع عودة النفوذ الإيراني إلى سوريا، والعمل مع الحكومة السورية الجديدة مع الحفاظ على توازن بين دعم هذه الحكومة والعقوبات المفروضة على بعض أطرافها المتهمة بالإرهاب.

مخاوف كردية من "أجندة" الإدارة السورية الجديدة

سينم محمد، ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في واشنطن، تحدثت بدورها عن المرحلة الحرجة التي تمر بها سوريا بعد سقوط نظام الأسد، مشيرة إلى أن هذه المرحلة تتطلب تضافر الجهود لبناء دولة ديمقراطية تكفل حقوق جميع السوريين.

ورغم الحوار المستمر بين الأطراف الكردية والحكومة السورية الجديدة، إلا أن سينم محمد تشير في حديث مع "الحرة" لوجود قلق بشأن أجندة هذه الحكومة، وطرحت تساؤلات حول قدرة الجماعات المنضوية تحت هذه الحكومة على بناء بلد ديمقراطي ومدني، بعيدًا عن الأيديولوجيات الدينية، في ظل خلفيات تلك الجماعات.

سينم محمد أكدت أنه سيكون هناك حوار وطني شامل يبحث في مستقبل سوريا. وفي هذا السياق، أعربت عن أن مطالب "قسد" بأن تكون جزءًا من الجيش السوري، ولكن ككتلة واحدة وليس كأفراد، هي مطلب ملح في الوقت الراهن، بسبب القتال في مناطق شمال سوريا ضد مجموعات مدعومة من تركيا، والتي تهدف للسيطرة على هذه المناطق، حسب تعبيرها.

وأشارت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في واشنطن إلى أن "قسد" في أمس الحاجة للبقاء في مناطقها بشمال سوريا من أجل الدفاع عن المنطقة ومكوناتها.

قسد ومستقبل الجيش السوري

بحسب وكالة رويترز، فإن مفاوضين دبلوماسيين وعسكريين من الولايات المتحدة وتركيا وسوريا إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية يبدون قدرا أكبر من المرونة والصبر مما تشير إليه تصريحاتهم العامة.

هذه المرونة في المواقف قد تمهد الطريق لاتفاق في الأشهر المقبلة من شأنه أن يتضمن مغادرة بعض المقاتلين الأكراد من المنطقة المضطربة في شمال شرق سوريا فيما يضع آخرين تحت قيادة وزارة الدفاع الجديدة.

لكن من بين القضايا الشائكة، كيفية دمج مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية في المؤسسة السورية العسكرية وإدارة الأراضي الخاضعة لسيطرتهم والتي تضم حقولا رئيسية للنفط والقمح.

ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في واشنطن كشفت في حديثها للحرة عن عقد لقاء بين ممثلي "قسد" والحكومة السورية الجديدة، أسفر عن الاتفاق على تشكيل لجان خاصة لتحديد ومناقشة ملفات حيوية، مثل تشكيل الجيش السوري ومستقبل قسد.

وأوضحت محمد أن هناك اجتماعًا مرتقبًا لهذه اللجان لمناقشة تفاصيل هامة حول مستقبل سوريا، وهو خطوة بالغة الأهمية في مسار الحل السياسي للبلاد، حسب تعبيرها.

وعقب إطاحة فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام الرئيس بشار الأسد في 8 ديسمبر، أعلنت السلطات الجديدة في الشهر ذاته التوصل لاتفاق مع "جميع الفصائل المسلحة" لحلها ودمجها تحت مظلة وزارة الدفاع. غير أن ذلك الاتفاق لم يشمل قسد.

وفي أحدث تصريح، أكد وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، الأربعاء، أن السلطات الجديدة التي تعهدت حل الفصائل المسلحة ودمجها في إطار جيش موحد، تفاوض القوات الكردية، لكنها مستعدة للجوء إلى "القوة" إذا لزم الأمر.

وأوضح أبو قصرة في تصريحاته، الأربعاء، أنه "لا يمكن أن تدخل قسد كجسم في وزارة الدفاع لأن ذلك لا يحقق المصلحة العامة"، مشددا على وجوب أن "تنتقل كل الفصائل للحالة المؤسساتية بما فيها هيئة تحرير الشام".