القيادي القتيل هو قائد فصيل "لواء الجبل" مرهج الجرماني - المصدر: شبكة راصد.
القيادي القتيل هو قائد فصيل "لواء الجبل" مرهج الجرماني - المصدر: شبكة راصد. | Source: official website

منذ انطلاقة الحراك السلمي قبل قرابة العام في السويداء السورية لم يترك مرهج الجرماني ساحة التجمع الخاصة بالمحتجين والمعروفة باسم "الكرامة"، ودائما ما كان يعبّر عن مواقف تؤكد على مطالب الناس بإسقاط النظام السوري ورحيل رئيسه، وتطبيق القرارات الأممية الخاصة بالحل في البلاد.

وكان يظهر تارة وهو يخاطب جموع المحتجين داعيا إلى مواصلة ما بدأوه ضد النظام، وفي مشاهد أخرى وثقتها فيديوهات كان عاري الصدر ويردد عبارات مناهضة لـ"حزب البعث" ويتحدى إطلاق النار على المتظاهرين من قبل قوات النظام في المحافظة.

ورغم أنه كان قائدا لفصيل يعرف باسم "لواء الجبل" لم تَحرِف حالة العسكرة التي أحاطت بشخصيته سلوكه السلمي الذي التزم به في "ساحة الكرامة" وأكد عليه قبل يوم واحد من حادثة اغتياله برصاصة "صامتة"، ليلة الأربعاء.

وبحسب شبكات إخبارية وتقرير من الطب الشرعي خرجت الرصاصة من سلاح كاتم للصوت، ومن بعد يتراوح بين مترين إلى ثلاثة أمتار، قبل أن تستقر في جسد الجرماني وهو على فراش النوم داخل منزله.

وبينما لم تعرف الجهة التي نفذت عملية الاغتيال حتى الآن حمّل ناشطون وصحفيون من السويداء السورية المسؤولية للنظام السوري.

وقالوا في حديثهم لموقع "الحرة" إن الجرماني يعتبر من قادة الحراك السلمي البارزين، وكان له باع كبير في مناهضة النظام السوري وسياساته في المحافظة.

كما كان له موقف بارز في شهر يونيو الماضي، عندما احتجز عشرات الضباط والعناصر من الأجهزة الأمنية، ردا على اعتقال شابة من السويداء على خلفية نشاطها المدني. وتمكن بعد ذلك من تحريرها بعملية مقايضة.

"أمام منعطف خطير"

وتعيش السويداء حالة كبيرة من الصدمة منذ لحظة الكشف عن اغتيال الجرماني، كما يشرح معروف لموقع "الحرة".

ويقول إن الحادثة تعتبر الأكبر والأشد صدمة منذ عام 2015، عندما اغتيل الشيخ وحيد البلعوس أحد رجال دين الطائفة الدرزية المعارضين، بسيارة ملغمة.

معروف يضيف أن "النظام السوري هو المتهم الأول في اغتيال الجرماني (أبو غيث)".

ويعتبر أنا ما حصل "رسالة لكل معارض في السويداء وحتى لبقية الفصائل المناهضة للأسد".

ونشرت حركة "رجال الكرامة" أبرز وأكبر فصيل محلي في السويداء بيانا عبر "فيس بوك" نعت فيه الجرماني، وقالت إنه سيدفن صباح الخميس في قرية أم الزيتون.

وبعدما تقدمت بالعزاء لعائلته، تابع بيانها أن "أبو غيث استشهد غدرا على أيدي خفافيش الظلام، وفي جريمة اغتيال تشكل منعطفا خطيرا للسويداء".

واعتبرت الحركة أن الجهة التي تقف وراء عملية الاغتيال "تسعى لجر السويداء إلى مستنقع الدم ودوامة العنف".

وأضافت أن "هذا التحول الخطير يستدعي وقوف كل صاحب كرامة وكل أبناء الجبل باختلاف توجهاتهم وكل المرجعيات الدينية والاجتماعية عند مسؤولياتهم".

ولم يصدر أي تعليق من جانب النظام السوري، ردا على الاتهامات التي وجهت له بالوقوف وراء عملية اغتيال الجرماني.

ومنذ اندلاع الحراك السلمي في المحافظة ذات الغالبية الدرزية، كان قد اتبع سياسة ابتعد بموجبها عن إصدار أي موقف سلبي أو إيجابي حيال ما ينادى ضده من هتافات وشعارات.

"النظام خصمه الأول"

خلال تصدره الحراك السلمي في السويداء وقبل ذلك بسنوات قاد الجرماني فصيلا محليا مسلحا معروفا باسم "لواء الجبل". 

وشارك الفصيل "في التصدي للتنظيمات المتطرفة التي هاجمت السويداء عدة مرات بعد عام 2014"، وفي المواجهات ضد مجموعات مدعومة من الأجهزة الأمنية، كما يوضح مدير شبكة "السويداء 24"، ريان معروف. 

ويقول إن "الخصم الأول للجرماني بحسب المقربين منه هو النظام الأمني، الذي شن موجة تحريض ضده وسعى إلى تشويه لسمعته، طيلة الأشهر الماضية".

ومنذ وصول المحافظ الجديد للسويداء اللواء أكرم علي محمد، والذي كان ضابطا في جهاز المخابرات العامة، بدا واضحا اختلاف التعامل مع ملف المعارضة في المحافظة، كما يضيف الصحفي نورس عزيز.

ويقول لموقع "الحرة" إنه وبعد تعيين محمد "تم استقدام تعزيزات أمنية"، وجرت بعد ذلك سلسلة تحركات صبّت في إطار أمني بحت، بينها نصب حاجز على مدخل المحافظة.

وقبل يومين ووفقا لحديث عزيز أقدم عناصر الأمن والشرطة على إطلاق النار في الهواء لترهيب المتظاهرين وأصابوا أحد المارة.

وكل ما سبق لا يمكن فصله عن اغتيال الجرماني، وفق رؤيته.

ويوضح أن "حادثة الاغتيال كانت بطريقة احترافية وباستخدام كاتم صوت، ومن مسافة قريبة جدا وضمن فراش نومه"، و"يبدو أنه كان يخطط لها منذ فترة، وتم دراسة طريقة تنفيذها".

ويعتقد أن "ما عجل في عملية التنفيذ هو اكتشافه (الجرماني) لشبكة مرتبطة بالأمن مؤخرا تقوم بنشر البلبلة وتشويه صورة عائلات الجبل".

"أكبر من اغتيال شخصية"

وحتى الآن لم تنقطع الوقفات والمظاهرات في "ساحة الكرامة" وسط السويداء، رغم أن النظام لم يستجب لأية مطالب. 

وحمل متظاهرون صباح الأربعاء صورا للجرماني، واستنكروا حادثة اغتياله.

كما وثق تسجيل مصور لأحد رجال الدين الدروز يدعى الشيخ رزق وهو يهاجم النظام السوري ويحمله مسؤولية مقتل قائد "لواء الجبل".

وقال رزق أمام عدد من المحتجين في "ساحة الكرامة": "هذا أسلوب النظام.. النظام لا يمتلك إلا أسلوب العسكرة والمكائد والدسائس. يملك لغة القتل والتهجير وإلغاء الآخر".

وأضاف مستدركا: "رسالتنا من ساحة الكرامة موجهة للنظام اللعين: لن تستطيع أن تجرونا لساحتكم وتنتزعوا سلميتنا. سننتصر بغصن الزيتون وباقات الورود".

وتعتبر ريما فليحان وهي ناشطة حقوقية أن حادثة الجرماني هي "اغتيال سياسي لشخصية قيادية بالحراك بالسويداء".

وتقول لموقع "الحرة": "ربما يكون الهدف منها دفع المحافظة نحو دوامة العنف، لكن هذه الدوافع ليست بخافية على الأهالي بالسويداء ويدركون خطورتها".

وتعتقد فليحان أن "الجريمة لن تزيد الحراك السلمي إلا إصرارا على متابعة النضال السلمي".

وفي حين تشير إلى أن "الاغتيال جاء عبر التخطيط" وأن هدفه "أبعد من استهداف شخصية قيادية في الحراك" لا تستبعد أن تكون مرتبطة بمساعٍ "لجر المحافظة نحو العنف".

الباحث والصحفي، مازن عزي من جهته شارك منشورا عبر "فيس بوك"، وافتتحه لحديث للشيخ حكمت الهجري المؤيد للحراك السلمي، إذ قال في بداية الحراك: "نحنا بالليل بنسكر بواب بيوتنا وبنفوت بنام، بس الشر برا ما بينام". 

وتابع عزي: "الشر اغتال اليوم مرهج الجرماني، قائد لواء الجبل، بتخته وعلى فراشه. الشر جبان. الشر عم بيحاول يخترق السويداء، عبر أدواته الأمنية والإعلامية، وراح ينجح بكثير محلات، وراح يقتل ويشوه ويضرب ويغتال، ويفتت الناس ويألبهم على بعض".

الكاتب والصحفي أشار أيضا إلى "مخطط للشر لإحداث حرب أهلية في المحافظة بين أهل البلد".

ووجه نداءا لأهالي المحافظة بقوله: "أهل السويداء لازم يعرفوا أنو هاي معركة مصير ووجود إلهم، كطائفة وجماعة، وكبشر. لازم الناس تحمي حالها، وتحكم حالها، وتتعلم كيف تدير خلافاتها، وتوصل لحلول مشتركة، وتنفض عنها جثة هالنظام المتعفن".

وتعتبر السويداء واحدة من بين المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة النظام السوري منذ سنوات، وسبق وأن شهدت مظاهرات سلمية ضد الأسد لكنها لم تصل إلى النقطة التي هي عليها الآن.

وحتى الآن لا تعرف النقطة التي سيصل إليها الحراك الشعبي فيها، ولاسيما في ظل غياب أي تعليق أو تعاطي جدي من جانب النظام، إن كان بالسلب أو الإيجاب.

ويحظى الحراك السلمي منذ أشهر وحتى الآن بدعم من الشيخ الهجري والشيخ "أبو وائل الحناوي".

ويشارك فيه إلى جانب الشبان شريحة واسعة من النساء، وفئات مختلفة من السكان، من فلاحين وموظفين ومدرسين وغيرهم.  

الأسد اعتمد الخداع والسرية للتخطيط لخروجه من سوريا
الأسد اعتمد الخداع والسرية للتخطيط لخروجه من سوريا

كشف مسؤولون كبار كانوا في نظام الرئيس الهارب بشار الأسد للحرة ولوكالات أنباء عن تحركاته في الساعات الأخيرة قبل فراره إلى روسيا وسقوط نظامه.

ولم يطلِع الأسد أحدا تقريبا على خططه للفرار من سوريا عندما كان حكمه يتداعى، بل قام بخداع مساعديه ومسؤولي حكومته وحتى أقاربه أو لم يتم إعلامهم بالأمر على الإطلاق، وذلك بحسب ما قاله أكثر من 10 أشخاص على دراية بالأحداث لرويترز.

فقد أكد الأسد، قبل ساعات من هروبه إلى موسكو، لنحو 30 من قادة الجيش والأمن في وزارة الدفاع في اجتماع يوم السبت، أن الدعم العسكري الروسي قادم في الطريق وحث القوات البرية على الصمود، وفقا لقائد حضر الاجتماع وطلب عدم الكشف عن هويته لرويترز.

ولم يكن الموظفون المدنيون على علم بشيء أيضا عن خطط الأسد للهروب.

فقد قال مساعد من دائرته المقربة إن الأسد أبلغ مدير مكتبه يوم السبت عندما انتهى من عمله بأنه سيعود إلى المنزل ولكنه توجه بدلا من ذلك إلى المطار.

وأضاف المساعد أن الأسد اتصل أيضا بمستشارته الإعلامية بثينة شعبان وطلب منها الحضور إلى منزله لكتابة كلمة له. وعندما وصلت، لم يكن هناك أحد.

ولم تتمكن رويترز من الاتصال بالأسد في موسكو التي منحته حق اللجوء السياسي. 

وتظهر المقابلات التي أجريت مع 14 شخصا مطلعين على الأيام والساعات الأخيرة التي قضاها الأسد في السلطة صورة لزعيم يبحث عن مساعدة خارجية لتمديد حكمه الذي دام 24 عاما قبل أن يعتمد على الخداع والسرية للتخطيط لخروجه من سوريا في الساعات الأولى من صباح الأحد الماضي.

وطلبت أغلب المصادر، التي تضم مساعدين في الدائرة الداخلية للرئيس الهارب ودبلوماسيين إقليميين ومصادر أمنية ومسؤولين إيرانيين كبارا، حجب هوياتهم لمناقشة المسائل الحساسة بحرية.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية، محمد غازي الجلالي، كشف في تصريحات لقناة "الحرة" عن تفاصيل من اللحظات الأخيرة لنظام بشار الأسد.

وفيما يتعلق بتفاصيل اللحظات الأخيرة للنظام، قال الجلالي إن مساء الأحد شهد انسحابات للقوات الأمنية والعسكرية بشكل كبير من دمشق، ولم تكن لدى هؤلاء رغبة في القتال، مما فتح الباب أمام فصائل المعارضة المسلحة للوصول سريعا إلى قلب دمشق من جهات عدة.

وأضاف الجلالي أن الأسد لم يتواصل مع الحكومة السورية بأي شكل من الأشكال قبل مغادرة دمشق في الساعات الأولى من فجر الأحد.