سوريا-- قصف
منذ شهر أكتوبر2023، نفذت إسرائيل أكثر من 180 غارة في سوريا

منذ بداية الحرب في غزة، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على الأهداف في سوريا، مستهدفة الجماعات المسلحة وخطوط الإمداد.

يأتي هذا التصعيد كجزء من استراتيجية أوسع لمواجهة تأثير إيران وحلفائها، وخصوصاً حزب الله، الذي نمت قوته بشكل كبير قرب الحدود الإسرائيلية مع لبنان، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".

ومنذ شهر أكتوبر عام 2023، نفذت إسرائيل أكثر من 180 غارة في سوريا، وهي زيادة ملحوظة مقارنةً بالسنوات السابقة.

واستهدفت تلك الهجمات الجماعات المدعومة من إيران مثل حزب الله والجهاد الإسلامي الفلسطيني، بهدف تعطيل قدراتهم العسكرية وسلاسل الإمداد.

على سبيل المثال، أسفرت إحدى الضربات بالقرب من الحدود السورية اللبنانية عن مقتل مسؤول رفيع في الجهاد الإسلامي، الذي قيل إنه كان يخطط لهجمات ضد إسرائيل.

تاريخياً، كانت الحملة الجوية الإسرائيلية في سوريا، التي بدأت منذ حوالي عقد من الزمن، تهدف إلى الحد من تمركز القوات الإيرانية وحلفائها بما في ذلك حزب الله.

على مدى السنوات، امتنعت إسرائيل عن تبني تلك الضربات وتجنبت استهداف عناصر حزب الله مباشرةً لتفادي التصعيد.

بدلاً من ذلك، كان التركيز على شحنات الأسلحة والبنية التحتية العسكرية.

ومنذ هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، تغيرت الديناميكيات بشكل كبير في المنطقة، حيث عمد حزب الله على قصف إسرائيل دعما للجماعات المسلحة في قطاع غزة.

رداً على ذلك، اتخذت إسرائيل موقفاً أكثر هجومية، حيث استهدفت شحنات الأسلحة وقامت بقتل عناصر حزب الله.

يمثل هذا التحول ابتعاداً عن الاستراتيجية السابقة التي كانت تتجنب المواجهة المباشرة مع حزب الله.

وبحسب التقرير "تُظهر فعالية الحملة الجوية الإسرائيلية في سوريا نتائج مختلطة، فبينما تمكنت الضربات من إبطاء تدفق الأسلحة إلى حزب الله ومنع سوريا من الانضمام إلى النزاع، إلا أنها لم تكن كافية لإنهاء البنية العسكرية لحزب الله"، الجماعة المصنفة على لوائح الإرهاب الأميركية.

ويُعتبر حزب الله الآن واحداً من أقوى الجماعات المسلحة في العالم، وله ترسانة كبيرة من الصواريخ القادرة على استهداف جميع أنحاء إسرائيل، وفق التقرير ذاته.

وأدت الحملة أيضاً إلى تصاعد التوترات وشهدت مواجهات أوسع أحياناً.

ففي أبريل مثلا، أدى الهجوم الإسرائيلي على القادة العسكريين الإيرانيين في العاصمة السورية، دمشق، إلى رد فعل كبير من إيران، حيث شنت هجوماً بالصواريخ هو الأكبر على الأراضي الإسرائيلية في السنوات الأخيرة.

وأكد هذا الرد المخاطر المرتبطة بالتكتيكات للإسرائيلية.

يقول المسؤولون الإسرائيليون الحاليون والسابقون لوول ستريت جورنال إنه بينما كانت الضربات الجوية فعالة إلى حد ما، إلا أنها لا تكفي لمعالجة التهديدات التي يشكلها حزب الله وإيران بالكامل. 

ويشيرون إلى أنه قد تكون هناك حاجة لاستراتيجية أكثر شمولاً، قد تشمل توسيع العمليات في سوريا لتعطيل قدرات حزب الله بشكل أكبر.

بينما يستمر النزاع مع حماس في غزة، تظل إسرائيل منخرطة في وضع معقد وهش، حيث توازن بين الأهداف العسكرية الفورية والأهداف الاستراتيجية الأوسع في المنطقة.

الرئيس السوري أحمد الشرع ـ الصورة لرويترز
الرئيس السوري أحمد الشرع ـ الصورة لرويترز

قالت عدة مصادر مطلعة إن بناء برج ترامب في دمشق وتهدئة التوتر مع إسرائيل ومنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى النفط والغاز السوري تندرج جميعها في خطة استراتيجية يتبناها الرئيس السوري، أحمد الشرع، في محاولة للقاء نظيره الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته إلى الشرق الأوسط.

ويحاول جوناثان باس، وهو ناشط أميركي مؤيد لترامب، التقى مع الشرع في 30 أبريل لمدة أربع ساعات في دمشق، إلى جانب ناشطين سوريين ودول خليجية، ترتيب لقاء تاريخي، وإن كان مستبعدا للغاية، بين الرئيسين هذا الأسبوع على هامش زيارة ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات.

وتكافح سوريا لتنفيذ الشروط التي وضعتها واشنطن لتخفيف العقوبات الأميركية، والتي تبقي البلاد في عزلة عن النظام المالي العالمي وتجعل التعافي الاقتصادي صعبا للغاية بعد حرب طاحنة دامت 14 عاما.

ويأمل باس أن يساعد اجتماع ترامب مع الشرع في تخفيف موقف الرئيس الجمهوري وإدارته تجاه دمشق وتهدئة التوتر المتصاعد بين سوريا وإسرائيل. ولا تزال الولايات المتحدة تضع الشرع على قائمة الإرهاب بسبب صلاته السابقة بتنظيم القاعدة.

ويرتكز جزء من هذه الرهانات على سجل ترامب في كسر المحظورات التقليدية للسياسة الخارجية الأميركية، مثل لقائه بزعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، في المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين عام 2019.

وقال باس "الشرع يريد صفقة تجارية لمستقبل بلاده"، مشيرا إلى أن هذه الصفقة قد تشمل استغلال الطاقة والتعاون في مواجهة إيران والتعامل مع إسرائيل.

وأضاف "لقد أخبرني (الشرع) بأنه يريد بناء برج ترامب في دمشق. يريد السلام مع جيرانه. ما قاله لي جيد للمنطقة ولإسرائيل".

وأشار باس إلى أن الشرع تحدث أيضا عما يراه رابطا شخصيا بينه وبين ترامب: كلاهما تعرّض لمحاولة اغتيال ونجا منها بأعجوبة.

ولم يرد مسؤولون سوريون ولا مسؤول إعلامي في الرئاسة على طلب للتعليق.

وذكرت الرئاسة السورية أن الشرع تحدث إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأحد.

وقال مصدر مقرب من الشرع إن لقاء ترامب والشرع لا يزال ممكنا في السعودية، لكنه لم يؤكد ما إذا كان الشرع تلقى دعوة.

وأضاف المصدر "لن نعرف ما إذا كان هذا الاجتماع سيعقد أم لا حتى اللحظة الأخيرة".

جهود لترتيب لقاء

من الواضح أن عقد لقاء بين ترامب والشرع خلال زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة أمر غير مرجح على نطاق واسع، نظرا لجدول أعمال ترامب المزدحم وأولوياته والافتقار إلى التوافق داخل فريق ترامب حول كيفية التعامل مع سوريا.

وقال مصدر مطلع على الجهود الجارية إن اجتماعا سوريا أميركيا رفيع المستوى من المقرر أن يعقد في المنطقة خلال الأسبوع الذي سيزورها فيه ترامب، لكنه لن يكون بين ترامب والشرع.

وقال تشارلز ليستر، رئيس مبادرة سوريا في معهد الشرق الأوسط "هناك بالتأكيد مساع جارية".

وأضاف "الفكرة هي أن الوصول إلى ترامب بشكل مباشر هو أفضل طريق لأن هناك الكثير من أصحاب الأيدولوجيات داخل الإدارة لدرجة يصعب تجاوزهم".

وقالت ثلاثة مصادر، أحدهم مسؤول أميركي مطلع على عملية صنع السياسات، إن واشنطن لم تتمكن بعد من صياغة وتوضيح سياسة متماسكة تجاه سوريا، لكن الإدارة تنظر بشكل متزايد إلى العلاقات مع دمشق من منظور مكافحة الإرهاب.

وذكر اثنان من المصادر أن هذا النهج اتضح خلال تشكيل الوفد الأميركي في اجتماع عقد الشهر الماضي بين واشنطن ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في نيويورك، والذي ضم مسؤولا كبيرا لمكافحة الإرهاب من وزارة الخارجية.

ووفقا للمصادر، قال مسؤولون أميركيون لشيباني إن واشنطن وجدت أن الخطوات التي اتخذتها دمشق غير كافية، وخاصة في ما يتعلق بالمطلب الأميركي باستبعاد المقاتلين الأجانب من المناصب العليا في الجيش وطرد أكبر عدد ممكن منهم.

وقال أحد المصادر إن وزارة الخزانة الأميركية نقلت منذ ذلك الحين مطالبها إلى الحكومة السورية، مما رفع عدد الشروط إلى أكثر من اثني عشر.

ورفضت وزارة الخارجية الأميركية الكشف عن هوية من حضر الاجتماع من الجانب الأميركي، وقالت إنها لا تعلق على المناقشات الدبلوماسية الخاصة.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جيمس هيويت، إن تصرفات السلطات المؤقتة في سوريا سوف تحدد الدعم الأميركي المستقبلي أو تخفيف العقوبات المحتمل.

غصن الزيتون

أحد الأهداف الرئيسية لمبادرات سوريا تجاه واشنطن هو توصيل رسالة مفادها أنها لا تشكل أي تهديد لإسرائيل، التي صعدت من هجماتها الجوية في سوريا منذ أن أطاحت قوات المعارضة التي أصبحت تحكم البلاد الآن بالرئيس السابق بشار الأسد في نهاية العام الماضي.

واحتلت قوات برية إسرائيلية أراضي في جنوب غرب سوريا بينما ضغطت الحكومة على الولايات المتحدة لإبقاء سوريا لامركزية ومعزولة.

وقالت إسرائيل إنها تهدف إلى حماية الأقليات السورية، في حين رفضت سوريا الضربات ووصفتها بأنها تصعيدية.

وأكد الشرع الأسبوع الماضي وجود مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بهدف تهدئة التوترات، بعد أن ذكرت رويترز أن مثل هذه المحادثات جرت عبر الإمارات.

وفي مسعى منفصل، قال باس إن الشرع طلب منه نقل رسائل بين سوريا وإسرائيل ربما أدت إلى لقاء مباشر بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين.

لكن إسرائيل استأنفت الضربات سريعا، بما في ذلك ضربة بالقرب من القصر الرئاسي، والتي اعتبرتها رسالة إلى حكام سوريا لحماية الأقلية الدرزية في البلاد وسط اشتباكات مع المسلحين السنة.

وأضاف باس أن "الشرع أرسل غصن زيتون للإسرائيليين، وأرسلت إسرائيل الصواريخ".

وقال "نريد من ترامب المساعدة في ترتيب هذه العلاقة".