رئيس النظام السوري بشار الأسد يلتقي ببعض جنود جيشه
الأسد يسعى إلى جيش ذو ولاء أكبر

في وقت تفتح وزارة الدفاع التابعة لنظام الأسد الباب على مصراعيه بهدف استقطاب "متطوعين جدد للانضمام إلى الجيش" تتوالى قرارات تسريح العسكريين من الخدمة الاحتياطية بموجب خطة كشف مسؤول النقاب عنها في يونيو الماضي، قائلا إن عملية تنفيذها "ستكون على 3 مراحل".

وما بين "تسريح" ستنتهي أولى مراحله نهاية العام الحالي و"عروض تطوع" غير مسبوقة يروج لها على المنصات الرسمية تثار تساؤلات عن الأسباب التي تقف وراء ما يحصل. فما الذي يريده الأسد؟ وما الهدف من "الجيش الاحترافي والمتطور" الذي حدده اللواء أحمد سليمان كهدف يراد تحقيقه في النهاية.

وكان سليمان، وهو المدير العام للإدارة العامة في وزارة الدفاع السورية، قال قبل ثلاثة أشهر عبر التلفزيون الرسمي إنه "سيتم تسريح عشرات الآلاف حتى نهاية العام الحالي ومثلهم العام القادم، مع المحافظة على الجاهزية القتالية، وتحقيق مصلحة أبناء الوطن".

ورسم خطا زمنيا لعملية التسريح خلال عامي 2024 و2025، مضيفا أنه وفي أعقاب تطبيق القرارات الصادرة عن رئيس النظام الأسد بخصوص ذلك "سيتم التحول والوصول إلى جيش متطور يعتمد على المتطوعين، من خلال عقود التطوع الجديدة".

وبالفعل كان النظام قد سرح خلال الأشهر الماضية آلاف العسكريين من الخدمة الاحتياطية، وخاصة أولئك الذين أتموا مدة 5 سنوات ونصف السنة، وكان لافتا في مقابل ذلك بدء وزارة دفاعه الترويج لعروض "تطوع"، تشمل الكثير من الحوافز المالية وبدل السكن والمواصلات.  

آخر تلك العروض نشرتها وزارة الدفاع السورية عبر "فيسبوك"، يوم الأربعاء، وجاء في نصه أن راتب المتطوع يتراوح مع التعويضات ما بين 1.8 مليون إلى مليوني ليرة سورية، وأنه سيحصل على مكافأة بدء خدمة ومكافأة سنوية.  

وبالإضافة إلى ذلك تضمنت العروض، التي تستهدف الراغبين بالتطوع في الجيش، السماح للمتخلفين عن الخدمة الإلزامية التقدم للعقود، كما يسمح لمن يؤدي حاليا الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية التطوع في حال لم يتجاوز عمر الشخص 32 عاما.  

ويضم "الجيش السوري" إجمالا ثلاث مجموعات رئيسية، المتطوعون في السلك العسكري، والملتحقون بالخدمة العسكرية الإلزامية، والمكلفون بالخدمة الاحتياطية.

وتأتي الخطوات التي يسير بها النظام على صعيد هذه المؤسسة العسكرية في وقت تعيش الجبهات على الأرض حالة من الهدوء النسبي، وجاءت بعد عمليات "إعادة هيكلة" أجراها الأسد، واستهدف بها البيت الداخلي لـ"حزب البعث" والمؤسسة الأمنية.

ويقول خبراء عسكريون مختصون إن الهدف مما يجري يصب في إطار حالة من "تغيير الدماء"، بهدف الوصول إلى "جيش ذو ولاء أكبر".

ومن جانب آخر، يشيرون إلى أن هدف الوصول إلى "الجيش الاحترافي والمتطور" الذي تحدث عنه اللواء سليمان في يونيو الماضي يندرج تقييم مضمونه ضمن مسارين.  

لماذا يسرّح ويطوّع؟  

بوجهة نظر الباحث المتخصص بالعلاقات العسكرية المدنية بمركز "عمران"، محسن المصطفى فإن النظام السوري يسعى لاستقطاب المتطوعين لـ"تشكيل كتلة صلبة داخل الجيش".

وتعتمد هذه "الكتلة الصلبة" على الأفراد المتطوعين الذين يتمتعون بولاء أكبر للنظام مقارنة بالمجندين من الخدمة الإلزامية، والذين يُنظر إليهم على أنهم أقل موثوقية بسبب الانقسامات الاجتماعية والطائفية، وفق حديث الباحث لموقع "الحرة".

ويضيف في المقابل أن "تسريح دفعات من الخدمة الاحتياطية والإلزامية يأتي كجزء من هذه الاستراتيجية لتخفيف الأعباء على بعض القطاعات المدنية"، وفي "محاولة لتخفيف موجات اللجوء في ظل هجرة العديد من الشباب هربا من الخدمة الطويلة، ناهيك عن الأسباب الأخرى للجوء والهجرة".

ومن جانبه يرى الباحث في شؤون جماعات ما دون الدولة، عمار فرهود أن لجوء النظام للمجندين المتعاقدين يراد منه "ضخ دماء جديدة في المؤسسة العسكرية".

هذه الدماء بحسب ما يقول لموقع "الحرة": "ستكون مختلفة تماما عن القديمة، من خلال كون دافع الانتساب للمؤسسة دافعا ذاتيا وليس خارجيا قسريا".

ويوضح فرهود أن ما سبق يصل إلى نقطة "تكون فيها العقيدة القتالية للمقاتل المتطوع أكثر صلابة من المقاتل المجند إجباريا".

كما أن فتح باب التطوع يساعد النظام على إدخال الجنود في العقائد القتالية الجديدة التي يعتمدها، لكونهم غير معتادين على عقائد "الجيش السوري" القتالية القديمة والتي لم تجد نفعا في الحرب ضد تشكيلات فصائل المعارضة.

وبمعنى آخر، يرى الباحث السوري أن "متطوعين جُدُدا من تلقاء أنفسهم يعني قدرة عالية على إعادة بناء التشكيلات القتالية في الجيش".

ويتابع: "أي أن النظام ومن خلفه روسيا لن يواجهوا مشكلة شخصية مع المقاتل، كونه جاء من تلقاء نفسه، ولذلك إمكانية الهروب والانشقاق ستكون ضعيفة".

وكذلك "لن يواجهوا مشكلة تقنية"، حيث إن "المقاتل القادم برغبة عارمة للمؤسسة العسكرية، وبدون تجربة أو خبرة عسكرية سابقة سيجعل من السهولة بمكان تشكيل ذهنيته العسكرية كما يريد النظام"، وفق ذات المتحدث.

لماذا "الجيش الاحترافي" الآن؟  

ويحظى النظام السوري منذ سنوات بدعم عسكري من روسيا وإيران.

ومع ذلك، تختلف طبيعة ورؤية كل من هذين الداعمين على الأرض، وهو ما تشير إليه خارطة التشكيلات على الأرض والخطوات المتعلقة بالتعاطي مع "الجيش السوري" ككل.

وكانت إيران زجت بالكثير من الميليشيات لمساندة قوات النظام السوري على الأرض ضد فصائل المعارضة، واتبعت روسيا مسارا مختلفا ترجمت غالبية تفاصيله من خلال الضربات من الجو وإنشاء القواعد الثابتة مثل "حميميم" بريف اللاذقية.

وشيئا فشيئا وبينما كانت الكفة العسكرية تميل لصالح الأسد على الأرض اتبعت موسكو بعد عام 2018 سلسلة خطوات لافتة.

وتمثلت بإجراء تدريبات لجنود "الجيش السوري" في أكثر من منطقة وعلى مختلف أنواع الأسلحة، ووصلت أيضا إلى نقطة دعم فرق وتشكيلات بعينها، ويتصدرها الآن "الفرقة 25".  

وبحسب ما تشير إليه رواية وزارة الدفاع التابعة للنظام فإن عمليات التسريح وما يرافقها من الاتجاه لاستقطاب "المتطوعين" تستهدف الوصول إلى "جيش احترافي ومتطور".  

وفي حين لا تبدو ملامح قريبة للشكل الذي سيكون عليه ذاك "الجيش" يعتقد الباحث السوري المصطفى أن الهدف من وراء ذلك يعني "تشكيل قوة عسكرية مكونة من أفراد يتمتعون بولاء أكبر، ومهارات عالية، ومزايا مالية مشجعة، مما يتيح للنظام تعزيز قبضته العسكرية والأمنية بشكل أكثر فعالية".

المصطفى يوضح أن "كلمة جيش احترافي كلمة كبيرة جدا على جيش نظام الأسد".

ويقول إن "المعيار الأساسي بداخله الولاء وليس الاحترافية، ولكن يُطلق مصطلح (الاحترافي) عادة على الجيوش القائمة على التطوع".

ومع ذلك، لا يعني ما سبق أن جيش النظام بشكله المستقبلي "لن يتدرب أو يستخدم تكتيكات جديدة، ولكنه سيكون أقل بكثير من مواجهة قوة عسكرية منظمة أو جيش آخر، بمقابل فعالية تدميرية عالية في مواجهة الشعب السوري"، بحسب الباحث في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية".

ويشرح الباحث عمار فرهود أن "الجيش الاحترافي هو الذي يمتلك ميزة الجيوش الحديثة، والمتمثلة بالقدرة العالية والسريعة على التأقلم مع طبيعة الخصم وميدان المعركة".

ويواجه النظام السوري في الوقت الحالي "خصوما من مستوى الدولة ومستوى ما دون الدولة، وهو بحاجة لبناء تشكيلات قادرة على مواجهة هذه التحديات من ناحية الهيكلية (خماسية غير تخصصية)".

وكذلك من ناحية التكتيكات القتالية (القتال وفق نظام الأسلحة المشتركة)، أي شيء شبيه بالقوات الخاصة في الجيوش الحديثة، وفقا لفرهود.

وبالتالي يرى الباحث أن "التغيير المنشود هو على المستوى الاستراتيجي شاملا فيه الأداء والمسار معا".

ويتابع: "نستطيع القول باختصار بأن الأسد يريد جيشا سريع الحركة نوعيّ التسليح قادر على القتال في أي ميدان، ويمتلك القدرة على اتخاذ قراره على مستوى أركان العمليات بشكل مستقل عن الأركان العامة".

من يموّل الحوافز والمغريات؟  

وفي تقرير نشره المكتب الأوروبي لدعم اللجوء، في أبريل 2021 قال إنه "تم الإبلاغ عن التهرب من التجنيد كأحد الأسباب الرئيسية لفرار الشبان فوق 18 عاما من سوريا. علاوة على ذلك، هو أيضا أحد الأسباب الرئيسية لعدم تمكنهم من العودة".

وبحسب استفتاء أجرته المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عام 2019 في لبنان والعراق ومصر والأردن، شكل تجنب الخدمة العسكرية أحد الأسباب الرئيسية التي تحول من دون نيتهم بالعودة إلى بلدهم.

لكن وفي مقابل ذلك لا تشمل الصورة المذكورة أعلاه أولئك الشبان المقيمين في داخل مناطق سيطرة النظام السوري، والذين يعيشون أوضاعا اقتصادية صعبة، فرضها ارتفاع معدلات البطالة.

ولا يعرف ما إذا كان النظام السوري قادرا على تمويل الهيكل الجديد لـ"الجيش الاحترافي" القائم على المتطوعين. ورغم العزلة الاقتصادية والسياسية التي يعيشها الأسد لن يكون ذلك عاملا مؤثرا لتطبيق الخطوات القائمة، وفقا لحديث الخبراء.  

وربما من الممكن أن يستطيع النظام السوري تمويل عملية التطوع، على الرغم من الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعاني منه والعقوبات المفروضة عليه، بحسب الباحث السوري المصطفى.  

ويشير إلى أن النظام "يعتمد بشكل كبير على الدعم المالي والعسكري من حلفائه، مثل روسيا وإيران وربما يتقاضى أموال خليجية لمساعدته، ويقوم بتحويلها للجهد العسكري بدل من الاستفادة منها في تحسين حياة السوريين في مناطق سيطرته".

كما سعى النظام مؤخرا إلى توليد موارد إضافية، من خلال تعديل القوانين للسماح بدفع بدل نقدي عوضا عن الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية، مما يعكس حاجته لمصادر تمويل متنوعة لدعم هذا التحول في بنية الجيش.

ويوضح الباحث فرهود أن "النظام يمتلك اليوم اقتصادا خاصا به لا يدخل في ميزانية الدولة، ويَدُرُّ عليه عوائد مرتفعة".

ويعتمد "اقتصاده الخاص" على الموارد القادمة من "إنتاج وتهريب حبوب الكبتاغون، وإدارة مصالح الطبقة التجارية العليا السورية".

ويرى فرهود أن هذا "الاقتصاد" يقدم عوائد مالية مرتفعة للنظام ويستطيع من خلالها تغطية هذه النقلة، كما أن الرواتب الخاصة بعقود التطوع ليست بالمرتفعة جدا، ولا يتعدى أفضلها حاجز 300 دولار شهريا.

"مشروع أوسع نطاقا"

وفي مقابل ما يعمل عليه النظام السوري على صعيد "جيشه" تشهد الأراضي السورية انتشار جيوش أخرى، منها ما هو محلي والآخر يعود لدول حليفة و"معادية" كما تنظر إليها دمشق.  

ويسيطر تحالف "الجيش الوطني السوري" المعارض والمدعوم من تركيا على مناطق واسعة من ريفي حلب الشمالي والشرقي، وبموازاة ذلك ينتشر آلاف المسلحين في إدلب، ويتبعون لـ"هيئة تحرير الشام".  

وإلى أقصى الشمال الشرقي للبلاد ما تزال "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) حاضرة على الأرض، وتحظى بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.  

ومن ناحية أخرى، وبالنظر إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام فقط فلا يقتصر الانتشار العسكري على "جيشه" الرسمي، بل هناك ميليشيات يرتبط الجزء الأكبر منها بـ"الحرس الثوري" الإيراني.  

ويعتقد الباحث السوري مصطفى أن "فتح باب التطوع" له هدف آخر، ويتمثل بأن "الامتيازات المقدمة تضاهي، بل وأفضل من امتيازات عقود التطويع في الميليشيات الموالية والمنتشرة على الأرض".

وقد يسعى النظام من خلال العقود التي يروّج لها "إلى سحب عناصر الميليشيات ودمجهم كأفراد لا كتل بذاتها ضمن المؤسسة العسكرية الرسمية".

وبمعنى آخر "أي أنه يحاول إنهاء الميليشيات عبر تجفيف مواردها البشرية لصالحه، وذلك دون المساس بكينونتها في الوقت الحالي على الأقل"، بحسب المصطفى.  

ويعتقد الخبير في الشؤون السورية بمؤسسة القرن، آرون لوند أنه وبشكل عام توجد 3 أسباب وراء عروض التطوع وقرارات التسريح من الخدمة الاحتياطية.

ويوضح لوند لموقع "الحرة" أن السبب الأول ربما يرتبط بتباطؤ الصراع كثيرا على الأرض، وبالتالي أصبح النظام يحتاج إلى عدد أقل من القوات.

ومن جانب آخر يشير لوند إلى سبب آخر يرتبط بـ"مساعي كسب الشعبية".

ويشرح حديثه بالقول: "تم استدعاء الشبان لفترة طويلة، وهذا مصدر إحباط، بما في ذلك بين السوريين الذين يؤيدون الأسد".

كما أن حقيقة أن الخدمة الاحتياطية أصبحت محدودة تجعلها أقل إيلاما، وهو ما قد يحد من حالات الفرار ويقلل من المخاوف بشأن الخدمة العسكرية.

الخبير في مؤسسة القرن لا يستبعد أن تكون قرارات التسريح مرتبطة أيضا بشق اقتصادي، وهو ما أشار إليه الباحث المصطفى في أثناء حديثه.  

ويضيف لوند: "نظرا للمشاكل الاقتصادية العميقة التي تعاني منها سوريا، فربما يكون من المنطقي محاولة تحرير المزيد من العمالة للقيام بأعمال إنتاجية".

ومع ذلك يسعى النظام السوري أيضا إلى "تنفيذ مشروع أوسع نطاقا لإصلاح وتغيير هيكل القوات المسلحة، وقد يكون هذا أيضا جزءا من التفسير"، حسبما يعتقد الخبير في الشؤون السورية لوند.

ندى فضل خلال أحد نشاطات مركزها "مبادرة روح"، موقع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة
ندى فضل خلال أحد نشاطات مركزها "مبادرة روح"، موقع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة

فازت خمس نساء بجوائز "نانسن للاجئ" لعام 2024، التي تقدمها سنوياً المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

والفائزات الـ5 راهبة، وناشطة، ورائدة أعمال اجتماعية، وعاملة إغاثة متطوعة، ومناصرة في مجال القضاء على انعدام الجنسية.

وحظيت بالجائزة العالمية لهذا العام الراهبة روزيتا ميليزي (79 عاماً)، وهي محامية برازيلية، ناشطة اجتماعية دافعت عن حقوق وكرامة الأشخاص المهجرين منذ قرابة 40 عاماً.

وعلى المستوى الإقليمي، مُنحت 4 نساء أخريات جوائز إقليمية بحسب مناطق عملهن، هنّ ميمونة با من بوركينا فاسو، وجين داوود اللاجئة السورية في تركيا، وندى فضل اللاجئة السودانية في مصر، بالإضافة للناشطة النيبالية ديبتي غورونغ.

كما سيحصل شعب مولدوفا على تكريم فخري لعمله كـ"منارة إنسانية"، نتيجة لدوره في "وضع الصعوبات الاقتصادية التي يمر بها جانباً، لتحوّل البلاد بسرعة مدارسها ومساحاتها المجتمعية ومنازلها إلى ملاذ آمن لأكثر من مليون شخص اضطروا للفرار من الحرب في أوكرانيا"، وفق بيان لمفوضية الأمم المتحدة، نُشر على موقعها الإلكتروني.

وسيتم توزيع الجوائز غداً الاثنين خلال حفل سيُقام في مدينة جنيف السويسرية.

 

ما هي جائزة نانسن؟

وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تأسست الجائزة عام 1954"إحياءً لإرث فريدجوف نانسن، العالم النرويجي، المستكشف القطبي والدبلوماسي والمفوض السامي الأول في حقبة عصبة الأمم، الحاصل كذلك على جائزة نوبل للسلام 1922".

ويحصل الفائز على مبلغ 150 ألف دولار أميركي تتبرع به حكومتا سويسرا والنرويج، بهدف متابعة مشروع موجه لمساعدة النازحين قسراً، يتم تطويره بالتشاور الوثيق مع مفوضية اللاجئين.

وخلال وجوده في المنصب لعشر سنوات بين 1920 و1930، ساعد نانسن مئات آلاف اللاجئين على العودة إلى وطنهم، وأسهمت جهوده في تمكين عدد كبير من الأشخاص من الحصول على إقامة قانونية وإيجاد عمل في البلدان، التي وجدوا فيها الملجأً.

وتقول المفوضية "أدرك نانسن أن إحدى المشكلات الرئيسية التي كان يواجهها اللاجئون هي افتقارهم لوثائق هوية معترف بها دولياً، فعمل على إيجاد حل عرف بجواز سفر نانسن، كان أول صك قانوني يُستخدم لتوفير الحماية الدولية للاجئين". 

يُشار إلى أن أول من فاز بجائزة "نانسن للاجئ" كانت إليانور روزفلت، وهي أول رئيسة للجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وهي قرينة الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، وعُرفت بدورها في صياغة الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان.

"مبادرة روح"

من بين النساء الخمس، فازت السودانية ندى فضل، عن فئة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهي تُدير مركز "مبادرة روح" الواقع في مدينة الإسكندرية بمصر، حيث يتلقى فيه اللاجئون خدمات الرعاية الصحية المجانية والتدريب على المهارات.

بحسب تقرير للمفوضية عن رحلة فضل (31 عاماً) التي أوصلتها لنيل جائزة "نانسن للاجئ"، فقد وصلت إلى الإسكندرية عام 2015 بمفردها، وليس لديها سوى التصميم على إعادة بناء حياتها.

لكن التكيّف مع الحياة في بلد جديد كان "أمراً صعباً" بالنسبة لفضل، خصوصاً أنها لم تكن تعمل أو تواصل دراستها، لذلك قررت أن تعلم الأطفال اللاجئين في الحيّ الذي عاشت فيه، وكان معظمهم من السوريين.

تقول: "كانوا يسألونني: كيف أحل هذه المسألة؟ وكيف أقرأ هذا؟ وكيف أفعل ذلك؟ لذا، قررت جمعهم معاً وإعطاءهم دروساً في المنزل".

وسرعان ما أسست لنفسها سمعة جيدة داخل المجتمع، مما أدى إلى حصولها على طلبات إضافية للمساعدة، لتتعاون على أثر ذلك مع مجموعة لاجئين آخرين، أطلقوا معاً "مبادرة روح" من أجل حشد المزيد من الدعم للاجئين.

وعندما بدأ مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب الأهلية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الوصول إلى مصر، قامت فضل في البداية بإشراك شباب آخرين من مجتمعات اللاجئين والمضيفين في الإسكندرية للعمل معها بهدف مساعدة الأسر التي تقطعت بها السبل في مدينة أسوان الجنوبية.

وسافرت اثنتان من صديقاتها إلى أسوان لتقييم الوضع وبناء جسر من التواصل مع السكان المحليين في المدينة، وعند العودة إلى الإسكندرية، بدأت المجموعة على الفور في عملية جمع التبرعات.

تقول فضل "جمعنا التبرعات من السكان هنا ثم أرسلناها إلى أصدقائنا في أسوان لشراء العصير والماء والوجبات وتسليمها للأشخاص الذين يصلون الحدود".

وباعتبارها في صفوف الاستجابة الأولى على الأرض، تمكنت "مبادرة روح" من مساعدة مئات الوافدين الجدد. وبالإضافة إلى تزويدهم بالوجبات الساخنة والمساعدات النقدية، حرصوا على ربط الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والمرضى وكبار السن، بالسكان المحليين الذين قدموا لهم مساكن مؤقتة.

ندى، المتطوعة المثابرة ، الشخصية الفعمة بالقوة التي استطاعت بجهودها أن تساعد مجتمعات اللاجئين، بمختلف جنسياتهم حيث قدمت...

Posted by Caritas Egypt - Alex Refugees' Office on Wednesday, October 9, 2024

معالج السلام

"ولدت منصة معالج السلام جراء الحرب، لذا فإن مهمتنا دائماً هي بناء السلام - السلام الداخلي والسلام في العالم. كل شيء يبدأ من داخلنا"، تقول اللاجئة السورية من مدينة الرقة، المقيمة في تركيا، جين داود.

وبسبب عمل هذه المنصّة التي أنشئت على أثر زلزال كهرمان مرعش في 6 فبراير 2023، الذي ضرب مناطق واسعة في جنوب شرق تركيا والشمال السوري بالإضافة لمدن عدة واقعة تحت سيطرة النظام السوري، نالت مؤسستها داود جائزة "نانسن للاجئ".

وجاء في تقرير نشرته مفوضية اللاجئين الأممية أن فكرة منصّة "معالج السلام" خطرت لداود (26 عاماً) أثناء حضورها دورتين تدريبيتين خلال دراستها الجامعية، إحداهما عن تطوير تطبيقات أندرويد والأخرى عن ريادة الأعمال

تبيّن داود "في تلك اللحظة، بدأت العمل على الموضوع، وكان بمثابة الأمل بالنسبة لي. وعلى الرغم من كل الصعوبات والتجارب التي مررت بها، كنت واثقة من أن شخصاً آخر في مكان آخر يعاني منها".

أعدّت خطة عمل مفصلة وبدأت العمل مع مطوري البرمجيات وعلماء النفس لبناء المنصة. وتم إطلاق الشركة بعد عامين، ولديها الآن قائمة من 100 أخصائي/ة نفسي/ة يقدمون جلسات علاجية عبر الإنترنت باللغات التركية والعربية والكردية والإنكليزية.

وفي حين أن هناك من يستطيع تحمل تكاليف الجلسات الفردية أو الجماعية، يمكن للفئات الضعيفة مثل اللاجئين الوصول إليها مجاناً.  

ونظراً لتفانيها في تقديم الدعم الصحي النفسي للاجئين وغيرهم من الناجين من الصدمات، تم اختيار  داوود كفائزة إقليمية بالجائزة فئة أوروبا.

تعلّق داود على فوزها "ردود الفعل من المستفيدين من خدماتنا هي أكبر مكافأة بالنسبة لي، ولكن الفوز بهذه الجائزة له معنى كبير، فهو يمنحني الدافع والشجاعة لمواصلة هذا العمل".