رئيس النظام السوري بشار الأسد يلتقي ببعض جنود جيشه
الأسد يسعى إلى جيش ذو ولاء أكبر

في وقت تفتح وزارة الدفاع التابعة لنظام الأسد الباب على مصراعيه بهدف استقطاب "متطوعين جدد للانضمام إلى الجيش" تتوالى قرارات تسريح العسكريين من الخدمة الاحتياطية بموجب خطة كشف مسؤول النقاب عنها في يونيو الماضي، قائلا إن عملية تنفيذها "ستكون على 3 مراحل".

وما بين "تسريح" ستنتهي أولى مراحله نهاية العام الحالي و"عروض تطوع" غير مسبوقة يروج لها على المنصات الرسمية تثار تساؤلات عن الأسباب التي تقف وراء ما يحصل. فما الذي يريده الأسد؟ وما الهدف من "الجيش الاحترافي والمتطور" الذي حدده اللواء أحمد سليمان كهدف يراد تحقيقه في النهاية.

وكان سليمان، وهو المدير العام للإدارة العامة في وزارة الدفاع السورية، قال قبل ثلاثة أشهر عبر التلفزيون الرسمي إنه "سيتم تسريح عشرات الآلاف حتى نهاية العام الحالي ومثلهم العام القادم، مع المحافظة على الجاهزية القتالية، وتحقيق مصلحة أبناء الوطن".

ورسم خطا زمنيا لعملية التسريح خلال عامي 2024 و2025، مضيفا أنه وفي أعقاب تطبيق القرارات الصادرة عن رئيس النظام الأسد بخصوص ذلك "سيتم التحول والوصول إلى جيش متطور يعتمد على المتطوعين، من خلال عقود التطوع الجديدة".

وبالفعل كان النظام قد سرح خلال الأشهر الماضية آلاف العسكريين من الخدمة الاحتياطية، وخاصة أولئك الذين أتموا مدة 5 سنوات ونصف السنة، وكان لافتا في مقابل ذلك بدء وزارة دفاعه الترويج لعروض "تطوع"، تشمل الكثير من الحوافز المالية وبدل السكن والمواصلات.  

آخر تلك العروض نشرتها وزارة الدفاع السورية عبر "فيسبوك"، يوم الأربعاء، وجاء في نصه أن راتب المتطوع يتراوح مع التعويضات ما بين 1.8 مليون إلى مليوني ليرة سورية، وأنه سيحصل على مكافأة بدء خدمة ومكافأة سنوية.  

وبالإضافة إلى ذلك تضمنت العروض، التي تستهدف الراغبين بالتطوع في الجيش، السماح للمتخلفين عن الخدمة الإلزامية التقدم للعقود، كما يسمح لمن يؤدي حاليا الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية التطوع في حال لم يتجاوز عمر الشخص 32 عاما.  

ويضم "الجيش السوري" إجمالا ثلاث مجموعات رئيسية، المتطوعون في السلك العسكري، والملتحقون بالخدمة العسكرية الإلزامية، والمكلفون بالخدمة الاحتياطية.

وتأتي الخطوات التي يسير بها النظام على صعيد هذه المؤسسة العسكرية في وقت تعيش الجبهات على الأرض حالة من الهدوء النسبي، وجاءت بعد عمليات "إعادة هيكلة" أجراها الأسد، واستهدف بها البيت الداخلي لـ"حزب البعث" والمؤسسة الأمنية.

ويقول خبراء عسكريون مختصون إن الهدف مما يجري يصب في إطار حالة من "تغيير الدماء"، بهدف الوصول إلى "جيش ذو ولاء أكبر".

ومن جانب آخر، يشيرون إلى أن هدف الوصول إلى "الجيش الاحترافي والمتطور" الذي تحدث عنه اللواء سليمان في يونيو الماضي يندرج تقييم مضمونه ضمن مسارين.  

لماذا يسرّح ويطوّع؟  

بوجهة نظر الباحث المتخصص بالعلاقات العسكرية المدنية بمركز "عمران"، محسن المصطفى فإن النظام السوري يسعى لاستقطاب المتطوعين لـ"تشكيل كتلة صلبة داخل الجيش".

وتعتمد هذه "الكتلة الصلبة" على الأفراد المتطوعين الذين يتمتعون بولاء أكبر للنظام مقارنة بالمجندين من الخدمة الإلزامية، والذين يُنظر إليهم على أنهم أقل موثوقية بسبب الانقسامات الاجتماعية والطائفية، وفق حديث الباحث لموقع "الحرة".

ويضيف في المقابل أن "تسريح دفعات من الخدمة الاحتياطية والإلزامية يأتي كجزء من هذه الاستراتيجية لتخفيف الأعباء على بعض القطاعات المدنية"، وفي "محاولة لتخفيف موجات اللجوء في ظل هجرة العديد من الشباب هربا من الخدمة الطويلة، ناهيك عن الأسباب الأخرى للجوء والهجرة".

ومن جانبه يرى الباحث في شؤون جماعات ما دون الدولة، عمار فرهود أن لجوء النظام للمجندين المتعاقدين يراد منه "ضخ دماء جديدة في المؤسسة العسكرية".

هذه الدماء بحسب ما يقول لموقع "الحرة": "ستكون مختلفة تماما عن القديمة، من خلال كون دافع الانتساب للمؤسسة دافعا ذاتيا وليس خارجيا قسريا".

ويوضح فرهود أن ما سبق يصل إلى نقطة "تكون فيها العقيدة القتالية للمقاتل المتطوع أكثر صلابة من المقاتل المجند إجباريا".

كما أن فتح باب التطوع يساعد النظام على إدخال الجنود في العقائد القتالية الجديدة التي يعتمدها، لكونهم غير معتادين على عقائد "الجيش السوري" القتالية القديمة والتي لم تجد نفعا في الحرب ضد تشكيلات فصائل المعارضة.

وبمعنى آخر، يرى الباحث السوري أن "متطوعين جُدُدا من تلقاء أنفسهم يعني قدرة عالية على إعادة بناء التشكيلات القتالية في الجيش".

ويتابع: "أي أن النظام ومن خلفه روسيا لن يواجهوا مشكلة شخصية مع المقاتل، كونه جاء من تلقاء نفسه، ولذلك إمكانية الهروب والانشقاق ستكون ضعيفة".

وكذلك "لن يواجهوا مشكلة تقنية"، حيث إن "المقاتل القادم برغبة عارمة للمؤسسة العسكرية، وبدون تجربة أو خبرة عسكرية سابقة سيجعل من السهولة بمكان تشكيل ذهنيته العسكرية كما يريد النظام"، وفق ذات المتحدث.

لماذا "الجيش الاحترافي" الآن؟  

ويحظى النظام السوري منذ سنوات بدعم عسكري من روسيا وإيران.

ومع ذلك، تختلف طبيعة ورؤية كل من هذين الداعمين على الأرض، وهو ما تشير إليه خارطة التشكيلات على الأرض والخطوات المتعلقة بالتعاطي مع "الجيش السوري" ككل.

وكانت إيران زجت بالكثير من الميليشيات لمساندة قوات النظام السوري على الأرض ضد فصائل المعارضة، واتبعت روسيا مسارا مختلفا ترجمت غالبية تفاصيله من خلال الضربات من الجو وإنشاء القواعد الثابتة مثل "حميميم" بريف اللاذقية.

وشيئا فشيئا وبينما كانت الكفة العسكرية تميل لصالح الأسد على الأرض اتبعت موسكو بعد عام 2018 سلسلة خطوات لافتة.

وتمثلت بإجراء تدريبات لجنود "الجيش السوري" في أكثر من منطقة وعلى مختلف أنواع الأسلحة، ووصلت أيضا إلى نقطة دعم فرق وتشكيلات بعينها، ويتصدرها الآن "الفرقة 25".  

وبحسب ما تشير إليه رواية وزارة الدفاع التابعة للنظام فإن عمليات التسريح وما يرافقها من الاتجاه لاستقطاب "المتطوعين" تستهدف الوصول إلى "جيش احترافي ومتطور".  

وفي حين لا تبدو ملامح قريبة للشكل الذي سيكون عليه ذاك "الجيش" يعتقد الباحث السوري المصطفى أن الهدف من وراء ذلك يعني "تشكيل قوة عسكرية مكونة من أفراد يتمتعون بولاء أكبر، ومهارات عالية، ومزايا مالية مشجعة، مما يتيح للنظام تعزيز قبضته العسكرية والأمنية بشكل أكثر فعالية".

المصطفى يوضح أن "كلمة جيش احترافي كلمة كبيرة جدا على جيش نظام الأسد".

ويقول إن "المعيار الأساسي بداخله الولاء وليس الاحترافية، ولكن يُطلق مصطلح (الاحترافي) عادة على الجيوش القائمة على التطوع".

ومع ذلك، لا يعني ما سبق أن جيش النظام بشكله المستقبلي "لن يتدرب أو يستخدم تكتيكات جديدة، ولكنه سيكون أقل بكثير من مواجهة قوة عسكرية منظمة أو جيش آخر، بمقابل فعالية تدميرية عالية في مواجهة الشعب السوري"، بحسب الباحث في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية".

ويشرح الباحث عمار فرهود أن "الجيش الاحترافي هو الذي يمتلك ميزة الجيوش الحديثة، والمتمثلة بالقدرة العالية والسريعة على التأقلم مع طبيعة الخصم وميدان المعركة".

ويواجه النظام السوري في الوقت الحالي "خصوما من مستوى الدولة ومستوى ما دون الدولة، وهو بحاجة لبناء تشكيلات قادرة على مواجهة هذه التحديات من ناحية الهيكلية (خماسية غير تخصصية)".

وكذلك من ناحية التكتيكات القتالية (القتال وفق نظام الأسلحة المشتركة)، أي شيء شبيه بالقوات الخاصة في الجيوش الحديثة، وفقا لفرهود.

وبالتالي يرى الباحث أن "التغيير المنشود هو على المستوى الاستراتيجي شاملا فيه الأداء والمسار معا".

ويتابع: "نستطيع القول باختصار بأن الأسد يريد جيشا سريع الحركة نوعيّ التسليح قادر على القتال في أي ميدان، ويمتلك القدرة على اتخاذ قراره على مستوى أركان العمليات بشكل مستقل عن الأركان العامة".

من يموّل الحوافز والمغريات؟  

وفي تقرير نشره المكتب الأوروبي لدعم اللجوء، في أبريل 2021 قال إنه "تم الإبلاغ عن التهرب من التجنيد كأحد الأسباب الرئيسية لفرار الشبان فوق 18 عاما من سوريا. علاوة على ذلك، هو أيضا أحد الأسباب الرئيسية لعدم تمكنهم من العودة".

وبحسب استفتاء أجرته المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عام 2019 في لبنان والعراق ومصر والأردن، شكل تجنب الخدمة العسكرية أحد الأسباب الرئيسية التي تحول من دون نيتهم بالعودة إلى بلدهم.

لكن وفي مقابل ذلك لا تشمل الصورة المذكورة أعلاه أولئك الشبان المقيمين في داخل مناطق سيطرة النظام السوري، والذين يعيشون أوضاعا اقتصادية صعبة، فرضها ارتفاع معدلات البطالة.

ولا يعرف ما إذا كان النظام السوري قادرا على تمويل الهيكل الجديد لـ"الجيش الاحترافي" القائم على المتطوعين. ورغم العزلة الاقتصادية والسياسية التي يعيشها الأسد لن يكون ذلك عاملا مؤثرا لتطبيق الخطوات القائمة، وفقا لحديث الخبراء.  

وربما من الممكن أن يستطيع النظام السوري تمويل عملية التطوع، على الرغم من الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعاني منه والعقوبات المفروضة عليه، بحسب الباحث السوري المصطفى.  

ويشير إلى أن النظام "يعتمد بشكل كبير على الدعم المالي والعسكري من حلفائه، مثل روسيا وإيران وربما يتقاضى أموال خليجية لمساعدته، ويقوم بتحويلها للجهد العسكري بدل من الاستفادة منها في تحسين حياة السوريين في مناطق سيطرته".

كما سعى النظام مؤخرا إلى توليد موارد إضافية، من خلال تعديل القوانين للسماح بدفع بدل نقدي عوضا عن الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية، مما يعكس حاجته لمصادر تمويل متنوعة لدعم هذا التحول في بنية الجيش.

ويوضح الباحث فرهود أن "النظام يمتلك اليوم اقتصادا خاصا به لا يدخل في ميزانية الدولة، ويَدُرُّ عليه عوائد مرتفعة".

ويعتمد "اقتصاده الخاص" على الموارد القادمة من "إنتاج وتهريب حبوب الكبتاغون، وإدارة مصالح الطبقة التجارية العليا السورية".

ويرى فرهود أن هذا "الاقتصاد" يقدم عوائد مالية مرتفعة للنظام ويستطيع من خلالها تغطية هذه النقلة، كما أن الرواتب الخاصة بعقود التطوع ليست بالمرتفعة جدا، ولا يتعدى أفضلها حاجز 300 دولار شهريا.

"مشروع أوسع نطاقا"

وفي مقابل ما يعمل عليه النظام السوري على صعيد "جيشه" تشهد الأراضي السورية انتشار جيوش أخرى، منها ما هو محلي والآخر يعود لدول حليفة و"معادية" كما تنظر إليها دمشق.  

ويسيطر تحالف "الجيش الوطني السوري" المعارض والمدعوم من تركيا على مناطق واسعة من ريفي حلب الشمالي والشرقي، وبموازاة ذلك ينتشر آلاف المسلحين في إدلب، ويتبعون لـ"هيئة تحرير الشام".  

وإلى أقصى الشمال الشرقي للبلاد ما تزال "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) حاضرة على الأرض، وتحظى بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.  

ومن ناحية أخرى، وبالنظر إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام فقط فلا يقتصر الانتشار العسكري على "جيشه" الرسمي، بل هناك ميليشيات يرتبط الجزء الأكبر منها بـ"الحرس الثوري" الإيراني.  

ويعتقد الباحث السوري مصطفى أن "فتح باب التطوع" له هدف آخر، ويتمثل بأن "الامتيازات المقدمة تضاهي، بل وأفضل من امتيازات عقود التطويع في الميليشيات الموالية والمنتشرة على الأرض".

وقد يسعى النظام من خلال العقود التي يروّج لها "إلى سحب عناصر الميليشيات ودمجهم كأفراد لا كتل بذاتها ضمن المؤسسة العسكرية الرسمية".

وبمعنى آخر "أي أنه يحاول إنهاء الميليشيات عبر تجفيف مواردها البشرية لصالحه، وذلك دون المساس بكينونتها في الوقت الحالي على الأقل"، بحسب المصطفى.  

ويعتقد الخبير في الشؤون السورية بمؤسسة القرن، آرون لوند أنه وبشكل عام توجد 3 أسباب وراء عروض التطوع وقرارات التسريح من الخدمة الاحتياطية.

ويوضح لوند لموقع "الحرة" أن السبب الأول ربما يرتبط بتباطؤ الصراع كثيرا على الأرض، وبالتالي أصبح النظام يحتاج إلى عدد أقل من القوات.

ومن جانب آخر يشير لوند إلى سبب آخر يرتبط بـ"مساعي كسب الشعبية".

ويشرح حديثه بالقول: "تم استدعاء الشبان لفترة طويلة، وهذا مصدر إحباط، بما في ذلك بين السوريين الذين يؤيدون الأسد".

كما أن حقيقة أن الخدمة الاحتياطية أصبحت محدودة تجعلها أقل إيلاما، وهو ما قد يحد من حالات الفرار ويقلل من المخاوف بشأن الخدمة العسكرية.

الخبير في مؤسسة القرن لا يستبعد أن تكون قرارات التسريح مرتبطة أيضا بشق اقتصادي، وهو ما أشار إليه الباحث المصطفى في أثناء حديثه.  

ويضيف لوند: "نظرا للمشاكل الاقتصادية العميقة التي تعاني منها سوريا، فربما يكون من المنطقي محاولة تحرير المزيد من العمالة للقيام بأعمال إنتاجية".

ومع ذلك يسعى النظام السوري أيضا إلى "تنفيذ مشروع أوسع نطاقا لإصلاح وتغيير هيكل القوات المسلحة، وقد يكون هذا أيضا جزءا من التفسير"، حسبما يعتقد الخبير في الشؤون السورية لوند.

"قسد" مدعومة من الولايات المتحدة وتشارك في مهام محاربة داعش
"قسد" مدعومة من الولايات المتحدة وتشارك في مهام محاربة داعش

على الرغم من إعلان فصائل عديدة في سوريا حلّ نفسها، إلا أن قوات سوريا الديمقراطية أكدت أنها غير مستعدة لإلقاء سلاحها بعد، الأمر الذي يؤكد أن التوترات بين الإدارة الانتقالية الجديدة و"قسد" لن تنتهي قريبا.

ويبدو أن هذا التوتر قد أجج المخاوف من أن يتم خلال المرحلة القادمة إقصاء قسد من العملية السياسية، سيما بعد إعلان اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني، عدم دعوتها لقسد التي قالت أنها لا تمثل جميع سكان شمال سوريا، إضافة إلى كونها قوة مسلحة.

يقول هنري إنشر، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق، في تصريح لقناة الحرة، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستواجه تحديات كبيرة في إدارة توازن العلاقات بين تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تعتبر الحليف الأساسي للولايات المتحدة في محاربة تنظيم داعش في سوريا.

في الوقت ذاته، أوضح إنشر، أن واشنطن تواجه ضغطًا من تركيا التي تصنف وحدات حماية الشعب الكردية التابعة لقسد كجناح عسكري لحزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابيًا من قبل أنقرة.

وأضاف إنشر أنه بشكل عام، بالنسبة لأي إدارة أميركية، تبقى العلاقة مع تركيا أكثر أهمية وأولوية من العلاقة مع الأكراد في شمال سوريا.

ويرى أن العلاقة مع الأكراد تقتصر في الأساس على التعاون في محاربة الإرهاب، بما في ذلك القضاء على تنظيم داعش وتأمين مراكز الاحتجاز التي تضم عناصر من التنظيم.

في المقابل، أوضح إنشر أن العلاقة مع تركيا تعد أكثر تنوعًا وأوسع نطاقًا، بالنظر إلى المصالح الاستراتيجية المشتركة بين البلدين، فضلاً عن القضايا الأمنية والقومية والاتفاقيات الدولية التي تربطهما. وهذا يجعل واشنطن ملزمة بالحفاظ على علاقة قوية مع أنقرة.

وأشار إنشر إلى أن هذا السياق قد يؤدي إلى ترك الأكراد في سوريا في مواجهة تحديات كبيرة خلال المرحلة المقبلة، حيث قد يواجهون ضغطًا كبيرًا من القوى الإقليمية الأخرى. 

ومن هنا، شدد على أن الولايات المتحدة يجب أن تحث الأكراد في سوريا على تعزيز علاقاتهم مع بقية الأطراف السورية، بما في ذلك الحكومة الانتقالية، في محاولة للحفاظ على الاستقرار وتحقيق نوع من التوازن في العلاقات مع كافة الأطراف المعنية.

وذكر إنشر أن واشنطن تفضل الحفاظ على علاقاتها الطيبة مع تركيا في إطار سياستها الشاملة في المنطقة.

فوزة يوسف، عضو الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي، قالت من جهتها إن الولايات المتحدة تحتفظ بعلاقات استراتيجية مهمة مع تركيا، ولديها القدرة على لعب دور محوري في تسوية الخلافات بين أنقرة والقوى الكردية في سوريا.

وأشارت في حديث للحرة، إلى أن واشنطن كانت قد تدخلت سابقًا في عام 2019 لمنع التصعيد العسكري بين تركيا وأكراد سوريا، حيث تم التوصل إلى اتفاق أسفر عن قرار تركي عدم مهاجمة المنطقة الكردية في شمال سوريا، وهو ما يعد سابقة في جهود الولايات المتحدة للتهدئة بين الطرفين.

وأوضحت يوسف أن الدور الأميركي يبقى بالغ الأهمية في الضغط على كل من أنقرة ودمشق، بهدف إعادة النظر في السياسات والممارسات المتبعة حاليًا، خاصة في ما يتعلق بالعلاقات بين الأكراد وبقية الأطراف السورية.

وأكدت أن الولايات المتحدة يمكنها أن تكون عاملاً رئيسيًا في إعادة رسم التوازنات السياسية في المنطقة.

أما بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فقد ذكرت يوسف أنها لا تمانع في الاندماج في الجيش السوري.

ولكنها أوضحت أن الوضع الراهن في المنطقة لا يسمح بذلك في الوقت الحالي، بسبب التعقيدات السياسية والأمنية، بالإضافة إلى التهديدات المستمرة التي يشكلها تنظيم داعش.

ولفتت إلى أن هذه القضايا الأمنية والسياسية يجب أن تؤخذ في الاعتبار قبل اتخاذ أي خطوات مستقبلية.

وعلى الرغم من هذه التحديات، أكدت يوسف أن أكراد سوريا مستعدون للحوار والنقاش مع الإدارة السورية الجديدة، بهدف إيجاد حلول مشتركة للأوضاع المعقدة في البلاد.

ومع ذلك، أشارت عضو الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي، إلى أن الطرف التركي يؤثر سلبًا على هذا الملف، حيث لا ترغب أنقرة في تعزيز العلاقات بين الأكراد وبقية الأطراف السورية، مما يزيد من تعقيد هذه المسألة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا أعلنت الإدارة السورية الجديدة عزمها بناء جيش جديد وحلت كافة الفصائل المسلحة، وضمتها تحت إمرة وزارة الدفاع.

إلا أن قوات سوريا الديمقراطية لا تزال الطرف الوحيد الذي لم يلبِ دعوة حصر السلاح، وأوضحت أنها ستبني قوات مسلحة مهمتها حماية الشعب ومصالح البلاد وأن اندماجها في الجيش سيكون بشروط.

هذا الموقف رد عليه رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع عندما قال إن قواته ستفرض سيادتها على كل أراضي سوريا تحت سلطة واحدة وانه لا يمكن القبول بوجود مجموعات مسلحة في سوريا تضم مقاتلين أجانب، ليحسم موقفه من قوات سوريا الديمقراطية واستعداده لمواجهاتها في حال تعثرت المفاوضات معها والتي قال الشرع أنها مستمرة.

اقصاء قسد من العملية السياسية دفع قيادات كردية لاتهام اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني باتخاذ قرارات لإرضاء أطراف خارجية.

 وأشارت إلى أن أي مؤتمر سوري يستبعد قسد أو الإدارة الذاتية لمناطق نفوذها لن يكون وطنياً وأنه سيكون تكرار سياسة الإقصاء للنظام السابق لسوريا، حسب تعبيرهم.

وقالت الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، السبت، في بيان، إن اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في سوريا لا تمثل كافة مكونات البلاد.

وأكدت أنه لا يمكن إجراء أي حوار وطني في ظل الإقصاء والتهميش المتَّبع من قبلها بهذا الشكل في إشارة إلى استبعاد قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا من الحوار الوطني المزمع عقده قريباً في العاصمة دمشق.

وأفادت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في سوريا أنه لن تتم دعوة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى مؤتمر الحوار الوطني كونها لا تمثل جميع سكان المنطقة الشرقية كما أن إرسال الدعوات لحضور المؤتمر لن يكون على أساس ديني أو عرقي أو لكيانات محددة.