برزت حديثا مؤشرات متتالية على تقارب النظام السوري مع دول عربية وخليجية، مقابل تراجع علاقاته مع إيران وحلفائها في المنطقة، ولا سيما حزب الله وحماس.
يتزامن هذا المشهد مع دور متزايد لروسيا، تسعى إسرائيل إلى توظيفه لتعميق الفجوة بين دمشق وطهران وحزب الله، ما قد يسهم في تقليل تدفق الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله اللبناني المصنف منظمة إرهابية وفق القوائم الأميركية.
ملامح هذا الانفصال ظهرت في عدة صور، أبرزها غياب رئيس النظام السوري، بشار الأسد، عن مراسم تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في طهران.
وأصدرت دمشق، كذلك، بيانا بدا باهتا إثر مقتل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وكان ذلك شبه تأكيد على التباعد السوري-الإيراني.
إلى ذلك، لاحظ مراقبون أن التعامل السوري مع هجوم السابع من أكتوبر في إسرائيل جاء دون المستوى المتوقع، إذ اكتفت دمشق بالتنديد بالهجمات الإسرائيلية على غزة ردا على هجوم مقاتلي حماس، بينما اعتبر مراقبون أن الهدوء الحدودي في الجولان (باستثناء بعض الهجمات الصاروخية المحدودة) ملمح آخر على التغير الحاصل في موقف نظام الأسد.
وتبقى مصادرة النظام السوري لأسلحة حزب الله في الشهر الماضي، بعد مداهمة مستودع ذخيرة في ريف دمشق، أبرز جهود دمشق لتقييد نشاط الحزب في الداخل السوري، وذلك وفقا لما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان.
تعليقا على هذه التطورات، قال الدبلوماسي الأميركي السابق، جيمس جيفري، إن الإدارة الأميركية الحالية وكذلك إسرائيل مهتمتان بأي تقدم في العلاقات مع دمشق "خاصة لوقف تدفق السلاح إلى حزب الله في لبنان، وابتعاد الأسد عن إيران".
وخلال مشاركته في برنامج "الحرة الليلة"، شدد جيفري على أن روسيا أيضا مهتمة بهذا التوجه. وقال إن موسكو "لا تريد أن توسع الحرب عبر إيران ووكلائها ضد إسرائيل".
وفي سياق تأكيده على أن روسيا لا تعارض النهج الساري في سوريا، لفت المتحدث إلى أن موسكو لم تعارض مثلا دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية.
وأوضح جفري قوله إن "مساعدة الأسد لحزب الله كانت مشكلة لنا ولإسرائيل"، مضيفاً: "أما الآن، الأسد بقي بعيداً عن النزاع الحالي رغم العنف المتصاعد" منذ أكتوبر 2023.
جيفري ردّ تغير مواقف الأسد إلى السياسات التي انتهجتها الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل "ودول أخرى"، وفق تعبيره.
لكن المحلل الروسي، الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية، رولاند ديغاموف، يرى أن "هذا التقييم لمواقف النظام السوري فيه نوع من المبالغة".
وخلال مقابلة من موسكو مع البرنامج، شدد ديغاموف على فكرة أنه "لا يزال هناك نفوذ إيراني في سوريا"، قبل أن يستدرك قائلا: "لكن هناك ربما بعض التغيرات"، وفق تعبيره.
الرجل عاد ليؤكد أن "من الصعب في الوقت الحالي أن نقول إن تغيرات جذرية حصلت" في علاقة نظام الأسد بإيران وحزب الله.
بخصوص التغيرات المرتقبة في علاقة واشنطن بموسكو مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع يناير المقبل، قال جيمس جيفري: "إذا رد الأسد بطريقة ملائمة لمخاوف أميركا وتركيا وإسرائيل، فقد يؤدي ذلك إلى تخفيف الضغط عليه".
في المقابل، قال الضيف الروسي إن بلاده حققت كل أهدافها التي كانت تسعى إليها في سوريا، مشيراً إلى أن "موسكو لديها وجود عسكري استراتيجي في شرق حوض البحر المتوسط"، بالرغم من أنها لم تستكمل هدف إعادة إعمار سوريا، وفق قوله. ثم أردف: "أعتقد أن دور روسيا في سوريا وصل إلى حده الأقصى".