لقطة من مقطع الفيديو المنتشر لاقتحام القصر
لقطة من مقطع الفيديو المنتشر لاقتحام القصر

سيطرت فصائل مسلحة، الأحد، على قصر الضيافة الرئاسي في مدينة حلب، ونشرت مواقع معارضة للنظام لقطات توثق تجوّل مقاتلين في القصر.

ومنذ الأربعاء، بدأت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة)، مع فصائل معارضة أقل نفوذا، هجوما مباغتا يُعدّ الأعنف منذ سنوات بمحافظة حلب، حيث تمكنت من السيطرة عليها، إلى جانب عشرات البلدات والقرى بمحافظتَي إدلب وحماة المجاورتين.

ولم يتسن لموقع "الحرة" التحقق من الفيديو أو موعد نشره.

ودعت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، الأحد، جميع الأطراف في سوريا إلى خفض التصعيد وحماية المدنيين.

وحثت الدول الأربع على الحفاظ على البنية التحتية في المناطق التي تعرف اشتباكات بين قوات النظام السوري والمعارضة المسلحة، "من أجل منع مزيد من النزوح".

وقالت الدول في بيان مشترك، نشره مكتب المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية: "نُراقب الوضع عن كثب".

البيان أكد أن التصعيد الحالي لا يبرز سوى الحاجة الملحة لحل سياسي بقيادة سورية للنزاع، وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254.

وأصبحت حلب، ثاني كبرى مدن سوريا، خارج سيطرة الحكومة السورية للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في 2011، مع سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها على كل الأحياء حيث كانت تنتشر قوات النظام، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأحد.

وكانت القوات الحكومية قد استعادت السيطرة على كامل مدينة حلب نهاية عام 2016 بدعم جوي روسي، بعد معارك وجولات قصف وسنوات من الحصار للأحياء الشرقية فيها والتي شكلت معقلا للفصائل المعارضة منذ صيف 2012.

معظم رجال الأعمال في عهد الأسد فروا خارج البلاد
معظم رجال الأعمال في عهد الأسد فروا خارج البلاد

مع سقوط نظام بشار الأسد، شهدت سوريا تحولات كبيرة في بنيتها الاقتصادية، كان أبرزها هجرة عدد كبير من رجال الأعمال البارزين الذين شكلوا عصب الاقتصاد السوري لعقود.

وهؤلاء الأفراد، الذين تراكمت ثرواتهم عبر ارتباطهم الوثيق بالنظام، وجدوا أنفسهم فجأة في مواجهة انهيار الحماية السياسية التي ضمنت لهم السيطرة على القطاعات الحيوية في البلاد.

ويتخوف البعض من أن يتسبب خروج رجال الأعمال المرتبطين بالنظام بفراغ اقتصادي وأثر سلبي على القطاعات الاقتصادية المختلفة، لكون شركاتهم كانت عبارة عن شبكات مترابطة تشمل قطاعات الاتصالات، الشحن، التجارة، والخدمات، كما أن ارتباط استثماراتهم الوثيق بمؤسسات الدولة، جعل أي تغيير في هيكلية السلطة السياسية ينعكس مباشرة على هذه الشركات وأعمالها، ويُعرّض الاقتصاد السوري، الذي يعاني أساسا من أزمات متراكمة، إلى تدهور أكبر.

أبرز رجال الأعمال الذين غادروا وأعمالهم

رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، كان يُعد من أقوى رجال الأعمال السوريين، وامتلك إمبراطورية اقتصادية شملت شركة الاتصالات "سيريتل"، ومشاريع أخرى في العقارات والخدمات.

وبعد خلافات مع النظام عام 2020، فرضت قيود على أمواله، ما أدى إلى انكماش دوره الاقتصادي، ولا يُعرف أين هو الآن.

محمد حمشو، الذراع الاقتصادي لماهر الأسد، كان يملك استثمارات في قطاعات العقارات والتكنولوجيا والبناء. من بين شركاته "مجموعة حمشو الدولية" و"شركة سيراكو".

بعد سقوط النظام، غادر حمشو البلاد ويُعتقد أنه استقر في الإمارات.

وفي الآونة الأخيرة، تصدر اسمه عناوين الأخبار مع أحاديث عن تسوية مالية كبيرة قُدرت بمليار دولار، عرض دفعها للإدارة السورية الجديدة مقابل تسوية وضعه القانوني.

خضر طاهر، المعروف بلقب "أبو علي خضر"، كان يسيطر على قطاع الشحن والنقل، بالإضافة إلى تأسيسه عدة شركات في المقاولات والسياحة والاتصالات.

أبرز شركاته "الياسمين للمقاولات" التي أدارت مشاريع ضخمة، و"إيلا للسياحة" و"القلعة للحماية والخدمات الأمنية"، بالإضافة إلى شركة "إيما تيل" المتخصصة في استيراد وتوزيع الهواتف الذكية والإلكترونيات بشكل حصري في السوق السورية، وتفيد التقارير بمغادرته البلاد بعد سقوط الأسد.

سامر فوز، برز اسمه كأحد أكبر رجال الأعمال خلال السنوات الأخيرة من حكم الأسد. امتلك فوز شبكة واسعة من الشركات تشمل "مجموعة أمان القابضة"، و"شركة صروح الإعمار" المتخصصة في البناء، و"شركة إيمار الشام للإنتاج الفني".

كما اشترى حصة كبيرة في "فندق فور سيزونز دمشق" عام 2018 وامتلك "مينا للسكر الكريستال" المتخصصة في إنتاج السكر.

فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على فوز بسبب استغلاله عدة مشاريع لمصلحة النظام، ومع تغيّر الظروف السياسية، تجمّد نشاط فوز بشكل ملحوظ.

مهند دباغ، ابن خالة أسماء الأسد، كان الواجهة المالية لمشروع "البطاقة الذكية"، الذي أشرف على نظام إدارة المشتقات النفطية وتوزيع الأغذية والمحروقات المدعومة.

وعند سيطرة الإدارة السورية الجديدة، ألغت هذا المشروع بشكل مباشر.

فراس الأخرس، شقيق أسماء الأسد، هيمن على قطاع الخدمات الطبية.

وكان مديرا عاما وشريكا مؤسسا لشركة "الوطنية للخدمات الطبية" التي كانت مسؤولة عن إنشاء المشافي والمعاهد الطبية.

بعد سقوط النظام، غادر الأخرس إلى الإمارات.

حسام قاطرجي، المعروف بلقب "حوت النفط"، كان يُدير تجارة النفط والغاز عبر شبكة واسعة من الشركات.

أدرجت الولايات المتحدة شركته على قائمة العقوبات عام 2018.

تشير تقارير إلى أنه غادر إلى روسيا بعد تدهور أوضاعه داخل سوريا.

رياض شاليش، ابن عمة بشار الأسد، كان يُدير شركة "عمران" لصناعة الإسمنت الحكومية، بالإضافة إلى شركات في البناء والتجارة.

استفاد بشكل كبير من منصبه لتحقيق مكاسب شخصية من المرافق الاقتصادية للدولة، بما في ذلك السطو على الحديد المستورد الذي كانت الجمارك تستولي عليه.

غادر شاليش إلى الإمارات مع سقوط النظام.

اقتصاد غير شرعي

وأوضح الخبير الاقتصادي، أدهم قضيماتي، في حديث خاص للحرة، أن الاقتصاد السوري الحالي يمر بمرحلة انتقالية، ويجب التفريق بين مرحلتين أساسيتين، مرحلة الأسد التي كانت تعتمد بشكل كبير على اقتصاد غير شرعي، قائم على تجارة الكبتاغون، وعمليات التهريب، وفرض الإتاوات، والابتزاز، ومرحلة ما بعد سقوط الأسد.

ويرى قضيماتي أن الاقتصاد السوري الآن يتجه نحو تعافٍ صحي ومستدام مستقبلا، إذ ستختلف طريقة إدارة الاقتصاد بشكل كامل عن المرحلة السابقة.

ويؤكد قضيماتي أن رجال الأعمال الذين كانوا جزءا من منظومة النظام القديم لن يكون لهم دور في المرحلة المقبلة، وغيابهم لن يؤثر على العملية الاقتصادية، "لأن الاقتصاد الجديد سيبنى على أسس مختلفة تماما".

مصير المشاريع والممتلكات

يشير قضيماتي إلى أن جميع مشاريع رجال الأعمال السابقين كانت مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالنظام، وكان من المستحيل لأي رجل أعمال تحقيق النجاح دون شبكة علاقات تربطه بالنظام، وتسمح له بتمرير الإتاوات والمحسوبيات.

لذلك، يرى الخبير أنه يجب التمييز بين رجال الأعمال التابعين للنظام بشكل مباشر، الذين لا معنى لإعادتهم إلى الساحة الاقتصادية، وبين من عملوا بطريقة أكثر استقلالية.

وأضاف "بالنسبة للفئة الأخيرة، هناك ضرورة لإعادة هيكلة أعمالهم بشكل قانوني يتماشى مع متطلبات المرحلة المستقبلية القائمة على الشفافية والقانون".

أما فيما يتعلق بالمشاريع والممتلكات، يقترح قضيماتي تشكيل لجنة لإدارة هذه الممتلكات بشكل مؤقت، أو طرحها في مزادات عامة، أو إدماجها في قطاعات مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص، بحيث يتم تقاسم الأرباح بشكل عادل بين الطرفين.

جذب الاستثمارات الجديدة

وعن إمكانية جذب الاستثمارات الجديدة، يرى قضيماتي أن ذلك أمر ممكن، ولكنه يعتمد على عاملين أساسيين وهما ضبط الأمن، وتأمين البنية التحتية، ويضيف "إذا تم توفير هذين الشرطين، من المتوقع عودة عدد كبير من التجار والصناعيين السوريين، بالإضافة إلى استقطاب المستثمرين الأجانب".

الأصول المصادرة

يؤكد قضيماتي عدم وجود بيانات رسمية حتى الآن بشأن الأصول المصادرة أو مصيرها، سواء كانت لإعادة تأهيلها، تشغيلها، أو بيعها في المزادات.

ويشير إلى أن معظم أموال رجال الأعمال والنظام قد تم تهريبها إلى الخارج، أما العقارات المتبقية داخل سوريا، فيرى أنها لن تكون ذات قيمة مرتفعة جدا في المرحلة المقبلة.