عناصر من الفصائل المسلحة في إدلب (رويترز)
عناصر من الفصائل المسلحة في إدلب (رويترز)

تمكنت فصائل المعارضة المسلحة في شمال سوريا من إحكام السيطرة على مدينة حلب، ثاني أكبر مدن البلاد، وما يحيط بها من ثكنات وأكاديميات عسكرية ومطارات، وتتجه الآن للتركيز على جبهة حماة، بعدما سيطرت على عدة قرى وبلدات في ريفها الشرقي.

وأعلن تحالف فصائل "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا، صباح الإثنين، استكمال عملية السيطرة على عدة قرى وبلدات في ريف حلب من الجهة الشمالية، قائلا إنه خاض عمليات ضد قوات النظام السوري و"وحدات حماية الشعب" الكردية.

ومن بين هذه القرى: أم العمد وتل رحال والجوبة والشيخ كيف، وتتبع جميعها إلى مدينة تل رفعت التي سيطر عليها تحالف الفصائل ضمن عملية أسماها بـ"فجر الحرية".

في المقابل، أعلنت فصائل مسلحة أخرى تنضوي ضمن غرفة عمليات ما بعرف بـ "ردع العدوان"، السيطرة على عدة قرى وبلدات في ريف مدينة حماة من الجهة الشمالية، ونشرت تسجيلا مصورا وثق استهدافها بالطائرات المسيرة للتعزيزات التي يستقدمها النظام السوري إلى المنطقة.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الإثنين، إن حصيلة القتلى من العسكريين والمدنيين نتيجة هجمات فصائل المعارضة، بلغت 446 منذ فجر يوم 27 نوفمبر الماضي.

هيئة تحرير الشام قادت المعارضة لإطاحة الأسد- أرشيفية من رويترز
بعد أحداث سوريا.. مخاوف من عودة نشاط الجماعات الجهادية في المنطقة
مراقبون يرون أن استغلال الجماعات الجهادية للوضع السوري لا يقتصر على العمليات المسلحة فقط، بل يمتد إلى تجنيد عناصر جديدة. الفقر والبطالة والنزوح الناتج عن الصراع المستمر يعد بيئة خصبة لاستقطاب الأفراد، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى الخدمات الأساسية والدعم الحكومي.

"على جبهتين"

تتركز عمليات الفصائل المسلحة في مدينة حلب ومحيطها بين "غرفتي عمليات"، الأولى تقودها فصائل مدعومة من تركيا والثانية تتصدرها "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة قبل أن تعلن انفكاكها عن القاعدة"، انطلاقا من إدلب.

وكانت الفصائل المدعومة من تركيا قد أطلقت هجوما السبت، واستهدفت به قطع الطريق أمام "وحدات حماية الشعب" من شمال شرق سوريا إلى حلب، وتمكنت بالفعل من تحقيق ذلك، بعدما سيطرت على مطار كويرس من الجهة الشرقية للمدينة.

كما سيطرت على مدينة السفيرة وجميع القرى والبلدات بينها خناصر، وقالت إنها قطعت الطريق ما بين الرقة وحلب.

وجاء الهجوم المذكور بعد دخول فصائل إدلب إلى مدينة حلب من الجهة الغربية، قبل يومين، والسيطرة على غالبية الأحياء الموجودة فيها وعلى مطارها الدولي وقطع كامل الطرق التي تصلها مع الشرق والجنوب.

ويقول النظام السوري إنه بصدد تنفيذ "هجوم مضاد" لاستعادة ما خسره في حلب.

لكن تركيز جيش النظام السوري يبدو منحصرا على نحو أكبر بجهة مدينة حماة الشمالية، في ظل أنباء عن نية الفصائل المسلحة إطلاق عملية جديدة هناك.

وشنت طائراته الحربية سلسلة غارات في الساعات الماضية على إدلب وحلب، أسفرت عن ضحايا مدنيين.

ماذا بقي في حلب؟

وهذه المرة الأولى التي يخسر فيها النظام السوري مدينة حلب ومحيطها، على صعيد تاريخ سوريا المعاصر. ولم يتبق خارج سيطرة الفصائل المسلحة في المدينة سوى حيين يخضعان لسيطرة مسلحين أكراد.

وذكرت مصادر إعلامية مطلعة من حلب لموقع "الحرة"، أن الفصائل المسلحة تفاوض المسلحين الأكراد هناك للخروج من الأحياء باتجاه مناطق شمال شرقي سوريا، حيث تسيطر "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

وتشمل المفاوضات أيضا وضع السكان الأكراد، والسماح لهم بالبقاء دون أن يتعرض لهم أحد.

وفي غضون ذلك، لا يزال الغموض يلف مصير الآلاف في عدة قرى وبلدات بريف حلب الشمالي، بعدما سيطرت فصائل "الجيش الوطني" المدعومة من تركيا عليها، في إطار عملية سمتها "فجر الحرية" كانت قد أطلقتها قبل يومين.



واستهدفت هذه العملية المنطقة المعروفة بـ"جيب تل رفعت"، وتمكنت من السيطرة عليها كاملا بالإضافة إلى مطار منغ العسكري الواقع فيها.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن أكثر من 200 ألف كردي سوري أصبحوا محاصرين بعد سيطرة الفصائل المسلحة على الجيب الذي يضم عدة قرى وبلدات.

كما أغلقت الطرقات أمام المواطنين الراغبين بالنزوح إلى مناطق أكثر أمنا، حسب المرصد.

في المقابل، قال القيادي في "الجيش الوطني السوري"، زياد حج عبيد، لموقع "الحرة"، إن عدد السكان في المناطق التي سيطروا عليها "يتراوح بين 30 إلى 40 ألف نسمة، وهم من العرب والأكراد".

وأضاف أن الفصائل "فتحت طريقا لهؤلاء السكان باتجاه أحياء الشيخ مقصود، وخيرتهم إما بالعبور إلى هناك أو البقاء مع تسليم المسلحين منهم لأنفسهم".

وإلى جانب ما سبق، ذكر مصدر إعلامي من مدينة السفيرة بريف حلب لموقع "الحرة"، إن أكثر من 3000 شخص من بلدتي نبل والزهراء تقطعت بهم السبل هناك.

وقالت المصادر إن هؤلاء "غير قادرين على الانتقال إلى منطقة أخرى، بعدما خرجوا من البلدتين اللتين كانتا تحت سيطرة الميليشيات الإيرانية وقوات النظام السوري لسنوات، باتجاه السفيرة."

وسيطرت فصائل "الجيش الوطني" على السفيرة، الأحد. وقال حج عبيد إن الفصائل "أمّنت" جميع المدنيين هناك و"تسعى إلى نقلهم إلى مناطق بعيدة عن المواجهات".

كبتاغون في ألعاب الأطفال بسوريا
كبتاغون في ألعاب الأطفال بسوريا

ضبطت إدارة الأمن العام السوري في اللاذقية، السبت، مستودعا ضخما قالت إنه من بقايا نظام الأسد لتعليب حبوب الكبتاغون ضمن ألعاب الأطفال والأثاث المنزلي.

ونشرت وكالة الأنباء السورية "سانا" لقطات تظهر كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون تم استخراجها من دراجات مخصصة للأطفال ومن قطع أثاث منزلي.

 

 

وأظهرت لقطات فيديو صادمة، أحد عناصر الأمن العام السوري في اللاذقية وهو يكسر دراجة لعب مخصصة للأطفال لتخرج منها كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون.

وأحرقت السلطات الجديدة في سوريا خلال الشهر الماضي، كميات كبيرة من المخدّرات، "بينها نحو مليون من حبوب الكبتاغون" التي كانت تنتج على نطاق واسع خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وكانت عناصر الأمن السوري الجديدة قد ذكرت عقب سقوط نظام بشار الأسد في الثامن ديسمبر، أنها اكتشفت مصانع إنتاج الكبتاغون في مواقع عديدة ومتنوعة، بعضها "لا يخطر على البال"، من القاعدة الجوية بمنطقة المزة قرب دمشق، إلى شركة تجارة وبيع سيارات في اللاذقية، وصولاً إلى مصنع وجبات خفيفة في دوما بريف دمشق.

ومنذ 2018، أصبح الكبتاغون أحد الأنشطة الرئيسية المتبعة من طرف النظام، لتحقيق مدخول من العملة الصعبة، يعوض به خساراته المالية الفادحة جراء الحرب، ويغطي جزءا مهماً من تكاليف مجهوده الحربي.

وتحولت سوريا إلى المنتج الأول لتلك المادة المخدرة على المستوى العالمي، وغزت حبوب الكبتاغون السورية كامل منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً دول الخليج مثل السعودية والإمارات، عقب تهريبها إلى كل من العراق والأردن ولبنان.

وصناعة الكبتاغون وتهريبه كانت تدر على دمشق 2.4 مليار دولار على الأقل، حسب الدراسات التي نشرها مشروع تتبع تجارة الكبتاغون بمعهد "نيو لاينز" في نيويورك.

وهذا الرقم يعتبر مرتفعاً إذا ما عرفنا أن الحجم الإجمالي لتجارة الكبتاغون في العالم، يقدر بنحو 10 مليارات من الدولارات.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت سلسلة عقوبات في هذا الخصوص، أولها قانون "كبتاغون" بنسخته الأولى، الذي استهدف بالتحديد شخصيات من آل الأسد ضالعة في عمليات التصنيع والتهريب والاتجار.