عناصر من الفصائل السورية المسلحة يدخلون حماة بعد معارك ضارية مع قوات النظام السوري
عناصر من الفصائل السورية المسلحة يدخلون حماة بعد معارك ضارية مع قوات النظام السوري

عادت هيئة تحرير الشام (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة) للواجهة من جديد بعد نجاحها مع فصائل مسلحة معارضة أخرى موالية لها في السيطرة على اثنيتين من كبريات المدن السورية هذا الأسبوع في عمليات خاطفة باغتت قوات النظام السوري وأجبرتها على التراجع.

الخميس، نجحت هيئة تحرير الشام في السيطرة على مدينة حماة، رابع كبرى المدن السورية والواقعة في وسط البلاد، بعد أيام على سيطرتها على حلب، ثاني كبرى مدن البلاد.

اقتحمت الفصائل حماة التي تعد مدينة استراتيجية في عمق سوريا وتربط حلب بدمشق، بعد معارك ضارية مع قوات النظام.

تعد هيئة تحرير الشام أقوى فصائل المعارضة المسلحة السورية وتتكون من مسلحين كانوا يدينون قبل ذلك بالولاء لتنظيم القاعدة الإرهابي.

طائرات مسيرة وأكاديمية عسكرية

قبل تطورات هذا الأسبوع، كانت الهيئة تتمركز بشكل رئيسي في محافظة إدلب، لكنها تمتعت بحضور عملياتي في محافظات أخرى مثل حلب وحماة ودرعا.

مؤخرا نشرت حسابات مقربة من الجماعة مقاطع مصورة اطلع عليها موقع "الحرة" تظهر لقطات لطائرات مسيرة يزعم أنها استهدفت مواقع تابعة لجيش النظام السوري في حلب وحماة.

وبحسب ذات المصدر فإن معظم الطائرات التي تستخدمها هيئة تحرير الشام من طراز "شاهين" المعروف عنها بالطيران على ارتفاعات منخفضة وبامكانها حمل متفجرات.

 

 

ولم يسبق وأن كشفت الفصائل وبينها "هيئة تحرير الشام" عن امتلاكها لهذا السلاح بالفعل، وبينما كانت تروج له في السابق أعلنت لأول مرة الزج به في ساحة المعركة وتحت اسم "طائرات شاهين" و"كتائب شاهين".

ونشرت الفصائل، خلال الأيام الماضية، سلسلة تسجيلات مصورة وثقت من خلالها استخدام الطائرات المسيرة في استهداف الدبابات والنقاط العسكرية التابعة للنظام السوري. وأظهرت أخرى إلقاء طائرات من نوع "شاهين" لقنابل على آليات عسكرية وثكنات.

وفي غضون ذلك كانت عملية إطلاق المسيرات تتم عبر طريقتين، يدويا وعن طريق أجهزة تحكم عن بعد.

وفقا لتصريح سابق للباحث فابيان هينز لموقع "الحرة" فإن الفصائل تستخدم طائرات المسيّرة بطريقة مشابهة جدا لاستخدامها في أوكرانيا، وكذلك، هناك طائرات درون تجارية رباعية المراوح يتم استخدامها، وهو شيء شاهدناه في العديد من النزاعات.

كما أن هناك نوعا من الطائرات الانتحارية التي يبدو أنها صُنعت داخل سوريا.

ومع ذلك يضيف الباحث في مجال الدفاع والتحليل العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: "لا نعرف ما إذا كانوا قد حصلوا على مساعدة خارجية أم لا، لكن يبدو أن هناك جهدا حقيقيا للتطوير المحلي ويظهر من التصميم".

أكاديمية عسكرية

في تقرير نشرته صحيفة "فايننشال" البريطانية، الخميس فإن الجماعة، التي عانت خلال السنوات الماضية من الانهاك جراء قتالها ضد قوات النظام، تمتلك اليوم أكاديمية عسكرية وقيادة مركزية ووحدات متخصصة يمكن نشرها بسرعة، بما في ذلك وحدات مشاة ومدفعية وعمليات خاصة ودبابات وطائرات المسيرة وقناصة.

وفقا لتقرير بصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، الخميس فإن الجماعة، التي عانت خلال السنوات الماضية من الإنهاك جراء قتالها ضد قوات النظام، تمتلك اليوم أكاديمية عسكرية وقيادة مركزية ووحدات متخصصة يمكن نشرها بسرعة، بما في ذلك وحدات مشاة ومدفعية وعمليات خاصة ودبابات وطائرات المسيرة وقناصة.

وتمتد قدرات المجموعة المسلحة لأبعد من ذلك بعد أن تمكنت من تطوير صناعة محلية لأسلحة وعتاد وتحولت على مدى السنوات الأربع أو الخمس الماضية إلى ما يشبه قوة عسكرية شبه مكتملة، بحسب الصحيفة.

بالإضافة لما تمكنت من الاستيلاء عليه من أسلحة خلال معاركها مع الجيش السوري والفصائل المسلحة المحلية الأخرى منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011، لدى الجماعة قدرات عسكرية أخرى اكتسبتها من خلال التصنيع المحلي، لا سيما الطائرات المسيرة والصواريخ.

الطائرات المسيّرة

مكّنتها هذه الخطوة من تشكيل تهديدات جديدة لنظام يفتقر إلى قدرات فعالة لمواجهة الطائرات المسيّرة.

في الأيام الأخيرة، نشرت الجماعة لقطات مصورة لهجمات انتحارية بالطائرات المسيرة استهدفت اجتماعا لقادة في مبنى للجيش السوري، وهجوما آخر بالطائرات المسيرة على قاعدة جوية في مدينة حماة.

تنتج الجماعة طائرات مسيرة في ورش صغيرة تقع في منازل أو مرائب أو مستودعات جرى تحويرها في حماة.

تعتمد هيئة تحرير الشام على الطابعات ثلاثية الأبعاد عند عدم توفر الأجزاء المطلوبة، وفقا للخبراء.

واستخدمت الجماعة في عمليات الأخيرة طائرات مسيرة صاروخية محلية الصنع ونماذج أكبر قادرة على السفر لمسافات أطول وحمل حمولة أكبر.

كذلك استخدمت هيئة تحرير الشام الطائرات المسيرة في عمليات الاستطلاع واستهداف قوات النظام وإسقاط منشورات فوق المناطق المدنية لتشجيع الانشقاقات.

صواريخ بعيدة المدى

استثمرت المجموعة أيضا في إنتاج الصواريخ بعيدة المدى والصواريخ الموجهة وقذائف الهاون.

وخلال هجومها الأخير، كشفت الجماعة عن نظام صواريخ موجهة جديد يُعرف عنه القليل حتى الآن، لكن خبراء أبلغوا الصحيفة أنه "صاروخ ضخم بحمولة كبيرة ويُعتقد أن اسمه قيصر".

ويُعتقد إن هذا الصاروخ، الذي يصل مداه لعشرات الكيلومترات، حلّ محل استخدام الشاحنات المفخخة الانتحارية التي كانت الجماعة تعتمد عليها قبل خمس سنوات. 

مشهد عام من العاصمة السورية دمشق - رويترز
مشهد عام من العاصمة السورية دمشق - رويترز

أثارت الدعوة التي أطلقها الحقوقي وأحد أبرز المعارضين لنظام بشار الأسد السابق في سوريا، هيثم مناع، لعقد اجتماع يتناول الأوضاع في البلاد الكثير من الجدل، خاصة بشأن تشكيل "جسم سياسي" مناوئ للسلطات الجديدة بدمشق، والتي يقودها رئيس البلاد في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.

في حديثه إلى موقع "الحرة"، أكد مناع أن ثمة لغطًا كبيرًا أُثير بشأن سعيه لتشكيل جسم سياسي معارض للسلطات الجديدة في دمشق، رافضًا في الوقت نفسه إطلاق مصطلح "الأقليات" على جميع مكونات الشعب السوري.

واعتبر مناع أن ما تم تداوله حول توجه شخصيات سورية لعقد اجتماع موسع بتاريخ 15 فبراير الحالي بهدف الإعلان عن تأسيس جسم سياسي معارض للسلطة الجديدة في سوريا، برئاسة أحمد الشرع، جاء في إطار سعي بعض الإعلاميين لوضع عناوين مثيرة.

وأحال مناع موقع "الحرة" إلى رسالة نشرها على حسابه الرسمي في "فيسبوك" لتوضيح موقفه من تلك التقارير، وجاء فيها أن تسميته "منسق اللجنة التحضيرية" لاجتماع "القوى والشخصيات المدنية والسياسية" المزمع عقده في جنيف والداخل السوري في 14 و15 شباط (فبراير) تعني "تنظيم وترتيب أمور نجاح هذا الاجتماع الذي جرى الاتفاق على انعقاده قبل قرابة شهر بين العديد من المنظمات الحقوقية والسياسية".

وأوضح أنه جرى اختياره لهذا الدور لأنه يقيم في مدينة جنيف، مما يساعد في "توفير التسهيلات اللوجستية للاجتماع".

وأشار إلى أنه تم الاتفاق منذ اليوم الأول على تسميته "اجتماعًا" وليس "مؤتمرًا"، حتى لا يحدث أي سوء تفسير أو فهم، خاصة وأن اجتماعات تشاورية بدأت تُعقد داخل سوريا في الوقت نفسه للإعداد لمؤتمر وطني سوري في دمشق.

وأضاف: "في المقابل، هناك اجتماعات متفرقة أعطت مجموعات شبابية جديدة، كان لها دور كبير في النضال ضد النظام البائد، فرصة للتجمع. فجاء هذا الاجتماع ليجمع كل هذه الأصوات، لمناقشة واقع ومستقبل البلاد والخروج بتصور مشترك قد يشكل إضافة مهمة في ظل الوضع الحرج والقلق الذي تمر به سوريا".

وشدد على أن تحديد تاريخ الاجتماع "ليس له علاقة من قريب أو بعيد بمؤتمر النصر أو بتنصيب أحمد الشرع رئيسًا مؤقتًا للبلاد"، مؤكدًا أن وجهات نظر المشاركين لن تكون موحدة.

"خطوة جيدة".. ولكن

وفي رؤيته للدعوة التي أطلقها مناع وآخرون، قال المحلل والكاتب السوري، حافظ قرطوط، لموقع "الحرة": "أهم ما يميزها هو بدء عودة الحياة السياسية للسوريين لمناقشة مستقبل البلاد،  والتي كان النظام البائد قد منعها بشكل تام".

واعتبر أن "الدعوة تشير إلى أن الشارع السوري قد باشر بمراقبة كيف يمكن أن تسير الأمور في البلد، وأنه يريد أن يشارك في التخطيط للمستقبل، خاصة وأننا حاليا نوجد في دولة منهارة ولا يوجد فيها مؤسسات".

واستدرك قائلا: "العناوين التي سوف نسمعها قد تكون براقة، ولكن السؤال هل سوف يكون لها أي تأثير على أرض الواقع"، مضيفا: "خلال عهد الثورة السورية انعقدت الكثير من الاجتماعات والمؤتمرات وصرفت عليها أموال طائلة دون أن تفضي إلى أي نتائج مقبولة".

وتابع قرطوط: "إذا كان المقصود من الاجتماع إبراز وتلميع بعض الشخصيات وليس الوصول إلى حلول ناجعة، فلن يكون له أي جدوى أو تأثير".

وأضاف "من حق السوريين في الاجتماع المرتقب أن يقلقوا من الاتجاه الذي قدمته السلطة الحالية في دمشق، من خلال الاعتماد على حكومة من لون واحد، بالإضافة إلى عدم تشكيل لجان شعبية للتصالح، والاعتماد فقط على خطابات وشعارات".

ورأى قرطوط أن على "السلطة القائمة أن تفرق بين فرحة الشعب بسقوط الأسد وليس باستلامهم السلطة، وأتمنى أن لا يكون المؤتمر تشتيتا لطاقات السوريين".

"قيمة مضافة"

من جهتها، رأت الإعلامية الكردية السورية، أفين يوسف في حديثها إلى موقع "الحرة" أن "مشاركة الكرد في الاجتماع، إلى جانب مجلس سوريا الديمقراطية، مسألة في غاية الأهمية، إذ يمثلون جزءًا كبيرًا من المجتمع السوري، الذي تعرض للتهميش خلال سنوات حكم النظام السابق".

واعتبرت أن تلك المشاركة "ستشكل قيمة مضافة لنجاح الاجتماع، وستسهم في تلبية تطلعات السوريين، مضيفة أنه "تم إقصاء الكرد في سوريا، وارتُكبت بحقهم انتهاكات جسيمة من قبل النظام، وآن الأوان للاعتراف بحقوقهم القومية ودستورياً بوجودهم على أرضهم التاريخية".

وشددت على أن الاعتراف بحقوق الأكرد سوف يمكنهم "من العيش بسلام مع شركائهم من المكونات الأخرى ضمن سوريا موحدة، ديمقراطية، وتعددية، دون تمييز".

وأما الكاتب والإعلامي السوري، عقيل حسين، فرأى في حديثه إلى موقع "الحرة": "أن مناع يريد أن يسجل موقفا مبكرا ضد السياسات التي يعتبرها أنها غير واضحة من ناحية هوية النظام السياسي في الدولة، وضد التوجهات الواضحة للقيادة الحالية في دمشق من حيث أنها مخالفة أو متباينة مع توجهاته السياسية".

وتابع: "نحن الآن لدينا حكومة في دمشق ذات توجه إسلامي معروف لا تخفيه، بينما توجهات مناع ومن معه علمانية ليبرالية جلية، وبالتالي ليس مفاجئا بالنسبة للعديد من المراقبين أن يبادر الأخير للإعلان عن ذلك الإطار السياسي الذي جرى التوافق عليه مع عدد من السياسيين وحتى المقربين من قوات سوريا الديمقراطية، وهنا النقطة التي يجب التوقف عندها".

وأضاف: "اللافت باعتماده (مناع) على عدد غير قليل من المنخرطين في تجربة مجلس سوريا الديمقراطي (مسد) وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) يشير إلى عدم الاعتراف بالحكومة الانتقالية الحالية والمطالبة بتشكيل حكومة تكنوقراط، ولكن ذلك أمر غير ممكن في ظل انتصار وسيطرة قوى عسكرية معينة بقيادة هيئة تحرير الشام، والتي لن تتنازل عن هذا المكتسب الكبير, وعليه اعتقد أن طرح مبادرات ومشاريع (مثالية) في الوقت الحالي هو أمر غير عملي".

ووصل حسين إلى أن "وجود عدد كبير من المشاركين المؤيدين لمجلس سوريا الديمقراطية سوف يقلل من شعبية المبادرة التي أطلقها مناع".

من جهته، رأى المحلل والخبير بشؤون الشرق الأوسط، محمد الطرن، في منشور  على "أكس" أنه لا ينبغي للسوريين أن يقلقوا من الدعوة التي وجهها هيثم مناع لعقد اجتماع أو مؤتمر.

وأوضح: "لا يهم ما يقوم هيثم مناع بالتحضير له. المهم ألا يقلق الناس من أي حركة تحصل. ينبغي التخلص من عقدة الخوف والقلق واستبدالها بروح الثقة والاندفاع (بحذر طبعاً)".

"كلنا سوريون"

من جانب آخر، انتقد مناع بعض الممارسات التي بدأت تستهدف الحريات الشخصية والاجتماعية منذ سقوط النظام، مشيرًا على سبيل المثال إلى معلمة من الطائفة السنية تعرضت للملاحقة والضغط لإجبارها على ارتداء الحجاب.

وأكد مناع أن "السوري يرفض منطق الطائفية والأقليات، فلم نكن نسمع في السابق أن هذا علوي وذاك سني، أو أن الآخر إسماعيلي أو درزي".

وشدد على أن "المجتمع السوري متسامح بطبيعته، بل أكاد أجزم أنني لم أشاهد نسبة زواج مختلط كبيرة في أي دولة بالعالم مثل سوريا، باستثناء البوسنة. وهذا يدل على وجود انفتاح واحترام كبيرين بين مختلف أفراد الشعب".