التقدم السريع للفصائل المسلحة التي تقودها هيئة تحرير الشام المصنفة على لوائح الإرهاب الأميركية، وما أظهرته من امتلاكها قدرات عسكرية يدفع لطرح تساؤلات عن مصدر هذا التسليح.
كبير الباحثين في مؤسسة "نيو أميركا"، دوغلاس أوليفانت، يقول إنه ليس سرا أنه ينظر إلى هذه الفصائل على أنها "أذرع تابعة لأنقرة، خاصة في ظل التسليح الذي يمتلكونه بشكل غير معهود".
ويشرح في حديث لبرنامج "الحرة الليلة" أن الأسلحة الخفيفة مثل الرشاشات يمكن أن تعثر عليها في كل أنحاء المنطقة، وهذا الأمر "معتاد"، ولكن استخدامهم لـ "مسيرات متقدمة جدا، يطرح تساؤلات عن مصدر تزويدهم بهذه الأسلحة".
وتتقدم هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها الجمعة نحو حمص، ثالث أكبر المدن السورية، فيما خسرت القوات الحكومية مناطق سيطرتها في محافظة دير الزور في شرق البلاد لحساب القوات الكردية.
وهيئة تحرير الشام كانت تعرف باسم جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة، لكن الولايات المتحدة لم تعترف بهذا الإجراء وأبقتها على قوائم الإرهاب.
وزاد أوليفانت أن الإجابة عن هذه التساؤلات لا تبتعد عن "تركيا، التي لها علاقات طويلة الأمد مع هذه الفصائل، ناهيك عن استفادتهم المباشرة من هذا الأمر".
واعتبر أن ما يحدث لا يخرج عن نطاق "رغبة أنقرة في توسيع نطاق السيطرة في الأراضي السورية، والدفع باللاجئين إلى هذه المناطق"، مؤكدا أن هذه التطورات "ليست مفاجأة".
وبرر أوليفانت الصمت الأميركي تجاه ما يحدث في سوريا من فصائل مصنفة إرهابية، وقال إن غالبية الفصائل في سوريا إما أنها مصنفة إرهابية أو تابعة لمجموعات إرهابية، فمنهم من يرتبط بمجموعات لها علاقة مع إيران وحزب الله، أو لها علاقة مع داعش أو المجموعات القريبة من حزب العمال الكردستاني.
وأضاف أن مجموعة تقاتل هناك مصنفة إرهابية من الولايات المتحدة أو من دول أخرى، ناهيك عن أن النظام في دمشق له ممارسات تتعلق بالتعذيب واستخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب.
وأكد أن واشنطن الآن في وضع المراقب، وغير راضية عن تقدم مجموعة مرتبطة بداعش في المعارك، وفي الوقت ذاتها هي غير راضية عما يفعله النظام، ولهذا "تقف الولايات المتحدة جانبا".
وقال أوليفانت أن هذه المجموعات التي تقاتل الآن ليس لديها طموحات إرهابية توسعية خارج سوريا كما كانت داعش، وفي هذه الحالة هم يريدون مقاربة تشبه طالبان في أفغانستان، حيث يريدون السيطرة والحكم بدولة إسلامية في داخل سوريا، ولكن هذا الأمر قد لا يكون مناسبا للولايات المتحدة، إذ أن مثل هذه الدول قد تكون حاضنة لمجاميع إرهابية أخرى.
وسيطرت فصائل المعارضة الخميس على مدينة حماة، رابع كبرى مدن سوريا في وسط البلاد، بعد أيام على سيطرتها على حلب التي خرجت من قبضة النظام بالكامل للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في 2011.
وفي حال سيطرت هيئة تحرير الشام وحلفاؤها على حمص، فلن تبقى بين المناطق الاستراتيجية سوى العاصمة دمشق ومنطقة الساحل المطلة على البحر الأبيض المتوسط في أيدي حكومة الرئيس بشار الأسد.