سجن صيدنايا العسكري حيث قتل آلاف السوريين تحت التعذيب
سجن صيدنايا العسكري حيث قتل آلاف السوريين تحت التعذيب

فتحت فجر الأحد أبواب سجن صيدنايا العكسري الواقع قرب دمشق والذائع الصيت لتعرض المساجين فيه للتعذيب وهو من الأكبر في سوريا، كما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان وفصائل معارضة.

وقال المرصد "فتحت أبواب سجن صيدنايا... أمام آلاف المعتقلين الذين اعتقلتهم الأجهزة الأمنية طوال حقبة حكم النظام، حيث خرج المعتقلون منه بعد معاناتهم الشديدة من شتى أشكال التعذيب الوحشي". 

وأعلنت فصائل المعارضة عبر موقع تلغرام قائلة: "نزف إلى الشعب السوري نبأ تحرير أسرانا وفك قيودهم، وإعلان نهاية حقبة الظلم في سجن صيدنايا".

ويأتي ذلك في قوت أعلنت فيه المعارضة السورية إنها بدأت بالدخول إلى العاصمة دمشق من دون وجود مؤشر على انتشار الجيش النظامي.

وقال سكان لرويترز، الأحد إنهم سمعوا دوي إطلاق نار كثيف في وسط دمشق، فيما نقلت فرانس برس عن مصدر مقرب من حزب الله، أن الجماعة سحبت عناصرها من محيط العاصمة السورية إلى لبنان والساحل السوري.

وقال المصدر المقرب من حزب الله إن "الحزب أوعز لمقاتليه في الساعات الأخيرة بالانسحاب من منطقة حمص، بعضهم توجه إلى اللاذقية وآخرون إلى منطقة الهرمل في لبنان"، مشيرا إلى أن "مقاتلي الحزب أخلوا كذلك مواقعهم في محيط دمشق".

وكانت شبكة سي أن أن الأميركية قد نقلت عن سكان أن قوات المعارضة قد تكون دخلت بالفعل إلى العاصمة دمشق. من حي بزرة.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الجيش النظامي وقوات الأمن الحكومية السورية انسحبت من مطار دمشق الدولي.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول أميركي كبير قوله إن الوضع في دمشق متقلب للغاية، ويبدو أن بعض المسلحين يتواجدون في ضواحي العاصمة.
 

صورة أرشيفية لعناصر من الفصائل المسلحة بالسويداء (فرانس برس)
صورة أرشيفية لعناصر من الفصائل المسلحة بالسويداء (فرانس برس)

منذ سقوط نظام الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر الماضي، تواجه محافظة السويداء تحديًا كبيرًا يتمثل في انتشار السلاح بين المدنيين والفصائل المسلحة على حد سواء، وذلك على غرار العديد من المناطق الأخرى في البلاد، وفقًا لحقوقيين ونشطاء تحدثوا إلى موقع "الحرة".

وقال المتحدثون إنه مع انهيار القوات الحكومية، أصبحت الأسلحة المخزنة في الثكنات والمواقع العسكرية متاحة للجميع، مما أدى إلى فوضى أمنية غير مسبوقة تهدد الاستقرار الاجتماعي في جميع أنحاء البلاد، ولا تقتصر على المحافظات الجنوبية.

محافظة السويداء، التي بلغ عدد سكانها حوالي 375 ألف نسمة وفق إحصائيات عام 2010، تُعد واحدة من أكثر المناطق تماسكًا اجتماعيًا في سوريا. ويشكل الموحدون الدروز نحو 90 بالمئة من سكانها، بالإضافة إلى أقليات مسيحية وسنية.

إلا أن هذه التركيبة الاجتماعية لم تمنع السويداء من الانزلاق نحو حالة من الفوضى مع انتشار السلاح على نطاق واسع بعد سقوط النظام.

"تهديد كبير"

ريان معروف، رئيس تحرير "شبكة السويداء 24"، لفت في حديثه إلى موقع "الحرة" أن السلاح بات يشكل تهديدًا كبيرًا للمجتمع المحلي.

السويداء السورية.. حادثة عبد الباقي تثير مخاوف "الاغتيالات الهادئة"
منذ انطلاق حراك السويداء ضد النظام السوري كان لقائد "تجمع أحرار جبل العرب"، سليمان عبد الباقي دور بارز لم يقتصر على المشاركة في الهتاف مع بقية المحتجين فحسب، بل وصل إلى حد تقديم الحماية لهم مع أفراد مجموعته واستلامه دفة الخطابات التي تنادي بإسقاط بشار الأسد، وتطبيق القرارات الأممية الخاصة الحل السياسي في البلاد.

 

وقال: "نحن أمام مجتمعات مسلحة بالكامل. السلاح لم يعد مقتصرًا على أيدي الفصائل الكبيرة مثل لواء الجبل وحركة رجال الكرامة، بل انتشر بين المدنيين والتجمعات العائلية وحتى العصابات المنظمة. هذا الوضع يزيد من حدة الجرائم والانتهاكات ويهدد الاستقرار بشكل كبير."

وأضاف معروف أن ضبط السلاح أصبح مطلبًا ضروريًا لتجنب تفاقم الأوضاع الأمنية، مشيرًا إلى أن الرأي العام يتجه نحو حصر السلاح بيد الدولة عبر إعادة هيكلة الجيش وقوى الأمن.

فوضى السلاح: من أين تبدأ المعالجة؟

صالح سيطان النبواني، الناشط السياسي في السويداء، سلط الضوء على جذور المشكلة بعد انهيار النظام، قائلًا: "مع سقوط النظام، تحولت الأسلحة إلى مشاع في العديد من المناطق السورية، وهناك نوعان من حاملي السلاح اليوم هما الفصائل المسلحة والمدنيون."

وأشار في تصريحاته إلى موقع "الحرة" إلى أن "الانتشار العشوائي لهذه الأسلحة يفتح الباب أمام الاستخدام غير المنظم ويزيد من خطورة الجرائم."

ودعا النبواني إلى تحرك سريع لتأسيس جيش وطني قوي قادر على استرجاع السلاح وضبطه. وأضاف: "لن يسلم الناس أسلحتهم إلا إذا شعروا بالأمن والأمان، وبناء الثقة بين الدولة الجديدة والمواطنين هو الخطوة الأولى، وهذا يتطلب إعادة هيكلة الجيش والأمن وتقديم ضمانات واضحة".

وأكد النبواني أن القيادات السياسية والدينية في السويداء يجب أن تلعب دورًا حاسمًا في هذه المرحلة، مضيفًا: "إعادة ضبط السلاح ليست مهمة الدولة وحدها، بل تتطلب مشاركة جميع النخب المجتمعية والسياسية لضمان نجاح هذه الجهود."

الجدل بشأن تشكيل الفصائل المسلحة

وفي سياق متصل، أثار مقطع فيديو متداول على وسائل التواصل الاجتماعي جدلًا واسعًا حول تشكيل فصيل مسلح جديد في السويداء.

لكن الناشط الحقوقي أبو تيمور نفى صحة هذه الادعاءات، موضحًا: "ما حدث هو أن فصيلًا عائليًا قديمًا استغل الظروف الحالية لإظهار وجوده، وهذا لا يعكس واقعًا جديدًا."

وأشار أبو تيمور إلى أن الوقفات الاحتجاجية الأخيرة في ساحة الكرامة حملت مطالب واضحة لضبط السلاح ومنع استخدامه في تأجيج التوترات.

الحراك السلمي.. وجذور التغيير

وقبل سقوط نظام الأسد، شهدت السويداء حراكًا سلميًا متواصلًا منذ أغسطس 2023، حيث خرج آلاف المتظاهرين يوميًا في ساحة الكرامة للمطالبة بالتغيير السياسي والحرية والكرامة.

وقد اعتُبر هذا الحراك الأضخم في تاريخ المحافظة، إذ بدأ كاحتجاج على رفع أسعار المحروقات، لكنه سرعان ما تطور ليشمل مطالب سياسية شاملة، بما في ذلك بناء دولة قائمة على العدالة وسيادة القانون.

وحظي الحراك بدعم واسع من القيادات الروحية للطائفة الدرزية، وعلى رأسها الشيخ حكمت الهجري، الذي أعلن تأييده لمطالب المحتجين.

وقال الهجري في تصريحات سابقة: "نحن على حق، ومطالبنا لا نتنازل عنها. الحل يبدأ بإصلاح سياسي شامل يحترم كرامة الجميع."

ورغم المحاولات السابقة من قبل النظام لقمع الحراك، بما في ذلك إطلاق النار على المتظاهرين، حافظ الحراك على سلميته، مما أكسبه شرعية وقوة إضافية.

وفي يناير الجاري، أعلن فصيلان كبيران في السويداء، هما "رجال الكرامة" و"لواء الجبل"، عن استعدادهما للاندماج في جسم عسكري وطني جديد.

وأكدا أن السلاح يجب أن يكون حكرًا على الدولة، وأن المرحلة الحالية تتطلب التركيز على بناء مؤسسات قوية.

ويعكس هذا الموقف رغبة المجتمع المحلي في إنهاء حالة الفوضى التي أعقبت سقوط النظام، مع التأكيد على ضرورة تقديم ضمانات من الدولة الجديدة لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، وفقًا لما أكده الناشط السياسي صالح سيطان النبواني.