أحمد الشرع أو أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام بعد سقوط الأسد
أحمد الشرع أو أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام بعد سقوط الأسد

اسمه أحمد الشرع، لكننا عرفناه بـ "الجولاني"، درس الطب وقاتل في صفوف تنظيم القاعدة، تصنفه الولايات المتحدة إرهابيا لكنه يقول إنه تصنيف "غير عادل."

إنه أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقا -التي كانت تشكّل فرع تنظيم القاعدة في سوريا- الذي أعلنت قواته، الأحد، سيطرتها على العاصمة دمشق.

وقال هو -في بيان بثه التلفزيون السوري الرسمي- بعد السيطرة على العاصمة، إنه لا مجال للعودة إلى الوراء وأن الهيئة عازمة على مواصلة المسار الذي بدأته في 2011.

وقال الجولاني في بيانه "المستقبل لنا."

والأحد، قالت فصائل المعارضة إن الجولاني وصل إلى دمشق، بعد ساعات من إعلانها الدخول إلى العاصمة وإسقاط بشار الأسد.

ونشرت فصائل المعارضة على قناة تلغرام مقطع فيديو للجولاني الذي بدأ يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع، وهو يركع ويقبّل الأرض في مساحة خضراء يظهر بمحاذاتها طريق رئيسي.

الجولان والعراق

ولد أحمد الشرع أو الجولاني عام 1982، ونشأ في حي المزة بدمشق، في كنف عائلة ميسورة الحال.

ويقول إن اسمه الحركي مستوحى من أصول عائلته المتحدّرة من مرتفعات الجولان.

وقد قال – في مقابلة مع محطة بي بي اس الأميركية عام 2021- إن جدّه نزح من الجولان بعد سيطرة إسرائيل على جزء كبير من الهضبة عام 1967.

بعد سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، في 2003، توجه الجولاني للقتال في البلد المجاور، العراق، حيث انضم إلى تنظيم القاعدة بقيادة مصعب الزرقاوي، قبل أن يُسجن لمدة خمس سنوات.

وبمجرد بدء الحراك الاحتجاجي ضد الرئيس السوري بشار الأسد عام 2011، عاد الجولاني إلى سوريا، بتكليف من زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق آنذاك أبو عمر البغدادي لتعزيز وجود "القاعدة."

فعاد وأسس جبهة النصرة، التي أصبحت فيما بعد هيئة تحرير الشام.

انفصلت جماعة حراس الدين عن تحرير الشام بعد أعلن الجولاني فك الارتباط بالقاعدة
الجولاني: هدف المعارضة المسلحة "إسقاط النظام" السوري
قال أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، المصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية، إن هدف المعارضة "إسقاط النظام" السوري، في وقت تتقدّم قواته والفصائل المتحالفة معها نحو مدينة حمص، ثالث أكبر المدن في البلاد، بعد أن سيطرت خلال الأيام الماضية على حلب وحماة.

شرح مفصل

عام 2013، صنفت الولايات المتحدة أبي محمد الجولاني إرهابيا، وقالت إن تنظيم القاعدة في العراق كلفه بالإطاحة بحكم الأسد، وفرض الشريعة الإسلامية في سوريا، وإن جبهة النصرة نفذت هجمات انتحارية قتلت مدنيين وتبنت رؤية طائفية عنيفة.

كما تصنف تركيا، الداعم الأجنبي الرئيسي للمعارضة السورية، هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية، بينما تدعم أنقرة بعض الفصائل الأخرى التي تقاتل في الشمال الغربي.

أجرى الجولاني أول مقابلة إعلامية له، في 2013، وظهر ووجهه ملفوف بوشاح داكن ولا يظهر للكاميرا سوى ظهره. وفي حديثه وقتها لقناة "الجزيرة"، دعا إلى إدارة سوريا وفقا للشريعة الإسلامية.

وبعد حوالي 8 سنوات، جلس الجولاني لإجراء مقابلة مع برنامج فرونت لاين على محطة بي بي اس الأميركية، وواجه الكاميرا مرتديا قميصا وسترة.

وخلال المقابلة رفض الجولاني تصنيفه إرهابيا، وقال إنه تصنيف "غير عادل" إذ أنه يعارض قتل الأبرياء.

وشرح بالتفصيل كيف توسعت جبهة النصرة من الرجال الستة الذين رافقوه من العراق إلى 5000 في غضون عام.

لكنه قال إن جماعته لم تشكل أبدا تهديدا للغرب.

وأضاف: "أكرر أن تورطنا مع القاعدة انتهى وحتى عندما كنا مع القاعدة كنا ضد تنفيذ عمليات خارج سوريا ومن المخالف تماما لسياستنا القيام بعمل خارجي."

الحرب على البغدادي

خاض أحمد الشرع أو الجولاني حربا دامية ضد حليفه القديم أبو بكر البغدادي، بعد أن سعى تنظيم الدولة الإسلامية إلى ضم جبهة النصرة من جانب واحد في عام 2013.

وتعرض "الدولة الإسلامية" للهزيمة في وقت لاحق في الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم في كل من سوريا والعراق على أيدي مجموعة من الخصوم بما في ذلك تحالف عسكري تقوده الولايات المتحدة.

وبينما كان تنظيم الدولة الإسلامية ينهار، كان الجولاني يعزز قبضة هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، ويؤسس إدارة مدنية تسمى حكومة الإنقاذ.

لكن حكومة الأسد طالما نظرت للهيئة على أنها إرهابية.

ومع تقدم قواتها على الأرض، أصدرت إدارة هيئة تحرير الشام التي ينتمي أفرادها للطائفة السنية، عدة بيانات تسعى إلى طمأنة العلويين الشيعة والأقليات السورية الأخرى.

وحث أحد التصريحات العلويين على الانفصال عن حكومة الأسد، وأن يكونوا جزءا من سوريا المستقبلية التي "لا تعترف بالطائفية."

وفي رسالة إلى سكان بلدة مسيحية جنوب حلب، الأربعاء، قال الجولاني إنهم سيحصلون على الحماية وحماية ممتلكاتهم وحثهم على البقاء في منازلهم ورفض "الحرب النفسية للحكومة السورية."

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، في الرياض،  13 مايو 2025. رويترز
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، في الرياض، 13 مايو 2025. رويترز

من المتوقع أن يكون إسقاط العقوبات الأميركية عن سوريا بداية عهد جديد للاقتصاد الذي دمرته الحرب على مدى 13 عاما، وأن يفسح الطريق أمام تدفقات الاستثمارات من السوريين في الخارج ومن تركيا ودول في الخليج تدعم الحكومة الجديدة.

وقال رجال أعمال ووزير المالية السوري ومحللون لرويترز إنهم يتوقعون تدفق رؤوس الأموال إلى الاقتصاد المتعطش لها بمجرد إسقاط العقوبات وفق إعلان الرئيس دونالد ترامب المفاجئ، على الرغم من تحديات كثيرة ما زالت تواجه الدولة المنقسمة بشدة.

وقال رجل الأعمال السوري الملياردير غسان عبود لرويترز إنه يضع خططا للاستثمار، ويتوقع أن هناك سوريين آخرين لهم علاقات تجارية دولية يفكرون في ذلك أيضا.

وأضاف الرجل الذي يعيش في الإمارات "كانوا خائفين من القدوم والعمل في سوريا بسبب مخاطر العقوبات... هذا سيختفي تماما الآن".

ومضى يقول "أُخطط بالطبع لدخول السوق لسببين: (أولا) أريد مساعدة البلاد على التعافي بأي طريقة ممكنة، وثانيا، هناك أرض خصبة: فأي بذرة توضع اليوم قد تدر هامش ربح جيدا". وعرض عبود خطة بمليارات الدولارات لدعم الفن والثقافة والتعليم في سوريا.

وقد يعيد رفع العقوبات تشكيل الاقتصاد جذريا في مسار جديد لحكام سوريا الجدد الذين اتبعوا سياسات السوق الحرة وابتعدوا عن نموذج تخطيط الدولة الذي اتبعته عائلة الأسد في خمسة عقود من حكمها.

وفرضت الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى عقوبات صارمة على سوريا في أثناء الحرب التي اندلعت بسبب الاحتجاجات ضد حكم بشار الأسد في 2011.

وأبقت واشنطن على هذه العقوبات بعد الإطاحة بالرئيس السوري السابق في ديسمبر، بينما كانت تصوغ سياستها تجاه سوريا وتراقب تصرفات الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس المؤقت أحمد الشرع، وهو قيادي سابق في تنظيم القاعدة.

وحثت السعودية وتركيا اللتان تدعمان حكومة الشرع واشنطن على إسقاط العقوبات. وقال وزير الخارجية السعودي الأربعاء إن فرص الاستثمار ستكثر بمجرد حدوث ذلك.

وفي خطاب أُذيع على التلفزيون في وقت متأخر من مساء الأربعاء، قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رفع العقوبات عن سوريا قرار تاريخي شجاع، مؤكدا التزام سوريا بتعزيز المناخ الاستثماري.

وأضاف "نرحب بجميع المستثمرين من أبناء الوطن في الداخل والخارج ومن الأشقاء العرب والأتراك والأصدقاء حول العالم وندعوهم للاستفادة من الفرص المتاحة في مختلف القطاعات".

وترك الصراع مناطق حضرية كثيرة أنقاضا وقتل مئات الآلاف من الأشخاص. وتقول وكالات الأمم المتحدة إن أكثر من 90 بالمئة من السوريين البالغ عددهم 23 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر.

ويقول تيموثي آش، المحلل الاستراتيجي البارز للأصول السيادية في الأسواق الناشئة في شركة "آر.بي.سي بلوباي" لإدارة الأصول "هناك فرصة حقيقية لإحداث تغيير جذري في سوريا والمنطقة الأوسع".

وقال أونور جنش، الرئيس التنفيذي لمجموعة "بي.بي.في.إيه" المالية العالمية التي تضم مصرف غرانتي، ثاني أكبر بنك خاص في تركيا، إن الشركات والبنوك التركية من المتوقع أن تستفيد من إسقاط العقوبات.

وأضاف لرويترز "بالنسبة لتركيا، سيكون الأمر إيجابيا لأن هناك حاجة إلى عمليات إعادة إعمار كثيرة في سوريا. من يفعل هذا؟ الشركات التركية".

ومضى يقول "سيسمح إسقاط العقوبات للشركات التركية بالذهاب إلى هناك الآن بشكل أفضل بكثير، وستتمكن البنوك التركية من تمويلها، وهذا سيدعم الأمر".

ودعمت تركيا قوات المعارضة السورية في أثناء الحرب التي دمرت اقتصادا متنوعا ومنتجا.

وأظهرت بيانات سورية رسمية أوردها البنك الدولي في عام 2024 أن الاقتصاد السوري انخفض إلى أكثر من النصف بين عامي 2010 و2021. لكن البنك قال إن هذا على الأرجح أقل من الواقع.

فرص في كل المجالات

ارتفعت قيمة الليرة السورية منذ إعلان ترامب.

وقال متداولون إن العملة تراوحت بين 9000 و9500 مقابل الدولار يوم الأربعاء، مقارنة مع 12600 في وقت سابق من هذا الأسبوع. وقبل الحرب في عام 2011، كان الدولار يعادل 47 ليرة سورية.

وقال وزير المالية السوري محمد يسر برنية لرويترز إن مستثمرين من الإمارات والكويت والسعودية ودول أخرى، قدموا ستفسارات عن الاستثمار.

وأضاف برنية لرويترز "سوريا اليوم هي أرض الفرص، وهناك إمكانات كامنة هائلة في جميع القطاعات، من الزراعة إلى النفط والسياحة والبنية التحتية والنقل".

وقال "ندعو جميع المستثمرين إلى اغتنام هذه الفرصة".

ووصف كرم بشارة، المدير العام لبنك (شهبا بنك) وهو يشاهد في مكتبه بدمشق لقطات من اجتماع ترامب مع الشرع في الرياض يوم الأربعاء، الحماس الذي يسود مجتمع الأعمال قائلا "إنه رائع بشكل يفوق التصور".

وقال "نحن على المسار الصحيح الآن على الصعيد الدولي ما لم يحدث شيء في سوريا يعرقل العملية".

وما زالت الأوضاع في سوريا هشة. فبعض الجماعات المسلحة لم تسلم أسلحتها للحكومة بعد، ومطالب الحكم الذاتي من الأكراد نقطة خلاف، والعنف الطائفي جعل الأقليات تخشى من حكم الشرع رغم وعوده بتوفير الحماية والحكم بطريقة تشمل جميع الأطياف. 

وتعارض إسرائيل الشرع وتقول إنه ما زال من المتشددين. وقصفت إسرائيل سوريا مرات كثيرة.

وقال جهاد يازجي، وهو صحفي ومؤسس ورئيس تحرير "التقرير السوري" الإخباري الاقتصادي على الإنترنت، إن قرار الولايات المتحدة يمثل تحولا جذريا لأنه نقل "رسالة سياسية قوية جدا" وفتح الطريق أمام عودة التكامل مع الخليج والمنظمات المالية الدولية والعدد الكبير من السوريين في الغرب.

وقال المستثمر اللبناني عماد الخطيب إنه يعجل بخططه للاستثمار في سوريا بعد إعلان ترامب.

وتعاون الخطيب مع شركاء لبنانيين وسوريين في إجراء دراسة جدوى لإقامة مصنع لفرز النفايات في دمشق بقيمة 200 مليون دولار قبل شهرين. وأرسل في صباح الأربعاء فريقا من المتخصصين إلى سوريا لبدء التحضيرات".

وقال "هذه هي الخطوة الأولى... وستتبعها خطوات أكبر إن شاء الله. وسنعمل بالتأكيد على جذب مستثمرين جدد لأن سوريا أكبر بكثير من لبنان".