منظمة العفو الدولية وصفت سجن صيدنايا بالمسلخ البشري (AFP)
منظمة العفو الدولية وصفت سجن صيدنايا بالمسلخ البشري (AFP)

"تتحدث جدران سجن صيدنايا عن قصص الرعب والقهر التي عاشها آلاف المعتقلين السوريين، وتختصر معاناة عشرات آلاف العائلات السورية، فهو ليس مجرد مكان احتجاز، بل أداة قمع وترهيب استخدمه النظام لإحكام سيطرته على البلاد وإسكات كل الأصوات المعارضة عبر قتلها وإخفائها في غياهب السجون".

محمود عرنوس ابن مدينة ريف دمشق توجه إلى سجن صيدنايا بعد سقوط نظام الأسد، على أمل أن يجد أحدا من أقاربه الثلاثة الذين فقدهم في دهاليز السجن.

يقول عرنوس خلال حديثه لموقع "الحرة": "مع سقوط النظام انتظرت يومين كاملين وكنت آمل بخروج أيّ منهم حيا، لكن لم يظهر لهم أي أثر، وكنت أتساءل في نفسي، هل سيأتي اليوم الذي نعرف فيه مصير أحبائنا؟ وهل ستتحقق العدالة لهم؟".

كلمات عرنوس تختصر الألم والصدمة التي يعيشها ملايين السوريين بعد التقارير والصور التي انتشرت لهذا السجن، والتي توثق عمليات البحث بانتظار إيجاد المزيد من المغيبين، كما تختصر معاناة أهالي المعتقلين الذين لا زالوا يبحثون عن أحبتهم في أقبية الظلم.

ورغم الشائعات الأخيرة التي زعمت وجود سراديب وزنازين سرية لم تُكتشف بعد، فإن فرق الدفاع المدني السوري نفت صحة هذه الادعاءات بعد أيام من عمليات البحث المكثفة.

نهاية البحث عن السراديب

أكد فريق الدفاع المدني السوري في بيان رسمي انتهاء أعمال البحث في سجن صيدنايا دون العثور على أي زنازين سرية جديدة.

حميد قطيني، المتطوع في فريق الدفاع المدني السوري، أشار خلال حديثه لموقع "الحرة" أن الفرق المختصة لم تصل لأي سراديب سرية كما تم تداوله، وليس هناك أي دليل على وجود غرف سرية غير مكتشفة.

وأوضح حميد أن فرق الدفاع المدني بحثت من خلال فريق متخصص في الإنقاذ وفي مجال التنقيب في الجدران، بالإضافة لفرق كلاب مدربة للبحث عن الحياة خلف الجدران أو أسفل الأرض.

"أعرف السجن شبر شبر"

رياض أولر، المعتقل السابق والمدير المشارك لرابطة معتقلي صيدنايا، نفى بشكل قاطع وجود أي طوابق سرية في السجن، مشيرا إلى معرفته الدقيقة بالسجن منذ إنشائه عام 1987.

وقال أولر: "أنا أعرف السجن شبرًا شبرًا، ولو كان هناك تغييرات أو حفر تحت أساساته، لسمعنا أو شهدنا ذلك".

وأوضح أولر أن الوثائق الموجودة داخل السجن تحمل أهمية كبيرة، حيث تحتوي على معلومات حاسمة حول مصير المعتقلين.

وطالب بالحفاظ على هذه الملفات تحت إشراف المعارضة لتوثيق الجرائم التي حدثت داخل السجن.

مسلخ بشري

وفق تقديرات رابطة معتقلي صيدنايا، دخل السجن حوالي 30 ألف شخص منذ عام 2011 وحتى عام 2020، خرج منهم سبعة آلاف فقط، أما البقية، فإما تعرضوا للقتل بطرق غير قانونية أو وقعوا ضحية الاختفاء القسري.

ويُعرف سجن صيدنايا بكونه أبرز مراكز الاعتقال السياسي في سوريا، ويشتهر بسمعته المروعة كموقع للتعذيب والإعدامات الجماعية، خصوصا بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011.

ووصفت منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر عام 2017 سجن صيدنايا بـ "المسلخ البشري"، إذ وثّقت عمليات شنق جماعية وإبادة ممنهجة لآلاف المعتقلين بين عامي 2011 و2015.

وأكد التقرير أن السجن شهد إعدام نحو 13 ألف شخص، معظمهم مدنيون عارضوا النظام، في عملية تهدف إلى سحق المعارضة عبر الترهيب.

يقول أولر إن رابطة معتقلي صيدنايا ترغب في أن يبقى هذا السجن ولا يُهدم، كي يصبح متحفا يروي قصص القهر والمعاناة ، يزوره الناس من شتى أنحاء العالم، "ليعلموا ماذا حدث هناك، وماذا فعل النظام الفاشي في المعتقلين في ذلك المكان".

شبكة سجون 

إلى جانب سجن صيدنايا، يوجد في دمشق شبكة واسعة من السجون والأفرع الأمنية سيئة السمعة، تثير الرعب في قلوب السوريين بمجرد المرور بجانبها.

يقول مازن عوامة، وهو أحد أهالي مدينة دوما في ريف دمشق، أن جميع أهالي دمشق كانوا يتجنبون المرور بجانب هذه الأفرع الأمنية، وكانوا يتخوفون من اعتقالهم ودخولها يوما ما، بسبب سمعتها السيئة.

ويضيف مازن، "عندما نمر من جانب هذه الأفرع نخاف، فما هو شعور من يوجد بداخلها، هذا الكلام حتى قبل خروجنا ضد النظام، إذ كان من يتم استدعاؤه بتاريخ محدد لزيارة أحد هذه الأفرع، لا يستطيع النوم في الليل حتى يعلم ماذا يريدون منه، فهناك أشخاص كثيرون تم استدعاؤهم واختفوا ولم نعلم عنهم أي شيء لاحقا".

ويشير أولر إلى وجود أربع شعب أمنية في دمشق، وهي شعبة أمن الدولة الموجودة في كفرسوسة، وشعبة الأمن العسكري المتواجدة في المربع الأمني، وشعبة الأمن السياسي، وإدارة المخابرات الجوية.

ويبين أن "جميع هذه الشُعب يتبع لها عدد من الأفرع في مدينة دمشق وفي جميع محافظات سوريا، مثل فرع فلسطين 235، فرع المنطقة 248، فرع 215، فرع الميسات، سجن الخطيب، مضيفا أن "جميع هذه السجون تحتوي على أقبية تحت الأرض، وزنازين جماعية، وزنازين فردية".

يقول أولر، "بالإضافة لهذه الشُعب الأمنية، هناك الفرقة الرابعة ولها سجن كبير أيضا، وهي تابعة لماهر الأسد، وفي جميع هذه السجون كان يوجد الآلاف منذ بداية الثورة السورية وحتى قبلها، منهم من قُتل داخلها، ومنهم من بقي على قيد الحياة، والعدد الأقل هو من تم الإفراج عنه خلال سنوات الثورة السورية".

سجون سرية

تداول السوريون خلال الأيام الفائتة بعد سقوط النظام وخلال عمليات البحث عن المعتقلين أخبارا تفيد بوجود سجون سرية أخرى في دمشق غير السجون المعروفة لديهم، مما أثار الجدل حول معرفة أماكنها، وخاصة أن هناك أهالي للمعتقلين يبحثون عنهم في السجون بشكل يومي.

يؤكد ذلك رياض أولر المعتقل السابق والمدير المشارك لرابطة معتقلي صيدنايا، إذ أشار إلى وجود هذه السجون منذ زمن قديم، "موضوع السجون السرية كان يُحكى عنه كثيرا حتى قبل سقوط نظام الأسد، وأعتقد أنها موجودة وهذا ما ستكشفه لنا الأيام القادمة".

في المقابل أعلن فريق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) عن تخصيص مكافأة مالية بمبلغ 5 آلاف دولار أميركي لكل من يدلي بمعلومات مباشرة تؤدي إلى تحديد أماكن سجون سرية في سوريا يوجد فيها معتقلون.

ووجه الدفاع المدني دعوة خاصة لضباط الأمن السابقين والعاملين في الأفرع الأمنية للمساعدة في الوصول إلى هذه السجون السرية، مع ضمان حفاظهم على سرية المصادر.

الإعلامي السوري عامر الموهباني، نشر فيديو له أكد فيه وجود أحد السجون السرية في مدينة دمشق، ولا يعلم به أحد، لأنه كان مطبخا في السابق وتحول لسجن لاحقا، من خلال رسالة صوتية من المعتقل السابق مازن صلاح الذي كان موجودا في هذا السجن الموجود قريبا من مطار المزة العسكري.

وصف المعتقل السابق مكان السجن القريب من قسم المظلات التابع للفرقة الرابعة بشكل دقيق، حتى تصل إليه السلطات المختصة.

ودعا الإعلامي عامر السلطات المختصة للتحرك والبحث عن هذا السجن بناء على المواصفات التي سردها المعتقل السابق مازن.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن هناك 150 ألف شخص إما قبعوا في مراكز الاعتقال أو السجون أو كانوا ضحايا حالات اختفاء قسري، منذ عام 2011 حتى عام 2020.
 

مسرور بارزاني اجتمع مع أسعد الشيباني في سويسرا - الحرة
مسرور بارزاني اجتمع مع أسعد الشيباني في سويسرا - الحرة

اجتمع رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، الخميس، مع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، على هامش مشاركتهما في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا.

وخلال اللقاء الذي سادته أجواء ودية، ناقش الجانبان آخر المستجدات في سوريا، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية، إضافة إلى التطورات الإقليمية الراهنة.

واستعرض وزير الخارجية السوري الوضع الحالي في سوريا، مشيرا إلى الجهود التي تبذلها الإدارة الجديدة لإحلال الأمن والاستقرار، وتحسين الخدمات العامة.

وأكد الشيباني على الدور المحوري للكرد في سوريا، قائلا: "الكرد هم إخوتنا وأخواتنا، ومكوّن أصيل في البلاد، وحقوقهم ستكون مصانة ومحمية".

وفي ختام الاجتماع، وجه الوزير الشيباني دعوة رسمية لرئيس حكومة إقليم كردستان لزيارة دمشق، معربا عن أمله في لقائه قريبا في العاصمة السورية.

من جانبه شدد مسرور بارزاني على أهمية حماية السلم والاستقرار في سوريا، مؤكدا استعداد إقليم كردستان في العراق لتقديم الدعم والمساعدة اللازمة للشعب السوري، بما يشمل جميع مكوناته.

واتفق الطرفان على أهمية حماية حقوق كافة المكونات السورية، بما في ذلك الشعب الكردي.

كما أشاد الوزير السوري بجهود بارزاني في تقريب وجهات النظر بين الأطراف الكردية، بما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سوريا.