تحسّن سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار
تحسّن سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار (رويترز)

بعد أسبوع من الإطاحة بالرئيس بشار الأسد وهروبه من البلاد، تحسّن سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي.

ومع اقتراب الفصائل المعارضة من دمشق، عشية إسقاط الأسد، سجّل سعر الصرف في السوق الموازية مستوى قياسيا بلغ 30 ألف ليرة مقابل الدولار، بعدما كان ثابتا لأشهر عند 15 ألف ليرة.

وتراوح سعر الصرف ليل الأحد الإثنين في دمشق، بين 10 و12 ألفا، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس عن صراف وتاجر مجوهرات وموظف استقبال في فندق بارز.

كما قال سائق سيارة أجرة لبنانية للوكالة، إنه باع الدولار "بسعر 9 آلاف ليرة سورية قبيل عبوره الحدود من لبنان إلى سوريا".

وقال رغيد منصور (74 عاما)، وهو مالك متجر مجوهرات في سوق الحريقة بدمشق: "في كل بلدان العالم تنهار العملة حين يسقط النظام، لكن المشهد بدا مغايرا في سوريا".

وتابع: "ما من سعر ثابت، لكن الليرة تتحسن تدريجا".

وأرجع الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، قصي إبراهيم، تحسّن الليرة إلى أسباب "سياسية واقتصادية"، مستطردا: "الأسباب الاقتصادية مرتبطة بدخول كميات كبيرة من الدولار من إدلب ومناطق المعارضة سابقا من ناحية، ومن فرق الإعلام والعاملين في المنظمات الأجنبية من ناحية أخرى".

وعلى واجهة متجر "بكداش"، أحد أشهر محلات المثلجات العربية في دمشق، وُضعت ورقة بيضاء كتب عليها بخط اليد، الأسعار بالعملات السورية والتركية والدولار، بينما كان العشرات يتوافدون للشراء.

وحتى الأمس القريب، كان القانون السوري يجرّم التعامل بغير الليرة، ويفرض غرامات وعقوبات قاسية تصل إلى السجن 7 سنوات لمن يتعامل بالدولار أو العملات الأجنبية.

وطالت اعتقالات عشرات التجار ورجال الأعمال بحجة "التعامل بغير الليرة"، وبينهم أسماء معروفة وتجار مخضرمون.

ارتياح كبير بعد سقوط نظام بشار الأسد
"أرض بحاجة لكل شيء".. تحديات اقتصادية أمام حكومة "بلا خبرة" في سوريا
حينما تحدث رئيس الحكومة السورية المؤقتة، محمد البشير، في أول حوار صحفي بعد توليه مهام منصبه، قال إن البلاد تواجه وضعا ماليا صعبا، ما يعطي صورة لتحديات تواجه سوريا التي تخلصت من نظام بشار الأسد، لكن لم تتخلص من إرث العقوبات والوضع الاقتصادي الصعب.

وكان السوريون يتحاشون لفظ كلمة الدولار في جلساتهم أو عبر الهواتف ويستخدمون كلمات أخرى خشية توقيفهم.

وقبل اندلاع النزاع عام 2011، كان الدولار يساوي نحو 50 ليرة، قبل أن تتهاوى قيمة العملة المحلية بشكل تدريجي وتفقد أكثر من 90 في المئة من قيمتها.

وعند بدء الفصائل المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام"، المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى، هجومها على مناطق سيطرة النظام في شمال سوريا، سارع تجار وأصحاب رؤوس الأموال إلى شراء الدولار والذهب، مما أدى لانخفاض سعر الليرة إلى مستويات قياسية.

سوريا

"قتل وخطف واعتقالات".. حالات فردية أم بوادر انفلات أمني بسوريا؟

معاذ فريحات - واشنطن
26 يناير 2025

عادت "الفوضى الأمنية" إلى بعض المدن السورية، حيث تنتشر العديد من المقاطع المصورة لحالات اعتقال وخطف وحتى قتل، على ما يؤكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن.

وقال عبد الرحمن لموقع "الحرة" إن السوريين يعيشون في ظروف تشبه تلك الأيام في عهد بشار الأسد، إذ تتكرر الجرائم بصورة أخرى، تحت ذريعة "تصرفات وأخطاء فردية" كما تصفها الإدارة السورية الجديدة.

وزاد أن فصائل مسلحة في عدة مدن، تقوم بعمليات تصفية، لعشرات الأشخاص لاعتبارات عديدة، أبرزها استهداف العسكريين السابقين، أو من يتهمونه بدعم النظام السابق، أو حتى لانتمائهم لطائفة معينة.

وفي حصيلة غير نهائية، وثق المرصد مقتل 189 شخصا على الأقل منذ بداية العام في عدد من المدن، بينهم خمس نساء.

ولفت عبدالرحمن إلى أن غالبية "هذه الجرائم الانتقامية، جرت بأسلوب التصفية، بحيث يقتحم مسلحون يرتدون الزي العسكري المنازل، ويلقون القبض على مواطنين، وبعد عدة أيام يتم العثور على جثثهم".

والجمعة، اقتحم مسلحون قرية في ريف حمص الغربي و"أعدموا 15 شخصا ميدانيا"، فيما جرى اعتقال أكثر من 50 شخصا آخرين، وسط مخاوف من إعدامهم.

وأرسل عبدالرحمن بعض صور القتلى لموقع "الحرة" عبر تطبيق واتساب والتي يتعذر نشرها لحساسيتها.

وكانت لجنة الأمم المتحدة المعنية بسوريا قد طالبت الإدارة الجديدة منتصف يناير حماية المدنيين ومعاملة الذين ألقوا أسلحتهم معاملة إنسانية وحماية الأدلة على الجرائم للمساعدة في ضمان المساءلة في المستقبل.

انتشار الخطف

عناصر يتبعون للإدارة الجديدة التي تولت الحكم المؤقت بسوريا خلال عمليات ملاحقة "فلول نظام الأسد" (رويترز)

وإلى جانب القتل، تم تسجيل العديد من حالات الخطف لشخصيات من أساتذة جامعيين أو أطباء في عدة مدن، والتي غالبا ما يتم العثور عليهم جثة هامدة بعد عدة أيام.

وشبه عبدالرحمن ما يحصل من اختطاف بـ "العدوى"، مشيرا إلى وجود حالة من الفلتان الأمني، وقال إن "الإدارة الجديدة في دمشق تصف ما يحصل بحالات فردية"، ولكن هذا لا ينفي وجود اعتقالات تعسفية تشرف عليها الإدارة ذاتها.

الشرع لم يلتق بعائلات المعتقلين في سوريا حتى الآن . أرشيفية
عددهم ربما يفوق 100 ألف.. اتهامات للشرع بإهمال ملف المعتقلين
تكريس لحالة "الفوقية البيضاء" حيث قيمة حياة الرجل "الأبيض أعلى بكثير من حياة المواطن" السوري، بهذه الكلمات عبرت الناشطة السورية وفاء مصطفى عن "غضبها وحزنها" من واقع تعامل الإدارة السورية الجديدة مع ملف المعتقلين السوريين.

وقبل أيام، تم اختطاف الأستاذة الجامعية، رشا ناصر العلي، في مدينة حمص، وانتشرت أنباء تم نفيها بالعثور على جثتها مقطعة الأصابع.

وأكدت إدارة الامن العام في حمص، أن البحث عن رشا لا يزال مستمرا، واصفة المزاعم بالعثور عليها مقتولة بـ "الإشاعات".

اتحاد الكتاب العرب، نشر بيانا ناشد فيه الأجهزة الأمنية والعسكرية في حمص للمساعدة في العثور على أستاذة اللغة العربية في جامعة حمص، رشا، وطالبوا بإفراج المختطفين عنها.
 

رشا ليست الوحيدة التي تم اختطافها، إذا تم اختطاف طبيب من عيادته في دمشق، من قبل مسلحين قالوا إنهم من "هيئة تحرير الشام" وهي التنظيم الذي قاد العملية العسكرية الواسعة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسد في 8 ديسمبر الماضي.

وقبل أيام تم اعتقال نائب عميد كلية الصيدلة في جامعة الشام الخاصة، سلطان الصلخدي، من قبل مسلحين، وأفرج عنه بعد ساعات، ليتبين أن شكوى كيدية كانت السبب.

وأسفرت الحرب في سوريا التي اندلعت في مارس 2011 إثر قمع دام لتظاهرات سلمية مناهضة للاسد، عن أكثر من نصف مليون قتيل، وأجبرت الملايين على اللجوء أو النزوح ودمرت البنى التحتية للبلاد.

وتقول مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة إن أكثر من مئتي الف لاجىء عادوا الى سوريا منذ سقوط الأسد.

من المسؤول؟

قوات تابعة لهيئة تحرير الشام في دمشق - رويترز

وبشأن الفصائل التي تقوم بهذه الجرائم، يشرح مدير المرصد "أن بعضها من فصائل مسلحة لم يتبين أنها منضوية تحت هيئة تحرير الشام، وأنها ظهرت مؤخرا في العديد من المدن".

ويعتقد أن العديد من هذه الفصائل تشكلت من مجموعات مسلحة فرعية، وأصبحت تقوم "بعمليات انتقامية، مستهدفة العسكريين السابقين، أو أي من أبناء الطائفة العلوية أو الشيعية، وحتى اعتقال وتصفية أي شخص يعتقدون أنه كان داعما لنظام بشار الأسد، حتى وإن لم تتوفر لديهم أي أدلة على ذلك".

ويتخوف عبدالرحمن من أن "يصبح الانتقام، والتصفية سمة المرحلة الحالية" بحيث ينتشر في بعض المدن ما يطلق عليه "أخذ الحق باليد".

وقال المتحدث إن بعض الأشخاص يقومون بتنظيم فصائل مسلحة، ويرهبون الآخرين، فيما يستمر الانفلات الأمني، والفصائل التابعة للهيئة مشغولة في تنفيذ الاعتقالات، حيث تم اعتقال الآلاف في المدن السورية.

بعد ما يقرب من 14 عاما من الحرب الوحشية في سوريا، حيث تم ارتكاب كل الجرائم والفظائع، يدعو الجميع إلى تقديم الجناة إلى العدالة، أكان بشار الأسد نفسه أو المسؤولين عن ارتكاب الانتهاكات.

الفنان السوري، مازن الناطور، انتقد في مقابلة سابقة مع "الحرة" ممارسات وثقتها مقاطع فيديو لعمليات القبض على عناصر من النظام المخلوع من المتهمين بارتكاب انتهاكات بحق السوريين، داعيا إلى محاكمتهم وفق الأصول.

وقال: "رفقا بالمجرمين، لن نكون كالمجرم الأسبق"، في إشارة إلى الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، الذي اشتهر نظامه بممارسة صنوف التعذيب القاسية في السجون.

معاذ فريحات