"هيئة تحرير الشام" وصلت دمشق في الثامن من ديسمبر- فرانس برس
"هيئة تحرير الشام" وصلت دمشق في الثامن من ديسمبر- فرانس برس

أجاب القائد العسكري لـ"هيئة تحرير الشام" على تساؤلات تخص مستقبل سوريا ومصير الفصائل المسلحة التي أطاحت حكم الرئيس السابق، بشار الأسد، في ظل المخاوف الحالية المتعلقة بكيفية إدارة الحكام الجدد للبلاد وعن تعاملها مع المكونات الأخرى.

وقال مرهف أبو قصرة، المعروف باسمه الحربي أبو حسن الحموي، الثلاثاء، لوكالة فرانس برس، إن بناء مؤسسة عسكرية تنضوي ضمنها كل الفصائل المعارضة، يشكل "الخطوة المقبلة".

وأشار خلال المقابلة التي أجريت معه بمدينة اللاذقية الساحلية إلى أنه "في أي دولة، يجب أن تنضوي كل الوحدات العسكرية ضمن هذه المؤسسة". 

وعما إذا كان سيتم حل جناح الهيئة العسكري، أجاب "بالتأكيد..سنكون إن شاء الله من أول المبادرين وسنبقى مبادرين لأي توجه يحقق المصلحة العامة للبلد".

وأمام تحدي توحيد البلاد وتطلعات العواصم الأجنبية، تعهد القائد الأعلى لـ"هيئة تحرير الشام"، أحمد الشرع، الملقب بـ"أبو محمد الجولاني"، بحل الفصائل التي ساهمت في إسقاط الأسد في الثامن من ديسمبر ودمجها في الجيش. وفي بيان باسم تحالف الفصائل، قال الجولاني "سيتمّ حلّ الفصائل وتهيئة المقاتلين للانضواء تحت وزارة الدفاع وسيخضع الجميع للقانون".

وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه "مستعد" لإعادة فتح سفارته في العاصمة السورية فيما أقامت الولايات المتحدة اتصالات بهيئة تحرير الشام، ورُفع العلم الفرنسي، الثلاثاء، فوق مبنى سفارة فرنسا في دمشق مع وصول بعثة دبلوماسية أوفدتها باريس للمرة الأولى منذ 12 عاما.

إسرائيل دخلت المنطقة العازلة- فرانس برس
"توغلات" إسرائيلية جديدة بالأراضي السورية.. ما الهدف؟
تواصل القوات الإسرائيلية توغلاتها في مناطق كانت تحت سيطرة الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، إّذ وردت، الثلاثاء، أنباء عن سيطرة إسرائيل على قرى جديدة محاذية للخط الفاصل مع الجولان، وهو ما يزيد من نطاق المناطق التي تشهد نشاطا عسكريا إسرائيليا منذ سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر.

الأكراد.. والفيدرالية

وأعلن أبو قصرة أيضا في المقابلة أن مناطق سيطرة القوات الكردية ستُضم الى الإدارة الجديدة للبلاد معلنا رفضه الفيدرالية. واقترح إقامة "منطقة منزوعة السلاح" في كوباني في شمال سوريا.

ولدى الأكراد إدارة ذاتية في شمال شرق سوريا، ومؤسسات تربوية واجتماعية وعسكرية، عملوا على بنائها خلال سنوات الحرب الأهلية، وأثناء قتال تنظيم "داعش".

وفي بادرة حسن نية، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية رفع علم الاستقلال السوري، الذي رفعه السوريون منذ خروجهم في تظاهرات سلمية مناهضة لدمشق في عام 2011، على جميع مقراتها ومؤسساتها، معتبرة أنه "يحق للسوريين الاحتفاء بانتصار إرادتهم في إسقاط هذا النظام الجائر".

وجاء قرار الإدارة الذاتية بعد تأكيد مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، جناحها العسكري، أن "التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة.. تضمن حقوق جميع السوريين".

وخلال مؤتمر صحفي في الرقة، دعت الإدارة الكردية على لسان رئيس المجلس التنفيذي للادارة الذاتية، حسين عثمان، إلى "وقف العمليات العسكرية في كامل الأراضي السورية للبدء بحوار وطني شامل وبنَّاء".

وجاءت تصريحاته بينما شنّت فصائل مسلحة موالية لأنقرة هجوما على قوات سوريا الديمقراطية. وأعلنت تلك الفصائل الأسبوع الماضي سيطرتها على دير الزور ومنبج ومدينة تل رفعت الاستراتيجية.

والثلاثاء، أعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في شمال سوريا بين تركيا و"قسد"، حتى نهاية الأسبوع الحالي، معربا عن أمله في "تمديده لأطول فترة ممكنة".

وقال ميلر: "لا نريد لأي طرف أن يستغل الوضع غير المستقر بسوريا لتعزيز مصالح ضيقة على حساب المصلحة الوطنية السورية الأوسع".

وكان المبعوث الأممي لسوريا، غير بيدرسن، قد حذر من أن "النزاع لم ينته بعد" رغم مغادرة الأسد السلطة، في إشارة إلى المواجهات بين الفصائل المدعومة من تركيا والمقاتلين الأكراد في الشمال.

وتعهّد الرئيس التركي، رجب طيب  إردوغان، بأنه لن يسمح بتحول المنطقة إلى "بؤرة للإرهاب"، مؤكدا أن تركيا ستقاتل تنظيم "داعش" ومجموعات إرهابية أخرى في المنطقة، في إشارة إلى المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة مصدر تهديد أمني كبير.

إيران قدمت إلى النظام السوري خلال السنوات الماضية دعما عسكريا وسياسيا واقتصاديا
ديون الأسد "الكريهة".. ماذا تعني؟ وما مصيرها؟
يشكّل سقوط النظام السوري وهروب رئيسه بشار الأسد خارج البلاد ضربة مزدوجة بالنسبة لروسيا وإيران، ليس فقط على صعيد النفوذ السياسي والعسكري، بل أيضا على مستوى صنابير الاقتصاد التي فتحت له على الملأ منذ بداية تدخل هاتين الدولتين في سوريا، من أجل تثبيته على كرسي الحكم.

مطلب بشأن لائحة الإرهاب

وفي مقابلته مع فرانس برس، دعا القائد العسكري لـ"هيئة تحرير الشام" إلى إزالة فصيله والجولاني عن لائحة "الإرهاب".

وفي عام 2013، صنف الولايات المتحدة الجولاني "إرهابيا"، وقالت إن تنظيم "القاعدة" في العراق كلفه إطاحة حكم الأسد، وفرض الشريعة الإسلامية في سوريا، وإن "جبهة النصرة" (اسم هيئة تحرير الشام السابق) نفذت هجمات انتحارية قتلت مدنيين، وتبنت رؤية طائفية عنيفة.

ولم يستبعد مسؤول أميركي، تحدث مع صحيفة واشنطن بوست أن تقدم واشنطن على إزالة هذا التصنيف، وقال: "يتعين علينا أن نكون أذكياء.. وأن نكون أيضا واعين جدا وعمليين بشأن الحقائق على الأرض".

لاري كورب، مساعد وزير الدفاع الأميركي الأسبق، كبير الباحثين في مركز التقدم الأميركي، قال لموقع الحرة في تصريحات سابقة إن الولايات المتحدة قد تضطر للتعامل مع الجولاني، من أجل تحقيق أهدافها الأمنية.

أحمد الشرع أو أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام بعد سقوط الأسد
الجولاني و"هيئة تحرير الشام".. هل يمكن إزالتهما من "لائحة الإرهاب" الأميركية؟
باتت هيئة تحرير الشام، وزعيمها، أبو محمد الجولاني، في صدارة المشهد السوري، بعد أن قادت المعارضة التي أطاحت حكم الرئيس السوري، بشار الأسد، وفي ظل هذا الوضع، طرحت تساؤلات عن كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الحركة، التي تصنفها واشنطن "إرهابية"، وكذلك زعيمها الذي وضعته من قبل على لائحة الإرهاب

وأعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن،، السبت، أن الولايات المتحدة أجرت اتصالات مباشرة مع "هيئة تحرير الشام" والجماعات الأخرى من أجل إعادة الصحفي الأميركي، أوستن تايس، الذي فقد في سوريا منذ نحو 10 سنوات.

وأكد مسؤولان من فرنسا وألمانيا، أن معاملة "هيئة تحرير الشام للأقليات في سوريا ستحدد موقف باريس وبرلين منها.

كما كشف وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني، بات مكفادن، أن بلاده قد تدرس رفع الحظر عن الجماعة. 

وقال في تصريحات لـ"بي بي سي": أعتقد أنه يجب أن يكون قرارا سريعا نسبيا، وبالتالي يجب بحثه بسرعة كبيرة بالنظر إلى سرعة الوضع على الأرض".

وأعلنت "هيئة تحرير الشام"، بقيادة الجولاني، إنهاء ارتباطها بتنظيم "القاعدة"، في عام 2016، لكن دولا غربية عدة، أبرزها الولايات المتحدة، لا تزال تصنفها "منظمة إرهابية".

وبعدما حكمت عائلة الأسد سوريا على مدى 50 عاما، تسعى السلطات الجديدة إلى طمأنة المجتمع الدولي حيالها.

وأكد رئيس الحكومة الانتقالية في سوريا، محمد البشير، أن تحالف الفصائل المسلحة بقيادة "هيئة تحرير الشام" سيضمن حقوق جميع الطوائف والمجموعات، داعيا ملايين السوريين الذين لجأوا إلى الخارج للعودة إلى وطنهم.

عناصر من جهاز الأمن العام ـ سوريا

تمكن الجهاز الأمني التابع لسلطات العاصمة السورية دمشق، من إلقاء القبض على 4 مسؤولين أمنيين وعسكريين عملوا سابقا لدى نظام بشار الأسد.

وجاءت عمليات إلقاء القبض على المسؤولين الأربعة في إطار حملات أمنية حصلت في أكثر من منطقة، وجرت بشكل متفرق خلال أسبوع.

وأسفرت أحدث العمليات، الاثنين، عن إلقاء القبض على شادي محفوظ، أحد المسؤولين الأمنيين الذي عملوا سابقا لدى شعبة المخابرات العسكرية (فرع 277)، بينما كان مسؤولا عن التجنيد لصالح شعبة الأمن العسكري، بحسب بيان نشرته وزارة الداخلية السورية.

وقالت الوزارة أيضا إن محفوظ "أحد المتورطين بجرائم حرب، حيث شارك في الفترة الأخيرة مع فلول النظام البائد باستهداف القوات الأمنية والعسكرية في الساحل"، مضيفة أنه "سيتم تقديمه للقضاء المختص لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة".

وقبل إلقاء القبض على محفوظ بيوم واحد أعلنت إدارة الأمن العام في محافظة دير الزور إلقاء القبض على العميد عبد الكريم أحمد الحمادة، وهو أحد الضباط المقربين من ماهر الأسد.

وذكرت وكالة "سانا"، الاثنين، أن "الحمادة كان يشغل منصب مدير إدارة ملف التسوية مع النظام السابق، بالإضافة إلى كونه مستشارا ومسؤولا عن التنسيق بين ضباط النظام السابق، وقيادات الحرس الثوري الإيراني".

وتشن السلطات الأمنية التابعة لإدارة أحمد الشرع في دمشق منذ أشهر عمليات أمنية في مناطق متفرقة من سوريا، تقول إنها تستهدف بها "فلول نظام الأسد".

ويشمل مصطلح "الفلول" القادة العسكريين والأمنيين السابقين، بالإضافة إلى العناصر المتورطين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وفي 19 من مارس الحالي تمكنت مديرية أمن دمشق من إلقاء القبض أيضا على بشار محفوض، الذي شغل منصب قائد مجموعات الاقتحام ومسؤول التجنيد في "الفرقة 25" التابعة للضابط في نظام الأسد، سهيل الحسن.

وقالت وكالة سانا في تقرير نشرته بالتاريخ المذكور، إن محفوض أحد المسؤولين "المتورطين بجرائم حرب، إضافة إلى تورطه في تشكيل عصابة امتهنت الخطف والسلب بعد سقوط النظام السابق".

وإلى جانبه قالت مديرية أمن دمشق في بيان منفصل إنها ألقت القبض على مرافقه خالد عثمان "أحد عناصر خلية الخطف التي شكلها بشار محفوض بعد سقوط النظام".