في ظل المخاوف من عملية عسكرية تركية واسعة ضد الأكرادفي شمال سوريا، قدم عضوان في مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون مشترك بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي من شأنه فرض عقوبات على أنقرة.
وتتصاعد حدة الأعمال القتالية في شمال سوريا منذ الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد يوم 8 ديسمبر الجاري وتوسطت الولايات المتحدة في وقف إطلاق نار هش في المنطقة بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد).
الدبلوماسي الأميركي السابق، هنري إنشر قال إن الولايات المتحدة تهتم بشمال شرق سوريا بسبب وجود شركاء محليين لها عملوا معها على محاربة تنظيم داعش الإرهابي، ومنذ 2014 كان لواشنطن علاقات قوية مع قوات سوريا الديمقراطية والأكراد.
وأضاف أن مشروع القانون المقترح يعكس تصرفا رمزيا لأعضاء في مجلس الشيوخ، وهو يعبر نوعا ما عن مخاوف واشنطن بشأن الشركاء المحليين في تلك المنطقة، والمخاوف من عودة داعش.
مشروع القانون المقترح الذي سمي "قانون مواجهة العدوان التركي لعام 2024"، يتيح فرض عقوبات تهدف إلى منع المزيد من الهجمات التركية أو المدعومة من تركيا على قسد، والتي تنذر بإعادة ظهور داعش ما يهدد الأمن القومي للولايات المتحدة.
الكاتب الصحفي التركي، فراس رضوان أوغلو قال بدوره إن أنقرة تريد "استغلال الوضع الاستثنائي في سوريا، لأن كل الظروف التي كانت محيطة في قسد أصبحت غير متاحة، إذ لم يعد هناك النظام السوري الذي كانت تتعاون معه هذه القوات، وخروج روسيا من المعادلة أيضا".
وزاد أن "المظلومية الكردية" بأنهم كانوا يتعرضون للظلم في عهد النظام السابق لم تعد قائمة، مشيرا إلى وجود "نقطة مهمة تتعلق بوجود مقاتلين أجانب من حزب العمال الكردستاني"، الذي تعتبره تركيا منظمة إرهابية.
ويرى أوغلو أن الحشد العسكري التركي أمام خيار الاشتباك وهو ما تحاول واشنطن تجنبه، أو الضغط على هذه القوات للقبول بما تريده أنقرة، مؤكدا أن تركيا لا تريد استمرار الحكم الذاتي لقوات قسد.
من جانبه قال الدبلوماسي السابق، إنشر إن تركيا لديها مخاوف مشروعة بحسب وجهة نظرها مما يحدث في شمال شرق سوريا، وواشنطن لديها مخاوف متعلقة بالإرهاب، ولهذا الولايات المتحدة ترحب بوجود حكومة سورية فاعلة تواجه الإرهاب وتتحمل مسؤولية عدم عودة داعش لهذه المناطق.
وزاد أن هذه الأمور تريد واشنطن أن تتحقق في سوريا، ولكن من دون أن تضحي بشركائها الذين خاضوا الحروب ضد داعش لسنوات طويلة، كما أنها ستتردد بشأن فرض عقوبات على أنقرة التي تعتبر حليفا هاما لها ضمن حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وقال إنشر إنه حتى مع قدوم الرئيس المنتخب دونالد ترامب فهذا لن يغير من سياسة واشنطن تجاه هذا الأمر في ظل الموازنة بين المصالح والعلاقات، إذ أنها ستحاول العمل مع تركيا دون التضحية بالأكراد، وقد يكون الحل بضم قواتهم ضمن جيش سوري موحد.
ويعتقد أوغلو أن جميع الشركاء الغربيين يريدون أن تكون سوريا موحدة وقوية في محاربة الإرهاب، وهذا ما قد يتطلب اندماج قسد ضمن القوات السورية الموحدة، إذ يمكن أن تبدأ قسد بإخراج المقاتلين غير السوريين، وتحجيم المناطق التي تسيطر عليها.
وشدد أن أنقرة سترفض أي تقسيمات لأي كيانات حكم ذاتي في الداخل السوري، حتى وإن أخرجت قسد المقاتلين غير السوريين، وبقيت تعمل ضمن الداخل السوري إذ أنها ستشكل تهديدا للأمن القومي التركي.

وتعهدت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والمدعومة من الولايات المتحدة الخميس بقتال تركيا والجماعات التي تدعمها في مدينة كوباني (عين العرب) بشمال سوريا.
وقالت في بيان "إننا في قوات سوريا الديمقراطية نؤكد على أهمية وقف التصعيد ووقف جميع العمليات العسكرية وحل كافة المواضيع العالقة عبر الحوار. لكننا لن نتردد في التصدي لأي هجوم أو استهداف لشعبنا ومناطقنا".
وأضافت "ستحارب قواتنا بمشاركة أهالي كوباني بكل ما أوتيت من قوة".
وقوات سوريا الديمقراطية تقودها وحدات حماية الشعب، التي تعتبرها تركيا امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يقاتل مسلحوه الدولة التركية منذ 40 عاما.