مسيحيون في كنيسة بدمشق (رويترز)
اعتصام للمسيحيين داخل الكنيسة المريمية في دمشق بعد حرق شجرة عيد الميلاد قرب حماة (فرانس برس)

اعتبر مطران حلب للسريان الأرثوذكس، بطرس قسيس، في حديث إلى قناة "الحرة"، الثلاثاء، أن حادثة إضرام النار بشجرة خاصة باحتفالات عيد الميلاد قرب مدينة حماة، لم تعد تدخل ضمن "الحالات الفردية"، داعيا السلطات الجديدة في البلاد إلى اعتماد دستور "يحترم حقوق كافة السوريين".

وقال مطران حلب للسريان الأرثوذكس، بطرس قسيس، للحرة أن الحادثة التي جرت فصولها، ليلة الإثنين، في مدينة السقيلبية ذات الغالبية المسيحية، هو أمر يجب أن "يقابل بالرفض والاستنكار من كل أطياف ومكونات الشعب السوري"، مشيرا إلى وقوع الكثير من "الانتهاكات" بحق المسحيين في البلاد منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر. 

وكان ليل الإثنين، قد شهد احتجاجات في عدد من أحياء دمشق المسيحية احتجاجا على إضرام النار بشجرة خاصة باحتفالات عيد الميلاد قرب حماة.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في وقت سابق، أن "المقاتلين الذين أحرقوا الشجرة أجانب، وينتمون إلى فصيل أنصار التوحيد الجهادي".

وفي مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، "ظهر رجل دين يمثل هيئة تحرير الشام" التي تمسك بالسلطة الآن في سوريا، مخاطبا سكان المنطقة بالقول إن مرتكبي هذا العمل "ليسوا سوريين" ومتعهدا بمعاقبتهم.

وأكد إلى جانب رجال دين مسيحيين ووسط ترديد شعارات مسيحية من قبل سكان المنطقة، أن الشجرة سيتم ترميمها وإنارتها بحلول الصباح، وفق فرانس برس.

وفي تصريحاته للحرة، شدد قسيس على أن "المسيحيين في سوريا ليسوا أقلية"، مستطردا: "نرفض هذا التعبير، حتى لو أصبح عددنا أقل في السنوات الأخيرة (جراء هجرة بعضهم خلال الأزمة السورية)".

وأشار المطران إلى بعض الحوادث الطائفية التي حدثت في سوريا مؤخرا، من بينها "خلع شجرة خاصة بأعياد الميلاد في ساحة العزيزية بحلب على يد أشخاص متطرفين".

ونوه بأن الطوائف المسيحية كانت تلقت تطمينات من الإدارة الجديدة في البلاد، مردفا: "ما زلنا حتى اللحظة نتلقى تلك التطمينات من هيئة تحرير الشام ومن القادة العسكريين المنتشرين في كل سوريا، ونحن كرجال دين نقلنا ذلك إلى أبناء شعبنا حتى يشعروا بالأمان، خاصة أننا مقبلون على أعياد الميلاد المجيدة".

وتابع: "لكن الأحداث التي لا يزال يطلق عليها صفة (فردية)، أو تلك التي يقوم بها أشخاص غير سوريين، فإنها وفي حال تكرارها لن تكون بالأمر الجيد للمجتمع السوري، الذي كنا وما زلنا نفتخر بأنه يتم احترام معتقدات الآخر فيه".

وعن الحوار الوطني المرتقب، الذي دعا إليه قائد "هيئة تحرير الشام" (المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى)، أحمد الشرع، قال قسيس: "لم تتم حتى دعوتنا إلى ذلك، لكن القادة الروحيين للطوائف المسيحية عقدوا اجتماعات عدة في دمشق وحلب، وجرى صياغة مسودة بيان أو إعلان مبادئ بخصوص سوريا الجديدة التي نحلم جميعا بالوصول إليها".

وزاد: "أعتقد أن لجنة جرى تشكليها من بطاركة سوريا، ستشارك في الحوار الوطني، كما أن هناك لجنة أخرى مؤلفة من خبراء قانون يضعون مسودة لإعلان مبادئ دستورية تحترم حقوق الإنسان والعدالة والمساواة وكل القيم السامية التي نطمح إلى تجسيدها في بلادنا مستقبلا".

وشدد قسيس على ضرورة "أن يحترم الدستور الجديد حقوق كافة السوريين بمختلف انتماءاتهم العرقية والقومية، وأن يؤكد على الحرية الدينية، بالإضافة إلى احترام حقوق المرأة".

من جانب آخر، رفض قسيس إطلاق مصطلح "الحرب الأهلية" على المعارك التي شهدتها سوريا خلال أكثر من عقد، مضيفا: "ما حدث كان صراعا بين النظام والمعارضة.. الشعب لم يكن له فيها أي يد".

وأكد أن سوريا كانت على الدوام "دولة مسالمة لم تعتد على أحد، بل كانت هي من يتم الاعتداء عليها، ونأمل بأن تتحرر من كل الاحتلالات (الداخلية والخارجية)، فمن الواضح أن هناك مناطق لا تزال خارج سلطة الدولة".

وأعرب عن أمله في أن يكون هناك جيش واحد للبلاد، مردفا: "يجب على جميع الفصائل المسلحة أن تلقي سلاحها من أجل تكوين ذلك الجيش، الذي سيتولى حماية وطننا داخل وخارج حدوده".

يذكر أنه في أعقاب إحراق "شجرة كريسماس" قرب حماة، خرجت تطمينات من قبل الحكومة السورية المؤقتة، حيث أكدت مصادر أن "الأمن العام عزز تواجده في أحياء باب توما والقصاع والقصور في دمشق، لتأمينها وحماية المسيحيين أثناء احتفالاتهم"، وفق مراسل الحرة.

حاكمة مصرف سوريا المركزي ميساء صابرين - رويترز
حاكمة مصرف سوريا المركزي ميساء صابرين - رويترز

قالت حاكمة مصرف سوريا، ميساء صابرين، إن هناك ما يكفي من أموال لتغطية دفع رواتب موظفي القطاع العام، في أعقاب الزيادة التي تعهدت بها الإدارة الجديدة، التي تصل إلى 400 بالمئة.

كما ذكرت صابرين، في مقابلة مع وكالة رويترز، أنها ترغب في تعزيز استقلالية المصرف (البنك المركزي) فيما يتعلق بسياساته النقدية، في تحوّل كبير، حال حدوثه، عن الرقابة المشددة من الحكومة خلال حكم نظام الأسد.

ومن المقرر أن تساعد قطر في تمويل زيادة أجور القطاع العام في سوريا، في خطوة باتت ممكنة بعد القرار الأميركي بشأن الإعفاء من العقوبات، الذي يسمح بمعاملات مالية مع المؤسسات الحاكمة في سوريا.

وحول هذا الأمر، قالت صابرين: "القطاع المصرفي لا يستفيد من الإعفاء من العقوبات الأميركية، لكن السماح بالتحويلات الشخصية كان خطوة إيجابية"، وأعربت عن أملها في رفع العقوبات بالكامل "حتى يتمكن القطاع المصرفي من الارتباط بالنظام المالي العالمي".

وكانت صابرين تشغل ثاني أهم منصب في مصرف سوريا المركزي، وهو القائم بأعمال الحاكم، خلفا لمحمد عصام هزيمة في أواخر العام الماضي.

وواصلت حديثها لرويترز، قائلة: "المصرف يعمل على إعداد مشاريع تعديل قانون المصرف بما يعزز استقلاليته، ويشمل ذلك السماح له بمزيد من الحرية في اتخاذ القرارات بشأن السياسة النقدية".

وتحتاج هذه التغييرات إلى موافقة السلطة الحاكمة الجديدة في سوريا.

وتابعت: "البنك المركزي يبحث عن سبل لتوسيع الخدمات المصرفية الإسلامية، نظرا لوجود شريحة من السوريين يتجنبون استخدام الخدمات المصرفية التقليدية".

وأضافت لرويترز من مكتبها في وسط دمشق: "قد يشمل ذلك منح البنوك التي تقدم خدمات تقليدية، خيار فتح فروع مصرفية إسلامية".

ويعاني الاقتصاد السوري من مشاكل هيكلية بعد أكثر من 13 سنة على الحرب التي دفعت بأكثر من 90 في المئة من سكان البلاد إلى تحت خط الفقر، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

وأشار تقرير للبنك الدولي بعنوان "مراقبة الاقتصاد السوري: الجيل الضائع" صدر في يونيو 2022، إلى أن النزاع في سوريا دمّر مكاسب التنمية، حيث انخفض النشاط الاقتصادي بنسبة 50 بالمئة بين 2010 و2019.