إردوغان
إردوغان(أرشيفية من رويترز)

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، إن على المسلحين الأكراد في سوريا إما "إلقاء أسلحتهم أو أن يدفنوا معها" في الأراضي السورية، وذلك بالتزامن مع الاقتتال بين فصائل مسلحة سورية مدعومة من تركيا والمسلحين الأكراد، منذ سقوط نظام بشار الأسد هذا الشهر.

وأضاف إردوغان لنواب حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان: "إما أن يلقي القتلة الانفصاليون أسلحتهم، أو يدفنوا في الأراضي السورية مع أسلحتهم".

وأضاف أن تركيا ستفتح قنصليتها في حلب قريبا، وأنها تتوقع زيادة في حركة المرور على حدودها مع سوريا في صيف العام المقبل، مع إغلاق المدارس وعودة أعداد كبيرة من اللاجئين، حسب رويترز.

وفي نفس الوقت، أشار الرئيس التركي إلى أن العلاقات التاريخية بين الشعب التركي والأكراد تستند إلى "أخوة أزلية"، قائلاً: "لن نسمح لأي طرف بتدمير هذه الأخوة أو العبث بها، وسنستخدم كل الوسائل المتاحة للدولة لتحقيق هدف تركيا خالية من الإرهاب".

وقال إن "التنظيمات الإرهابية تمثل تهديدًا ليس فقط للأكراد، بل للاستقرار في المنطقة ككل"، موضحًا أن بلاده عازمة على تعزيز السلام والأمان في جميع المناطق التي تواجه التهديدات، وفقا لحديثه.

وقال: "غايتنا الوحيدة هي ضمان السلام والهدوء والاستقرار في كل شبر من منطقتنا، بدءًا من سوريا".

وفي حديثه عن الوضع في سوريا، قال إردوغان إن تركيا "تسعى لتحقيق السلام والاستقرار هناك"، معتبرا أن من المهم "رؤية العلم التركي بجانب علم الثورة السورية" في عدة مدن، مثل حلب ومنبج ودرعا، وفق وكالة الأناضول التركية.

أكراد سوريون خلال مظاهرة لدعم قوات سوريا الديمقراطية في 19 ديسمبر 2024- المصدر: فرانس برس
تجدد الاشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا و"قسد" يهدد مستقبل سوريا
عبر السفير الأميركي السابق في تركيا، الباحث غير المقيم في مؤسسة الشرق الأوسط روبرت بيرسون عن تفهمه لتخوفات تركيا بشأن الأكراد في سوريا، مشددا على أن الحل يكمن في إبرام اتفاقيات بين الإدارة الذاتية الكردية والحكومة السورية الجديدة.

مدينة القصير في سوريا (فرانس برس)
مدينة القصير في سوريا (فرانس برس)

قبل 12 عاما.. كسر حزب الله الحدود بين سوريا ولبنان، واختار دعم نظام بشار الأسد ضد مناهضيه من فصائل "الجيش السوري الحر".. وبعدما وضع كل ثقله العسكري هناك، تمكن من إحكام السيطرة على القصير "الاستراتيجية"، وكل القرى والبلدات التابعة لها.

وعقب تلك الفترة، تحولت المدينة التابعة لمحافظة حمص إلى أشبه ما يكون بـ"الحديقة الخلفية" لحزب الله.

ورغم أن هذه الحالة سبق وأن تكرست في عهد الأسد الأب (حافظ)، فإن حدودها توسعت لمستويات أكبر عندما وصل الابن (بشار) إلى السلطة، خاصة بعد عام 2011.

"كانت القصير بمثابة بوابة دخول حزب الله إلى سوريا"، كما يقول الصحفي السوري وابن هذه المدينة، نبيل سلّام، لموقع "الحرة".

ويعتقد أنها ستكون "بوابة لخروجه وأفول نفوذه" في البلاد، بناء على المعطيات القائمة على الحدود، منذ 4 أيام.

هذه المعطيات بدأت بحملة أمنية من جانب قوات حرس الحدود التابعة للإدارة الجديدة في دمشق (الفرقة 103)، والتي لا تزال متواصلة حتى الآن في عدة قرى وبلدات حدودية مع لبنان، لتحقيق هدف معلن هو "ملاحقة عصابات تهريب الأسلحة والمخدرات".

لكن ما هو غير المعلن، والذي يدور الحديث عنه كثيرا في الكواليس، أن هذه الحملة الأمنية تستهدف على وجه التحديد "قطع كل الطرق والممرات الاستراتيجية، التي كان يستخدمها حزب الله في تهريب الأسلحة من وإلى سوريا".

مركبات تابعة لقوات اليونيفيل في مرجعيون بلبنان قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
أنفاق حزب الله.. تساؤلات عن دور اليونيفيل في لبنان
أنفاق وترسانة عسكرية ضخمة أقامها "حزب الله" دون اكتراث لما يُعرف بـ"العين الساهرة" على تطبيق القرار 1701، أي قوات اليونيفيل، فالحرب الأخيرة بين إسرائيل والحزب كشفت أن الأخير واصل تعزيز قدراته العسكرية وكأن لا رقيب ولا حسيب عليه.

ورغم أن عمليات التهريب كانت تتركز، خلال السنوات الماضية، في عدة بوابات حدودية غير شرعية بين البلدين، فإن قطع تلك الموجودة في القصير ومحيطها يحظى بأهمية قصوى لدى قوات الإدارة الجديدة في دمشق لعدة اعتبارات، كما يوضح مراقبون وأبناء من المنطقة لموقع "الحرة".

أبرز هذه الاعتبارات، أن الحدود السورية اللبنانية (من جهة القصير) كان حزب الله اللبناني قد كرّس من أجلها الكثير خلال السنوات الماضية، على صعيد البنى التحتية (من أنفاق وممرات وغير ذلك) من جهة، وعلى صعيد "البيئة" التي رسم توازناتها من جهة أخرى.

"اللعب على التداخل"

تقع القصير في الريف الغربي لمحافظة حمص السورية وسط البلاد، ويتبع لها أكثر من 80 قرية وبلدة. وهي مدينة متعددة الطوائف، وتضم سكانا من الشيعة، والسنة، والعلويين، والمسيحيين.

من بين هذه البلدات "حاويك"، التي تسلطت الأضواء عليها كثيرا قبل أيام، بعدما دخلتها قوات إدارة دمشق وخاضت مواجهات مسلحة مع عصابات تتبع للعشائر، قالت إنها "تقف وراء عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات".

وتقيم في هذه البلدة منذ عقود، عائلات سورية وأخرى تحمل الجنسية اللبنانية. وتنسحب هذه الحالة على عدة قرى وبلدات حدودية تقع في غالبيتها غرب القصير، مثل حوش السيد علي، وجوسية الخراب، وزيتا، ومطربا، وبلوزة.

ويقول سلّام إن قرى "أكروم وجوسية الخراب عليها نزاع حدودي يعود إلى عقود للوراء، أي أن هناك أوراقا لها في دائرة السجل العقاري في سوريا، وفي دائرة السجل العقاري بالهرمل بالدولة اللبنانية".

ويضيف أنها "تضم مواطنين يحملون الجنسية اللبنانية، كانوا استقروا فيها بعد عام 1970 عندما امتلكوا أراضٍ بموجب قانون الإصلاح الزراعي الذي طبق في عهد حافظ الأسد، بما يخالف القانون السوري"، على حد تعبيره.

"نظام الأسد في سوريا مع حزب الله.. وحتى اندلاع الثورة السورية جعل هذه القرى والبلدات الحدودية من جهة القصير سائبة، في مسعى من جانب الاثنين للتحرك على صعيد تهريب عمليات السلاح"، حسب الصحفي السوري.

ويتابع أن هذه السياسة "مكّنت حزب الله من العمل بأريحية خلال حرب عام 2006 مع إسرائيل، وفي أعقاب دخوله إلى سوريا لدعم نظام الأسد بعد اندلاع الثورة الشعبية، مستفيدا بذلك من الحواضن الاجتماعية التي أسسها هناك تدريجيا".

وتتمثل هذه الحواضن بـ"العائلات اللبنانية والعشائر الشيعية التي تدين بغالبيتها بالولاء لحزب الله"، كما يشير الصحفي السوري المقيم في القصير، محمد رعد.

ويوضح رعد لموقع "الحرة": "الحدود السورية اللبنانية من جهة القصير متداخلة".

ويقول إن القرى والبلدات التي يدور فيها مسرح عمليات الحملة الأمنية الآن، "تضم عائلات لبنانية طالما اعتمد عليها حزب الله في عمليات التهريب، وكواجهة لتمرير أجندته هناك".

ماذا تعني القصير لحزب الله؟

كانت الحدود السورية اللبنانية في عهد نظام الأسد، قد تحولت إلى أرض "مشاع" استخدمها "حزب الله" لتهريب الأسلحة والذخائر وحبوب "الكبتاغون".

ولم يكن أن يتم ذلك خلال السنوات الماضية، إلا بموجب سياسة "هادئة" يعتبر خبراء ومراقبون أنها لا تزال مستمرة حتى الآن.

تستند هذه السياسة على "المعابر غير الشرعية من جهة.. ومن جهة أخرى تقوم على عمل العصابات وعائلات وعشائر مقيمة هناك، استخدمها حزب الله كواجهات لتمرير أعماله المتعلقة بالتهريب، ولتثبيت أسس الاقتصاد الموازي المرتبط به".

ويقول سلّام إن "غالبية وسائل الإعلام تركز الآن على أن الحملة تستهدف خطوط التهريب. القضية ليست ذلك فحسب، بل خطوط إمداد حزب الله بالسلاح".

هذه الخطوط، وفق الصحفي، "تنبع من منطقة زيتا ومناطق أخرى، وتصل إلى داخل الأراضي اللبنانية المقابلة".

ويضيف: "تضم زيتا التابعة للقصير مستودعات استراتيجية وأنفاق تنبع من سوريا، وتصل إلى قرية القصر بمسافة 3 إلى 3 كيلومترات ونصف".

"هي عبارة عن 4 أنفاق، كان حزب الله يخزن فيها أسلحته الصاروخية والمتعلقة بالمسيرات"، وفقا لذات المتحدث.

ورغم أن إسرائيل سبق أن أعلنت عدة مرات قبل سقوط نظام الأسد، أنها استهدفت خطوط الإمداد هذه، خاصة المارة من القصير باتجاه لبنان، فإن التهريب فوق الأرض "ما زال مستمرا، ولو بوتيرة هادئة"، حسب رعد.

وفي هذا الصدد، يشير إلى "القصير وريفها تعد ملاذا آمنا لحزب الله وميليشياته. وهذه الحالة لم تنته". كما يتوقع أن "تتواصل المواجهات المسلحة على الحدود في المرحلة المقبلة".

ويستطرد: "حزب الله يلعب على وتر التداخل العائلي هناك بين القرى والبلدات على جانبي الحدود السورية اللبنانية.. ويريد إبقاء عمل العصابات التابعة له".

"التغيير تاريخي"

التغيير الأمني والعسكري الذي طرأ على حدود سوريا ولبنان بعد سقوط نظام الأسد يعتبر "تاريخيا" لعدة أسباب، كما يعتبر من تحدث إليهم موقع "الحرة".

أول هذه الأسباب، أنه "لم يسبق منذ عقود، أن سيطرت قوات مناهضة لحزب الله وانتشرت بكثرة على المنطقة الحدودية، خاصة من جهة القصير".

علاوة على ذلك، "من شأن الحملة الأمنية القائمة الآن أن تنهي نفوذ حزب الله بالكامل، ليس على مستوى خطوط الإمداد التي فتحها بالتدريج طيلة السنوات الماضية فقط، بل أيضا على مستوى الحواضن والبيئة".

وتستخدم القوات التابعة لدمشق، أسلحة مختلفة في حملتها القائمة على الحدود.

هذا ما حدث في القصير.. إعلان للجيش الإسرائيلي بعد التطورات في سوريا
أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أن مناطق قريبة من الحدود مع سوريا في هضبة الجولان أصبحت مناطق عسكرية مغلقة ويمنع الوصول إليها، كما تم تقييد حركة المزارعين وأقيمت أيضا حواجز على الطرقات القريبة من خط وقف إطلاق النار في الجولان.

وأظهرت تسجيلات مصورة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، استقدامها عدة مدرعات ودبابات إلى قرى وبلدات في القصير. وغالبيتها تقع على الحدود مع لبنان.

وعلى الجانب اللبناني، أعلن الجيش، قبل أيام، أنه "رد على مصادر إطلاق النيران من الجانب السوري"، دون أن يقدم أي تفاصيل أخرى على صعيد الحملة القائمة والموقف الذي يتخذه من انتشار حزب الله هناك.

ويقول الصحفي سلّام إن "القرى المقابلة للقصير من جانب لبنان، تعتبر معاقل رئيسية لحزب الله (في بعلبك والهرمل)".

ويضيف: "هي شريان حزب الله"، لافتا إلى أنها "تختلف عن بقية المناطق الحدودية، التي تنتشر فيها طوائف أخرى لا تدين بالولاء للجماعة اللبنانية"، المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى.

ويعتبر الصحفي رعد منطقة القصير بمثابة "قلب سوريا من جهة لبنان".

ويقول إن "حزب الله لن يتخلى عنها بسهولة، وفي حين يريدها ممرا للحصول على الأسلحة والمخدرات، قد لا تنجح مساعيه بناء على الأهداف التي تضعها قوات إدارة دمشق لحملتها الأمنية القائمة".