محافظ دمشق الجديد، ماهر مروان
محافظ دمشق الجديد، ماهر مروان. (Social Media/X)

صرح محافظ دمشق الجديد، ماهر مروان، بأن الحكومة السورية الجديدة لا تسعى إلى الدخول في صراع مع إسرائيل.

وقال مروان في حوار مع إذاعة "إن بي آر" الأميركية، "لا ينتابنا خوف من إسرائيل، ولا نريد التورط في أي شيء يهدد أمن إسرائيل أو أي دولة أخرى".

وأضاف مروان أنه يرى من المعقول أن تكون إسرائيل قد شعرت بالخوف عند تسلمت الحكومة السورية الجديدة السلطة، لذلك "تقدمت قليلاً" في مرتفعات الجولان.

لكن مروان نشر شريط فيديو لاحقاً، ليقول إن تصريحاته أسيء فهمها، وأنه "ليس من صلاحياته الحديث عن السلام مع إسرائيل، وأنه كان يقصد أن الشعب السوري في حاجة إلى سلام داخلي ولايريد حروباً خارجية".

كبير الباحثين في معهد موشي دايان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، عوزي رابي، علق على ذلك بالقول للإذاعة الأميركية، إنه "خبر رائع، ولافت للانتباه".

رابي الذي أجاب على اسئلة إذاعة "إن بي آر"، يرى أن انفتاح السلطات الجديدة في سوريا، وعدم رفضها حق إسرائيل في الوجود، يعكس سياسة براغماتية.

مثلما هو الحال بالنسبة لبغداد، لم تربط دمشق علاقات دبلوماسية بإسرائيل، بل دخلت عدة حروب معها انطلاقاً من عام 1948.

وبقيت الدولتان في حالة صراع عملياً، حتى بعد توقيع اتفاقية فك الاشتباك، في 31 مايو 1974، نظراً لدعم دمشق لعدد من الفصائل الفلسطينية واللبنانية التي كانت تحارب إسرائيل.

محافظ دمشق الجديد ولد في أحد الأحياء الراقية بالعاصمة السورية دمشق، ويقول إنه أجبر على الفرار إلى إدلب عام 2011، بعد الملاحقات التي تعرض لها من طرف القوات الأمنية لنظام بشار الأسد، الذي "بنى جداراً بينه وبين الشعب".

وقال مروان "كنا نقول نحن نخاف من سوريا، فأصبحنا الآن نقول نحن نخاف على سوريا".

حصل ماهر مروان على شهادة جامعية في الشريعة الإسلامية، وعمل لمدة 10 سنوات في إدارة الأعمال.

وأكد مروان أنه لم ينتمِ إلى تنظيم القاعدة، وأنه كان سعيداً عندما قامت هيئة تحرير الشام بقطع صلاتها بالتنظيم.

مروان قال إن تصريحاته تعكس وجهة نظر السلطات الجديدة في العاصمة السورية، بقيادة زعيم هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع، الملقب بأبي محمد الجولاني، الذي أصبح الحاكم الفعلي لسوريا عقب فرار الرئيس السابق، بشار الأسد، في 8 من ديسمبر.

هيئة تحرير الشام لا تزال مصنفة من قبل واشنطن وعدة دول أخرى على قائمة المنظمات الإرهابية.

لكن وفداً أميركياً التقى الشرع في دمشق، الأسبوع الماضي، وأعلن أنه تم إلغاء المكافأة المقدرة بـ 10 مليون دولار، للإدلاء بمعلومات عن الشرع، قصد إلقاء القبض عليه.

ماهر مروان أضاف أنه يطالب واشنطن بإيصال رسالة إلى إسرائيل، مفادها أن "هناك من يريد السلام وليس الصراع".

وقال مروان أيضاً "إن رسالته للأميركيين هي رسالة سلام"، مؤكداً أن نظام الأسد قد أوجد فجوة كبيرة بين الشعب السوري والولايات المتحدة، وأوضح أنه يجب "غلق تلك الفجوة".

وتحدث مروان عن السياسة الأميركية في المنطقة، قائلاً إن الحرب في العراق وأفغانستان أثبتت أن الحرب تجلب الكراهية والدمار، وأنه يريد أن يعلم الشعب الأميركي أنه لا يوجد عداء بين سوريا والولايات المتحدة.

ورداً على ذلك، قال مسؤول أميركي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، إن الولايات المتحدة نقلت رسالة السلطات الجديدة في دمشق إلى إسرائيل، لكن "واشنطن لم تضغط على أي من الطرفين لاتخاذ أي تدابير".

التحدي الأكبر الذي يواجه السلطات الجديدة في سوريا، حسب محافظ دمشق، هو بناء الثقة بين مؤسسات الدولة من جهة والشعب من جهة أخرى.

تعود السوريون على استفادة النظام من مؤسسات الدولة، لذلك تعد مكافحة الفساد من أكبر الأولويات التي تواجه السلطات الجديدة، خصوصاً وأن معظم الموظفين يتلقون رواتب شهرية هزيلة لا تسد حاجياتهم الأساسية.

ولتغيير ذلك من الواجب الارتقاء بمستوى المعيشة، عبر رفع الرواتب، توفير مواطن الشغل، ودعم الاستثمار، حسب مروان.

وللدلالة على ضرورة تفعيل التدريب المهني، قال مروان إن "من بين الـ 500 عامل في مبنى البلدية، يوجد 2 فقط قادران على استعمال الحاسوب المحمول، "اللابتوب".

ويخلص مروان إلى القول إن استغلال قدرات من كانوا عاملين مع النظام السابق، مهم للحفاظ على الاستقرار في المنطقة، وأن على المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة مساندة ذلك.

السلطات السورية الجديدة حلّت الجيش.

يكتنف الغموض مصير نحو 100 من مسؤولي وضباط النظام السوري المخلوع الفارين إلى العراق، وسط تكتم السلطات العراقية والمليشيات الموالية لإيران على أي معلومات تتعلق بهم.

استقبل العراق عبر منفذ البوكمال الحدودي السوري في السابع والثامن من ديسمبر الماضي 2493 جنديًا وضابطًا ومسؤولًا من نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وأعلنت قيادة العمليات المشتركة في 19 ديسمبر عودة 1905 من الضباط والمنتسبين السوريين وتسليمهم إلى قوة حماية من الجانب السوري عبر منفذ القائم الحدودي.

وسبقتها عملية تسليم أخرى شملت العشرات من الموظفين السابقين في منفذ البوكمال، الذين فروا أيضًا إبان سقوط نظام الأسد.

لكن مسؤولًا عراقيًا في محافظة الأنبار قال لموقع "الحرة"، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، إن "مجموعة من الضباط السوريين رفضوا العودة إلى بلادهم بحجة وجود خطورة على حياتهم عند إعادة الجنود والمراتب الآخرين، لذلك نُقلوا فورًا من الأنبار إلى بغداد".

مع ذلك، لم يؤكد المصدر نفسه استقرارهم في بغداد أو الوجهة التي نُقلوا إليها فيما بعد.

ولمعرفة مصير الضباط والمسؤولين الذين رفضوا العودة إلى بلادهم وكيفية تعامل الحكومة العراقية مع هذا الملف، تواصل موقع "الحرة" مع كل من الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة، صباح النعمان، والناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، العميد مقداد ميري، لكنهما لم يدليا بأي تصريحات عن الملف بحجة أنه ليس من اختصاصهما.

كما لم يجب الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، والناطق باسم العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، عن أسئلة موقع "الحرة" بخصوص هؤلاء الضباط وملفهم.

وكانت وزارة الداخلية العراقية نفت، الثلاثاء الماضي، منح الإقامة لضباط وقادة النظام السوري المخلوع.

وقال الناطق باسم الداخلية، العميد مقداد ميري، في بيان: "تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن منح العراق الإقامة المؤقتة لدواعٍ إنسانية لعشرات الضباط وقادة جيش النظام السوري السابق، الذين لجأوا إلى العراق. إننا في الوقت الذي ننفي فيه هذه الأنباء جملةً وتفصيلًا، نؤكد أهمية الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية حصرًا."

وكشفت متابعات موقع "الحرة" لملف الضباط وقادة النظام السوري الذين رفضوا مغادرة العراق إلى بلادهم، أنه بعد نقلهم إلى بغداد في ظل إجراءات أمنية مشددة، قُسِّموا إلى عدة مجموعات، سافرت مجموعة منهم إلى روسيا وبيلاروسيا ودولة خليجية.

ونُقلت مجموعة ثانية منهم إلى مجمع سكني في بغداد، بينما انضمت مجموعة أخرى إلى معسكر "أشرف" في محافظة ديالى شمال شرق بغداد إلى جانب مسلحي مليشيات فاطميون وزينبيون.

وكان عناصر هذه الميليشيات في سوريا قبل أن ينسحبوا أيضًا إلى داخل العراق بعد سقوط نظام الأسد، بينما استقر آخرون، بينهم قادة ومسؤولون، في مدينة النجف وبلدة جرف الصخر في محافظة بابل.

غالبية الضباط والقادة السوريين المتواجدين في العراق هم من الرتب العالية (بدءًا من عميد)، وهم من قادة وضباط الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع بشار الأسد، إلى جانب مسؤولين وضباط مخابرات ومستشارين.

"صندوق أسود"

ويشير الخبير السياسي العراقي، عمر عبد الستار، إلى أن من تبقى من الضباط والموظفين السوريين الذين لجأوا إلى العراق انضموا إلى غرفة عمليات أنشأتها إيران بعد سقوط الأسد.

ووفق عبد الستار، فإن غرفة العمليات هذه تهدف إلى تحريك الداخل السوري وتفعيل الخلايا النائمة من الموالين لها ضد الإدارة السورية الجديدة، سواء في الساحل أو في حمص أو في المناطق السورية الأخرى التي تشهد تحركًا لفلول النظام السابق.

وقال عبد الستار، لموقع "الحرة"، إن "إيران تدير هذه الغرفة، وقد شارك عدد من هؤلاء الضباط في الاجتماع الذي نظمه الحرس الثوري بحضور ضباط إيرانيين وقادة المليشيات العراقية قبل أيام في النجف".

ولفت إلى أن الحكومة العراقية والحرس الثوري الإيراني يتكتمان على أسماء ومعلومات من تبقى من هؤلاء الضباط في العراق، ويبلغ عددهم 93 ضابطًا ومسؤولًا.

وتشمل قائمة المسؤولين السوريين والضباط، الذين دخلوا العراق في ديسمبر الماضي، مسؤولين كبارًا في النظام المخلوع وصلوا إلى العراق عبر مطار بغداد الدولي.

ويرى الخبير الأمني والاستراتيجي، أحمد الشريفي، أن النفي الحكومي العراقي بمنح من تبقى من الضباط والمسؤولين السوريين الإقامة غير كافٍ للتأكيد على أن هؤلاء غادروا العراق.

ويعتبر الشريفي الضباط والمسؤولين السوريين، الذين رفضوا العودة إلى بلادهم، الصندوق الأسود للكثير من الأحداث التي جرت في سوريا، لا سيما ملف التعاون بين العراق وسوريا عبر هذه الجهات.

ويضيف الشريفي، لموقع "الحرة"، أن "قضية تحرك هؤلاء الضباط هي مناورة لصندوق أسود يخفي بين جوانبه أسرارًا كثيرة عن تعاون الفصائل العراقية مع سوريا وإيران والعراق، وكيف كان التعاون سائرًا آنذاك".

وأشار إلى أن الضباط لن يعودوا إلى سوريا ويمكن أن تؤمن لهم الموارد المالية من موازنة الحشد الشعبي.

ويلفت الشريفي: "بما أن العراق شكّل حاضنة لهم، وإن ثبت بالدليل أنهم في العراق أو غادروه، فسيكون إعادة تطبيع العلاقة بين العراق وسوريا عسيرًا".

وأشار إلى أن هذا الملف ضمن جملة من الملفات والأوراق التي من شأنها أن تعرقل مسألة تطبيع العلاقة بين البلدين، لا سيما في ظل الحكومة العراقية الحالية التي هي حكومة الإطار التنسيقي، الذي تمثل فيه الفصائل الموالية لإيران العمود الفقري للأغلبية البرلمانية.