تجار ومستهلكون.. اكتظت بهم شوارع دمشق وغيرها من المدن السورية، خاصة في فترة الأعياد.. خرجوا بلا قيود تخنقهم أو إتاوات تُفرض عليهم، كما كان الحال في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد، وكلهم أمل بأن تنعكس تبعات إسقاط نظامه على حياتهم اليومية.
أمام محل ملابس في أحد شوارع العاصمة السورية دمشق، وقف التاجر فادي الصباغ، ولسان حاله يقول: "عانينا من ركود اقتصادي كبير بسبب قانون قيصر"، عائدا بذاكرته إلى الأمس القريب، الذي لا تزال تبعاته الاقتصادية تنغص على السوريين حياتهم.
وواصل حديثه لقناة "الحرة" بالقول: "كنا غير قادرين على الاستيراد أو التصدير.. ونأمل بعد الانفتاح والتحرر أن يكون بإمكاننا القيام بذلك، فالتأثير كان كبيرا جدا على تجارتنا".
وكانت العقوبات الدولية على سوريا أحد أهم الأدوات التي استخدمتها القوى الغربية للضغط على نظام الأسد، وقد تنوعت بين حظر التصدير والاستيراد، وتجميد الأصول، ومنع السفر، وفرض قيود مالية صارمة، بهدف محاصرة النظام ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وبينما تتصاعد دعوات تخفيف القيود الاقتصادية على البلاد التي تشهد أوضاعا إنسانية صعبة، تربط واشنطن وحلفاؤها الغربيين أي خطوة في هذا الاتجاه بـ"شروط" تشمل ضمان انتقال سياسي سلمي، وحماية الأقليات، ومنع عودة تنظيم داعش، خاصة أن التغيير الجديد يقوده أحمد الشرع، الملقب بأبي محمد الجولاني، وهو قائد "هيئة تحرير الشام" المصنفة على لوائح الإرهاب الأميركية.
واستكمل الصباغ حديثه للحرة، بالقول: "الأوضاع كانت صعبة بسبب قانون قيصر، ولا تزال صعبة جدا حتى الآن"، منوها بضرورة العمل لتحسين سعر صرف الليرة السورية.
وتابع: "سعر الصرف يؤثر علينا كثيرا (كتجار) لأننا نستورد تقريبا 90 بالمئة من المواد الأولية المستخدمة في صناعتنا".
أما خضر صالح، وهو أحد المتسوقين في دمشق، فتحدث للحرة عن الصعوبات التي عاشها المواطنون في ظل تعرضهم لابتزاز الإتاوات والشراكات الإلزامية وغيرها من سبل القهر الاقتصادي في عهد الأسد.
وقال: "خلال زمن سيطرة عصابات الأسد، كانت الضرائب متنوعة وتصل إلى 300 بالمئة، بجانب مدفوعات أخرى مثل الإتاوات، كما كانت هناك أيضا شراكات إلزامية".
من جانبه، أبدى صاحب محل العطور معاذ أبو حجية، تفاؤلا في حديثه للحرة عن الأوضاع في السوق بدمشق.
وقال: "الإقبال جيد جدا وحركة السوق تصبح أفضل يوما بعد يوم.. الناس تتشجع للنزول إلى الأسواق، والأسعار في نزول".
عقوبات على نظام الأسد
منذ بداية الثورة السورية عام 2011، واجه نظام الأسد اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مما دفع واشنطن وعواصم غربية أخرى لفرض سلسلة من العقوبات.
وتعد 3 قوانين أميركية هي الأبرز في هذا السياق: قانون قيصر، وقانونا كبتاغون 1 و2.
وجاء قانون قيصر في أعقاب تسريب مصور عسكري سوري سابق لـ 55 ألف صورة توثق عمليات تعذيب وانتهاكات في مراكز الاعتقال السورية بين عامي 2011 و2013.
وتصنف الولايات المتحدة سوريا كدولة راعية للإرهاب منذ ديسمبر 1979، مما أدى إلى فرض عقوبات أولية شملت حظر صادرات ومبيعات الأسلحة، وفرض ضوابط على صادرات المواد مزدوجة الاستخدام، إضافة إلى قيود مالية أخرى تم تشديدها بموجب قانون "محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية".
![سوريا تعيش في أسوأ أزمة اقتصادية](https://media.voltron.alhurra.com/Drupal/01live-106/2021-07/000_1RA8C4.jpg)
وفي تحليل المجلس الأوروبي للشؤون الدولية، أشار إلى أن أهمية رفع العقوبات عن سوريا من بينها "تخفيف المعاناة عن الشعب السوري، خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم ونقص السلع الأساسية والأدوية".
ذكر التحليل أيضًا أن رفع العقوبات تدريجيا يمثل "رسالة إيجابية للمجتمع الدولي بأن الغرب يستخدم العقوبات كأداة للتغيير وليس للعقاب فقط"، موضحا أنه عندما تتحقق الأهداف المرجوة، يجب أن يكون هناك "استعداد لتخفيف هذه الإجراءات، مما يعزز مصداقية السياسة الغربية ويشجع دولا أخرى على الامتثال للمعايير الدولية".
كما أن رفع العقوبات بشكل مدروس ومتدرج سيتيح للدول الغربية فرصة المشاركة في إعادة إعمار سوريا والتأثير في مسارها المستقبلي.
واعتبر التحليل أن إعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي، من خلال رفع العقوبات عن البنك المركزي والمؤسسات المالية، سيسهل تدفق المساعدات الإنسانية وتمويل مشاريع إعادة الإعمار، مما سيساعد في تحفيز الاقتصاد السوري وخلق فرص عمل واستقرار البلاد ومنع موجات جديدة من الهجرة، وبالتالي يصب في مصلحة جميع الأطراف المعنية.