جرى تسليم الموقوفين إلى إدارة العمليات العسكرية ونقلهم إلى الجانب السوري
جرى تسليم الموقوفين إلى إدارة العمليات العسكرية ونقلهم إلى الجانب السوري

أعلن المرصد السوري، السبت، تسليم السلطات اللبنانية نحو 70 سوريّا إلى إدارة العمليات العسكرية في ريف طرطوس، بينهم ضباط في النظام السابق.

وقالت محافظة طرطوس إن الجيش اللبناني سلم نحو 70 سوريّا، بينهم ضباط برتب مختلفة في قوات النظام السابق، بحضور وفد أمني لبناني عبر معبر العريضة الواقع بين لبنان وسوريا في ريف طرطوس.

ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فقد أدخلت 3 حافلات تابعة للأمن العام اللبناني الموقوفين، برفقة سيارات لوفد من مخابرات الجيش والأمن العام اللبناني يترأس الوفد ضابط عقيد من الأمن العام اللبناني، وجرى تسليمهم إلى إدارة العمليات العسكرية ونقلهم إلى الجانب السوري.

ووفقا للمصادر فقد جرى إيقاف الضباط والعناصر، الجمعة، لدخولهم بطريقة غير شرعية إلى منطقة جبيل في لبنان.

وقال مسؤول لبناني لوكالة رويترز إن عشرات الآلاف من السوريين، معظمهم من الشيعة، فروا إلى لبنان منذ أطاح إسلاميون سُنة ببشار الأسد، خوفا من الاضطهاد رغم تأكيدات الحكام الجدد في دمشق بأنهم سيكونون آمنين.

وعند الحدود مع لبنان، حيث كان الآلاف يحاولون مغادرة سوريا، في ١٢ ديسمبر، وصف عشرات الشيعة الذين أجرت رويترز مقابلات معهم التهديدات التي وجهت إليهم، في بعض الأحيان بشكل شخصي، لكن في الغالب عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.

وتعكس رواياتهم مخاوف من الاضطهاد رغم وعود من هيئة تحرير الشام بتقديم الحماية لهم. وهيئة تحرير الشام هي الجماعة السنية التي ظهرت كقوة مهيمنة في سوريا الجديدة، لكنها ليست بأي حال من الأحوال الفصيل المسلح الوحيد على الأرض.

وكثيرا ما كان الشيعة على خط المواجهة في الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عاما، والتي اتخذت أبعادا طائفية حيث حشد الأسد، الذي ينتمي للأقلية العلوية، حلفاء شيعة إقليميين، منهم جماعة حزب الله اللبنانية، للمساعدة في محاربة المعارضة السنية.

وقال مسؤول أمني لبناني كبير إن أكثر من 100 ألف شخص، معظمهم من الأقليات الدينية، دخلوا إلى لبنان منذ سقوط الأسد، لكنه لم يستطع تقديم رقم دقيق لأن معظمهم استخدموا نقاط عبور غير شرعية على الحدود غير المحكمة.

وذكرت وسائل إعلام رسمية سورية أن الإدارة الجديدة في البلاد أطلقت، الخميس، حملة أمنية في محافظة طرطوس، وتعهدت بملاحقة "فلول" نظام بشار الأسد.

وتمثل أعمال العنف في محافظة طرطوس، وهي جزء من المنطقة الساحلية التي تضم العديد من أفراد الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، أكثر المواجهات دموية التي تواجه الإدارة التي يقودها إسلاميون من السنة والتي أطاحت بالأسد في الثامن من ديسمبر.

وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن إدارة العمليات العسكرية أطلقت، الخميس، عملية لملاحقة فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ريف محافظة طرطوس بغرب البلاد.

وقالت الوكالة "إدارة العمليات العسكرية بالتعاون مع وزارة الداخلية تطلق عملية لضبط الأمن والاستقرار والسلم الأهلي وملاحقة فلول ميليشيات الأسد في الأحراش والتلال بريف محافظة طرطوس".

كان لأفراد الأقلية العلوية، وهي طائفة من الشيعة، نفوذ كبير في سوريا في عهد الأسد، حيث هيمنوا على قوات الأمن التي استخدمها ضد خصومه خلال الحرب الأهلية التي استمرت 13 عاما ولسحق المعارضة خلال عقود من القمع الدموي في دولته البوليسية.

إيلي كوهين

في عام 2019، عرضت شبكة نتفليكس مسلسلا مثيرا من 6 حلقات بعنوان "الجاسوس ... قصة حياة إيلي كوهين". لاقى المسلسل رواجا كبيرا، خصوصا وأن الممثل البريطاني الذي قام بدور إيلي هو ساشا بارون كوهين، وكانا يشتركان، إضافة إلى اسم العائلة، بشبه كبير. 

وإيلي كوهين هو أشهر جاسوس إسرائيلي على مر التاريخ من دون منازع، وكانت قصته مثيرة للاهتمام بشكل كبير في الأوساط العربية والدولية.

فقط تخيل أن رجلا يأتي إلى مدينة غريبة، وينجح في التقرب من جميع الشخصيات السياسية والعسكرية المرموقة فيها، وينقل منها معلومات استخبارية دقيقة إلى تل أبيب عبر جهاز تسجيل صغير كان يحتفظ به في شقته. هذا الرجل هو إيلي كوهين.

كان يُعرف باسم كامل أمين ثابت، وقد دخل إلى سوريا مطلع السيتينات كرجل أعمال سوري عائد من الأرجنتين، وهناك انخرط في المجتمع السوري والعربي واستطاع إقامة علاقات وصداقات. وبعد أربع سنوات على وجوده في دمشق كُشف أمره وألقي القبض عليه "بالجرم المشهود" وهو يرسل معلومات في شقته، ونُفذ فيه حكم الإعدام في 18 مايو 1965.

في الذكرى الستين لإعدامه، برز ملف كوهين إلى الواجهة مرة أخرى، بالتزامن مع إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الرياض رفع العقوبات عن سوريا.

في 18 مايو، قالت إسرائيل إنها تمكنت بـ"عملية سرية معقدة"، وفق تعبير مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من إحضار الأرشيف السوري الرسمي الخاص بإيلي كوهين إلى إسرائيل. 

لكن ثلاثة مصادر، قالت لرويترز في 19 مايو، إن "القيادة السورية وافقت على تسليم وثائق ومتعلقات الجاسوس إيلي كوهين لإسرائيل في محاولة لتخفيف حدة التوتر وإظهار حسن النوايا للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد إعلانه رفع  العقوبات عن سوريا.

ونقلت الوكالة عن مصدر أمني سوري، ومستشار للرئيس السوري أحمد الشرع، وشخص مطلع على المحادثات السرية بين البلدين، إن أرشيف المواد عرض على إسرائيل في مبادرة غير مباشرة من الشرع في إطار سعيه لتهدئة التوتر وبناء الثقة لدى ترامب.

وتضمن الإرشيف السوري الخاص بكوهين نحو 2500 وثيقة وصورة ومقتنيات شخصية، وفقا لمكتب نتانياهو.

وشملت المواد التي قالت إسرائيل إنها استعادتها من سوريا، وصية أصلية كتبها كوهين بخط يده قبل ساعات من إعدامه وسط دمشق، وتسجيلات صوتية وملفات من استجوابه واستجواب من كانوا على اتصال به، ورسائل كتبها لعائلته في إسرائيل وصورا من مهمته في سوريا.

وتتضمن أيضا مقتنيات شخصية نُقلت من منزله بعد اعتقاله، منها جوازات سفر مزورة وصور له مع مسؤولين عسكريين وحكوميين سوريين رفيعي المستوى، إضافة إلى دفاتر لتدوين الملاحظات ويوميات تسرد مهام الموساد.

وقد وزعت الوكالات نسخة عن وصية كوهين، جاء فيها: 

"إلى زوجتي نادية وعائلتي الحبيبة، أكتب إليكم هذه الكلمات الأخيرة وأطلب منكم أن تكونوا على صلة دائمة مع بعضكم، وأرجوكي أن تسامحيني يا ناديا، وأن تهتمي بنفسك وبالأولاد وتحافظى عليهم، وتثقفيهم تثقيفا كاملا، وألا تحرمي نفسك أو تحرميهم من شي، وكوني على صلة دائمة مع أهلي.. ويمكنك الزواج من غيري حتى لا يكبر الأولاد بدون أب، ولكي كامل الحرية في ذلك، وأرجوكي ألا تضيعوا وقتكم بالبكاء على الماضي، انظروا دائما إلى المستقبل...".

وسلم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومدير الموساد ديفيد برنياع المواد إلى أرملة كوهين، نادية كوهين، خلال حفل أقيم في المناسبة.

وطالبت زوجة كوهين باستعادة "جثمانه،" وجاء رد نتانياهو أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على ذلك خصوصاً أن "إيلي أسطورة إسرائيلية، إنه أعظم عميل في تاريخ المخابرات الإسرائيلية".

ونقلت رويترز عن مصدر أمني أن مقاتلي المعارضة السورية بقيادة الشرع عثروا على ملف كوهين في مبنى تابع لأمن الدولة في ديسمبر غداة سيطرتهم على دمشق. 

وذكر المصدر الأمني أن الشرع أدرك أن وثائق كوهين ومقتنياته مهمة للإسرائيليين وأن إعادتها قد تمثل بادرة دبلوماسية بارزة.

ومع التزام إسرائيل الصمت، حتى الآن، بشأن الرواية السورية، يقول الباحث السياسي سمير التقي في تصريح لـ"الحرة" إن المسألة في العلاقات الإسرائيلية السورية أوسع وأعمق من تزويد إسرائيل بوثائق كوهين، ويضع ما حدث ضمن إطار مبادرة حسن نية من سلطة أحمد الشرع.

ويضيف التقي أن هناك اجتماعات مباشرة تجري بين القيادتين الإسرائيلية والسورية بمشاركة تركية، وما سيحدث في المرحلة المقبلة سيكون أشمل من مجرد إعطاء وثائق أرشيفية، وسيكون حتما ضمن مناقشة الشروط من أجل وضع حد للقصف الإسرائيلي على سوريا مقابل تفاهمات حول الفصائل الراديكالية المحيطة بهيئة تحرير الشام والفصائل الفلسطينية والأخوان المسلمين.

ولد إيلي كوهين في الإسكندرية بمصر عام 1924، وعندما بلغ العشرين من العمر، انضم إلى "منظمة الشباب اليهودي الصهيوني" في مصر. وبعد حرب 1948، أخذ يدعو مع غيره من أعضاء المنظمة لهجرة اليهود المصريين إلى فلسطين، ثم خرج من مصر‏ في عام 1956‏.

عمل إيلي كوهين مترجما ومحللا لدى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وحاول الالتحاق بجهاز "الموساد" ثم فشل، ما دفعه للاستقالة من المخابرات العسكرية والعمل محاسبا لدى بعض الشركات الخاصة في تل أبيب.

مصدر مطلع ذكر لرويترز أن سوريا وافقت في المحادثات على إجراءات من بينها إعادة رفات كوهين وثلاثة جنود إسرائيليين لقوا حتفهم خلال قتال مع القوات السورية في لبنان في أوائل الثمانينيات. وذكرت إسرائيل الأسبوع الماضي أنها استعادت رفات أحد هؤلاء الجنود، وهو تسفي فيلدمان.

وعلى هذا الصعيد يشير التقي في حديثه مع "الحرة" إلى استبعاد قدرة السلطة السورية الجديدة على الوصول إلى معلومات حول رفات كوهين. ويؤكد أن المعلومات اللازمة لمعرفة مكان دفنه مرتبطة برفعت الأسد والفرق العسكرية التي كانت تابعة له.

 ويستبعد التقي فكرة وجود تقارير تبين هذا المكان إلا في حالة اعتقال بعض العسكريين التابعين لرفعت الأسد على أيدي السلطة الشرعية السورية الجديدة.