كثفت الإدارة السورية الجديدة حملتها لتعقب واعتقال أعضاء نظام الدكتاتور المخلوع
كثفت الإدارة السورية الجديدة حملتها لتعقب واعتقال أعضاء نظام الدكتاتور المخلوع.

أعلنت الإدارة الجديدة في سوريا أنها ستبدأ بملاحقة فلول نظام بشار الأسد المخلوع في عموم البلاد، وسط تأكيدات على ضروة هذه الخطوة لكن مع مخاوف بشأن طريقة تنفيذ عمليات الملاحقة والمحاسبة هذه.

وكثفت الإدارة السورية الجديدة حملتها لتعقب واعتقال أعضاء نظام الدكتاتور المخلوع، مشيرة إلى أنها ستضرب بيد من حديد الأشخاص المشتبه بارتكابهم فظائع ضد السوريين.

وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، السبت، أن "عددًا من بقايا ميليشيات الأسد" تم اعتقالهم في منطقة اللاذقية الساحلية في غرب سوريا. وأضاف التقرير أنه تمت مصادرة الأسلحة والذخائر.

وأشارت الإدارة الجديدة، التي حاولت بسط سلطتها على سوريا منذ أطاح تحالف بقيادة هيئة تحرير الشام، المصنفة إرهابية في واشنطن، بالرئيس السابق بشار الأسد قبل ثلاثة أسابيع، إلى أن ملاحقة الموالين لدكتاتورية الأسد تشكل أولوية قصوى.

وخلال الأيام القليلة الماضية، أفادت وكالة الأنباء السورية أن قوات الأمن الحكومية كانت تلاحق أعضاء نظام الأسد في مناطق طرطوس وحمص وحماة.

لكن منظمات حقوق الإنسان دقت ناقوس الخطر بشأن الطريقة التي تتبعها الحكومة الانتقالية في ملاحقة الموالين للأسد، قائلة إنها تنفذ أحيانا اعتقالات تعسفية لأنصار النظام القديم، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، قال لموقع الحرة"، إن عملية مطاردة فلول الأسد تعد "خطوة ضرورية في إطار اعتقال مجرمي النظام السابق تمهيدا لمحاكمتهم."

حملة أمنية تشنها السلطات السورية الجديدة على مسؤولين بنظام الأسد المخلوع
إثر سقوطه.. من أبرز عناصر نظام الأسد الذين تم "اعتقالهم" أو قتلهم في سوريا؟
عقب سقوط نظام بشار الأسد بسوريا في الثامن من ديسمبر الجاري، شنت السلطات الجديدة في البلاد حملة من الملاحقات الأمنية ضد العديد من الشخصيات المتهمة بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات إنسانية مما أدى إلى مقتل بعضهم واعتقال آخرين.

وأضاف أنه توجد مجموعة من الشروط التي تحدد المطلوبين في عملية ملاحقة فلول الأسد، وهي نشر بيانات وصور وأي معلومات شخصية تحدد أسماء وهويات الصف الأول والثاني والثالث والرابع من الذين ثبت تورطهم ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية بشكل دقيق وواضح.

وتابع أن السلطات الحالية يجب عليها أن تتعاون بشكل وثيق مع الأهالي لأنهم على دراية أكبر بالعناصر المطلوبة من الهيئة المنوطة بالملاحقة، مع ضمان عدم استهدافهم.

وأكد أنه بالفعل هناك تجاوب كبير جدا من جانب الأهالي، وشاهدنا هذا بالفعل في ريف حماة الغربي والقرى ذالت الأغلبية العلوية، حيث ساعد الأهالي في القبض على بعض الجناة والمطلوبين من فلول النظام السابق، وقد يكونوا ليسوا من الصف الأول أو الثاني أو، الثالث، لكن على الأقل من الصف الرابع.

وأوضح أنه من الضروري الحرص على عدم اقتحام المنازل أو تنفيذ اعتقالات دون مذكرة قضائية من النائب العام ومن قيادة الشرطة، لأنه وقعت بعض الحوادث خلال الـ٤٨ ساعة الماضية لا علاقة لها بالعدالة الانتقالية بل كانت "عدالة انتقامية"، حيث تم اعتقال عدد من المواطنين من عدة مناطق وبعد فترة شوهدت جثث هؤلاء المواطنين في الشوارع بعد تصفيتهم.

وبشأن المخاوف من تفشي العنف، أكد عبدالرحمن أن "السلاح موجود وبالفعل فإن المخاوف حقيقية، لكن الواقع أيضا يقول إن نظام بشار أو بقايا حزب الله وإيران لم يعد لهم قاعدة شعبية في سوريا، وهذا يعني أن من يحمل السلاح يجب أن يعتقل ويحاكم".

والأربعاء، أدت محاولة اعتقال محمد كنجو الحسن، مدير القضاء العسكري السابق في عهد الأسد، إلى اندلاع اشتباكات مميتة في منطقة طرطوس - وهي جزء من معقل الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد. وتعرضت قوات الأمن لكمين من قبل الموالين للحكومة السابقة في المنطقة، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال وزير الداخلية السوري المؤقت، محمد عبدالرحمن، إن أربعة عشر فردًا من القوات الحكومية قُتلوا.

في حين ذكرت بعض التقارير أن الحسن اعتقل في وقت لاحق، إلا أن المسؤولين الإعلاميين في الحكومة الانتقالية السورية لم يؤكدوا ذلك حتى يوم السبت، ولا يزال مكانه غير واضح.

وقال المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية السورية المؤقتة إن قوات الأمن كانت تلاحق أعضاء نظام الأسد "لتأمين" أراضي البلاد، مما يشير إلى أنهم كانوا يقوضون الوضع الأمني. وقال إن الحملة لم تبدأ إلا بعد فشل الموالين للحكومة السابقة "في تسليم أسلحتهم وتسوية شؤونهم" في إطار زمني محدد.

والسبت، أعادت السلطات اللبنانية 70 ضابطاً وجندياً سورياً خدموا في جيش السيد الأسد بعد دخولهم لبنان بشكل غير قانوني يوم الجمعة، وفقاً للمرصد السوري.

وأكد مسؤول في الإدارة السورية الجديدة أن لبنان أعاد أفراداً عسكريين من النظام المخلوع إلى سوريا، دون تحديد عددهم.

وفر مسؤولون وعسكريون سوريون سابقون من سوريا إلى لبنان والعراق المجاورين على أمل تجنب الاعتقال أو الانتقام.

حاكمة مصرف سوريا المركزي ميساء صابرين - رويترز
حاكمة مصرف سوريا المركزي ميساء صابرين - رويترز

قالت حاكمة مصرف سوريا، ميساء صابرين، إن هناك ما يكفي من أموال لتغطية دفع رواتب موظفي القطاع العام، في أعقاب الزيادة التي تعهدت بها الإدارة الجديدة، التي تصل إلى 400 بالمئة.

كما ذكرت صابرين، في مقابلة مع وكالة رويترز، أنها ترغب في تعزيز استقلالية المصرف (البنك المركزي) فيما يتعلق بسياساته النقدية، في تحوّل كبير، حال حدوثه، عن الرقابة المشددة من الحكومة خلال حكم نظام الأسد.

ومن المقرر أن تساعد قطر في تمويل زيادة أجور القطاع العام في سوريا، في خطوة باتت ممكنة بعد القرار الأميركي بشأن الإعفاء من العقوبات، الذي يسمح بمعاملات مالية مع المؤسسات الحاكمة في سوريا.

وحول هذا الأمر، قالت صابرين: "القطاع المصرفي لا يستفيد من الإعفاء من العقوبات الأميركية، لكن السماح بالتحويلات الشخصية كان خطوة إيجابية"، وأعربت عن أملها في رفع العقوبات بالكامل "حتى يتمكن القطاع المصرفي من الارتباط بالنظام المالي العالمي".

وكانت صابرين تشغل ثاني أهم منصب في مصرف سوريا المركزي، وهو القائم بأعمال الحاكم، خلفا لمحمد عصام هزيمة في أواخر العام الماضي.

وواصلت حديثها لرويترز، قائلة: "المصرف يعمل على إعداد مشاريع تعديل قانون المصرف بما يعزز استقلاليته، ويشمل ذلك السماح له بمزيد من الحرية في اتخاذ القرارات بشأن السياسة النقدية".

وتحتاج هذه التغييرات إلى موافقة السلطة الحاكمة الجديدة في سوريا.

وتابعت: "البنك المركزي يبحث عن سبل لتوسيع الخدمات المصرفية الإسلامية، نظرا لوجود شريحة من السوريين يتجنبون استخدام الخدمات المصرفية التقليدية".

وأضافت لرويترز من مكتبها في وسط دمشق: "قد يشمل ذلك منح البنوك التي تقدم خدمات تقليدية، خيار فتح فروع مصرفية إسلامية".

ويعاني الاقتصاد السوري من مشاكل هيكلية بعد أكثر من 13 سنة على الحرب التي دفعت بأكثر من 90 في المئة من سكان البلاد إلى تحت خط الفقر، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

وأشار تقرير للبنك الدولي بعنوان "مراقبة الاقتصاد السوري: الجيل الضائع" صدر في يونيو 2022، إلى أن النزاع في سوريا دمّر مكاسب التنمية، حيث انخفض النشاط الاقتصادي بنسبة 50 بالمئة بين 2010 و2019.