Saudi Arabia's Defense Minister Prince Khalid bin Salman meets Syria's newly appointed Foreign Minister Asaad Hassan al-Shibani, in Riyadh
وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان خلال لقاء مع وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني في الرياض

يرى خبراء في السياسة أن ما يطمح إليه الشعب السوري هو "الابتعاد عن المحاور الإقليمية"، خاصة مع تركيا، مع ضرورة استعادة سوريا لـ "دورها داخل الحاضنة العربية". 

يعتقد المحلل الجيوسياسي الأردني، عامر السبايلة، في حديث لموقع "الحرة"، أن التحركات السورية الحالية تعكس "خطوات مدروسة" للعودة إلى "الحضن العربي"، وتجاوز تأثير القوى الدولية، مما قد يمهد الطريق لتأهيل علاقاتها على المستويين الإقليمي والدولي.

ويشير مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، في حديث لموقع "الحرة"، إلى أهمية "دفع العواصم العربية لدمشق نحو توازن أكبر في علاقاتها الإقليمية لتجنب هيمنة أي طرف خارجي".

وبعد أن شهدت دمشق زيارات من وفود وزراء خارجية عرب، بدأ وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، سلسلة زيارات أولى محطاتها كات السعودية.

وأعلن الوزير السوري، الجمعة، عزمه إجراء زيارات رسمية إلى دول قطر والإمارات والأردن، لبحث العلاقات الثنائية.

وقال الشيباني في منشور عبر حسابه على منصة إكس إن دمشق تتطلع إلى مساهمة هذه الزيارات في "دعم الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي وبناء شراكات متميزة".

"الحضن العربي"

يقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، إن على سوريا أن "تعود إلى الحاضنة العربية، وهذا ما على العواصم العربية أن تسعى إليه، وبهذا ستدفع بدمشق للتعامل بتوازن مع أنقرة، إذ لا نريد العودة إلى عهد الخلافة العثمانية".

المحلل الجيوسياسي الأردني، عامر السبايلة يقرأ هذه الزيارات أنها ضمن محاولة دمشق للعودة إلى "الحضن العربي"، وأن الإدارة الجديدة تريد "تجاوز الأخطاء السابقة" عندما كانت قوى دولية هي التي تؤثر على مجريات الأمور داخل سوريا.

ويقول إن ما تفعله الإدارة السورية حتى الآن يشير إلى أنها "تسير بخطوات عملية" لإعادة تأهيل علاقاتها مع الدول العربية، الأمر الذي قد يدعم تأهيل علاقاتها مع المجتمع الدولي.

وبعيد وصول الشيباني إلى الرياض الأربعاء، كتب على حسابه في منصة إكس "من خلال هذه الزيارة الأولى في تاريخ سوريا الحرة، نطمح إلى أن نفتح صفحة جديدة ومشرقة في العلاقات السورية السعودية تليق بالتاريخ العريق المشترك بين البلدين".

وقطعت السعودية، على غرار دول خليجية أخرى، علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفارتها في فبراير 2012، احتجاجا على استخدام دمشق القوة في قمع احتجاجات شعبية اندلعت العام 2011 وسرعان ما تحولت إلى نزاع دام.

وقدمت السعودية إلى جانب قطر ودول عربية أخرى، خصوصا في السنوات الأولى للنزاع، دعما للمعارضة السياسية والمسلحة، ودعت إلى ضرورة تغيير النظام في سوريا. 

لكن تغييرا طرأ على العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، وعادت الزيارات واللقاءات بين مسؤولي دمشق والرياض في هد نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد.

أبرز الملفات

وبعد أن كانت بعض العواصم العربية تنظر إلى الإدارة السورية باعتبار أن هيئة تحرير الشام تتزعمها، وأنها قد تمثل تهديدا أمنيا، تريد الإدارة الجديدة بحث الملفات الأمنية، وتوجيه رسائل طمأنة وبناء الثقة وتحسين العلاقات، على ما أفاد به السبايلة.

وأضاف أن دمشق تريد تعزيز ملفات التعاون الاقتصادي، لتحسين الأوضاع في البلد الذي تم تدمير اقتصاده على مدار سنوات بسبب الحرب.

وتتطلع الإدارة السورية الجديدة إلى جذب استثمارات من الدول الخليجية للمساعدة في إعادة الإعمار بعد أكثر من عقد على الحرب وتعزيز اقتصاد البلاد المنهك.

ويقول عبدالرحمن أن سوريا تحتاج للعودة لتكون ضمن "العمق العربي"، ولهذا قد يكون إبعاد القوى الإقليمية الأخرى مثل طهران وأنقرة عن سوريا من أبرز الملفات التي يحملها الشيباني في زياراته.

وزير الخارجية السوري لدى وصوله الرياض - الخارجية السعودية
رسالتان في اختيار السعودية كأول وجهة للإدارة السورية الجديدة
على مدار السنوات العديدة الماضية، كانت تركيا الداعم الأبرز للفصائل السورية المسلحة المعارضة لنظام الأسد، وبعد سقوطه كان وزير خارجيتها حقان فيدان أول مسؤول يزور دمشق ويلتقي بقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع الملقب بالجولاني.

لكن حينما غادر أول وفد رسمي من الحكومة السورية المؤقتة، لم يسافر من دمشق إلى أنقرة، بل كانت وجهته عربية إلى السعودية، ما يبرز جهود المملكة الكبيرة في تعميق نفوذها في سوريا الجديدة.

وأضاف عبد الرحمن  أن الوزير الشيباني سيبحث ملفات السيطرة على تجارة المخدرات ووقف صناعة الكبتاغون، التي تؤثر على دول المنطقة، وهو ما يعني الحاجة إلى التعاون الأمني مع بعض الدول العربية، خاصة الأردن.

وقال عبد الرحمن إن الأردن يريد التعاون مع دمشق بهدف ضبط أمن الحدود، ومنع تهريب المخدرات، ومنع تسلل أي مجموعات إرهابية إلى داخل أراضيه.

وأضاف أن هناك مخاوف لدى الأردن بعد أنباء عن تعيين أحد الجهاديين الأردنيين في تشكيلة وزارة الدفاع في الإدارة السورية الجديدة.

وخلال الأيام الماضية نشرت تقارير معلومات حول تعيين، عبدالرحمن الخطيب، المعروف باسم "أبو حسين الأردني"، في قيادة الجيش السوري برتبة عميد، والذي كان يعرف باتباعه المنهج السلفي الجهادي، وولائه الشديد للجولاني.

مقاتلون تابعون لإدارة العمليات العسكرية في سوريا (رويترز)
"ترفيع رتب" قادة أجانب في سوريا.. لمن سيكون الولاء؟
أسس قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، قبل أيام، جذور "حالة دخيلة" لم يسبق وأن شهدتها البلاد في تاريخها على مستوى الجيش والعسكرة، وجاء ذلك بموجب قرار جدلي وقع عليه، وقضى بترفيع رتب عدد من القادة، بينهم ستة أجانب على الأقل.

وأجرى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اتصالا هاتفيا مع نظيره السوري الشيباني، الجمعة، اتفقا خلاله على تنظيم زيارة لوفد وزاري سوري واسع لبحث تعزيز التعاون، وفق ما أعلنت عمان.

وقالت الخارجية الأردنية في بيان إن الوزيرين "اتفقا على تنظيم زيارة للمملكة لوفد وزاري قطاعي وعسكري وأمني تلبية لدعوة رسمية من الصفدي لبحث آليات التعاون في عديد مجالات تشمل الحدود والأمن والطاقة والنقل والمياه والتجارة وغيرها من القطاعات الحيوية".

وأكد الصفدي "وقوف الأردن الكامل مع سوريا وشعبها الشقيق في هذه المرحلة التاريخية وإسناده في عملية إعادة بناء وطنه عبر عملية سياسية سورية-سورية يقودها السوريون وتبني مستقبلا مستقرا يضمن أمن سوريا ووحدتها وسيادتها ويخلصها من الإرهاب ويحفظ حقوق جميع السوريين".

وللأردن حدود برية مع سوريا تمتد على 375 كيلومترا. وتقول عمّان إنها تستضيف أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع في البلد المجاور العام 2011، فيما تفيد أرقام الأمم المتحدة بوجود نحو 680 ألف لاجئ سوري مسجلين في الأردن.

تحرك عربي موحد

ولا يقول السبايلة "إننا قد نشهد تحركا عربيا موحدا تجاه الإدارة السورية الجديدة، فهناك تباين في الرؤى".

ويضيف أن بعض الدول العربية "تريد تحركا تدريجيا" باتجاه دمشق، وبعضها الآخر يريد انتظار ما ستقوم به الإدارة السورية، خاصة في ظل عدم وجود ثقة مسبقة مع القوى الجديدة في سوريا.

ومن الواضح أن السعودية تريد التحرك بشكل أسرع نحو دمشق، بحسب السبايلة، فهي لا تريد إعطاء الفرصة لإعادة تشكل محاور لقوى إقليمية تريد موطئ قدم لها في سوريا مثل إيران.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ترأّس الشيباني وفدا سوريا رفيع المستوى إلى الرياض ضمّ وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب.

وكانت هذه أول زيارة رسمية للسلطات الجديدة في دمشق إلى الخارج بعد إطاحة حكم بشار الأسد.

ويقول عبد الرحمن إن إعادة بناء سوريا تحتاج إلى مشاركة جميع الفئات المختلفة والطوائف المتعددة في سوريا، ويجب أن يكون للدول العربية دورا هاما في تعزيز هذا الحوار السوري-السوري، ومساعدة الشعب، وليس مساعدات فئات سياسية أو جهات محددة فقط.

والشهر الماضي، التقى وفد سعودي رفيع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق، وفق ما أفادت مصادر مقربة من الحكومة السعودية لوكالة فرانس برس.

ويترأس الشرع هيئة تحرير الشام التي قادت هجوم فصائل المعارضة الذي أطاح بالأسد في الثامن من ديسمبر.

وقال أحمد الشرع المعروف سابقا باسم أبو محمد الجولاني في مقابلة مع محطة العربية السعودية بثت الأسبوع الماضي "بالتأكيد السعودية سيكون لها دور كبير في مستقبل سوريا. الحالة التنموية التي نسعى إليها أيضا سيكونون السعوديون أيضا شركاء فيها".

مواطنون في مصرف سوريا المركزي (أرشيفية من رويترز)
مواطنون في مصرف سوريا المركزي (أرشيفية من رويترز)

أكد المكتب الإعلامي في مصرف سوريا المركزي لسانا، الجمعة، "وصول مبالغ مالية من فئة الليرة السورية قادمة من روسيا إلى سوريا عبر مطار دمشق الدولي".

وأوضح المكتب "لكن الأرقام المتداولة حول حجم وكميات هذه الأموال غير دقيقة على الإطلاق، ونشدد على ضرورة الاعتماد على المعلومات الرسمية وتجنب الانسياق وراء الشائعات".

وذكرت صفحات ومواقع إخبارية، الخميس، أن "شحنة أموال متوقع وصولها غدا (الجمعة) إلى مطار دمشق قادمة من روسيا"، وأضافت "المبالغ المقدر وصولها هي 60 تريليون ليرة، من فئة 5000 ليرة".

وأفاد مراسل "الحرة" بتداول رسالة منسوبة لميساء صابرين، المكلفة بتسيير أعمال حاكم المصرف المركزي، بشأن "التعهد بتسديد بدلات هبوط طائرة وخدمات الطيران المدني والخدمات الأرضية".

وجاء في الرسالة الموجهة إلى مطار دمشق الدولي "إشارة إلى شحنة الأموال المتوقع ورودها إلى المطار بتاريخ 14-2-2025 ولاحقا للتنسيقات الجارية مع المعنيين لديكم، نعلمكم تعهدنا بتسديد بدلات هبوط طائرة شحن الأموال القادمة من روسيا إلى دمشق وخدمات الطيران المدني والخدمات الأرضية في المطار بناء على المطالبة التي سترد من قبلكم. شاكرين حسن تعاونكم".

ولم يتسن لموقع الحرة التأكد من الرسالة بشكل مستقل.

ويذكر أن الرئيس المخلوع بشار الأسد متهم بتهريب كميات ضخمة من الأموال من سوريا إلى روسيا حيث فر إلى موسكو بعد الإطاحة بنظامه في 8 ديسمبر 2024.