تسيطر قوات كردية على مناطق شاسعة شرقي نهر الفرات في سوريا منذ سنوات طويلة، وتضم هذه المناطق عدة سجون بداخلها الآلاف من عناصر داعش، وسط تساؤلات حول إمكانية تسليم هذه السجون للإدارة السورية الجديدة في دمشق، كجزء من حل أوسع نطاقا للملف الكردي في سوريا.
وقال مدير الإعلام بوحدات حماية الشعب، سيامند علي، في تصريح للحرة، إن المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية شمال شرق سوريا تضم 26 سجنا، ويقدر أعداد السجناء فيها بنحو 12 ألف سجين من عناصر تنظيم داعش من جنسيات مختلفة.
"لا نفكر في تسليم الملف لأي جهة"
وتابع "الأوضاع الحالية في الشام (دمشق) غير ملائمة وغير واضحة المعالم، حيث لم تجر الانتخابات ولم يتم انتخاب برلمان وتشكيل حكومة جديدة في سوريا كما وأن ملامح الحكومة الجديدة لم تتضح بعد لحد الآن، لذلك فإننا في الوقت الحاضر لا نفكر في تسليم هذا الملف لأي جهة".
ويذكر أن الإدارة الذاتية للأكراد تمتد في شمال وشرق سوريا، وأُنشئ فيها ما يشبه الحكم الذاتي، وتسيطر على هذه المناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركيا، وتشمل أجزاء من محافظات الحسكة والرقة وحلب ودير الزور.
وشاركت قسد في الحرب على داعش منذ نحو عقد من الزمان، واستمرت بضم الأراضي التي تخرج عن سيطرة التنظيم إلى إدارتها.
ويقبع في سجون قوات سوريا الديمقراطية، الذراع العسكري للإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سوريا، آلاف المعتقلين المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم، بينهم مئات الأجانب من جنسيات متعددة.
أعداد المحتجزين
ومنذ إعلان قسد دحر داعش جغرافيا من آخر معاقله في عام 2019، تحتجز الإدارة الذاتية قرابة 56 ألف شخص بينهم ثلاثين ألف طفل في 24 منشأة احتجاز ومخيّمين هما الهول وروج في شمال شرق سوريا.
وفي إحصائية نشرتها قبل نحو 5 أعوام وكالة فرانس برس، يقبع في سجون قسد نحو 12 ألف عنصر من التنظيم، بينهم 2500 إلى ثلاثة آلاف أجنبي من 54 دولة. والآلاف من هؤلاء اعتقلوا خلال معركة في بلدة الباغوز بشرق سوريا قبل نحو 6 سنوات.
ويتوزع هؤلاء على سبعة سجون مكتظة في عدة مدن وبلدات، بعضها عبارة عن أبنية غير مجهزة تخضع لحراسة مشددة.
التوزيع الجغرافي
ويقع سجن غويران في مدينة الحسكة، وهو من أكبر السجون التي تديرها قسد، واندلعت فيه أعمال شغب قبل نحو 5 سنوات، ويؤوي نحو خمسة آلاف موقوف، بينهم أجانب من جنسيات مختلفة.
وتدير قسد أيضا سجن جركين في القامشلي، وسجن ديريك (المالكية)، وسجن الشدادي
في الحسكة، بالإضافة لمراكز اعتقال في الرقة ودير الزور.
ويذكر أن مخيم الهول يقع في ريف الحسكة، ويضم عائلات مقاتلي داعش، بما في ذلك نساء وأطفال.
وتعد هذه السجون مصدر قلق أمني إقليمي ودولي، نظرا لخطر إعادة تنظيم وتجنيد مقاتلي داعش من داخلها.
موقف الإدارة الجديدة
بدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو من دمشق، الجمعة، الإدارة الجديدة في سوريا إلى التوصل لـ"حلّ سياسي" مع الأكراد الذين يسيطرون على مساحات شاسعة من شمال شرق البلاد وإتلاف مخزون الأسلحة الكيميائية السورية.
وتكلّم بارو الخميس مع مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديموقراطية التي يشكّل الأكراد عمودها الفقري، وفق وزارة الخارجية الفرنسية.
وناقش الطرفان "الانتقال الجاري في سوريا، مذكّرين بأهمية حوكمة ديموقراطية تكون كلّ مكوّنات سوريا معترف فيها في إطارها، ويتم تمثيلها بالكامل".
والتقى بارو ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك في قصر الشعب في دمشق قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، في إطار زيارتهما التي أكّدا خلالها ضرورة تحقيق انتقال سلمي وجامع للسلطة في سوريا.
كما أكد قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، الملقب بأبو محمد الجولاني، الأحد، أن كل الأسلحة في البلاد ستخضع لسيطرة الدولة بما فيها سلاح القوات التي يقودها الأكراد، وذلك أثناء زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
وقال الجولاني خلال مؤتمر صحفي مع فيدان في دمشق "ستبدأ الفصائل بالإعلان عن حل نفسها والدخول تباعا" في الجيش.
وأضاف: "لن نسمح على الإطلاق أن يكون هناك سلاح خارج الدولة سواء من الفصائل الثورية أو من الفصائل المتواجدة في منطقة قسد"، مستعملا الاسم المختصر لقوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الأكراد عمودها الفقري.
وأشار إلى أن إدارته ستعلن، خلال أيام، الهيكل الجديد لوزارة الدفاع والجيش السوري، دون أن يتطرق إلى مزيد من التفاصيل.