Fighters of Hayat Tahrir al-Sham (HTS) search for pro-Assad fighters and weapons in Homs
عناصر من هيئة تحرير الشام أثناء بحثهم عن أسلحة في بيت أحد عناصر النظام السابق في مدينة حمص- رويترز

وثقت كاميرات لهيئة تحرير الشام، أو مواطنين داخل سوريا، انتهاكات حقوقية ضد معتقلين من فلول نظام بشار الأسد.

وقوبلت هذه المشاهد في مواقع التواصل بآراء متباينة، وعدّها حقوقيون مضرّة بالضحايا أنفسهم.

وتجري منذ الخميس الماضي، حملة أمنية لفرض الاستقرار والسلم الأهلي، عبر ملاحقة واعتقال "فلول ميليشيات الأسد".

والحملة التي بدأت من طرطوس، امتدت لتشمل مدن حمص وحماة ودرعا، نجم عنها اعتقال المئات من فلول النظام، ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.

وتضمنت الحملة إقامة حواجز في نقاط حيوية مثل طريق قاعدة حميميم العسكرية لضبط حركة الدخول والخروج.

وبدأت في اليوم التالي لمقتل 17 عنصراً تابعاً لقوات وزارة الداخلية السورية في كمين، خلال اعتقال ضابط سابق في ريف محافظة طرطوس.

وشغل الضابط منصب مدير إدارة القضاء العسكري ورئيس المحكمة الميدانية، وهو أحد المسؤولين عن جرائم سجن صيدنايا.

وتستهدف الحملة الأمنية، كذلك، "رافضي التسوية" من فلول النظام.

وافتتحت إدارة العمليات العسكرية مراكز تسوية في عموم سوريا، بهدف استلام أسلحة عناصر نظام الأسد ومنحهم بطاقات تضمن حمايتهم.

وجرت أول تسوية في 6 ديسمبر الماضي، في مدينة حلب مع منشقين عن جيش الأسد.

وحتى 22 من الشهر ذاته، بلغ عدد من لجأوا للتسوية 34 ألفاً و48 شخصاً من عناصر النظام السابق.

مع ذلك، يشكك العديد من السوريين في جدواها، خصوصاً أن الكثير ممن وصلوا مراكز التسوية لم يُسلّموا أسلحتهم.

ووسط ذلك كلّه، يتصاعد الخطاب الحقوقي بشأن طريقة التعامل مع فلول النظام.

وتم الحديث عن انتهاكات عدة، منها إعدامات ميدانية، لم تؤكدها جميع الجهات الحقوقية.

الاعتقالات هامّة.. لكن بشرط!

ملاحقة فول نظام الأسد هامة جداً خصوصاً للضحايا وأهاليهم، وخطوة في بدء عملية المحاسبة، وفق مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

يقول فضل عبد الغني لموقع "الحرة"، إن الاعتقالات يجب أن تتم بناء على أدلة وبيانات ضد عناصر النظام السابق، بهف محاكمتهم بشكل عادل.

ويؤكد على أهمية التعامل مع جميع المعتقلين في سجون الإدارة الجديدة وفق القوانين الدولية لحقوق الإنسان، وتجنب تعذيبهم.

ويضيف عبد الغني أن أي انتهاك حقوقي مثل الاعتداء والتعذيب ضد هؤلاء، سيضرّ بالضحايا أنفسهم.

ويوضح أن الدول التي استقبلت هاربين من فلول النظام، وبموجب القانون الدولي، يحق لها عدم تسليمهم مستقبلاً لسوريا، إذا تم توثيق انتهاكات حقوقية.

وهذا الأمر بحسب عبد الغني، سيعرقل بالتأكيد عملية المحاسبة وتحقيق العدالة في سوريا.

وأصدرت مجموعة "السلم الأهلي في سوريا (حمص)" على حسابها في فيسبوك الذي يتابعه أكثر من 40 ألف شخص، بياناً للرأي العام، سجلت فيه انتهاكات للحملة الأمنية.

الانتهاكات في حمص، وفق مدير المجموعة علي ملحم، هي: تفتيش المنازل والهواتف دون مبرر، وتدمير ممتلكات، واستخدام مفرط للقوة، وإهانات طائفية. 

أيضاً، إطلاق النار العشوائي، والقيود الصارمة على السكان، واستخدام الأسلحة الثقيلة. وفق ملحم.

وأضاف إليها الاعتداء اللفظي والجسدي، وسط غياب ردود رسمية من السلطات. 

لذلك، طالب بتشكيل فرق مدنية مرافقة للحملات، وضمان شفافية التوقيفات، ومحاسبة المسؤولين عن التجاوزات، وتعويض المتضررين.

يأتي هذا وسط نقاش حاد في مواقع التواصل، يرى أحد أطرافه أن ما يحصل بحق المعتقلين أمر مستحق لقاء ما ارتكبوه من جرائم.

ويرى طرف نقيض، أن الانتهاكات تجاوزت "مبرّر" أنها عمل فردي وغير ممنهج.

وفي بيان للشبكة صدر نهاية 2024، حذرت من أن ممارسات الإهانة والإذلال وغيرها من الانتهاكات تجاه فلول الأسد، ستُضعف الثقة بالنظام القضائي الجديد.

أيضاً، ستُغذّي مشاعر الانتقام والانقسام، ما يُعرقل الجهود الرامية إلى المصالحة الوطنية وإعادة بناء النسيج الاجتماعي، وفق البيان.

وأوصت دمشق بألا يتم استخدام القوة تجاه الملاحقَين إلا أخيراً، وبشكل متناسب وضروري وقانوني، والنأي عن التدابير المفرطة والعقابية.

وقالت إن عملية الاعتقال يجب أن تتضمن إبلاغ المشتبه به فوراً بسبب اعتقاله وحقوقه، بما يشمل الاستعانة بمحام.

كما دعت الشبكة، السلطات السورية، إلى عدم التمييز القائم على العرق، الدين، الجنس، والآراء السياسية.

وعن ظروف السجن نفسه، أكدت الشبكة أهمية توفير الغذاء الكافي، والمياه، والرعاية الصحية، ومرافق النظافة.

ويجب أيضاً ضمان حصول المعتقلين على التمثيل القانوني الفوري، وعرضهم على سلطة قضائية مستقلة لمراجعة قانونية لاحتجازهم.

البيان تطرق كذلك إلى ما بعد الإفراج عن المعتقلين، داعياً لتأهيلهم نفسياً واجتماعياً.

من جهته، طالب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن يُظهر عناصر الأمن الذين ينفذون الاعتقالات، مذكرات توقيف منعاً لاستغلال اسم الإدارة من قبل مجهولين.

وأفاد سوريون خلال الأيام الماضية بقيام أشخاص بـ"انتحال" صفة مسلحي هيئة تحرير الشام، قبل اعتدائهم على آخرين.

عناصر من هيئة تحرير الشام أثناء ملاحقتهم لفلول النظام السابق

هل وقعت إعدامات ميدانية؟

مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، يقول لـ"الحرة" إن الشبكة لم توثق أي عملية إعدام ميدانية ضد عناصر من فلول النظام.

ويضيف أن الأخبار المتداولة بشأن ذلك غير صحيحة وإشاعات.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجمعة، إنه وثّق 60 جريمة قتل أودت بحياة 112 شخصاً، منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر.

هذه الجرائم، وقعت في حماة وحمص واللاذقية وطرطوس، وشملت إعدامات ميدانية، وفق المرصد.

في بيان آخر، نُشر الأحد، للمرصد، قال إنه تلقى رسائل من آلاف العائلات السورية التي تشعر بالقلق على أبنائها (فلول النظام).

هؤلاء الأهالي يجهلون مصير أبنائهم، ويخشون أن يتم تعذيبهم أو إعدامهم، خصوصاً بعد انتشار فيديو ضرب حازم علي العجي.

والعجي من ريف حماة، كان ضمن مجموعة من العناصر الفارين من بادية دير الزور باتجاه العراق.

وأضاف المرصد أن إدارة العمليات العسكرية تلتزم الصمت بشأن المعتقلين من فلول النظام.

وأبدى عدد من الأهالي استغرابهم، بحسب المرصد، من تسوية أوضاع ضباط ارتكبوا انتهاكات جسيمة بينما يُعتقل أبناؤهم ويُحرمون من التواصل معهم.

إيران حاولت كذلك انقاذ نظام الأسد لكن من دون جدوى
رسالة هامة وتوثيق "مؤكد".. منظمة تعلن عدد المتورطين بجرائم الأسد
"14 عاماً من الجهد المتواصل ومنهجية صارمة ووثائق وشهادات ضبّاط منشقين" عن الأجهزة الأمنية في نظام بشار الأسد، أدت إلى وصول الشبكة السورية لحقوق الإنسان، لقائمة بأسماء أكثر من 16 ألف متورّط في جرائم وانتهاكات حقوقية ارتُكبت في مختلف أرجاء سوريا، بحسب مدير الشبكة فضل عبد الغني.

وفي سياق متصّل، يقول عبد الغني، إن هناك فرصة لتعزيز السلم الأهلي، وهي بيد أشخاص لم يرتكبوا جرائم جنائية.

هؤلاء، وفق الحقوقي السوري، قد يكونوا استولوا على بيوت أو متاجر أو مصانع أو أي ممتلكات تعود لغيرهم من السوريين الذين تشردّوا بسبب النظام.

ويحثّهم على أن يبادروا بتسليم ما سلبوه لأصحابه، دون انتظار تشكيل لجان قانونية قد تستلزم شهورا أو سنوات.

وهذا الأمر برأي عبد الغني، قد يمنع حدوث اعتداءات لاحقة ربما يرتكبها ضحايا في لحظات غضب وهم يرون آخرين يتمتعون بممتلكاتهم.

حاكمة مصرف سوريا المركزي ميساء صابرين - رويترز
حاكمة مصرف سوريا المركزي ميساء صابرين - رويترز

قالت حاكمة مصرف سوريا، ميساء صابرين، إن هناك ما يكفي من أموال لتغطية دفع رواتب موظفي القطاع العام، في أعقاب الزيادة التي تعهدت بها الإدارة الجديدة، التي تصل إلى 400 بالمئة.

كما ذكرت صابرين، في مقابلة مع وكالة رويترز، أنها ترغب في تعزيز استقلالية المصرف (البنك المركزي) فيما يتعلق بسياساته النقدية، في تحوّل كبير، حال حدوثه، عن الرقابة المشددة من الحكومة خلال حكم نظام الأسد.

ومن المقرر أن تساعد قطر في تمويل زيادة أجور القطاع العام في سوريا، في خطوة باتت ممكنة بعد القرار الأميركي بشأن الإعفاء من العقوبات، الذي يسمح بمعاملات مالية مع المؤسسات الحاكمة في سوريا.

وحول هذا الأمر، قالت صابرين: "القطاع المصرفي لا يستفيد من الإعفاء من العقوبات الأميركية، لكن السماح بالتحويلات الشخصية كان خطوة إيجابية"، وأعربت عن أملها في رفع العقوبات بالكامل "حتى يتمكن القطاع المصرفي من الارتباط بالنظام المالي العالمي".

وكانت صابرين تشغل ثاني أهم منصب في مصرف سوريا المركزي، وهو القائم بأعمال الحاكم، خلفا لمحمد عصام هزيمة في أواخر العام الماضي.

وواصلت حديثها لرويترز، قائلة: "المصرف يعمل على إعداد مشاريع تعديل قانون المصرف بما يعزز استقلاليته، ويشمل ذلك السماح له بمزيد من الحرية في اتخاذ القرارات بشأن السياسة النقدية".

وتحتاج هذه التغييرات إلى موافقة السلطة الحاكمة الجديدة في سوريا.

وتابعت: "البنك المركزي يبحث عن سبل لتوسيع الخدمات المصرفية الإسلامية، نظرا لوجود شريحة من السوريين يتجنبون استخدام الخدمات المصرفية التقليدية".

وأضافت لرويترز من مكتبها في وسط دمشق: "قد يشمل ذلك منح البنوك التي تقدم خدمات تقليدية، خيار فتح فروع مصرفية إسلامية".

ويعاني الاقتصاد السوري من مشاكل هيكلية بعد أكثر من 13 سنة على الحرب التي دفعت بأكثر من 90 في المئة من سكان البلاد إلى تحت خط الفقر، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

وأشار تقرير للبنك الدولي بعنوان "مراقبة الاقتصاد السوري: الجيل الضائع" صدر في يونيو 2022، إلى أن النزاع في سوريا دمّر مكاسب التنمية، حيث انخفض النشاط الاقتصادي بنسبة 50 بالمئة بين 2010 و2019.