لجنة شعبية عند أحد الحواجز في حي الشاغور بالعاصمة السورية دمشق- أ ف ب
لجنة شعبية عند أحد الحواجز في حي الشاغور بالعاصمة السورية دمشق- أ ف ب

بملابس مدنية وأسلحة رشاشة خفيفة، يحرس مواطنون سوريون الأحياء السكنية والمناطق التجارية في المدن السورية، للمساهمة في سد الفراغ الأمني بعد سقوط نظام بشار الأسد.

الشبان والشابات الذين ينتشرون في دمشق وحلب وغيرها من المدن، تطوعوا مدفوعين "بالغيرة على وطنهم ومحبته"، وفق تعبير  رئيس قسم البرامج في فريق "ملهم التطوعي"، محمد عثمان.

مهمتهم صد أي اعتداء محتمل على الممتلكات والأفراد، بسبب النقص الكبير لدى قوات إدارة العمليات العسكرية التي تحكم البلاد منذ سقوط النظام في 8 ديسمبر الماضي.

واللجان التي بدأت تطوعياً، تشرف عليها اليوم السلطة الجديدة، بعد أن زودت أفرادها بالسلاح والتدريب اللازمين.

اللجان ضرورة

حُماة الأحياء، منحتهم إدارة العمليات العسكرية أسلحة فردية، وتدريبا مكثفا.

والعديد منهم يملك خبرة في حمل السلاح، إذ خدموا في الجيش سابقا بحكم التجنيد الإجباري.

يُذكر أن السلطة الجديدة في دمشق، ألغت الخدمة الإلزامية، ودعت الراغبين بالانتساب لقوى الأمن إلى الالتحاق بكلية الشرطة.

ولم يقتصر وجود اللجان على المدن والبلدات، فقد امتد لمخيمات اللاجئين الفلسطينين.

ونشرت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" صورا من اجتماعات في مخيمات عدة بين الأهالي وممثلين عن الإدارة الجديدة.

وأكدت رغبة الأهالي بتشكيل لجان الحماية.

اجتماع بين أهالي مخيم درعا للاجئين الفلسطينيين والإدارة الجديدة- فيسبوك

تصريحات رسمية من دمشق قالت إن عمل اللجان مؤقت، لحين سد الفراغ في قوات الشرطة وغيرها من الأجهزة الأمنية.

ويدعم كثير من السوريين وجودها، كما يدعو بعضهم لضمها لاحقا إلى دوائر وزارة الداخلية.

ويعدّونها ضرورة لحفظ السلم الأهلي والمجتمعي، ومنع مظاهر الفلتان الأمني.

مدنيون (مسلحون) تطوعوا لحماية منطقة باب توما في دمشق

آخرون نظروا لأبعد من ذلك، مثل الصحفية السورية المقيمة في مدينة نيويورك الأميركية، نادين ساندرز.

"هذه اللجان ستكون نواة للانتخابات لفرز أسماء مثقفة موثوقة شعبياً لترشيحها لتولي الوزارات والمناصب"، كتبت ساندرز في 11 ديسمبر على فيسبوك.

ورأت ضرورة أن تضم اللجان "جاهات"، أي وجهاء محليون لحل الخلافات ريثما يعود النظام القضائي إلى عمله، تجنباً لأعمال انتقامية.

لا يقتصر عمل المتطوعين على الأحياء، فهم منخرطون كذلك في العمل مع شرطة المرور لتنظيم حركة السير.

ويقف بعضهم أيضا عند حواجز أمنية كانت تحت إمرة الأسد، طُليت اليوم بالعلم الأخضر.

ونشرت قناة "محافظة ريف دمشق الحرة" على تلغرام صوراً لعمل المتطوعين من لجان الحماية الشعبية. ظهر فيها أشخاص بزي مدني يحملون أسلحة ويفتشون سيارات.

وكتبت القناة في التعليق المرفق مع الصور: "مشاركة تطوعية من بعض شبان بلدة الصبورة غرب ريف دمشق، في حماية بلدتهم".

وأشارت إلى أن عملهم يخضع لإشراف إدارة العمليات العسكرية وتنسيق قوى الأمن. 

تلغرام- محافظة دمشق
 

"بحملوا كتف"

ينظر السكان المحليون لعمل هذه اللجان بإيجابية كبيرة، كما يقول منسق البرامج في فريق "ملهم"، محمد عثمان.

ويرى أن على كل إنسان ألا يتوانى، إذا كان قادرا، عن تقديم خدمة لمجتمعه.

ويعتبر عثمان، في حديثه لـ"الحرة"، أن هؤلاء "بحملوا كتف" عن الإدارة الجديدة، أي يُساعدونها وسط الحاجة الملحة.

عبر رسائل صوتية يسجلها عثمان كلما سنح المجال وهو على الطريق إلى الشام (دمشق بالدارجة)، يشاركنا مشاهداته.

أمر لم يكن متاحا له قبل سقوط النظام.

وفريق "ملهم"، يحمل اسم شاب من اللاذقية اعتُقل وعُذّب وقُتل على يد قوات النظام.

وأسس أصدقاؤه الذين صاروا 300 اليوم، الفريق في 2012، بهدف دعم النازحين واللاجئين، ثم اتسعت الرؤية.

وبين وقت وآخر  يطلقون حملات لجمع التبرعات المالية لخدمة أهدافهم. 

Fighters of Hayat Tahrir al-Sham (HTS) search for pro-Assad fighters and weapons in Homs
لقطات توثق ومنظمات تحذر.. ماذا يحدث لفلول الأسد داخل سوريا؟
فلولوتجري منذ الخميس الماضي، حملة أمنية لفرض الاستقرار والسلم الأهلي، عبر ملاحقة واعتقال "فلول ميليشيات الأسد".
والحملة التي بدأت من طرطوس، امتدت لتشمل مدن حمص وحماة ودرعا، نجم عنها اعتقال المئات من فلول النظام، ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.

لا يحبّذ عثمان وجود السلاح بين أيدي المدنيين، يقول ربما يشعر البعض بأنه يملك السلطة متى أراد لاستخدامه.

ويمكن أيضاً أن يسبب الخوف للمواطنين. 

وبدلاً من ذلك، يعتقد عثمان أن الأفضل هو ربطهم مباشرة مع قوى الأمن عبر وسائل اتصال فاعلة تكون مقسمة على المناطق.

وكذلك، أن يتم تدريب اللجان على كيفية التصرف تجاه الاعتداءات المحتملة من سرقات وغيرها، والتعامل مع هذه المواقف، دون استخدام سلاح.

لكن بشكل عام، يشعر كثيرون بالأمان لوجودهم وفق ما رأى عثمان وسمع من الناس.

ويسلّط الضوء على مبادرات تطوعيّة أخرى في دمشق.

على جبل قاسيون

 يروي عثمان أنه وفي اليوم الأول لسقوط النظام (8 ديسمبر)، صادف مجموعة من الشبان أمسكوا بـ"3 حرامية (سارقين)".

ساعدهم بالتواصل مع القوى التي سيطرت على المدنية حينها، كي يأتوا ويلقوا القبض على السراق.

وفي إحدى الليالي، صادف وهو يسير في مدينة حلب لجنة تحمي حارة من حواريها.

"اللي بغار ع بلده بيطلع يحمي بلده" يقول عثمان، واصفاً شباناً وشابات بأنهم خرجوا بعفوية لحماية مناطقهم لإحساسهم بالمسؤولية والانتماء.

هذه المبادرات تشكل "ردعاً لضعاف النفوس"، وفق تعبيره.

وهناك آخرون يسهرون لحماية بيوتهم وممتلكاتهم الشخصية، خوفاً من مستغلّي الفراغ الأمني أو من فلول النظام.

سوريون يتنزهون على جبل قاسيون بعد أن كان حراما عليهم لـ14 سنة- رويترز

كما التقى عثمان بأشخاص ينظمون حركة السير، مؤكداً أنهم أسهموا كثيراً في التقليل من الأزمات المرورية ومنع الحوادث.

وحول حملات تطوعية أخرى، يقول إن شبانا وشابات قاموا برسم جداريات وتنظيف أحياء ومدن.

وكذلك تنظيف شوارع رئيسية وميادين عامة وسط المدن. أمور تجلب البهجة والأمل للمواطنين، برأي عثمان.

الأمر لا يخلو من تحديات، يقول عثمان، "سواء لجان الحماية أو المتطوعين ومنظمي حركة السير، يحتاجون تقديرا أكبر وتعاوناً من المواطنين".

علم قطر

دانت دولة قطر، بأشد العبارات، الثلاثاء قصف إسرائيل لبلدة كويا، غربي درعا، في سوريا.

واعتبر بيان للخارجية القطرية أن القصف الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى يعد تصعيداً خطيراً وانتهاكاً سافراً للقانون الدولي..

وحذّر البيان من أن الاعتداءات المستمرة من قبل إسرائيل على سوريا ولبنان، واستمرار حربها على غزة، من شأنها تفجير دائرة العنف في المنطقة. 

ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للامتثال لقرارات الشرعية الدولية.

وجدّدت الوزارة دعم دولة قطر الكامل لسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها.