عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (رويترز)
عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (رويترز)

لن يكون الوصول إلى تفاهمات كاملة بين الإدارة الجديدة في دمشق و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) سهلا، بالنظر إلى الملفات الشائكة والحالة المستعصية التي باتت تلوح في أفق خطط تسليم السلاح والاندماج، دون أن يشمل ذلك هواجس تركيا.

وفي وقت يتردد حديث عن مفاوضات واتصالات غير معلنة تجري بين الجانبين لبحث العلاقة في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد، تثار تساؤلات عما سيؤول إليه المشهد في المرحلة المقبلة.

منذ تسلمها السلطة المؤقتة في دمشق وضعت الإدارة الجديدة في العاصمة السورية هدفا قالت إنها تسير بالتدريج من أجل تحقيقه، ويتعلق بتشكيل جيش جديد عماده الأساسي جميع القوى العسكرية المنتشرة في البلاد.

ولا يستثنٍ هذا "الجيش" قوى مسلحة دون أخرى، وبالتالي من المفترض أن تنضم إليه "قسد".

"قسد" هي التشكيل الذي يغلب عليه الطابع الكردي، وتراه أنقرة مرتبطًا بـ"حزب العمال الكردستاني"، المصنّف على قوائم الإرهاب، وهو ما تنفيه هذه القوات المدعومة من الولايات المتحدة.

ويُسيطر هذا التشكيل على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، كما يضع يده الإدارية على حقول النفط الموجودة هناك.

وقبل سقوط نظام بشار الأسد بأيام، وبعد هذه المحطة التاريخية، واجهت "قسد" هجومًا من فصائل "الجيش الوطني السوري" المدعومة من أنقرة.

ولا يزال الهجوم مستمرًا حتى الآن، حيث تتركّز مجرياته الميدانية في محيط سد تشرين بريف حلب، وترافقه استهدافات ينفّذها الطيران المسيّر التركي.

ومع ذلك، ورغم أن ما سبق بات يُخيّم على واقع الميدان السوري من الجهة الشمالية، فإنه يبقى حتى الآن في إطار معادلة المواجهة السابقة (أي فصائل مدعومة من أنقرة ضد "قسد")، دون أن يشمل ذلك "إدارة العمليات العسكرية" (التي تقودها هيئة تحرير الشام المصنّفة جماعة إرهابية).

"الكل تعب من القتال"

المواجهات المتواصلة بين فصائل "الوطني" و"قسد" في ريف حلب تُرافقها تهديدات مستمرة من جانب تركيا.

ترددت آخر التهديدات على لسان وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بقوله، الثلاثاء، إن بلاده ستواصل العمل ضد "قسد" "إذا لم تلبِّ مطالبنا".

سجن غويران يضم نحو 3500 سجين من عناصر وقيادات تنظيم داعش
مساجين داعش لدى الأكراد.. ما مصير هذا الملف بعد الإدارة الجديدة لسوريا؟
تسيطر قوات كردية على مناطق شاسعة شرقي نهر الفرات في سوريا منذ سنوات طويلة، وتضم هذه المناطق عدة سجون بداخلها الآلاف من عناصر داعش، وسط تساؤلات حول إمكانية تسليم هذه السجون للإدارة السورية الجديدة في دمشق، كجزء من حل أوسع نطاقا للملف الكردي في سوريا.

وقبل فيدان، توعّد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، "قسد"، قائلاً: "إما أن يلقي القتلة الانفصاليون أسلحتهم أو يُدفنوا في الأراضي السورية مع أسلحتهم".

لكن، ورغم أن وزير الخارجية التركي شدّد على تهديدات بلاده حيال "قسد"، فقد رمى الكرة في المقابل قبل يومين في ملعب الإدارة الجديدة في دمشق، مشيرًا إلى أن "حكام سوريا الجدد يجب أن يعالجوا هذه القضية".

ولا يعتقد مدير مركز "رامان للدراسات"، بدر ملا رشيد، أن "الإدارة الجديدة في دمشق لديها الرغبة (استراتيجيًا وآنيًا) بالتوجّه للقيام بعمل عسكري باتجاه قسد".

ويقول، لموقع "الحرة"، إن "الأطراف في سوريا تعبت من القتال، وأي عمليات بينية ستؤدي إلى ما يمكن وصفه بالحرب الداخلية".

في حال اندلاع أي مواجهة بين إدارة دمشق و"قسد"، لن تكون الآن كما كانت في السابق، "أي ثورة ضد نظام"، على حدّ وصف الباحث.

ويضيف ملا رشيد: "هذا أمر خطير سواء بالنسبة لحكومة دمشق، والقوى الدولية في سوريا، أو للمجتمعات الأهلية".

من ناحية أخرى، يرى الباحث أن "الإدارة الجديدة في دمشق تحاول قدر الإمكان التمهّل في اتخاذ القرارات وإفساح المجال أمام الحلول السياسية مع كافة الأطراف، ومنها قسد".

ويعتبر أن المواجهات المستمرة في ريف حلب الآن لا تعني أن "الأبواب مغلقة أمام أي اتفاق أو تفاهم بين دمشق وقسد".

شروط متقابلة

في تصريح لوكالة "فرانس برس" أمس الأربعاء، كشف قائد "قسد"، مظلوم عبدي، أنهم توصّلوا إلى اتفاق مع الإدارة الجديدة في دمشق "لنبذ فكرة التقسيم في سوريا".

وأشار قائد القوات الكردية إلى "لقاء إيجابي" حصل نهاية الشهر الماضي، موضحًا أنهم ناقشوا مع دمشق "المرحلة المستقبلية بعد سقوط نظام الأسد".

"حتى اليوم، لاتزال الإدارة الجديدة في دمشق تعوّل على نجاح المفاوضات المباشرة مع قسد وبوساطة أميركية فرنسية"، كما يقول الدكتور سمير العبد الله.

ويضيف العبد الله، وهو مدير قسم تحليل السياسات في مركز "حرمون للدراسات المعاصرة، أن "الإدارة لديها كثير من الأولويات وخاصة الأمنية في مناطق سيطرتها، لذلك لا تريد مزيد من إراقة الدماء".

كما لا تريد ذات الإدارة "أي خلاف مع الإدارة الأميركية ريثما يتم رفع العقوبات عنها، وخاصة أن الموقف الأميركي حتى الآن متعاون معها".

لكن العبد الله يشير، في حديثه لموقع "الحرة"، إلى أن الشروط التي تضعها "قسد" لا يمكن لأي حكومة بدمشق القبول بها.

ويتابع: "لذا يمكن لحكومة الشرع (الجولاني) دعم الجيش الوطني ليقوم هو بعملية عسكرية هناك، أو حتى تحريك الشارع العربي في مناطق سيطرة قسد، وخاصة العشائر".

ولدى "قسد" شرط أساسي وهو أن تحافظ على هيكليتها في شرق سوريا داخل وزارة الدفاع الجديدة، بحسب الأكاديمي السوري المقيم في القامشلي، فريد سعدون.

ويقدم معنى آخر على ما سبق بقوله: "أي أن تبقى كما هي عليه وتتحول لقوات وطنية تابعة لوزارة الدفاع دون أن تندمج اندماجا كليا وتنتشر في مناطق أخرى".

وهذا الشرط لايزال مرفوضا لدى الإدارة الجديدة في دمشق.

وهذا الشرط لا يزال مرفوضًا لدى الإدارة الجديدة في دمشق.

يضيف سعدون لـ"الحرة": "الإدارة الجديدة تعتبر أن حفاظ قسد على سلاحها وهيكليتها سيكون بمثابة جيش موازٍ للجيش الوطني المزمع تشكيله".

وفي المقابل، لدى "قسد" مخاوف من عملية الاندماج وتسليم السلاح، من منطلق أنه قد يؤدي ذلك إلى "مظالم جديدة"، بحسب تعبير الأكاديمي السوري.

ماذا عن "حزب العمال"؟

مسألة تسليم السلاح والاندماج في "الجيش الجديد" ليست الملف الإشكالي الوحيد، بل يضاف إليها قضية ارتباط "قسد" بـ"العمال الكردستاني"، وفق الاتهام التركي.

وتصنف تركيا الحزب المذكور منظمة إرهابية، وتتبعها في ذلك الولايات المتحدة ودول أوروبية.

وكان قائد "قسد"، عبدي، قد أقر قبل أسبوعين بوجود مقاتلين أجانب من "العمال" في مناطق سيطرته، ورهن خروجهم من سوريا بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار مع تركيا.

ويوضح الباحث ملا رشيد أن عملية سحب عناصر "حزب العمال" من شرق سوريا أمر معقد بالنسبة لـ"قسد".

ويقول: "دائمًا هناك تهديد وجودي بالنسبة لها في حال انسحاب هؤلاء المقاتلين الأجانب".

من جانبه، يرى الأكاديمي السوري، فريد سعدون، أن "تخلي قسد عن كوادر حزب العمال لن يكون أمرًا سهلاً".

ويضيف: "هناك مشاكل لوجستية في هذا الصدد. ليس من السهولة بمكان أن تقول قسد: وداعًا، ويمكنكم أن ترحلوا".

كما يعتقد الأكاديمي المقيم في القامشلي أن "كوادر حزب العمال لن تخرج من شرق سوريا ما لم يكن هناك تفاهم شامل بين قسد ودمشق وأنقرة".

"لعب على حبلين"

قبل سقوط نظام الأسد، حددت تركيا أولوياتها في سوريا بثلاث نقاط: إعادة اللاجئين، محاربة الإرهاب (قاصدة "قسد")، وتنفيذ العملية السياسية في سوريا.

وبعد سقوط الأسد، ركزت على نحو خاص على التهديد المتعلق بأمنها القومي القادم من مناطق سيطرة القوات الكردية.

ولا يُعرف حتى الآن ما إذا كانت تركيا ستنفذ تهديداتها على الأرض ضد "قسد"، استنادًا إلى ما اتخذته سابقًا في عدة عمليات عسكرية.

وتمضي أنقرة الآن ضمن مسارين: الأول يقوم على التهديد بشن عمل عسكري، والثاني التعويل على الموقف الذي ستتخذه الإدارة في دمشق.

يشرح الباحث سمير العبد الله أن "الموقف التركي حتى اليوم غير حازم بمسألة قسد"، على صعيد التهديد والمهل المعطاة.

ويقول إن تركيا لم توفر الدعم اللازم للفصائل السورية التي تدعمها لتتمكن من محاربة "قسد"، ما أدى إلى سقوط الكثير من القتلى من الأخيرة خلال الأيام الماضية.

"تركيا ما زالت تعول على حكومة دمشق، وعلى نجاح المفاوضات مع قسد في تحقيق ما تريد، وعلى الضغط والتهديد بالمعركة لإجبار الأخيرة على تقديم تنازلات"، وفق العبد الله.

ويضيف أن ما يجري الآن يُختصر بفكرة أن "لدينا قسد تلعب على حبلين (المفاوضات من جهة والاستعداد للمعركة من جهة ثانية)".

وفي المقابل، هناك طرف ثانٍ هو حكومة دمشق وتركيا.

ويرى العبد الله أن "دمشق وأنقرة لم تتخذا قرارًا حاسمًا بدخول معركة، ويعولان على تغييرات في السياسة الأميركية، وتنازل قسد نتيجة الضغوط".

ويعتبر أن "هذا التردد هو ما تستغله قسد، إذ تريد فرضه كأمر واقع مستغلة الدعم الأميركي والفرنسي المتزايد في الأيام الأخيرة".

"الحوارات عسكرية"

ويعتقد الباحث ملا رشيد أن تركيا تصرح بشكل علني بأنها ستقبل بتخلي "قسد" عن السلاح والاتفاق مع دمشق والانخراط في الدولة السورية.

ويتطلب ما سبق أن "تتخلى قسد في مرحلة قادمة عن أسلحتها الثقيلة مع حفاظها على قطع تمكنها من حفظ الأمن المحلي".

وقد يظل ما سبق ساريًا حتى التوصل إلى "توافق دستوري كامل بينها وبين دمشق وكافة القوى العسكرية في سوريا"، وفق مدير مركز "رامان".

ويعتقد الأكاديمي السوري، سعدون، أن "اللقاءات والحوارات والنقاشات بين قسد والإدارة الجديدة في دمشق لم تتعدَّ حدود الحوارات العسكرية".

ويقول: "هي محاولات التوصل لحل للوضع العسكري وليس السياسي".

الشرع والجهاد الإسلامي

بالتزامن مع زيارة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى دمشق ولقائه بالرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، تحدثت تقارير عن اعتقال القوات الأمنية السورية قياديين بارزين من حركة الجهاد الإسلامي، في حدث يبدو شديد الدلالة على التحولات الكبيرة التي تشهدها سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي.

وقالت "سرايا القدس"، وهي الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، في بيان الأربعاء إن خالد خالد مسؤول الحركة في سوريا وياسر الزفري مسؤول لجنتها التنظيمية محتجزان لدى السلطات السورية منذ خمسة أيام.

وأضافت أن السلطات ألقت القبض على الرجلين "دون توضيح أسباب الاعتقال وبطريقة لم نكن نتمنى أن نراها من إخوة". ودعت إلى "الإفراج" عنهما. 

وأكد مسؤول في وزارة الداخلية السورية لوكالة رويترز نبأ إلقاء القبض على القياديين في الحركة، لكنه لم يجب عن أسئلة لاحقة حول سبب اعتقالهما.

حركة "الجهاد الإسلامي" هي إحدى أهم الفصائل الفلسطينية المسلحة، وإن كانت أكثرها غموضاً وتعقيداً، من حيث تاريخها وأيديولوجيتها. صنفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، ونمت لتصبح ثاني أكبر حركة مسلحة في قطاع غزة وثالث أكبر حركة في الضفة الغربية.

وعلى الرغم من أنها أصدرت أول بيان علني لها في 11 ديسمبر عام 1987، كان وجودها واحدا من أكثر أسرار المقاومة الفلسطينية كتمانا. تأسست الحركة في قطاع غزة عام 1981 على يد مجموعة من الطلاب الفلسطينيين الذين لم يسبق لأحدهم أن أمسك بسلاح، لكنها سريعاً تحولت إلى استخدام العنف ضد أهداف إسرائيلية في عام 1984، أي قبل خمس سنوات من ظهور حركة حماس.

واكتسبت الحركة سمعة سيئة بسبب طبيعة هجماتها المثيرة للجدل في عنفها، ومواقفها المتصلبة ضد إسرائيل. وكان الشعار الذي طرحته هو: "الإسلام، الجهاد، وفلسطين": الإسلام كنقطة انطلاق، الجهاد كوسيلة، وتحرير فلسطين كهدف.

وكانت الحركة ولا تزال ملتزمة بـ"لاءات ثلاث": لا تفاوض، ولا حل الدولتين، ولا اعتراف بإسرائيل.

في كتابه "تاريخ الجهاد الإسلامي الفلسطيني: الإيمان والوعي والثورة في الشرق الأوسط"، يروي الباحث إيريك سكير حكاية جذور تأسيس حركة الجهاد الإسلامي، التي بدأت من رسم وضعه فتحي الشقاقي (مؤسس الحركة/ اغتيل في العام ١٩٩٥) على ورقة في مارس 1979، يمثل مستطيلًا يتقاطع مع دائرة. 

كان هذا الرسم، بحسب سكير، يمثل مشروعهم السياسي الجديد، ويحتوي على ثلاث مساحات متميزة. تمثل المساحة الأولى "الإخوة الذين كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين فقط". ثم هناك "الإخوة الذين كانوا أعضاء في كل من جماعة الإخوان والمشروع الجديد الذي يشكل نوعاً ما انشقاقاً عن الإخوان. وأخيراً، هناك أولئك الذين انضموا إلى هذا المشروع دون أن يكونوا من الإخوان المسلمين. كانت هذه المنظمة تُعرف بـ "الطلائع الإسلامية"، وهي نواة حركة الجهاد الإسلامي.

والتعقيد في سيرة الجهاد الإسلامي وتموضعها، مرده إلى عوامل عديدة لعبت دوراً في رسم هوية الحركة وتشكيل أفكارها من روافد متنوعة، وقد تبدو أحياناً متناقضة. فهي كما يرى باحثون، بينهم الباحثة الإسرائيلية مائير هاتينا، نشأت من تأثير حاسم للجماعات المصرية المتطرفة في السبعينيات. 

وفي المقابل، تركز الباحثة، بفيرلي ميلتون إدواردز، على صراع الحركة مع جماعة الإخوان المسلمين في أوائل الثمانينيات، بشأن المقاومة المسلحة. وبينهما رأي، يتوقف عنده إيريك سكير في كتابه، يقول بأن "الجهاد الإسلامي" خرجت تأثراً بالثورة الإيرانية عام ١٩٧٩. 

وفي الحالات كلها، تبدو حركة "الجهاد الإسلامي" اليوم في قلب هذه التناقضات، فهي الفصيل الأقرب فلسطينياً إلى إيران تمويلاً وتسليحاً مع إشارات إلى حالات "تشيّع" داخل الحركة. ومع ذلك فإن تنسيقها مع حماس لم يتوقف، حتى مع التباين بين حماس و"الجهاد" حول قضية الثورة السورية، وبقاء الجهاد الإسلامي في "حضن" النظام السوري مستفيدة من الحماية التي وفرها لها، في وقت كانت حماس تبتعد عن النظام بسبب مزاج الثورة القريب من الإخوان المسلمين.

مع ذلك نسقت حماس مع "الجهاد" هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وتحتفظ بأسرى إسرائيليين.

ومع تولي أحمد الشرع السلطة في سوريا، تزداد الأمور تعقيداً. فالشرع يميل، بحسب معطيات عديدة، إلى الاقتراب أكثر من تسوية مع إسرائيل قد تستكمل باتفاقية سلام، والابتعاد أكثر عن حماس وما تمثله. ولقاؤه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس يصب في هذا السياق.

ولا يحيد اعتقال الأمن السوري القياديين في "الجهاد" عن هذا "النهج"، ويأتي استكمالاً للمزاج السياسي للشرع المبتعد بوضوح، إلى حد القطيعة، عن إيران. إذ قطعت القيادة السورية الجديدة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وتأمل في إعادة بناء الدعم الإقليمي والدولي لسوريا، لا سيما رفع العقوبات وتمويل إعادة الإعمار بعد حرب أهلية مدمرة استمرت 14 عاماً.

لكن قد لا يعني اعتقال القياديين في الجهاد أن الشرع سيفعل الشيء ذاته مع حركة "حماس" في سوريا، على الأقل في الفترة المقبلة، كما يوضح نائب مدير مركز كارنيغي، الباحث مهند الحاج علي، لموقع "الحرة". بل إن الشرع على الغالب سيحافظ على العلاقة التاريخية بحماس لما تمثله من امتداد يرتبط بالإخوان المسلمين. 

وإذا كان الشرع في وارد "بيع" حماس، فإنه بالتأكيد سيطلب ثمناً عالياً لقاء ذلك. ويعتقد الحاج علي أن حماس لن تُحرج الشرع وستلتزم بما يناسبه في سوريا، حتى لو عنى ذلك قطع التواصل مع إيران، وإن كان الباحث في كارنيغي يتوقع أن تلعب حماس أدواراً في المستقبل لتحسين علاقات الشرع بإيران.

وأوردت وكالة رويترز في تقرير الشهر الماضي أن الولايات المتحدة قدمت لسوريا قائمة شروط يتعين الوفاء بها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات. وذكرت مصادر لرويترز أن أحد الشروط هو إبعاد الجماعات الفلسطينية المدعومة من إيران.