عناصر من الجيش الإسرائيلي في مناطق حدودية مع سوريا - رويترز
عناصر من الجيش الإسرائيلي في مناطق حدودية مع سوريا - رويترز

يصف ألون أفيتار، المستشار السابق للشؤون العربية في وزارة الأمن الإسرائيلية، الوضع في سوريا بأنه "مرحلة انتقالية من الفوضى إلى مرحلة جديدة لا تعرف ملامحها السياسية والاستراتيجية".

ويقول في حديث لقناة "الحرة" إن هذا "الغموض" يدفع إسرائيل إلى اتخاذ خطوات احترازية لضمان "سلامة جبهتها الشمالية".

وتعكس تصريحات أفيتار قلقا إسرائيليا واضحا، إذ يشير إلى أن سوريا اليوم ليست دولة مستقرة ولا تعتمد على نظام دائم أو مؤسسات ثابتة، ما سمح بتعدد القوى المسيطرة داخلها، بما في ذلك "ميليشيات تركية".

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين تأكيدهم ضرورة الحفاظ على منطقة نفوذ إسرائيلية تمتد ستين كيلومترًا داخل الأراضي السورية. 

وبالنسبة لإسرائيل، هذا الانتشار يشكل ضمانة لمنع أي تهديدات مستقبلية قد تنطلق من الشمال السوري، مستشهدة بتجربة هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته حماس من قطاع غزة.

المخاوف من النفوذ التركي

بينما تعمل إسرائيل على تحصين حدودها الشمالية، يثير النفوذ التركي المتزايد في سوريا قلقها.

يقول أفيتار لقناة "الحرة" إن تركيا استغلت غياب السيادة السورية الكاملة للتدخل في شؤون هذا البلد.
وأضاف أن أنقرة دعمت المعارضة بالأمس وتبني علاقات قوية مع دمشق اليوم.

ونقلت تقارير صحفية عن مسؤولين إسرائيليين استغرابهم مما وصفوه بـ"عمى الغرب" تجاه قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، معتبرين أن الشرع، بدعم تركي، قد يمثل تهديدا مستقبليا لإسرائيل.

الإدارة السورية الجديدة أمام تحديات صعبة مع كثرة الضغوط الدولية
خبير أميركي: إسرائيل وتركيا تتنافسان على مقعد "القيادة" في سوريا
اعتبر المدير السابق لمؤسسة السلام في الشرق الأوسط جيفري أرونسون أن كل الدول المحيطة بسوريا تحاول أن تمارس سيطرتها على أجزاء مما يصفه بـ"كيان وطني هامد"، مشيرا إلى أن كل الخيارات مفتوحة بما فيها دور إيراني محتمل.

تركيا: البحث عن المصالح في سوريا

المحلل السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، يقول إن دعم أنقرة للمعارضة السورية كان حاسما في إسقاط نظام بشار الأسد.

وأضاف في حديث لقناة "الحرة" أن تركيا تسعى الآن لتعزيز علاقاتها مع دمشق لتحقيق فوائد سياسية واقتصادية وأمنية.

لكن التحالف التركي-السوري الجديد يثير حفيظة إسرائيل. ووفقا لوسائل إعلام إسرائيلية، حذرت لجنة حكومية إسرائيلية رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، من احتمال تصاعد التوتر مع تركيا بسبب دعم الأخيرة للإدارة السورية.

حافظ أوغلو يرد على هذه المخاوف قائلا إن "تركيا، كأي دولة، تبحث عن مصالحها في المنطقة".

لكنه ينتقد التدخلات الإسرائيلية في سوريا، وخصوصا العمليات العسكرية التي استهدفت مناطق مختلفة حتى قبل سقوط نظام الأسد.

ويمثل دعم الأكراد في شمال سوريا أحد أبرز نقاط التوتر بين أنقرة وإسرائيل.

وبينما ترى تركيا أن الدعم الإسرائيلي والإيراني لقوات "قسد" يهدف إلى تقسيم سوريا، تعتبر إسرائيل أن هذه القوات تشكل ركيزة أساسية لضمان استقرار شمال سوريا ومنع أي تهديد محتمل.

يخضع الشمال السوري لسيطرة تركية مباشرة على مساحة شاسعة تضم أكثر من ألف بلدة بما فيها مدن مثل عفرين، تل أبيض، رأس العين، الباب، أعزاز، جرابلس، جنديرس وغيرها.

ودخلت القوات التركية تلك المناطق بدءا من عام 2016 بعد طرد مقاتلي تنظيم داعش وشن عمليات عسكرية ضد مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

وإلى جانب الوجود المباشر للقوات التركية في ست قواعد عسكرية في تلك المناطق، عملت أنقرة على تسليح وتمويل فصائل محلية أبرزها تنظيم الجيش الوطني الذي خاض إلى جانب الاتراك معركة درع الفرات عام 2017.

أما في الجنوب فشكل الثامن من ديسمبر الفرصة المناسبة للجيش الإسرائيلي للدخول إلى المنطقة العازلة في هضبة الجولان والسيطرة عليها، بما فيها جبل الشيخ الاستراتيجي بقممه الأربع التي تشكل قوة جغرافية أمنية فائقة الأهمية بحسب وزير الدفاع يسرائيل كاتس.

كما توسعت السيطرة الإسرائيلية لتشمل أجزاء جديدة من محافظة درعا والقنيطرة وسط حديث متنام في الداخل الإسرائيلي عن ضرورة السيطرة على مسافات تمتد إلى 60 كيلومترا في الداخل السوري.

كبتاغون في ألعاب الأطفال بسوريا
كبتاغون في ألعاب الأطفال بسوريا

ضبطت إدارة الأمن العام السوري في اللاذقية، السبت، مستودعا ضخما قالت إنه من بقايا نظام الأسد لتعليب حبوب الكبتاغون ضمن ألعاب الأطفال والأثاث المنزلي.

ونشرت وكالة الأنباء السورية "سانا" لقطات تظهر كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون تم استخراجها من دراجات مخصصة للأطفال ومن قطع أثاث منزلي.

 

 

وأظهرت لقطات فيديو صادمة، أحد عناصر الأمن العام السوري في اللاذقية وهو يكسر دراجة لعب مخصصة للأطفال لتخرج منها كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون.

وأحرقت السلطات الجديدة في سوريا خلال الشهر الماضي، كميات كبيرة من المخدّرات، "بينها نحو مليون من حبوب الكبتاغون" التي كانت تنتج على نطاق واسع خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وكانت عناصر الأمن السوري الجديدة قد ذكرت عقب سقوط نظام بشار الأسد في الثامن ديسمبر، أنها اكتشفت مصانع إنتاج الكبتاغون في مواقع عديدة ومتنوعة، بعضها "لا يخطر على البال"، من القاعدة الجوية بمنطقة المزة قرب دمشق، إلى شركة تجارة وبيع سيارات في اللاذقية، وصولاً إلى مصنع وجبات خفيفة في دوما بريف دمشق.

ومنذ 2018، أصبح الكبتاغون أحد الأنشطة الرئيسية المتبعة من طرف النظام، لتحقيق مدخول من العملة الصعبة، يعوض به خساراته المالية الفادحة جراء الحرب، ويغطي جزءا مهماً من تكاليف مجهوده الحربي.

وتحولت سوريا إلى المنتج الأول لتلك المادة المخدرة على المستوى العالمي، وغزت حبوب الكبتاغون السورية كامل منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً دول الخليج مثل السعودية والإمارات، عقب تهريبها إلى كل من العراق والأردن ولبنان.

وصناعة الكبتاغون وتهريبه كانت تدر على دمشق 2.4 مليار دولار على الأقل، حسب الدراسات التي نشرها مشروع تتبع تجارة الكبتاغون بمعهد "نيو لاينز" في نيويورك.

وهذا الرقم يعتبر مرتفعاً إذا ما عرفنا أن الحجم الإجمالي لتجارة الكبتاغون في العالم، يقدر بنحو 10 مليارات من الدولارات.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت سلسلة عقوبات في هذا الخصوص، أولها قانون "كبتاغون" بنسخته الأولى، الذي استهدف بالتحديد شخصيات من آل الأسد ضالعة في عمليات التصنيع والتهريب والاتجار.