قوات سوريا الديمقراطية

برز غياب المكوّن الدرزي وممثلين عن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" عن مؤتمر إدارة العمليات العسكرية في سوريا، الذي خرج بقرارات عدة، بينها حل جيش النظام السوري السابق وجميع الفصائل المعارضة، والبدء بتشكيل جيش سوري جديد.

وهذه الفصائل كانت قد اشترطت في وقت سابق تسليم سلاحها بوجود جهات قانونية وحكومة انتقالية، أو انخراطها في جيش سوريا المستقبل دون اندماج.

انخراط بشروط

في اليوم السابق للمؤتمر، زار وفد من مجلس سوريا الديمقراطية الكردي مدينة السويداء، الثلاثاء الفائت، حيث التقى بشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري، لمناقشة مستقبل سوريا والحل السياسي.

وناقش الجانبان، وفق بيان المجلس، تعزيز السلم الأهلي ورفض دائرة العنف والاقتتال، وشدّدا على أهمية وحدة الأراضي السورية كأولوية لا بديل عنها.

وأكد البيان "ضرورة تسليم السلاح للدولة، ممثّلة بالجهات القانونية، بعد تشكيل حكومة انتقالية شاملة، ووقف كامل للقتال في جميع أنحاء البلاد".

من جانبه، قال قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، في تصريح لوكالة "أسوشيتد برس" اليوم، إن قواته لم تشارك في اختيار أحمد الشرع لشغل منصب رئيس الجمهورية، والذي جرى بحضور قادة الفصائل السورية التي شاركت في إسقاط نظام الأسد.

وقال عبدي إنه التقى في وقت سابق بالشرع، مشيراً إلى أن الطرفين يتفاوضان بمساعدة وسطاء للتوصل إلى حلول وسط بشأن مستقبل سوريا.

وأضاف أن هناك مفاوضات بين الحكومة السورية و"قسد"، وأن زيارات مسؤولي "قسد" إلى دمشق ستستمر لمحاولة التوصل إلى تفاهم مع السلطات الجديدة.

وكشف عبدي أن أعضاء من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة "داعش"، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، يتوسطون بين الحكومة السورية الجديدة و"قسد".

وعن استعداده لحل قواته، قال عبدي: "من حيث المبدأ، نريد أن نكون جزءاً من وزارة الدفاع وجزءاً من استراتيجية الدفاع السورية، لكن التفاصيل لا تزال بحاجة إلى مناقشة، وقد أرسلنا مقترحاً بشأن هذه القضية إلى دمشق ونحن ننتظر الرد".

الموقف الدرزي

تتمتع محافظة السويداء بخصوصية دينية، إذ تعد المحافظة السورية الوحيدة ذات الغالبية الدرزية.

ومنذ نهاية عام 2023، شهدت مدينة السويداء حراكاً سلمياً مناهضاً لحكومة نظام الأسد.

ودخل هذا الحراك حينها منعطفاً جديداً مع تسجيل أول عملية إطلاق نار على المتظاهرين، أعقبتها تصريحات من الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حمّل فيها سلطات النظام مسؤولية أي تصعيد.

ومع سيطرة قوات الإدارة الجديدة على دمشق، خرجت العديد من التصريحات من ممثلي المحافظة تطالب بحكومة انتقالية كشرط لتسليم السلاح.

ويتواجد في السويداء عدد من الفصائل المسلحة والتيارات السياسية، منها حركة رجال الكرامة، وقوات شيخ الكرامة، والمجلس العسكري، ولواء أحرار جبل العرب، وتيار سوريا الفيدرالي، وتيار الحرية والتغيير، والتيار العلماني، وتيار الحرية والسلام.

ووصلت دعوة رسمية لعدد من هذه الفصائل والتيارات لحضور المؤتمر في دمشق، إلا أن أحداً منها لم يحضر.

ورداً على مخرجات المؤتمر، شهدت ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، ذات الأكثرية الدرزية، وقفة احتجاجية رفض خلالها المشاركون ما وصفوه بـ "سرقة قرار الشعب بقرار عسكري".


"بيضة القبان"

العقيد طارق الشوفي، قائد المجلس العسكري في مدينة السويداء، أكد في حديثه مع موقع "الحرة"، أن المجلس العسكري لم تصله أي دعوة لحضور المؤتمر المنعقد في دمشق.

وأشار إلى أنه في حال تشكيل جيش وطني وفق الدستور، وتوافق جميع أبناء الشعب السوري عليه، سيكون المجلس العسكري في طليعة المنتسبين له.

ورفض الشوفي فكرة حل الفصائل، داعياً إلى إيجاد جسم بديل لحماية سوريا قبل حل الأجسام العسكرية.

وأوضح أنه "من المفروض أن يُطلب من الفصائل التنظيم الصحيح وتشكيل جسم عسكري موحد تحت إشراف ضباط أحرار، حتى لا تُفهم هذه الدعوة كأنها دعوة لسحب السلاح وإدخال المحافظة في حالة من الفوضى، والجميع يعلم حجم الضغط والهجوم الإرهابي الذي تعرضنا له من داعش، والذي نتج عنه مئات الضحايا سابقاً، وحتى الآن يومياً تتعرض المحافظة لحالات قتل وعنف".

وأشار إلى أن المكوّن الدرزي قدّم للثورة الكثير من التضحيات، وكان مشاركاً بشكل فعال في الثورة منذ البداية، واستطاع تجنيب أبنائه الخدمة الإلزامية، وبالتالي لم يدخل في حمام الدم ضد الشعب السوري، بحسب تعبيره.

وأضاف، "لن يستطيع أحد تهميشنا، بالعكس، نحن بيضة القبان في سوريا".

جسم عسكري واحد

وأكد الشوفي على ضرورة الحوار واندماج الفصائل في جسم عسكري واحد مستقبلاً، للخروج من الفوضى، والاتفاق على رؤية ترضي الشعب بكافة أطيافه.

وأضاف أن "سوريا غنية بالتنوع الفسيفسائي، وهي جميلة بهذا التنوع، ويجب أن نحافظ عليه دون إقصاء، وفسح المجال للعمل بكل حرية، من أجل الانفتاح على دول العالم الحر، وتهيئة الشروط الملائمة للتطوير وسير عجلة التنمية".

"اتفاق وليس تهميش"

المحلل السياسي الكردي شيروان إبراهيم، أكد غياب المكوّن الكردي والدرزي وبعض فصائل درعا عن المؤتمر.

وقال لموقع "الحرة" إن "قسد" لم تُستبعد من المعادلة السورية، وإنها لم تحضر لأسباب خاصة بها، أو أنه تم الاتفاق بين الطرفين على عدم حضورها، "هو اتفاق وليس تهميشاً".

وأضاف: "لا أعتقد أن غياب قسد عن هذا الاجتماع سيؤثر على مستقبل القوى الكردية في سوريا، لأن هناك أطرافاً كردية أخرى، واليوم يتم حصر الورقة الكردية بيد قسد إعلامياً، على اعتبار أنها القوة التي تسيطر على الأرض عسكرياً وهي التي تتلقى الدعم الأكبر، لذلك موضوع هذا الاتفاق لا تظهر تأثيراته حالياً بقدر ما كان تثبيتاً لرئاسة الشرع".

قوى أمر واقع

ويرى شيروان أن هذا المؤتمر كان لجمع مناصري الشرع ومبايعتهم له، ليكون رئيساً قانونياً للمرحلة الانتقالية، وأن الشرع أرسل من خلاله رسالة مبطّنة لقسد والدروز، "أنا سأقوم بترتيب أوراقي وحدي في المناطق التي أسيطر عليها، أما أنتم فأمر واقع، وسنتفق فيما بعد ونتحاور كرئيس دولة وكقوى أمر واقع".

ويشير إلى أن "قسد" ترى نفسها خارج هذه الترتيبات، خاصةً أن بين الحاضرين فصائل لا تزال حتى اليوم تقاتلها.

ومع ذلك، يؤكد أن "قسد" لا تزال قوة رئيسية في المعادلة السياسية والعسكرية والاقتصادية على الأرض، ما يتطلب ترتيبات مختلفة في المستقبل، ستعتمد إلى حدٍ بعيد على كيفية إدارة الشرع للأمور.

لجان خاصة

وقال شيروان إنه يتم العمل اليوم على تشكيل ثلاث لجان للتحاور مع سلطة دمشق؛ لجنة "قسد" ستتحاور حول الأمور العسكرية والأمنية والثروات، ولجنة الإدارة الذاتية حول الأمور المتعلقة بالشؤون الإدارية والدوائر الحكومية، واللجنة الثالثة ستضم أكراد "قسد" والمجلس الوطني وأطرافاً أخرى، وستعمل على المطالب الخاصة بالمكوّن الكردي.

ومن المتوقّع أن تتوجّه هذه اللجان قريبًا إلى دمشق للتفاوض مع إدارة الشرع، وسط آمال بأن تُفضي هذه الحوارات إلى حل شامل يطوي صفحة العنف ويفتح باب إعادة الإعمار.

ورأى شيروان أن أكثر شخصين فهما وأدركا اللعبة الدولية في سوريا هما الشرع وعبدي، واندمجا فيها بإتقان.

لذا لا يتوقع أن يندلع صراع عسكري أو سياسي بينهما، لأن "القوى المتداخلة في الشأن السوري لا تريد الحرب كما كانت في بلدان أخرى، فالشرع يحتاج لقسد، وقسد تحتاج لقيادة دمشق واعترافها بها"، بحسب وصفه.

مواطنون في مصرف سوريا المركزي (أرشيفية من رويترز)
مواطنون في مصرف سوريا المركزي (أرشيفية من رويترز)

أكد المكتب الإعلامي في مصرف سوريا المركزي لسانا، الجمعة، "وصول مبالغ مالية من فئة الليرة السورية قادمة من روسيا إلى سوريا عبر مطار دمشق الدولي".

وأوضح المكتب "لكن الأرقام المتداولة حول حجم وكميات هذه الأموال غير دقيقة على الإطلاق، ونشدد على ضرورة الاعتماد على المعلومات الرسمية وتجنب الانسياق وراء الشائعات".

وذكرت صفحات ومواقع إخبارية، الخميس، أن "شحنة أموال متوقع وصولها غدا (الجمعة) إلى مطار دمشق قادمة من روسيا"، وأضافت "المبالغ المقدر وصولها هي 60 تريليون ليرة، من فئة 5000 ليرة".

وأفاد مراسل "الحرة" بتداول رسالة منسوبة لميساء صابرين، المكلفة بتسيير أعمال حاكم المصرف المركزي، بشأن "التعهد بتسديد بدلات هبوط طائرة وخدمات الطيران المدني والخدمات الأرضية".

وجاء في الرسالة الموجهة إلى مطار دمشق الدولي "إشارة إلى شحنة الأموال المتوقع ورودها إلى المطار بتاريخ 14-2-2025 ولاحقا للتنسيقات الجارية مع المعنيين لديكم، نعلمكم تعهدنا بتسديد بدلات هبوط طائرة شحن الأموال القادمة من روسيا إلى دمشق وخدمات الطيران المدني والخدمات الأرضية في المطار بناء على المطالبة التي سترد من قبلكم. شاكرين حسن تعاونكم".

ولم يتسن لموقع الحرة التأكد من الرسالة بشكل مستقل.

ويذكر أن الرئيس المخلوع بشار الأسد متهم بتهريب كميات ضخمة من الأموال من سوريا إلى روسيا حيث فر إلى موسكو بعد الإطاحة بنظامه في 8 ديسمبر 2024.