الفصائل المدعومة من تركيا سيطرت على منطقة تل رفعت ومدينة منبج من الأكراد (AFP)
الفصائل المدعومة من تركيا سيطرت على منطقة تل رفعت ومدينة منبج من الأكراد (AFP)

تفجير جديد شهدته منبج السورية في ريف محافظة حلب، صباح الإثنين، ليضاف إلى سلسلة من الهجمات المماثلة التي ضربتها خلال أقل من شهرين.

وأسفر التفجير عن مقتل 15 شخصا بينهم 14 امرأة ورجل واحد، وإصابة 15 آخرين بجروح بعضها بليغة، مما يرشح عدد الوفيات للارتفاع، وفقا لبيان نشره "الدفاع المدني السوري".

الضحايا هم من العمال المزراعين، وقد فقدوا أرواحهم أثناء مرور السيارة التي تقلهم بجانب أخرى مفخخة كانت متوقفة على طريق رئيسي في أطراف منبج، حسب المصدر ذاته.

وتقع منبج في ريف محافظة حلب من الجهة الشرقية، وكانت الفصائل السورية المسلحة المدعومة من تركيا قد سيطرت عليها في الثامن من ديسمبر 2024، بعد معارك خاضتها ضد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

ومنذ تاريخ السيطرة عليها ضمن العملية التي سُميت بـ"فجر الحرية"، شهدت المدينة "7 تفجيرات، توزعت على سيارات ودراجات مفخخة"، حسب ما ذكر منلا الأحمد لموقع "الحرة"، وهو شاب من أهالي منبج.

من جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن تفجير الإثنين، يعد السادس من نوعه في مناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا مؤخرا.

ماذا وراء التفجيرات؟

لم تعرف حتى الآن الجهة التي تقف وراء التفجير الأخير الذي أودى بحياة العمال المزراعين، صباح الإثنين.

ولم يصدر تعليق من جانب السلطات الأمنية في دمشق على التفجير، كما لم يصدر عن قسد أي موقف حتى موعد نشر التقرير.

وتضم منبج مركز مدينة وعدة قرى وبلدات تقع بمحيطها، في كافة الاتجاهات.

ويزيد عدد سكانها، حسب إحصائيات رسمية، عن 100 ألف نسمة. وقد يكون هذا الرقم تضاعف بعد حركات النزوح الأخيرة التي وصلت إليها من عدة مناطق.

ورغم أن الفصائل السورية التي انضوت مؤخرا ضمن وزارة الدفاع السورية في دمشق، سيطرت على مركز هذه المدينة ومحيطها أواخر العام الماضي، فإنها لا تزال تخوض حتى الآن مواجهات.

وتتركز المواجهات في محيط سد تشرين الواقع على نهر الفرات، من الجهة الشرقية الجنوبية لمنبج.

كما تنسحب رقعة المواجهات أيضا إلى مناطق أخرى في الريف الشرقي لحلب.

اتهامات

ورغم عدم صدور أي بيانات أو تصريحات بشأن الجهة التي تتحمل مسؤولية التفجيرات، فإن بيانا رسميا من جانب السلطات الأمنية في دمشق، في مطلع يناير الماضي، كان قد تحدث عن "ضبط سيارة مفخخة قادمة من مناطق سيطرة قسد".

وجاء في البيان أن وزارة الداخلية السورية "ضبطت سيارة مفخخة قادمة من مناطق سيطرة قسد شمال شرقي سوريا باتجاه مدينة حلب، وتم تفكيكها بعد ذلك".

لكن في المقابل، نفت القوات ذات الغالبية الكردية مسؤوليتها عن السيارة المفخخة المضبوطة، وقالت في 11 يناير إن الاتهامات "خاطئة ومتسرعة وغير مبنية على أدلة واقعية وتحقيقات شفافة".

وشدد مدير الدفاع المدني السوري، رائد الصالح، عبر منصة "إكس"، على أن استهداف المدنيين "جريمة لا يمكن السكوت عنها، والمحاسبة العادلة للمجرمين ووقف هذه الهجمات الوحشية، مسؤولية لا يمكن أن تحتمل التأجيل".

وطالب الصالح، الإثنين، بـ"محاسبة مرتكبي هذه المجزرة البشعة في منبج، ووقف هذه الهجمات الإرهابية القاتلة التي يقف خلفها من يهدف لضرب الاستقرار في سوريا وترويع السكان وتهديد السلم الأهلي بين المجتمعات السورية".

من جانبه، كتب الباحث السوري رضوان زيادة، أن "هذه ليست المرة الأولى وربما لن تكون الأخيرة لهذا النوع من التفجيرات في منبج".

وقال: "الكل يعلم من يقف وراء هذه التفجيرات ومن له مصلحة بالقيام بها"، داعيا إلى "زيادة الاحترازات الأمنية لمنع تكرار هذه الحوادث وانتشارها في مدن أخرى".

يذكر أنه قبل سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، كانت هناك قوات في منبج تتبع للأخير، وأخرى منضوية في صفوف "قسد". وبالإضافة إلى القوتين المذكورتين كان هناك انتشار لقوات من الشرطة العسكرية الروسية.

لكن بعد سقوط الأسد، تقدمت الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا إلى هذه المدينة وسيطرت عليها بالكامل، وانتقلت بعد ذلك إلى الجبهة الواصلة مع سد تشرين.

عروض احتفالية أقيمت في ساحات سجن صيدنايا
عروض احتفالية أقيمت في ساحات سجن صيدنايا

عبّر كثير من السوريين عن غضبهم بعد فعاليات احتفالية وإعلانات تجارية أقيمت في سجن صيدنايا الذي قتل فيه آلاف السوريين تحت التعذيب، لدرجة أن بعضهم وصف ما جرى بـ "الوقاحة والعبثية".

ويتخوف الكثير من السوريين من تعرض سجون البلاد للعبث في ظل الفوضى التي تشهدها هذه الأماكن، من طلاء جدرانها وإخفاء معالمها إلى السماح لأي أحد بدخولها من دون أية رقابة.

وفي الآونة الأخيرة رصد العديد من السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي انتشار الباعة المتجولين والإعلانات الدعائية لمنتجات غذائية والعروض الاحتفالية في باحة واحد من أسوء سجون الأسد صيتا في عهد نظام بشار الأسد.

وفي هذا الإطار نشر حساب على "إكس" عرف نفسه بأنه محمد الخليل مختص بعلم الآثار والتاريخ، صورا تظهر أكشاكا صغيرة وملصقات لإعلانات داخل السجن وعلق عليها بالقول: " صور من سجن صيدنايا تظهر تسويقا تجاريا لبعض المُنتجات على جُدران السجن ... هذا الذي حلَّ بإرث الذين أعادونا إلى الديّار ولم يعودوا".

وانتقدت صحافية تدعى رفيف السيد ما وصفته بـ "العبثية والوقاحة في التعامل مع أحد أكثر الأماكن دموية في سوريا".

وقال صحافي آخر يدعى وسيم الإخوان إن هناك جهات تحاول استغلال المآسي التي شهدها المكان من أجل كسب المال.

وأصبح سجن صيدنايا وجهة للزائرين والإعلاميين للتعرف على أكثر سجون الأسد دموية والذي أطلقت عليه منظمات حقوقية لقب "المسلخ البشري".

وهذه ليست المرة التي يرصد فيها سوريون تعرض سجون كانت تابعة لنظام الأسد للعبث والإهمال.

ففي يناير الماضي تداول نشطاء فيديو نشره فريق تطوعي يُطلق على نفسه اسم "سواعد الخير"، وهو يقوم بطلاء جدران أحد السجون في مدينة اللاذقية.

ونتيجة لذلك واجه الفريق حملة انتقادات حادة عبر وسائل التواصل الاجتماعي هلى اعتبار أن ما حدث هو محاولة لطمس معالم الجريمة، داعين إلى فتح تحقيق فوري مع الفريق.

واضطر الفريق التطوعي بعدها لحذف الفيديو من على منصته، كما أغلق صفحته الرسمية على فيسبوك.

ودعت عشرات المنظمات المعنية بملف المفقودين والمعتقلين والمخفيين قسرا في سوريا، في بيان مفتوح، السلطات الجديدة الى "التحرك العاجل والفوري والصارم لإيقاف استباحة السجون ومراكز الاعتقال في سوريا والتعامل معها على أنها مسارح لجرائم وفظائع ضد الإنسانية، ومنع الدخول إليها وطمس معالمها وتصويرها والعبث بما تحويه من وثائق وأدلة".

وفور إطاحة نظام الأسد في 8 ديسمبر، خرج الآلاف من السجون، لكن مصير عشرات آلاف آخرين ما زال مجهولا وتبحث عائلاتهم عن أي أثر لهم.

وفي الساعات الأولى لوصول السلطة الجديدة الى دمشق، شكلت السجون ومراكز الاعتقال وجهة لآلاف العائلات والصحافيين وسط حالة من الفوضى ما أدى الى تضرر مستندات رسمية ونهب بعضها الآخر وضياع عدد منها.

وكانت منظمات حقوقية دولية بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش دعت السلطات الجديدة إلى "اتخاذ خطوات عاجلة لتأمين وحفظ الأدلة المتعلقة بالفظائع التي ارتكبتها" سلطات الأسد، بما في ذلك "الوثائق الحكومية والاستخباراتية الهامة، فضلا عن مواقع الجرائم والمقابر الجماعية".