أحد عناصر فصائل المعارضة المسلحة بجوار صورة للرئيس السوري السابق بشار الأسد (فرانس برس)
أحد عناصر فصائل المعارضة المسلحة بجوار صورة للرئيس السوري السابق بشار الأسد (فرانس برس)

كشفت شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية، تفاصيل جديدة تتعلق بآخر 24 ساعة قضاها رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد، في بلاده، قبل هروبه إلى روسيا فجر الأحد، الموافق الثامن من ديسمبر الماضي.

ووفقا للتقرير التلفزيوني، فقد شهد السابع من ديسمبر، تطورات متسارعة بدأت بسقوط مدينة حمص في يد فصائل المعارضة المسلحة. 

وفي ذلك اليوم، عقد الأسد اجتماعا مغلقاً مع مستشار المرشد الإيراني علي لاريجاني، لم يحضره أي من مساعديه المعتادين، وفق الشبكة.

وحسب مدير المكتب الإعلامي السابق في الرئاسة السورية (نظام الأسد)، كامل صقر، فإن هذا الاجتماع "كان حاسما"، إذ تبيّن خلاله أن "لا أحد مستعد للقتال دفاعا عن نظام الأسد، لا إيران، ولا حزب الله، ولا روسيا، ولا حتى الجيش السوري نفسه".

ويشير المصدر ذاته، أن النظام السابق "فهم في هذا اليوم أن نهايته حانت"، وفي محاولة للتغطية على خطط هروبه، "أمر الأسد بإعداد مسرح في قصر المهاجرين، لإلقاء خطاب من 400 كلمة".

وقام فريق التصوير بتجهيز كل المعدات اللازمة، لكن الخطاب لم يُلقَ أبداً. 

وفي الساعة 6:58 مساء، أصدر القصر الرئاسي بيانا مضللا آخر، يؤكد أن "الأسد يمارس عمله من دمشق". 

في السياق ذاته، يكشف مازن عيون، الموظف في وكالة الأنباء السورية (سانا)، أنه "تلقى اتصالاً في السابعة مساءً لترجمة هذا البيان إلى الإنكليزية، في وقت كان فيه الأسد يستعد سرّا للهروب".

ومع حلول الساعة 2:30 فجر الأحد، أصبح القصر الرئاسي شبه خالٍ، حسبما يقول صقر، الذي كشف أنه لم يتبق سوى شخصين في المكان: هو وموظف آخر من المكتب الإعلامي والسياسي. 

وغادر الأسد دون إخبار أي شخص بوجهته، متجهاً إلى قاعدة حميميم الجوية، ومنها إلى موسكو قبل شروق الشمس.

ويكشف التقرير أن بداية النهاية كانت في 27 نوفمبر، عندما سقطت مدينة حلب في يد المعارضة.

وفي ذلك اليوم، كان الأسد في موسكو، حيث "ذهب لطلب مساعدة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين"، وفق الشبكة الأميركية.

ويقول صقر إن بوتين "وعد بتأمين مساعدات عسكرية إيرانية جوا، لكن هذه المساعدات لم تصل أبداً".

وعاد الأسد إلى دمشق في 28 نوفمبر، لكن إيران، حليفته الأخرى، لم تهب لنجدته. 

وفي 5 ديسمبر، سقطت مدينة حماة في يد المعارضة. و"حاول الأسد الاتصال ببوتين الذي كان في زيارة لبيلاروسيا، لكن الرئيس الروسي لم يجب على مكالماته"، وفقا لصقر.

وتطورت الأحداث لاحقا مع مواصلة المعارضة تقدمها، حتى الساعات الأولى من صباح الأحد 8 ديسمبر، حين انتشر خبر هروب الأسد عبر مكبرات الصوت في مساجد بالعاصمة دمشق. 

ويصف عيون المشهد قائلاً، إنه "استيقظ في الثالثة صباحا على أصوات إطلاق نار، وعندما نظر من نافذته، رأى جنودا يخلعون بزاتهم العسكرية". 

وبحلول منتصف النهار، كانت المعارضة قد سيطرت بالكامل على العاصمة، ووصل قائد هيئة تحرير الشام، المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى، أحمد الشرع الملقب بـ"أبي محمد الجولاني"، إلى القصر الرئاسي، لتنتهي بذلك حقبة حكم استمرت لعقود، تاركة السوريين مع آمال بوفاء القيادة الجديدة بعهود الحرية والتغيير.

وتسعى الإدارة الجديدة في سوريا إلى ترميم علاقة البلد بمختلف دول العالم، عبر استضافة وفود والمشاركة بزيارات رسمية، كان آخرها التي قام بها الشرع إلى السعودية، والتي ينطلق منها إلى تركيا، الثلاثاء.

وتطالب السلطات الجديدة في سوريا بإزالة العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على نظام الأسد، متعهدة بحماية حقوق جميع السوريين، بما في ذلك الأقليات، وسط مخاوف عالمية مما قد يحل بتلك الأقليات.

تم تعيين مرهف أبو قصرة وزيرا للدفاع في سوريا - سانا
مرهف أبو قصرة (أرشيف)

أكد وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، أن بلاده منفتحة على استمرار الوجود العسكري الروسي في قاعدتي طرطوس وحميميم، طالما أن ذلك يخدم المصالح السورية.

وفي مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أوضح أبو قصرة أن العلاقة مع موسكو تحسنت بشكل ملحوظ منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي، مشيرًا إلى أن دمشق تدرس مطالب روسيا بشأن قواعدها العسكرية.

وقال الوزير أن مسألة محاسبة الأسد أثيرت خلال زيارة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لدمشق.

كما تحدث أبو قصرة عن مفاوضات جارية بشأن الوجود العسكري الأميركي والتركي في البلاد، وأكد أن حل ملف "قوات سوريا الديمقراطية" سيكون سلميًا، لافتا إلى أن أن الحل العسكري سوف يتسبب في إراقة الدماء على الجانبين، وأن حكومة دمشق "لا تميل إليه"، على حد قوله.

يشار إلى أن أبو قصرة كان القائد العسكري لهيئة تحرير الشام، وكان يعرف باسم "أبو حسن الحموي"، وقد قاد عملياتها لمدة خمس سنوات، إلى أن استطاعت فصائل تلك الهيئة إسقاط نظام الأسد عقب شن عملية "ردع العدوان" في أواخر نوفمبر الماضي.

وخلال مقابلة مع فرانس برس في 17 ديسمبر، استخدم أبو قصرة اسمه الحقيقي للمرة الأولى بدلا من اسمه العسكري أبو حسن الحموي في إشارة إلى مدينة حماة التي يتحدر منها.

وقال أبو قصرة حينها وهو أساسا مهندس زراعي، إن "بناء المؤسسة العسكرية هو خطوة قادمة بالتأكيد ويجب أن تنضوي كل الوحدات العسكرية بما فيها الجناح العسكري للهيئة تحت هذه المؤسسة".