وزير الداخلية السوري الأسبق، محمد الشعار
وزير الداخلية السوري الأسبق، محمد الشعار

سلّم وزير الداخلية السوري الأسبق، المفروضة عليه عقوبات غربية، محمد الشعار، نفسه إلى السلطات الجديدة في البلاد، الثلاثاء.

وظهر الشعار في فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو برفقة عناصر من الأمن العام السوري التابع للإدارة الجديدة، عندما قام بتسليم نفسه.

وأكد وزير الداخلية الأسبق في نظام بشار الأسد، أنه سلّم نفسه "طواعية"، مشيرا في تصريحات تلفزيونية، إلى استعداده "للحديث بشفافية" مع السلطات الجديدة.

وقال: "أنا كتاب مفتوح، سأتوجه إلى القيادة في دمشق لأدلي بما لدي، وأجيب عن الأسئلة بشفافية ووضوح".

وزعم الشعار أن وزارة الداخلية "كانت مسؤولة فقط عن السجون الرسمية"، وأنه "ليس لها سجون مخفية".

ووُلد الشعار بمدينة الحفة في ريف اللاذقية عام 1950، وانتسب للجيش والقوات المسلحة عام 1971، حيث تدرج بالرتب العسكرية.

تولى الرجل عدة مناصب في شعبة المخابرات العسكرية، بينها مسؤولية الأمن في طرابلس بلبنان في ثمانينيات القرن الماضي، ومنصب رئيس الأمن العسكري في طرطوس، ورئيس فرع الأمن العسكري في حلب، ورئيس فرع المنطقة 227 التابع لشعبة المخابرات العسكرية، ثم تولى رئاسة الشرطة العسكرية.

وعلى الرغم من بلوغه سن التقاعد، فقد عُين في 14 أبريل 2011، وزيراً للداخلية حتى نوفمبر 2018.

وكان الشعار أحد أعضاء "خلية الأزمة"، وهو الوحيد الذي نجا من التفجير في مكتب الأمن الوطني بدمشق في 18 يوليو 2012، الذي أدى إلى مقتل وزير الدفاع العماد داوود راجحة، ونائبه العماد آصف شوكت، والعماد حسن توركماني، ومدير مكتب الأمن الوطني اللواء هشام بختيار.

ويعتبر الشعار مسؤولاً عن العديد من الجرائم والانتهاكات بحق الشعب السوري، من أبرزها عمليات قمع الثورة السورية والمتظاهرين عبر أجهزة وزارة الداخلية.

ونظراً للجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري، فقد تم إدراجه في قوائم العقوبات الغربية منذ منتصف عام 2011.

ففي 2011، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الأسد، و6 من المسؤولين السوريين، كان من بينهم الشعار.

وتم إدراج الشعار على قائمة العقوبات الأميركية التي تشمل منعه من السفر، وتفرض حظراً على أمواله وتجميدها في الولايات المتحدة، وتمنع التعامل التجاري معه، وذلك على خلفية قمع المظاهرات الشعبية في سوريا.

كما يحظر الإجراء الذي أعلنته حينها وزارة الخزانة الأميركية، بصفة عامة على الأفراد والشركات الأميركية التعامل مع مسؤولين سوريين، بينهم الشعار.

عروض احتفالية أقيمت في ساحات سجن صيدنايا
عروض احتفالية أقيمت في ساحات سجن صيدنايا

عبّر كثير من السوريين عن غضبهم بعد فعاليات احتفالية وإعلانات تجارية أقيمت في سجن صيدنايا الذي قتل فيه آلاف السوريين تحت التعذيب، لدرجة أن بعضهم وصف ما جرى بـ "الوقاحة والعبثية".

ويتخوف الكثير من السوريين من تعرض سجون البلاد للعبث في ظل الفوضى التي تشهدها هذه الأماكن، من طلاء جدرانها وإخفاء معالمها إلى السماح لأي أحد بدخولها من دون أية رقابة.

وفي الآونة الأخيرة رصد العديد من السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي انتشار الباعة المتجولين والإعلانات الدعائية لمنتجات غذائية والعروض الاحتفالية في باحة واحد من أسوء سجون الأسد صيتا في عهد نظام بشار الأسد.

وفي هذا الإطار نشر حساب على "إكس" عرف نفسه بأنه محمد الخليل مختص بعلم الآثار والتاريخ، صورا تظهر أكشاكا صغيرة وملصقات لإعلانات داخل السجن وعلق عليها بالقول: " صور من سجن صيدنايا تظهر تسويقا تجاريا لبعض المُنتجات على جُدران السجن ... هذا الذي حلَّ بإرث الذين أعادونا إلى الديّار ولم يعودوا".

وانتقدت صحافية تدعى رفيف السيد ما وصفته بـ "العبثية والوقاحة في التعامل مع أحد أكثر الأماكن دموية في سوريا".

وقال صحافي آخر يدعى وسيم الإخوان إن هناك جهات تحاول استغلال المآسي التي شهدها المكان من أجل كسب المال.

وأصبح سجن صيدنايا وجهة للزائرين والإعلاميين للتعرف على أكثر سجون الأسد دموية والذي أطلقت عليه منظمات حقوقية لقب "المسلخ البشري".

وهذه ليست المرة التي يرصد فيها سوريون تعرض سجون كانت تابعة لنظام الأسد للعبث والإهمال.

ففي يناير الماضي تداول نشطاء فيديو نشره فريق تطوعي يُطلق على نفسه اسم "سواعد الخير"، وهو يقوم بطلاء جدران أحد السجون في مدينة اللاذقية.

ونتيجة لذلك واجه الفريق حملة انتقادات حادة عبر وسائل التواصل الاجتماعي هلى اعتبار أن ما حدث هو محاولة لطمس معالم الجريمة، داعين إلى فتح تحقيق فوري مع الفريق.

واضطر الفريق التطوعي بعدها لحذف الفيديو من على منصته، كما أغلق صفحته الرسمية على فيسبوك.

ودعت عشرات المنظمات المعنية بملف المفقودين والمعتقلين والمخفيين قسرا في سوريا، في بيان مفتوح، السلطات الجديدة الى "التحرك العاجل والفوري والصارم لإيقاف استباحة السجون ومراكز الاعتقال في سوريا والتعامل معها على أنها مسارح لجرائم وفظائع ضد الإنسانية، ومنع الدخول إليها وطمس معالمها وتصويرها والعبث بما تحويه من وثائق وأدلة".

وفور إطاحة نظام الأسد في 8 ديسمبر، خرج الآلاف من السجون، لكن مصير عشرات آلاف آخرين ما زال مجهولا وتبحث عائلاتهم عن أي أثر لهم.

وفي الساعات الأولى لوصول السلطة الجديدة الى دمشق، شكلت السجون ومراكز الاعتقال وجهة لآلاف العائلات والصحافيين وسط حالة من الفوضى ما أدى الى تضرر مستندات رسمية ونهب بعضها الآخر وضياع عدد منها.

وكانت منظمات حقوقية دولية بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش دعت السلطات الجديدة إلى "اتخاذ خطوات عاجلة لتأمين وحفظ الأدلة المتعلقة بالفظائع التي ارتكبتها" سلطات الأسد، بما في ذلك "الوثائق الحكومية والاستخباراتية الهامة، فضلا عن مواقع الجرائم والمقابر الجماعية".