رئيس الإدارة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع (رويترز)
رئيس الإدارة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع (رويترز)

في زيارة هي الأولى من نوعها منذ نحو 15 عاما، تأتي في ظروف استثنائية تعيشها سوريا، يصل رئيس الإدارة الانتقالية في البلاد، أحمد الشرع، إلى العاصمة التركية أنقرة، حاملا معه 3 قضايا أساسية لمناقشتها مع الرئيس رجب طيب إردوغان، بالإضافة إلى "اتفاقية دفاعية" متوقعة.

ويصل الشرع إلى المجمع الرئاسي بأنقرة، في الساعة الخامسة عصرا بتوقيت إسطنبول. وبعد مراسم استقبال رسمية، من المقرر أن يجلس الرجلان سوية لمناقشة عدة قضايا واتفاقيات.

وستكون القضية المتعلقة بوضع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في شمال وشرق سوريا، على رأس المباحثات التي سيجريها الشرع وإردوغان، بالإضافة إلى قضايا أخرى لا تقل أهمية عنها، تتعلق بالأمن والعسكرة.

وذكرت وسائل إعلام محلية، الثلاثاء، أن الاثنين سيناقشان مسألة تدريب القوات المسلحة التركية لـ"الجيش السوري الجديد"، ومجالات التعاون الجديدة في هذا الصدد.

وأشار صحفيون مقربون من الحكومة التركية، الإثنين، إلى حديث داخل الأوساط السياسية في أنقرة، بشأن نية إردوغان بحث إمكانية توقيع اتفاقيات عسكرية مع الشرع.

ومن المتوقع أن تشمل هذه الاتفاقيات، "الدفاع المشترك، وإقامة قواعد تركية رسمية في سوريا، وشروع تركيا بتدريب ضباط وطيارين سوريين".

وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن 4 مصادر وصفتها بـ"المطلعة"، إن من المتوقع أن يتضمن الاتفاق الدفاعي "إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا، وتدريب الجيش السوري الجديد".

وبدوره، أكد وزير الدفاع التركي يشار غولر، سابقا، أن القوات المسلحة التركية "قادرة على تقديم الدعم لإنشاء جيش جديد في سوريا، إذا طلب الجانب السوري ذلك".

وكانت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، هي التي اتخذها الوفد العسكري رفيع المستوى الذي توجه من تركيا إلى دمشق في نهاية يناير الماضي.

وبالإضافة إلى قضايا الأمن والعسكرية وأخرى مرتبطة بوضع "قسد"، من المتوقع أن يناقش الشرع وإردوغان مسألة عودة اللاجئين السوريين في تركيا، البالغ عددهم 3 ملايين شخص.

كما ستشمل المحادثات القضايا المتعلقة بالاستثمار داخل سوريا، ومساهمة الشركات التركية في عملية إعادة الإعمار.

يذكر أن المحطة التركية للشرع، تأتي بعد زيارة هي الأولى من نوعها على صعيد الوجهات الخارجية له، وقصد بها السعودية.

وكانت الرئاسة التركية قد أعلنت، الإثنين، أن الشرع، سيزور أنقرة قادما من السعودية، في أول زيارة لرئيس سوري إلى تركيا منذ عام 2009.

وأضاف المصدر ذاته، أنه خلال المحادثات التي ستعقد في المجمع الرئاسي، الثلاثاء، سيتم "بحث آخر التطورات في سوريا من كافة جوانبها، وتقييم الخطوات المشتركة التي يجب أن يتخذها البلدان من أجل التعافي الاقتصادي والاستقرار والأمن المستدام" في سوريا.

وستركز المحادثات على "الدعم الذي يمكن تقديمه للإدارة الانتقالية والشعب السوري، على المنصات متعددة الأطراف".

وذكرت الرئاسة التركية: "نعتقد أن العلاقات التركية السورية التي عادت إلى طبيعتها بعد استعادة سوريا لحريتها، ستتعزز وتكتسب بعداً جديداً مع زيارة السيد أحمد الشرع والوفد المرافق له".

وباتت السلطات الجديدة في سوريا التي تتشارك حدودا طولها 900 كيلومتر مع تركيا، أمام مرحلة انتقالية تواجه عدة تحديات، بما في ذلك استعادة السيطرة على كامل التراب السوري.

وفي مسعى للمحافظة على توازن العلاقات الإقليمية بعد زيارته إلى السعودية، سيسعى الشرع الآن للاستفادة من العلاقة الاستراتيجية التي أقامها مع أنقرة على مر السنوات.

وتعرض تركيا مساعدة سوريا على التعافي بعد الحرب المدمرة التي تواصلت 13 عاما، مقابل الحصول على دعم دمشق ضد القوات الكردية في شمال شرق سوريا، حيث تخوض قوات سوريا الديمقراطية معارك ضد فصائل مدعومة تركيًا، وفق فرانس برس.

وتتّهم تركيا وحدات حماية الشعب الكردية، المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية، بالارتباط بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا مسلحا ضدها منذ الثمانينيات. وتصنّف تركيا وبلدان غربية حزب العمال "منظمة إرهابية".

وتحظى قوات سوريا الديمقراطية بدعم أميركي، في ظل دورها المهم بالتصدي لتنظيم داعش الإرهابي.

امرأة نازحة تحمل رضيعا داخل مخيم الكرامة للاجئين على الحدود السورية التركية في ريف إدلب الشمالي. إرشيفية من رويترز
امرأة نازحة تحمل رضيعا داخل مخيم الكرامة للاجئين على الحدود السورية التركية في ريف إدلب الشمالي. إرشيفية من رويترز

أعلن البنك الدولي، الجمعة، أنه سوى ديون سوريا البالغة 15.5 مليون دولار بعد تلقيه أموالا من السعودية وقطر، مما يؤهل دمشق للحصول على منح بملايين الدولارات لإعادة الإعمار ودعم الميزانية.

وأعلنت السعودية وقطر في أبريل أنهما ستتسددان متأخرات سوريا لدى المؤسسة المالية الدولية مما يجعلها مؤهلة للحصول على برامج منح جديدة، وفق سياسات البنك التشغيلية.

وأعلن البنك الدولي أنه حتى 12 مايو، لم يكن لدى سوريا أي أرصدة متبقية في اعتمادات المؤسسة الدولية للتنمية، وهي ذراع البنك لمساعدة أشد البلدان فقرا.

وقال البنك في بيان "يسرنا أن سداد ديون سوريا سيسمح لمجموعة البنك الدولي بإعادة التواصل مع البلاد وتلبية الاحتياجات التنموية للشعب السوري".

وأضاف "بعد سنوات من الصراع، تسير سوريا على طريق التعافي والتنمية".

وأوضح البنك الدولي أنه سيعمل مع دول أخرى للمساعدة في حشد التمويل العام والخاص لبرامج تمكن الشعب السوري من بناء حياة أفضل لتحقيق الاستقرار في البلاد والمنطقة.

وذكر أن مشروعه الأول مع سوريا سيركز على توفير الكهرباء، ما سيدعم تحقيق تقدم اقتصادي ويساعد في توفير الخدمات الأساسية من الصحة والتعليم إلى المياه وسبل العيش.

وقال البنك الدولي "المشروع المقترح هو الخطوة الأولى في خطة موضوعة لزيادة دعم مجموعة البنك الدولي والذي يستهدف تلبية الاحتياجات الملحة لسوريا والاستثمار في التنمية طويلة الأجل".

البنية التحتية المالية

قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أمس الخميس إن الرئيس دونالد ترامب يعتزم إصدار إعفاءات من "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا"، الذي فرضت واشنطن من خلاله عقوبات صارمة على حكومة الرئيس السابق بشار الأسد وعقوبات ثانوية على شركات أو حكومات خارجية التي كانت تجمعها معاملات معها.

ويمهد رفع العقوبات الأميركية، والتي فرض بعضها على حكومة الأسد وبعضها الآخر قائم منذ عقود، إلى جانب تسوية متأخرات سوريا للبنك الدولي، الطريق لإعادة دمجها في النظام المالي العالمي.

واستضاف صندوق النقد والبنك الدوليان والسعودية اجتماعا رفيع المستوى مع مسؤولين سوريين في واشنطن في أبريل. وأصدروا بعد ذلك بيانا مشتركا أقروا فيه بالتحديات الملحة التي تواجه الاقتصاد السوري وعبروا عن التزامهم بدعم جهود التعافي في البلاد.

وعين صندوق النقد الدولي أول رئيس لبعثته إلى سوريا منذ 14 عاما، وهو رون فان رودن، وهو مسؤول مخضرم في صندوق النقد الدولي سبق أن ترأس جهود الصندوق في أوكرانيا.

وأصدر صندوق النقد الدولي آخر تقرير مراجعة معمق للاقتصاد السوري في عام 2009.

وقال مارتن موليسن زميل المجلس الأطلسي والرئيس السابق لإدارة الاستراتيجية في صندوق النقد الدولي، إن المهمة العاجلة الأولى للصندوق تتمثل في تقديم المساعدة الفنية للسلطات السورية لمساعدتها على إعادة بناء البنية التحتية المالية للبلاد وهيئات صنع السياسات وجمع البيانات اللازمة.

وأضاف موليسن أن هذه الجهود يمكن تمويلها من المانحين والمنح العينية ويمكن إطلاقها في غضون أشهر، بينما يمكن للبنك الدولي المساعدة على مستوى إقليمي أوسع لضمان الحوكمة الرشيدة وفعالية الوزارات.

وقال جوناثان شانزر وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الخزانة ويرأس حاليا مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إن المسؤولين السوريين أبلغوه بأن الاحتياجات ضخمة، لكنه حث الولايات المتحدة رغم ذلك على تخفيف العقوبات تدريجيا بحذر.

وأوضح "لم يتمكنوا حتى من الحصول على تراخيص مايكروسوفت أوفيس. ببساطة، لم يكن بإمكانهم تنزيل البرامج على أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم".

وذكر مصدر جمهوري أن إعادة بناء قدرة سوريا على الوصول إلى التكنولوجيا سيكون ضروريا لإعادتها إلى نظام سويفت لمعالجة المعاملات المصرفية، لكن العملية قد تستغرق شهورا، إن لم يكن سنوات.