وحدات حماية الشعب هي أبرز مكون في قسد المشاركة في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش
قوات قسد مدعومة من الجيش الأميركي وتحمي مناطق في سوريا من خطر داعش

تتصاعد المخاوف من احتمال عودة تنظيم داعش إلى الساحة مجددا في حال قررت الإدارة الأميركية سحب قواتها من سوريا، حيث قد يؤدي هذا الانسحاب إلى فراغ أمني تستغله الجماعات المتطرفة لتعزيز نفوذها.

وفي الوقت ذاته، يثير هذا السيناريو قلقا كبيرا لدى الأكراد، خاصة في ظل العلاقة المعقدة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره أنقرة تهديدا لأمنها القومي.

ويقول السفير هنري إنشر، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق، في تصريح لقناة "الحرة"، إن الانسحاب الأميركي من سوريا سيشكل تحديا كبيرا للأكراد.

ويضيف أن هذا الانسحاب سيفتح المجال أمام تركيا للتحرك بحرية أكبر لمواجهة ما تعتبره تهديدات لأمنها القومي، ومن بينها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تراها أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المصنف لديها كمنظمة إرهابية. 

كما أشار إنشر إلى أن تركيا تولي اهتماما خاصا بالشأن السوري وتحظى بعلاقات قوية مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، مرجحا أن هذه العلاقات قد تكون أولوية تفوق استمرار الوجود الأميركي في سوريا.

في أواخر عام 2019، أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزير الدفاع أنذاك جيمس ماتيس بسحب جميع القوات الأميركية من سوريا.

لكن ماتيس عارض الخطة، وفي النهاية استقال احتجاجا عليها. وسحب ترامب معظم القوات الأميركية في حينها، لكنه أعاد نشرها لاحقا، ولا تزال القوات الأميركية موجودة في سوريا منذ ذلك الحين.

وأكد ترامب الخميس أن الولايات المتحدة ليست منخرطة في سوريا قائلا إن لديها مشاكلها الخاصة وما يكفي من الفوضى، وأن لا حاجة إلى تدخل بلاده هناك.

ويقول السفير هنري إنشر إن هناك  طرقا متعددة للدفاع عن المصالح الأميركية في سوريا بعيدًا عن نشر القوات العسكرية على الأرض.

وأضاف قوله: " يمكن أن يحدث ذلك من خلال التعاون مع الحكومة السورية الجديدة ومساعدتها في فرض سيطرتها على كافة المناطق السورية، وهو أمر يمكن تحقيقه بالتنسيق مع تركيا".

ويقول رئيس المجلس الوطني السوري السابق، عبد الباسط سيدا،  إن هناك مخاوف كبيرة لدى الأكراد في سوريا من الدور التركي بعد الانسحاب الأميركي، خاصة في ظل العلاقة بين قوات (قسد) وحزب العمال الكردستاني.

وأضاف في حديث لموقع "الحرة" أن الأكراد في سوريا ليسوا جميعا مؤيدون لحزب العمال الكردستاني.

وتعليقا على تقارير الانسحاب، قالت قوات سوريا الديمقراطية، الأربعاء، إنها لم تتلقى أي خطط لانسحاب القوات الأميركية من شمال وشرق البلاد.

 وصرح المتحدث باسم القوات فرهاد شامي لرويترز بأن "داعش والقوى الخبيثة الأخرى ينتظرون فرصة الانسحاب الأميركي لإعادة النشاط والوصول إلى حالة 2014".

داعش ... تهديد لسوريا والمنطقة

وتعمل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على وضع خطط لسحب القوات الأميركية من سوريا، وفقا لما أفاد به مسؤولان في وزارة الدفاع لشبكة "إن بي سي" الإخبارية.

وقال المسؤولان إن ترامب ومسؤولين مقربين منه أعربوا مؤخرا عن اهتمامهم بسحب القوات الأميركية من سوريا، مما دفع مسؤولي البنتاغون إلى البدء في إعداد خطط للانسحاب الكامل خلال 30 أو 60 أو 90 يوما.

ورفض متحدث باسم البنتاغون التعليق على هذه الأنباء.

السفير هنري إنشر، أكد لقناة "الحرة" أن الهدف الرئيس للولايات المتحدة في سوريا هو مكافحة الإرهاب ومنع صعود تنظيم داعش، مشيرًا إلى أن واشنطن ستتعاون مع أي طرف يساهم في تحقيق هذا الهدف.

وأشار هنري إلى أن إشكالية انسحاب القوات الأميركية من سوريا تكمن في أن هذا الانسحاب سيؤدي إلى تعزيز قوة داعش، إذ سيستغل التنظيم ضعف الحكومة السورية الانتقالية الجديدة التي لا تملك القدرة على السيطرة على كامل الأراضي السورية.

ويحذر مسؤولون من أن سحب القوات الأميركية سيتسبب في ترك قوات سوريا الديمقراطية ويهدد أمن أكثر من 20 سجناً ومعسكراً للاجئين، يضم أكثر من 50,000 شخص، بما في ذلك حوالي 9,000 من مقاتلي داعش، بحسب شبكة "أن بي سي" الأميركية.

وتؤمن قوات سوريا الديمقراطية هذه المنشآت، لكنها تعتمد على الدعم المالي والعسكري الأميركي والدولي لتشغيلها.

وبدون القوات الأميركية، قد تتخلى "قسد" عن السجون والمعسكرات، مما يتيح للآلاف من مقاتلي داعش الهروب.

السفير هنري أوضح أن هذه السجون تشكل أكبر تهديد لسوريا والمنطقة، مؤكدا أهمية أن يتم الانسحاب الأميركي بطريقة تضمن وجود طرف آخر يشرف على هذه السجون ويمنع هروب المعتقلين.

رئيس المجلس الوطني السوري السابق، عبد الباسط سيدا، ذكر أن الجانب الكردي يشعر بالقلق من تداعيات الانسحاب الأميركي، نظرًا لـ "هشاشة الوضع الأمني" في سوريا والتحديات الجسيمة التي تواجهها الحكومة السورية الجديدة التي قال إنها لم تتمكن حتى الآن من فرض سيطرتها الأمنية والعسكرية على كافة الأراضي السورية.

مخاوف كردية من مستقبل "الحالة الوطنية"

وفي ديسمبر 2024، أعلن البنتاغون أن حوالي 2000 جندي أميركي ينتشرون في سوريا، وهو أكثر من ضعف العدد المعلن ، والذي كان حوالي 900 جندي.

ويؤكد البنتاغون أن المهمة العسكرية الأميركية في سوريا تهدف إلى إضعاف تنظيم داعش ودعم الشركاء المحليين هناك، وأبرزهم قوات سوريا الديموقراطية.

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مطلع شهر يناير إن تركيا مستعدة للسيطرة على السجون التي تستضيف محتجزين من أعضاء تنظيم داعش، كما كرر طلب بلاده من واشنطن إنهاء تحالفها مع قوات سوريا الديمقراطية، مضيفا أن مساهمة "قسد" في الحرب ضد داعش تقتصر على إدارة السجون.

وأضاف فيدان أن أنقرة تجري محادثات مع دمشق لمعالجة المخاوف الأمنية التركية بشأن قوات سوريا الديمقراطية، مشيرا إلى أن "الإدارة الجديدة في سوريا بحاجة إلى تحمل المسؤولية، كما يتعين عليها اتخاذ الخطوات اللازمة".

رئيس المجلس الوطني السوري السابق، عبد الباسط سيدا، وصف الوضع الكردي في سوريا بالـ "معقد" نتيجة لعدة عوامل وتوجهات متنوعة.

ومع ذلك، أوضح أن الانسحاب الأميركي كان مسألة متوقعة منذ فترة طويلة. موضحا أن القرار الأميركي الأخير "المفاجئ" يتماشى مع سياسة الرئيس ترامب التي تركز على مبدأ "أميركا أولًا".

وأوضح سيدا أن هناك فرقًا بين مواقف الأحزاب الكردية السورية وحزب العمال الكردستاني، الذي دخل إلى المناطق السورية مع بداية الثورة في عام 2011 عبر "توافقات مع نظام بشار الأسد" آنذاك، حسب تعبيره.

وتطرق إلى أن "قسد" كحركة تضم تيارات ذات توجهات وأجندات متنوعة، حيث يسعى البعض للعمل ضمن المشروع السوري الوطني، في حين أن هناك أطرافًا أخرى مرتبطة بقيادات حزب العمال الكردستاني في جبل قنديل.

وأضاف سيدا أن هناك تواصلًا بين الجانب الأميركي وقوات "قسد"، وأن هناك وساطة بين "قسد" والمجلس الوطني الكردي بهدف التوجه نحو المشروع السوري الوطني والاندماج في "الحالة الوطنية" التي تغيرت بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وفيما يتعلق بعلاقة "قسد" بحزب العمال الكردستاني، أشار سيدا إلى أنها تمثل مشكلة، وهناك دعوات لفك هذا الارتباط بين الطرفين، بالإضافة إلى إخراج العناصر المرتبطة بهذا الحزب.

وأوضح رئيس المجلس الوطني السوري السابق أن فك الارتباط هذا ممكن تحقيقه بدليل اعلان هيئة تحرير الشام انفصالها عن تنظيم القاعدة وتحولها إلى قوة وطنية رغم وجود بعض العناصر غير السورية المثيرة للجدل.

وتشهد الساحة السورية تصاعدًا حادًا في التوترات السياسية والعسكرية بين الإدارة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، مما يثير مخاوف من اندلاع مواجهات عسكرية قد تترك تداعيات على الأمن والاستقرار في المنطقة.

وتطالب الإدارة السورية الجديدة قوات سوريا الديمقراطية بتسليم أسلحتها والانضواء تحت سلطتها، الأمر الذي ترفضه "قسد"، التي تسيطر على مساحات واسعة في شمال شرق سوريا، في خلاف يعكس تعقيدات المشهد السياسي والعسكري في البلاد.

في غضون ذلك، مازالت الولايات المتحدة تعتقد أنه هناك مخاطر مرتفعة تهدد القوات الأميركية الموجودة في سوريا، كما هو الحال في العراق والأردن المجاورين.

وأوضحت صحيفة واشنطن بوست أنه منذ بداية حرب إسرائيل على غزة في 2023، نفذت الميليشيات المدعومة من إيران ما لا يقل عن 211 هجومًا على القوات الأميركية باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ، وذخائر أخرى، أكثر من 130 من تلك الهجمات استهدفت المواقع الأميركية في سوريا.

وأشارت إلى أن أحد العوامل الرئيسية في تشكيل مستقبل المهمة الأميركية سيكون الترتيبات المستقبلية بين الأكراد والإدارة السورية الجديدة، ومدى التزام الولايات المتحدة بحماية "قسد".

وفي وقت تواصل أنقرة ضغطها السياسي والعسكري المتمثل في دعم الفصائل السورية التي تحاول السيطرة على الاجزاء الشمالية من البلاد ذات الغالبية الكردية، فأن وضع قوات "قسد" بات صعبا وضعيفا جدا وسط تساؤلات للقيادات الكردية عن المدة التي سيستمرون فيها في الحصول على دعم الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة.

أحمد الشرع
الولايات المتحدة أدانت "الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين" بعد أعمال القتل في الساحل | Source: @G_CSyria

هل انتهت المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية في سوريا بمجزرة؟ وهل وقع أحمد الشرع في فخ انتقام طائفي أم في "محاولة انقلاب" نصبها "فلول نظام الأسد" بدعم إيراني؟

أسئلة عدة تطارد رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع بعد أحداث الساحل، منها: هل عاد أحمد الشرع إلى ثوبه الجهادي وغطّى مجزرةً قام بها من كان يُقاتل في صفوفهم حتى الأمس القريب؟ ومن هي "العناصر غير المنضبطة" التي تحدث عنها الشرع؟ ولماذا أمر بإرسال نحو نصف مليون مقاتل إلى الساحل السوري على مرأى العالم ومسمعه؟

مهما يكن من أمر، فإن مسؤولية النظام الحاكم في سوريا هي كشف ومحاسبة المسؤولين عن المذابح الطائفية التي حدثت مؤخراً في الساحل السوري. ولحماية الأقليات السورية، على الدول العربية والمجتمع الدولي مسؤولية الضغط لكشف ملابسات هذه المجازر ضماناً لعدم تكرارها، حسب مراقبين.

شبكة حماية قانونية دولية للأقليات في سوريا؟

هل توفر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب شبكة حماية قانونية دولية للأقليات في سوريا خلال هذه المرحلة الانتقالية، بعد أن أدان وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو المجازر وحدد منفذيها دون مواربة، ورفعت واشنطن الموضوع إلى مجلس الأمن الدولي؟

وقال روبيو: "تدين الولايات المتحدة الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين، بما في ذلك الجهاديين الأجانب، الذين قَتلوا الناس مؤخراً في غرب سوريا. وتقف الولايات المتحدة إلى جانب الأقليات الدينية والعرقية في سوريا، بما في ذلك المجتمعات المسيحية والدرزية والعلوية والأكراد، وتقدم تعازيها للضحايا وأسرهم. ويتعين على السلطات المؤقتة في سوريا محاسبة مرتكبي هذه المجازر ضد الأقليات في سوريا."

وتطالب السناتور الديمقراطية جين شاهين السلطات السورية بـ"التحقيق في ما حدث، وتقديم المسؤولين عن قتل المدنيين إلى العدالة. لأن الشعب السوري لم يقم بإسقاط نظام الأسد الوحشي ليجد نفسه مجددا في ظل قمعٍ وعنفٍ أكبر".

من جهتها، تشير صحيفة واشنطن بوست إلى أن المجزرة في الساحل السوري "تثير تساؤلات خطيرة بشأن ما إذا كان أحمد الشرع راغباً أو قادراً على كبح جماح مجموعة واسعة من الفصائل المسلحة التي لا تزال تعمل في جميع أنحاء البلاد". فكيف يمكن للرئيس ترامب أن يُعالج هذه المسألة بشكل جذري لمنع تكرار المذابح ضد الأقليات في سوريا؟ 

أيُّ سياسة أميركية تجاه سوريا ما بعد الأسد؟

الممثل الأميركي الخاص السابق لشؤون سوريا، جيمس جيفري، قال لبرنامج عاصمة القرار على قناة الحرّة: "على الولايات المتحدة أن تتبنى سياسةً أكثر وضوحاً وفعالية تجاه سوريا. هناك العديد من المشاكل مع حكومة دمشق الجديدة برئاسة الرئيس الشرع. ومع ذلك، فقد اتخذ( الشرع) خطواتٍ إيجابيةً عديدة. والأهم من ذلك، أنه الشخص الوحيد القادر على حكم سوريا حالياً؛ والشرع عازمٌ تماماً على إبعاد إيران. وهذا هو الشاغل الأمني الأكبر لنا في دول جوار سوريا، بما فيها إسرائيل والأردن وتركيا وغيرها."

وأضاف جيفري: "لذا، أرى أننا بحاجة إلى ربط خطواتنا المستقبلية، بما في ذلك الإعفاءات أو رفع العقوبات المحتمل وتوثيق العلاقات، بخطوات نحو مزيد من دمج الأقليات، بالإضافة إلى التحقيق في عمليات القتل حول اللاذقية. والأهم من ذلك، استبعاد أيٍّ من هؤلاء الأجانب ذوي الخلفيات الإرهابية من رعاية الحكومة السورية". 

ويقول جوشوا لانديس، مدير قسم الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما: "تريد الولايات المتحدة الاستقرار في سوريا. كما تريد حماية شركائها الأكراد. وتريد واشنطن أيضاً ضمان عدم تمدد داعش في المنطقة. وألا يُطلق سراح سجناء داعش فيعودوا إلى التآمر ضد السوريين والمجتمع الدولي".

لذا، يُضيف لانديس، فإن "الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من النظام والأكراد، أمرٌ بالغ الأهمية للولايات المتحدة، التي ترغب في ذلك. كما ستحرص الولايات المتحدة على ألا تُرهِب الحكومة الجديدة الشعب السوري، وأنها ستفي بوعودها، بإشراك جميع أطياف الشعب السوري في صياغة دستورٍ يتضمن انتخاباتٍ حرةً خلال أربع سنوات".

انتهاء "شهر العسل الانتقالي" في سوريا؟

يحذر الباحث في معهد واشنطن آرون زيلن من "انتهاء شهر العسل الانتقالي في سوريا بعد المجازر والتضليل الذي تمارسه السلطة الانتقالية حول المجازر ضد المواطنين العلويين". 

ويضيف: "إن سلوك لجنة تقصي الحقائق في سوريا سوف يؤدي إما إلى بناء شرعية الحكومة الجديدة أو تدميرها، وكذلك احتمالات انتقال مستقر للسلطة". 

وهذا ما يحتم على واشنطن بعض السياسات تجاه الشرع وفريقه: "ربما يكون من الضروري تأجيل رفع العقوبات الأميركية إلى حين التحقق بشكل ملموس من التقدم في تحقيق انتقال ديمقراطي سلمي في سوريا. وهذا يعني تعزيز الاستقرار والعدالة الانتقالية والحكم الشامل للسوريين جميعاً، مع خدمة المصلحة الأميركية العليا المتمثلة في مواجهة إيران ووكلائها. كما أن واشنطن تحتاج إلى إجراء مناقشات صعبة مع حلفائها في أنقرة والقدس، حول تضارب مصالحهما في سوريا، وحول ضرورة ضبط تدخلهما" في الشأن السوري. 

بين أحمد الشرع و"الشيطان الذي نعرفه" !

إن "أحمد الشرع جهادي منذ فترة طويلة" يقول سيبستيان غوركا، مساعد الرئيس ترامب، لقناة الحرة.  "فهل أصلح نفسه؟ هل هو رجل أفضل الآن؟ هل هو شخص يؤمن بالحكومة التمثيلية؟ اسأل المسيحيين. اسأل العلويين في المنطقة واسأل أي أحد عانى على يديّ أحمد الشرع الجهادي. لم أجد أبدا قائدا جهاديا أصبح ديمقراطيا أو آمن بالحكومة" التمثيلية. 

لكن "لا يمكن إغفال أن سوريا كانت حاضنة للإرهاب في ظل حكم نظام الأسد" برأي ديفيد شنكر، الذي يضيف : "مثلما يفرض تواجد الشرع وهيئة تحرير الشام في السلطة تحديات، فإنه يمثل كذلك فرصا للولايات المتحدة؛ فسوريا لم تعد تشكل تهديدا عسكريا لجيرانها. كما أن دمشق اختارت ألا تجدد استئجار روسيا للقاعدة البحرية في طرطوس، ما يحد من الانتشار الروسي في البحر المتوسط. كما أن سوريا الجديدة ليس لها مصلحة في إدامة العلاقة الاستراتيجية مع طهران ووكلائها الإقليميين. ولم يعد بإمكان إيران تسليح حزب الله عن طريق الأراضي السورية."

وأضاف: "نهاية نظام الأسد كانت تطورا إيجابيا للولايات المتحدة وشركائها في المنطقة. الشيطان الذي نعرفه كان سيئا لمصالح الولايات المتحدة لدرجة أنه حتى الشرع يمكن أن يكون خيارا أفضل". حسب تعبير ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى خلال ولاية ترامب الأولى.

بدايات نظام فدرالي في سوريا؟

من ناحية أخرى، كيف يرى خبراء "عاصمة القرار" التوافقات الأخيرة بين الحكومة السورية المؤقتة والأكراد والدروز ودور الجيش الأميركي في تسهيل الاتفاق بين الشرع وقسد؟ 

"توفر هاتان الاتفاقيتان لهذه المناطق درجة من الحكم الذاتي لم نكن نعتقد أنها ستتمكن من الحصول عليها. لقد وافق الرئيس السوري الجديد على ما يبدو أنه بدايات نظام فيدرالي في الدستور الجديد. مما يعني وفقًا لكل من الأكراد والدروز درجة من الحكم الذاتي" كما يقول الباحث الأميركي جوشوا لانديس.

هذه الاتفاقات هي "خطوات في الاتجاه الصحيح" برأي السفير جيمس جيفري، الذي يطالب "المجتمع الدولي والدول العربية والأوروبية والأمم المتحدة ومنظمات، بالعمل مع حكومة دمشق على تعزيز استقرار الوضع في سوريا وبالتالي في المنطقة بأسرها واحتواء إيران".