الزيارة هي الأولى لأرياس إلى سوريا منذ الإطاحة ببشار الأسد (AFP)
الزيارة هي الأولى لأرياس إلى سوريا منذ الإطاحة ببشار الأسد (AFP)

قال المدير العام للمنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية فرناندو أرياس، السبت، إن زيارته لدمشق تشكل فرصة "لانطلاقة جديدة" بعد تأزم استمر سنوات في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وقال أرياس، بعد زيارته الأولى إلى سوريا منذ إطاحة بشار الأسد، إن "هذه الزيارة تمثل انطلاقة جديدة، بعد 11 عاما من العراقيل التي وضعتها السلطات السابقة، لدى السلطات السورية الانتقالية فرصة لطي الصفحة".

ووافقت سوريا بضغط روسي وأميركي في العام 2013، على الانضمام إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والكشف عن مخزونها وتسليمه لتجنب شن الولايات المتحدة وحلفائها ضربات جوية.

وأتى ذلك عقب اتهامات بتنفيذ القوات الحكومية السورية هجوما كيميائيا على الغوطة الشرقية قرب دمشق أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص. ونفت الحكومة السورية في عهد الأسد حينها، هذه الاتهامات.

والسبت، أفادت الرئاسة السورية في بيان "استقبل السيد أحمد الشرع والسيد أسعد الشيباني وزير الخارجية وفدا من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية برئاسة المدير العام للمنظمة" فرناندو أرياس.

 

 

وعقب الإطاحة بنظام الأسد في 8 ديسمبر، قالت منظمة حظر الأسلحة إنها طلبت من السلطات الجديدة تأمين مخزونها من هذه الأسلحة، مؤكدة أنها تواصلت مع دمشق "لتأكيد أهمية ضمان أمن المواد والمنشآت المرتبطة بالأسلحة الكيميائية" في البلاد.

وأعرب أرياس حينها عن "قلقه الشديد" بشأن مخزونات سوريا المحتملة.

كذلك، حذّر أرياس في ديسمبر من إن الضربات الإسرائيلية ضد مواقع عسكرية سورية بعد سقوط الأسد، ومنها ما قد يكون مرتبطا بالأسلحة الكيميائية، ينطوي على مخاطر تلوّث وإتلاف أدلة قيّمة، وأقر بأن لا معلومات حول ما إذا كانت هناك مواقع متضرّرة.

وأكدت إسرائيل أنها شنت غارات ضد "الأسلحة الكيميائية المتبقية" لمنع وقوعها "في أيدي متشددين".

وفي العام 2013، وافقت سوريا على الانضمام الى المنظمة التي تتخذ في لاهاي مقرا لها، بعد اتهامات بتنفيذ القوات الحكومية هجوم الغوطة.

وكان الرئيس الأميركي يومها باراك أوباما حذّر من أن استخدام دمشق لهذه الأسلحة هو "خط أحمر"، إلا أنه امتنع عن شن ضربات ضد سوريا، وأبرم اتفاقا مع روسيا الحليفة للأسد، بشأن تفكيك المخزون السوري من هذه الأسلحة.

بعثة تحقق 

وفيما أكدت الحكومة السورية خلال عهد الأسد أنها سلمت كامل مخزونها المعلن من الأسلحة الكيميائية بغرض تدميره، أعربت المنظمة عن مخاوف من أن ما صرّحت عنه دمشق لم يكن المخزون الكامل، وأنها أخفت أسلحة أخرى.

في العام 2014، أنشأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ما سمته "بعثة لتقصي الحقائق" بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.

وأصدرت البعثة 21 تقريرا غطت 74 حالة استخدام محتمل للأسلحة الكيميائية، وفق المنظمة. وخلص المحققون إلى أن الأسلحة الكيميائية استخدمت أو من المرجح أنها استخدمت في 20 حالة.

وفي 14 من تلك الحالات، كانت المادة الكيميائية المستخدمة هي الكلور. وفي ثلاث حالات أخرى، استُخدم غاز السارين، وفي الثلاث المتبقية غاز الخردل.

في يناير 2016، أعلنت المنظمة عن الإزالة الكاملة لـ1300 طن من الأسلحة الكيميائية من سوريا وتلفها، بعدما صرحت عنها السلطات.

في 2021، حرم أعضاء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية سوريا من حقوق التصويت بعد تحقيق ألقى اللوم على دمشق في هجمات بالغاز السام نفّذت بعدما قالت إن مخزونها لم يعد موجودا.

توصلت المنظمة التابعة للأمم المتحدة إلى أن القوات الجوية السورية استخدمت غاز السارين وغاز الكلور في ثلاث هجمات على قرية اللطامنة في محافظة حماة بوسط البلاد في 2017.

وتصاعدت الضغوط عندما خلص تحقيق ثان أجرته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى أن مروحية سورية ألقت قنبلة كلور على مدينة سراقب أثناء سيطرة فصائل معارضة عليها في العام 2018.

وبالإضافة إلى اللطامنة وسراقب، اتهم الفريق القوات الحكومية بشن هجوم بغاز الكلور على دوما قرب دمشق أثناء سيطرة فصائل معارضة عليها في العام 2018، ما أسفر عن مقتل 43 شخصا.

قتل الآلاف في سوريا نتيجة للألغام المنتشرة في البلاد
قتل الآلاف في سوريا نتيجة للألغام المنتشرة في البلاد

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير نشره، السبت، إن 673 شخصا قتلوا وجرحوا منذ بداية العام الحالي في مناطق متفرقة نتيجة الألغام ومخلفات الحرب.

وأوضح "خلال 100 يوم، بلغ عدد المدنيين الذين قتلوا منذ بداية عام 2025 نتيجة انفجار أجسام من مخلفات الحرب 335 شخصا، بينهم 71 طفلا و17 امرأة، بالإضافة إلى إصابة 338 آخرين بجراح بينهم 140 طفلا و3 سيدات".

وما تزال الألغام والمخلفات والذخائر غير المنفجرة التي خلفتها الحرب تشكل تهديدا مباشرا وآنيا لحياة المدنيين، وتمثل كابوسا بالنسبة لكثيرين.

ويسجل المرصد السوري باستمرار حالات جديدة من الانفجارات المميتة التي تؤكد حجم الخطر المستمر الذي يهدد حياة السكان بالمناطق التي تعرضت للقصف والتدمير من قبل نظام بشار الأسد وحلفائه.

وتنتشر مخلفات الحرب في عموم المناطق السورية التي شهدت عمليات عسكرية خلال السنوات السابقة، وتشكل هاجسا لدى المواطنين الراغبين بالعودة إلى منازلهم ومتابعة أعمالهم.

ويتهم المرصد السلطات المحلية والمنظمات المعنية بالتقاعس عن إزالة الذخائر غير المنفجرة والألغام بمختلف أنواعها وأشكالها.

وفي ظل استمرار سقوط الضحايا، يدعو المرصد المنظمات الدولية والجهات المعنية إلى التحرك العاجل لإزالة مخلفات الحرب في سوريا. كما يحث الحكومة الجديدة على التعاون وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاز هذه العمليات، بما يضمن توفير بيئة آمنة تُمكّن الأهالي من العودة إلى مناطقهم دون مخاطر تهدد حياتهم أو تعيق استقرارهم.