عنصر يضع على ذراعه شعار وحدات حماية المرأة.

رغم تأكيدها أن الصراع بين "حزب العمال الكردستاني" وتركيا شأن داخلي، فإن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" لا تستبعد التأثيرات الإيجابية لأي مبادرة سلام بين أنقرة والجماعة الكردية المصنفة إرهابية على الأوضاع في سوريا.

التخلي عن السلاح وحل حزب العمال الكردستاني مقابل عفو رئاسي تركي، أبرز ما ينتظره المشهد السياسي التركي والشرق الأوسطي من الخطاب المرتقب لمؤسس الحزب، عبدالله أوجلان، المقرر أن يلقيه من معتقله في جزيرة إمرالي التركية في 15 فبراير الحالي، الذي يصادف الذكرى السنوية الـ26 لاعتقاله.

ويأتي خطاب أوجلان المرتقب بعد لقاءين عقدهما معه في معتقله ممثلون عن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM) المؤيد للأكراد في تركيا خلال شهري ديسمبر ويناير الماضيين.

وانطلقت خطوات البدء بمبادرة سلام كردية تركية في تركيا منذ أكتوبر الماضي، عندما دعا دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية المشارك في الائتلاف الحاكم، أوجلان إلى إلقاء خطاب في البرلمان يعلن من خلاله انتهاء الصراع المسلح وحل حزبه مقابل العفو عنه.

وعقب لقاء ممثلي حزب المساواة وديمقراطية الشعوب مع أوجلان، أعلن الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، خلال اجتماع مع كتلة حزبه في البرلمان التركي في 4 فبراير الحالي، أن أوجلان سيوجه نداءً تاريخيًا، دون أن يذكر أي تفاصيل عن فحوى النداء.

"نداء التخلي عن السلاح"

ووفق متابعات موقع "الحرة" للنداء المرتقب لزعيم العمال الكردستاني، من المقرر أن يدعو أوجلان مقاتلي حزبه المنتشرين في تركيا والعراق وسوريا إلى التخلي عن أسلحتهم والدخول في عملية سلام واسعة، تنهي الصراع المسلح الممتد لأكثر من أربعة عقود ونصف بين الحزب وتركيا.

كما من المقرر أن يتضمن النداء الإشارة إلى الوضع في شمال وشرق سوريا، حيث تنشط وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة اللتان تتهمهما أنقرة بالارتباط بالعمال الكردستاني، وتنضويان في قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، الجناح العسكري للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.

ورأى الناطق الرسمي باسم "قوات الشمال الديمقراطي"، المنضوية في "قسد"، محمود حبيب، أن أنقرة وصلت إلى قناعة بأن الحرب مع حزب العمال لن تساعد في بناء دولة قوية، وعليها حل الملف الكردي داخليًا بعقلية الدولة.

واعتبر أن الانتقال من المواجهة العسكرية إلى الحوار والسلام سيكون له بُعد إيجابي على تركيا وسوريا والمنطقة عمومًا.

الناطق الرسمي باسم "قوات الشمال الديمقراطي" المنضوية في "قسد" محمود حبيب

كما اعتبر حبيب، في حديث لموقع "الحرة"، أن الحديث عن وجود روابط بين قوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني أمر مبالغ فيه، متهمًا تركيا بالوقوف خلفه لمصالح سياسية وعسكرية تريد أنقرة تمريرها في سوريا بذريعة العمال الكردستاني.

كيف سترد "قسد" على النداء؟

وأضاف حبيب: "من مصلحتنا أن تُحل قضية حزب العمال الكردستاني مع الدولة التركية، كي تختفي ذرائع أنقرة، خصوصًا إذا أصبح الكردستاني جزءًا من المشهد السياسي في تركيا".

وعما إذا كانت "قسد" ستتخلى عن سلاحها استجابةً لنداء أوجلان المرتقب، أكد حبيب: "ما يحدث في تركيا شأن داخلي ليس لنا به أي صلة ولا نريد التدخل فيه، نتمنى السلام للجميع".

وشدد على أن قوات سوريا الديمقراطية، قيادةً ومقاتلين، هم من الشعب السوري، وساهمت هذه القوات في خدمة المشروع الوطني السوري، ودافعت عن جميع السوريين ضد تنظيم داعش بالتعاون مع قوات التحالف الدولي.

وأشار الناطق باسم قوات الشمال الديمقراطي إلى أن "قسد" عرضت التعاون وبناء علاقات حسن الجوار على الجانب التركي، وبعثت برسائل بهذا الخصوص عبر أطراف دولية كبيرة وإقليمية مهمة.

وأكد: "ما زلنا مستعدين لمعالجة المخاوف التركية والقيام بإجراءات بناء الثقة، لكن الجانب التركي يرفض حتى مناقشة الموضوع، لذلك نأمل، إذا حدثت المصالحة الكبرى في تركيا، أن تنعكس على التفاهم مع (قسد) وتكون العلاقات مع أنقرة قائمة على الاحترام المتبادل وحسن الجوار".

وتخوض قوات سوريا الديمقراطية والإدارة السورية الجديدة منذ نهاية ديسمبر الماضي مفاوضات تهدف إلى تحديد شكل العلاقة بينهما، عبر إيجاد حل لمناطق شمال وشرق سوريا الخاضعة للإدارة الذاتية وانضمام "قسد" إلى الإدارة الجديدة في دمشق.

في المقابل، تطالب "قسد" بتعزيز مبادئ اللامركزية وضمان حقوق جميع المكونات في إطار دستوري عادل يضمن التمثيل المتساوي لكافة السوريين.

ورفض حبيب الحديث عما يدور في المفاوضات بين الجانبين، موضحًا: "تفاصيل ما سيتم الاتفاق عليه لا تزال غير متاحة للإعلام، لكن وجود سوريا الديمقراطية ضمن الجيش السوري الجديد أمر غير مرفوض من قبل دمشق، وقسد قادرة على أن تكون نواة مهمة لهذا الجيش".

وأعرب حبيب عن اعتقاده بأن جعل سلاح "قسد" جزءًا من سلاح الدولة يحقق المعادلة والتوازن بشكل أفضل ويمنع حدوث فراغ أمني خطير، لافتًا إلى أن هذا ما تبحثه لجان المتابعة في المفاوضات بين الجانبين في ظل رغبتهما في الوصول إلى التفاهم ورفضهما فكرة الحرب أو المواجهة.

سوريا استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان
سوريا استقدمت تعزيزات إلى الحدود مع لبنان

خلفت المواجهات على الحدود السورية اللبنانية خلال اليومين الماضيين، مقتل 3 عناصر من القوات السورية على يد مسلحين تابعين لجماعة "حزب الله" اللبنانية، المصنفة على لائحة الإرهاب.

لكن هذه المواجهات ليست الأولى من نوعها بعد سقوط نظام الأسد بل هي الثانية والأشد أيضا من حيث الخسائر التي خلفتها، وعلى مستوى نوعية السلاح الذي استخدمه الطرفان.

وانتهت الاشتباكات بين قوات الإدارة السورية الجديدة ومسلحين من حزب الله، ينشطون في عدة مواقع وقرى وبلدات حدودية، باتفاق بنص مقتضب بين وزارتي الدفاع السورية واللبنانية.

ورغم أن الاتفاق كان كفيلا بتخفيف حدة التوتر، لكن لا يمكن اعتباره "حلا مستداما"، بحسب مراقبين.

يقول النائب، نزيه متى، عن حزب القوات اللبنانية، في حديث لقناة "الحرة" إن "التداخل في الحدود بين البلدين، وعدم حسم ملف الترسيم وفقًا للقرار 1680، رغم الجهود التي بذلها لبنان منذ عام 2010، يعد من أبرز التحديات التي تعيق جهود إعادة الاستقرار بين البلدين".

وأكد أن هذا الملف لا يزال عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق أي تقدم في مسار استقرار العلاقات بين لبنان وسوريا.

وأضاف متى أن عدم تأمين المنطقة يزيد من تعقيد الأمور، سيما في ظل وجود معامل لإنتاج مادة "الكبتاغون" في سوريا، وما يترتب على ذلك من تهريب لهذه المادة إلى لبنان ودول أخرى.

هذا الوضع يعزز من تدهور الأمن، ويزيد من معاناة المنطقة نتيجة عدم قدرة كلا البلدين على فرض سيطرة كاملة على حدودهما.

وأشار النائب إلى أن حزب الله والجهات الأخرى التي تحمل السلاح في المنطقة متورطة بشكل كبير في إشعال "حرب مفتوحة" بين سوريا ولبنان، وهو ما يمنع السلطات في البلدين من السيطرة على الحدود.

كما أن هذه الممارسات تعيق تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي يتضمن بندا هاما يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، مما يعزز حالة الانفلات الأمني.

ودعا متى الجيش اللبناني إلى تحمل كامل المسؤولية في حفظ أمن الحدود، مشددًا على أهمية إجراء تحقيق شامل للكشف عن الجهات المتورطة في تأجيج الصراع ومنع تطبيق قرار 1680 "القرار يدعو إلى حل القضايا العالقة بين لبنان وسوريا، بما في ذلك مسألة الترسيم الحدودي، بالإضافة إلى حل جميع الميليشيات المسلحة في لبنان وحصر السلاح في أيدي الجيش اللبناني".

واتفقت سوريا ولبنان الاثنين، على وقف إطلاق النار عقب اشتباكات خلال اليومين الماضيين أدت إلى مقتل جنود من الجانبين.

وذكرت وزارتا الدفاع السورية والصحة اللبنانية أن 3 جنود من الجيش السوري الجديد و7 لبنانيين قُتلوا في الاشتباكات.

واتهمت وزارة الدفاع السورية مساء الأحد عناصر من جماعة حزب الله بدخول الأراضي السورية وخطف ثلاثة من أفراد الجيش السوري الجديد وقتلهم، ونفت جماعة حزب الله ضلوعها في هذا الأمر.

وقالت وزارة الدفاع السورية والجيش اللبناني إن القوات السورية قصفت بلدات حدودية لبنانية ليلا ردا على مقتلهم.

وقال الجيش اللبناني في بيان، الاثنين، إنه سلم جثامين القتلى السوريين الثلاثة إلى السلطات السورية، وإن الوحدات العسكرية ردت على إطلاق النار من الأراضي السورية "وعمدت إلى تعزيز انتشارها وضبط الوضع الأمني".

وكانت القوات السورية خاضت مواجهات حدودية مع "حزب الله"، في فبراير الماضي. وبعد اشتباكات استمرت لأيام، حينها، وتركزت جهة مدينة القصير بريف حمص وسط البلاد، أعلنت دمشق أنها تمكنت من تأمين الحدود.