FILE PHOTO: Children play along a street in a rebel-held part of the southern city of Deraa, Syria August 20, 2017. REUTERS…
عاشت سوريا الدمار والحرمان خلال 14 سنة من النزاع

أدى 14 عامًا من النزاع في سوريا إلى تدمير ما يقرب من أربعة عقود من التقدم الاقتصادي والاجتماعي والبشري، وفقًا لتقييم أولي جديد للأثر الاجتماعي والاقتصادي أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وقال البرنامج في تقرير جديد نشره يوم الخميس إنه سيستغرق ما لا يقل عن عقد من الزمن حتى تعود سوريا إلى مستوياتها الاقتصادية السابقة للحرب، وإذا استمرت الاتجاهات الحالية للنمو البطيء، فقد يستغرق الأمر أكثر من 50 عامًا.

وأضاف التقرير أن الرقم الأكثر إثارة للدهشة في الوقت الحالي هو أنه إذا استمرت سوريا في النمو بمعدل المتوسط للخمس سنوات الماضية، والذي كان نمو الناتج المحلي الإجمالي 1.3% سنويًا، فإنها ستعود إلى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010 في 55 عامًا.

وأوضحت الأمم المتحدة أن الخسائر البشرية الضخمة، حيث توفي أكثر من ستمئة ألف سوري في الحرب، واختفى نحو 113 ألف شخص قسرًا مع مصير غير معلوم، والأضرار المادية، بالإضافة إلى التدهور الكامل تقريبًا للعملة الوطنية، ونفاد الاحتياطيات الأجنبية، والبطالة المنتشرة، وانحدار 90% من السكان إلى الفقر، تجعل التعافي مهمة شاقة.

ووفقًا للتقرير، في العام الذي سبق اندلاع الحرب، كان الناتج المحلي الإجمالي لسوريا 62 مليار دولار، وكان لديها معدل نمو يتجاوز 5% على مدار الخمس سنوات السابقة، أما حاليًا، يبلغ الناتج المحلي الإجمالي أقل من نصف ذلك، ويبلغ 29 مليار دولار.

وقال التقرير عن تكلفة الحرب الاقتصادية إن "إجمالي الناتج المحلي المفقود المقدر خلال الفترة من 2011 إلى 2024 يبلغ حوالي 800 مليار دولار أميركي.

وأضاف أن سوريا قد تأثرت أيضًا من حيث التنمية البشرية، حيث تراجعت 40 عامًا في متوسط العمر المتوقع، ومستويات التعليم، والدخل الفردي.

يقدر التقرير، أن تسعة من كل عشرة سوريين يعيشون الآن في فقر، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى أقل من نصف قيمته منذ بدء النزاع في عام 2011، وتضاعف معدل البطالة ثلاث مرات، وأصبح ربع السوريين عاطلين عن العمل، وزاد تدهور البنية التحتية العامة من تفاقم تأثير النزاع.

ويُقدّر التقرير أيضا أن خسارة الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 800 مليار دولار أمريكي على مدار 14 عامًا من النزاع، وأن 75 بالمئة من السوريين يعتمدون الآن على المساعدات الإنسانية ويحتاجون إلى دعم التنمية في المجالات الأساسية مثل الصحة، والتعليم، والبطالة، وانعدام الأمن الغذائي، والمياه والصرف الصحي، والطاقة، والإسكان.

وأوضح التقرير أن معدل الفقر ارتفع تقريبًا ثلاثة أضعاف من 33% قبل النزاع إلى 90% اليوم، بينما ارتفعت مستويات الفقر المدقع ست مرات من 11% إلى 66%.

وأشار تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن ما بين 40-50% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و15 عامًا لا يذهبون إلى المدرسة، وأنه دُمر أو تضرر بشكل شديد نحو ثلث الوحدات السكنية خلال سنوات النزاع، مما ترك 5.7 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى دعم في مجال الإيواء.

أدت سنوات النزاع أيضا إلى تضرر أكثر من نصف محطات معالجة المياه وأنظمة الصرف الصحي أو توقفت عن العمل، مما ترك نحو 14 مليون شخص، أي نصف السكان، دون مياه نظيفة أو خدمات صرف صحي أو صحة.

وأفاد التقرير بأن نتاج الطاقة انخفض بنسبة 80%، حيث تعرضت أكثر من 70% من محطات الطاقة وخطوط النقل للتدمير، مما قلل قدرة الشبكة الوطنية بنسبة تزيد عن ثلاثة أرباع.

قال أكيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "إلى جانب المساعدات الإنسانية العاجلة، يتطلب تعافي سوريا استثمارات طويلة الأجل في التنمية لبناء الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لشعبها".

وأضاف "إن استعادة الإنتاجية للوظائف وإغاثة الفقر، وإعادة إحياء الزراعة من أجل الأمن الغذائي، وإعادة بناء البنية التحتية للخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والطاقة، هي مفتاح لمستقبل مستدام، وازدهار، وسلام".

يقول التقرير إن التعافي يتطلب رؤية وطنية واضحة، وإصلاحات معمقة، وتنسيق فعال بين المؤسسات، فضلا عن توسيع الوصول إلى الأسواق لتعافي الاقتصاد السوري.

وأوضحت الأمم المتحدة أن العقوبات الدولية يمكن أن يكون لها أيضًا تأثير مخيف على قدرة سوريا على جذب مليارات الدولارات من الاستثمارات اللازمة لإعادة بناء بنيتها التحتية واقتصادها.

وقال عبد الله الدرداري، مساعد مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية إن "مستقبل سوريا يعتمد على نهج تعافٍ تنموي قوي".

وأضاف ان تحقيق ذلك يتطلب استراتيجية شاملة من خلال اجراء تحسينات في الإدارة العامة، والحوكمة، والشفافية، والمساءلة، والقدرات المؤسسية، وتقوية الخدمات الاجتماعية.

وأوضح "من خلال تنفيذ هضه الإصلاحات المترابطة، يمكننا مساعدة سوريا على استعادة السيطرة على مستقبلها، وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية، وتمهيد الطريق لمستقبل مرن ومزدهر للجميع في سوريا".

ذكرت الأمم المتحدة أن هذا التقييم يمثل جزءًا من سلسلة من التقييمات والتحليلات التي يتم إعدادها حاليًا من قبل فريقها في سوريا لدعم جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

الرئيس السوري أحمد الشرع ـ الصورة لرويترز
الرئيس السوري أحمد الشرع ـ الصورة لرويترز

قالت عدة مصادر مطلعة إن بناء برج ترامب في دمشق وتهدئة التوتر مع إسرائيل ومنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى النفط والغاز السوري تندرج جميعها في خطة استراتيجية يتبناها الرئيس السوري، أحمد الشرع، في محاولة للقاء نظيره الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته إلى الشرق الأوسط.

ويحاول جوناثان باس، وهو ناشط أميركي مؤيد لترامب، التقى مع الشرع في 30 أبريل لمدة أربع ساعات في دمشق، إلى جانب ناشطين سوريين ودول خليجية، ترتيب لقاء تاريخي، وإن كان مستبعدا للغاية، بين الرئيسين هذا الأسبوع على هامش زيارة ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات.

وتكافح سوريا لتنفيذ الشروط التي وضعتها واشنطن لتخفيف العقوبات الأميركية، والتي تبقي البلاد في عزلة عن النظام المالي العالمي وتجعل التعافي الاقتصادي صعبا للغاية بعد حرب طاحنة دامت 14 عاما.

ويأمل باس أن يساعد اجتماع ترامب مع الشرع في تخفيف موقف الرئيس الجمهوري وإدارته تجاه دمشق وتهدئة التوتر المتصاعد بين سوريا وإسرائيل. ولا تزال الولايات المتحدة تضع الشرع على قائمة الإرهاب بسبب صلاته السابقة بتنظيم القاعدة.

ويرتكز جزء من هذه الرهانات على سجل ترامب في كسر المحظورات التقليدية للسياسة الخارجية الأميركية، مثل لقائه بزعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، في المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين عام 2019.

وقال باس "الشرع يريد صفقة تجارية لمستقبل بلاده"، مشيرا إلى أن هذه الصفقة قد تشمل استغلال الطاقة والتعاون في مواجهة إيران والتعامل مع إسرائيل.

وأضاف "لقد أخبرني (الشرع) بأنه يريد بناء برج ترامب في دمشق. يريد السلام مع جيرانه. ما قاله لي جيد للمنطقة ولإسرائيل".

وأشار باس إلى أن الشرع تحدث أيضا عما يراه رابطا شخصيا بينه وبين ترامب: كلاهما تعرّض لمحاولة اغتيال ونجا منها بأعجوبة.

ولم يرد مسؤولون سوريون ولا مسؤول إعلامي في الرئاسة على طلب للتعليق.

وذكرت الرئاسة السورية أن الشرع تحدث إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأحد.

وقال مصدر مقرب من الشرع إن لقاء ترامب والشرع لا يزال ممكنا في السعودية، لكنه لم يؤكد ما إذا كان الشرع تلقى دعوة.

وأضاف المصدر "لن نعرف ما إذا كان هذا الاجتماع سيعقد أم لا حتى اللحظة الأخيرة".

جهود لترتيب لقاء

من الواضح أن عقد لقاء بين ترامب والشرع خلال زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة أمر غير مرجح على نطاق واسع، نظرا لجدول أعمال ترامب المزدحم وأولوياته والافتقار إلى التوافق داخل فريق ترامب حول كيفية التعامل مع سوريا.

وقال مصدر مطلع على الجهود الجارية إن اجتماعا سوريا أميركيا رفيع المستوى من المقرر أن يعقد في المنطقة خلال الأسبوع الذي سيزورها فيه ترامب، لكنه لن يكون بين ترامب والشرع.

وقال تشارلز ليستر، رئيس مبادرة سوريا في معهد الشرق الأوسط "هناك بالتأكيد مساع جارية".

وأضاف "الفكرة هي أن الوصول إلى ترامب بشكل مباشر هو أفضل طريق لأن هناك الكثير من أصحاب الأيدولوجيات داخل الإدارة لدرجة يصعب تجاوزهم".

وقالت ثلاثة مصادر، أحدهم مسؤول أميركي مطلع على عملية صنع السياسات، إن واشنطن لم تتمكن بعد من صياغة وتوضيح سياسة متماسكة تجاه سوريا، لكن الإدارة تنظر بشكل متزايد إلى العلاقات مع دمشق من منظور مكافحة الإرهاب.

وذكر اثنان من المصادر أن هذا النهج اتضح خلال تشكيل الوفد الأميركي في اجتماع عقد الشهر الماضي بين واشنطن ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في نيويورك، والذي ضم مسؤولا كبيرا لمكافحة الإرهاب من وزارة الخارجية.

ووفقا للمصادر، قال مسؤولون أميركيون لشيباني إن واشنطن وجدت أن الخطوات التي اتخذتها دمشق غير كافية، وخاصة في ما يتعلق بالمطلب الأميركي باستبعاد المقاتلين الأجانب من المناصب العليا في الجيش وطرد أكبر عدد ممكن منهم.

وقال أحد المصادر إن وزارة الخزانة الأميركية نقلت منذ ذلك الحين مطالبها إلى الحكومة السورية، مما رفع عدد الشروط إلى أكثر من اثني عشر.

ورفضت وزارة الخارجية الأميركية الكشف عن هوية من حضر الاجتماع من الجانب الأميركي، وقالت إنها لا تعلق على المناقشات الدبلوماسية الخاصة.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جيمس هيويت، إن تصرفات السلطات المؤقتة في سوريا سوف تحدد الدعم الأميركي المستقبلي أو تخفيف العقوبات المحتمل.

غصن الزيتون

أحد الأهداف الرئيسية لمبادرات سوريا تجاه واشنطن هو توصيل رسالة مفادها أنها لا تشكل أي تهديد لإسرائيل، التي صعدت من هجماتها الجوية في سوريا منذ أن أطاحت قوات المعارضة التي أصبحت تحكم البلاد الآن بالرئيس السابق بشار الأسد في نهاية العام الماضي.

واحتلت قوات برية إسرائيلية أراضي في جنوب غرب سوريا بينما ضغطت الحكومة على الولايات المتحدة لإبقاء سوريا لامركزية ومعزولة.

وقالت إسرائيل إنها تهدف إلى حماية الأقليات السورية، في حين رفضت سوريا الضربات ووصفتها بأنها تصعيدية.

وأكد الشرع الأسبوع الماضي وجود مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بهدف تهدئة التوترات، بعد أن ذكرت رويترز أن مثل هذه المحادثات جرت عبر الإمارات.

وفي مسعى منفصل، قال باس إن الشرع طلب منه نقل رسائل بين سوريا وإسرائيل ربما أدت إلى لقاء مباشر بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين.

لكن إسرائيل استأنفت الضربات سريعا، بما في ذلك ضربة بالقرب من القصر الرئاسي، والتي اعتبرتها رسالة إلى حكام سوريا لحماية الأقلية الدرزية في البلاد وسط اشتباكات مع المسلحين السنة.

وأضاف باس أن "الشرع أرسل غصن زيتون للإسرائيليين، وأرسلت إسرائيل الصواريخ".

وقال "نريد من ترامب المساعدة في ترتيب هذه العلاقة".